آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-09:27ص

ملفات وتحقيقات


معاناة الطلبة اليمنيين الموفدين للدراسة في الخارج.. متى ستنتهي؟

الثلاثاء - 07 يناير 2020 - 01:19 ص بتوقيت عدن

معاناة الطلبة اليمنيين الموفدين للدراسة في الخارج.. متى ستنتهي؟

(عدن الغد) تحقيق عامر الضبياني

أصبحت معاناة الطلبة اليمنيين الموفدين للدراسة بالخارج في طور المعلومة رسميا وبشكل صارخ لدى الحكومة المسؤولة وغيرها من الجهات الحكومية الاخرى كسفارات وملحقيات، بل وقنوات فضائية وصحف ومجلات، وما نقف عليه اليوم ليس الا قطرة من مطرة لنسلط الضوء على هذه المعاناة المستمرة مناشدين الحكومة اليمنية القيام بواجبها تجاه سفراء اليمن من الطلبة الموفدين للدراسة بأكثر من اربعين بلد في الخارج. 
 
مماطلة وكذب
 
نبدأ مشورانا الصحفي مع 'ياسمين محمد علوان' طالبة دكتوراه موفدة للدراسة في الهند إذ تقول "منذ حوالي ثلاث سنوات ونحن نطالب الحكومة بعمل حل نهائي من اجل انتظام صرف المستحقات؛ واصبحنا الان في يناير 2020 ولم تصرف لنا مستحقات الربع الثالث الذي من المفترض أن يصرف في يوليو 2019 ولا الربع الرابع الذي من المفترض صرفه في اكتوبر 2019؛ ونحن الان في موعد استحقاق الربع الاول 2020 مما يعني تأخير مستحقات 9 اشهر، أضف إلى ذلك مستحقات الرسوم الدراسية 2019، فلو ان الحكومة صرفت ربعين مع بعض لمرتين متتابعتين منذ أول تأخير لكان الصرف قد انتظم منذ زمن". 
 
وتضيف علوان "استغرب من تصريحات المعنيين بالأمر انهم يصرفوا كل 3 أشهر بشكل منتظم هذا الكلام غير صحيح ففي مرات نستلم بعد مرور أربع أشهر ومرات 3 أشهر ونصف، ونحن الان 3 اشهر منذ ان تم تسليم الربع الثاني والى اللحظة لايوجد اي تصريح او اي خبر عن صرف الربع الثالث.. وفي الاخر يصرفوا ربع واحد وكأنهم قد حققوا انجاز عظيم للعلم ان هذا الربع لا يكفي لقضاء الديون المتراكمة بسبب هذا التأخير"
 
فيما يضيف 'علي حفظ الله محمد' موفد للدراسة في المغرب بالقول "يعاني الطالب اليمني الموفد للدراسة في الخارج منذ عام 2016 بشكل مستمر في تأخير صرف مستحقاته؛ وترحيل ربعين إلى غير موعدها بشكل دائم؛ بمعنى أن الحكومة عندما تصرف ربعا ماليا هي تصرفه لاستحقاق سابق لأكثر من ستة أشهر؛ وليس لاستحقاق الشهر الذي يُصرف فيه، وهذا الربع الذي تصرفه الحكومة لا يأتي إلا بعد ضجيج ووقفات احتجاجية وذهاب وإياب من الطلبة للسفارات فيأخذون بذلك وقت الطلبة من تكرسيه في التحصيل العلمي في جامعات العالم". 
 
مشاكل وهموم
 
يقول 'أحمد عبدالله صالح محمد' موفد للدراسة في الهند "تفاقمت مشاكلنا بسبب عدم صرف مستحقاتنا وأدى ذلك الى تفاقم مشاكل أخرى منها طرد ابنائي من المدرسة بسبب عدم استطاعتي لدفع قسط الرسوم، كما بتنا الان كاسرين فيز ويترتب على ذلك غرامات قد تصل إلى 3000 دولار وبالكاد نتدين للأكل والشرب، فنحن بدون أرباع ل6 أشهر، بدون رسوم لعامين دراسيين كاملين والثالث على الأبواب، بدون بدل كتب لأربع سنوات وكل تذاكر السفر على حسابنا وعليه نحن في موت بطيء وأدائنا الأكاديمي سلبي جدا كنتيجة للظروف التي نمر بها". 
 
وحول ذلك يرى 'صدام حسين' طالب دكتوراه موفد للدراسة في ماليزيا أن من أبرز الاشياء التي نعاني منها كطلاب في الخارج هي تاخير المستحقات المالية من قبل الحكومة اليمنية لفترات زمنيه طويلة، ربما تصل الى سبعة او ثمانية اشهر وهذا ينعكس سلبا على حالة الطالب النفسية والاجتماعية مما يؤثر على تحصيله العلمي وتاخره في الحصول على الدرجة. 
 
ويضيف الدكتور صدام "انا مثلا عندي طفلين في المدرسة وعليا التزامات مالية ربعية واذا لم تسدد تلك الاقساط في وقتها تبدا المدرسة بالضغط علينا بسداد الرسوم وحرمان الطفل من دخول الفصل، كما لا استطيع الدوام بشكل يومي في الجامعة والمختبر والمكتبة بسبب انه لا امتلك حق المواصلات". 
 
فضلا عن حرمان الطالب نفسه من المشاركة في المؤتمرات العلمية بسبب ذلك، اذ يضيف 'علي حفظ الله' حول هذا "تقدمت بابحاث علمية لها وزنها وحصلت على الموافقة لمعظمها وحرمت من الحضور والمشاركة في تلك المؤتمرات العلمية بسبب تكاليف السفر ورسوم المشاركة وإلاقامة؛ مما جعلني اضطر لتقديم اعتذار للمؤتمر العلمي، ولك أن تتخيل هذا الحرج الذي يقع على الطالب اليمني الموفد من بين موفدي كل دول العالم". 
 
بالاضافة الى الهم النفسي الذي يصاحب الموفد اليمني في كل يومياته جراء تأخير صرف مستحقاته، فيقع في إحراج ولوم وعتاب ابتداء من المؤجر للبيت ومدرسة أولاده وأجور تنقلاته للجامعة وشراء كل ما يلزم في سبيل التحصيل العلمي. 
 
وجهة نظر علمية
 
ومن وجهة نظر علمية يؤكد 'أحمد محمد يحي حجوري' طالب دكتوراه موفد للدراسة في مصر، ان معاناة الطلاب في الخارج في ازدياد بسبب ما يعانوه من صعوبات مالية منذ عام 2005, وهذا استناداً إلى نتائج بحثه في مرحلة الماجستير عن الضغوط النفسية لدى الطلبة اليمنيين الموفدين إلى جمهورية مصر العربية التي أظهرت أن الطالب اليمني يعاني من سبعة أنواع من الضغوط النفسية؛ حيث نالت الضغوط المالية أعلى نسبة، تليها الضغوط الإعلامية، وقد أثرتا بشكل كبير على التحصيل الأكاديمي.
 
كما لاحظ الباحث حجوري أن مستوى الصلابة النفسية عالي، ولكن باستمرار الضغوط قد تتحول إلى هشاشة نفسية مما يؤثر على الصحة النفسية العامة للطالب المبتعث، وعليك أن تتخيل حالة الطالب وتحصيله العلمي، إضافة إلى وجود أسرته معه في بلد الدراسة، إذا كان التأخير للمستحقات المالية حالياً وبعد انتهاء عام 2019 وصل إلى مرور سنة كاملة ولم يستلم إلا 50% من مستحقاته. 
 
كما اثبتت العديد من الدراسات العلمية الاخرى في ذات المجال الى ان الصعوبات المالية تعد من اهم المشكلات التي تواجه الطلبة وتعيقهم من اداءهم الاكاديمي، الامر الذي يترتب عليه تدني في مستوى التحصيل العلمي بل ويمتد ذلك الى تفاقم عدد من المشكلات الادارية والاجتماعية والنفسية خصوصا وان مستحقاتهم المالية هي مصدرهم الوحيد في بلدان الدراسة. 
 
فساد وتلاعب
 
لم يكن لكل هذه المماطلة في صرف مستحقات الطلبة الموفدين للدراسة في الخارج من اسباب ومبررات سوى الفساد الذي بات ينخر بعدد من مؤسسات الدولة في الداخل والخارج ابرزها تأخير صرف المستحقات وتنزيل واضافة مستحقات بغير وجه حق، وتلاعب بعض السفارات بالاسماء والكشوفات؛ بالاضافة الى انقطاع صرف بدل الكتب السنوية للطلبة الموفدين منذ عام 2015 وتذاكر السفر رغم قانونيتها واحتسابها في قرارات الايفاد. 
 
وحول تلاعب السفارات تحدث الينا الناشط الشبابي 'محفوظ الشتوي' الموفد للدراسة في الهند بقوله "إننا طلاب اليمن – الهند – ندين ونستنكر بأشد العبارات تلاعب السفارة في الكشوفات الذي تم رفعها إلى المجلس الهندي للتبادل الثقافي وضم أبناء مسؤولي السلك الدبلوماسي إلى الكشوفات واستحواذهم على منح الطلاب اليمنيين ذوي الدخل المحدود والذين يناضلون في ميدان العلم ويتجرعون ويلات الأزمة التي يمر بها وطننا الحبيب؛ ونؤكد أن هذا العبث بمستقبل الطلاب والمخالفة الصريحة لقوانين السلك الدبلوماسي باستغلال المناصب الدبلوماسية لتحقيق أغراض شخصية لن يمر مرور الكرام وسنقف لهذه الأعمال الغير مسؤولة بالمرصاد". 
 
 وعن صمت الحكومة الشرعية وتجاهلها لمعاناة الطلبة يقول 'واس سعيد شريف' طالب موفد للدراسة في روسيا "نفذنا خلال الأربع السنوات الماضية عدة وقفات احتجاجية مطالبين بحل مشكلتنا جذرياً الا انه في كل مرة نصاب بخيبات امل مع حلولاً آنية؛ فالطلاب هم مستقبل وثروة اليمن.. كم أطلقنا نداءات..وكم ناشدنا.. الا انه وللأسف الشديد نقابل بالرد اللامسوؤل.
 
ويضيف واس شريف "هناك استهتار كبير بمستقبل الطلاب ولاحياة لمن تنادي.. طلاب يفصلون من الجامعات وآخرون ينتحرون.. ولم تتحرك ضمائرنا مسؤولينا.. نحن الان نقوم بتجهيز وقفات احتجاجية.. وحملات اعلامية مرتبة في جميع دول الابتعاث ونتمنى ان يكون هناك تجاوب جدي من الجهات المسؤولة". 
 
    وفي نهاية هذا التحقيق حول معاناة الطلبة اليمنيين الموفدين للدراسة في الخارج يمكننا القول باننا أمام حكومة لا تتحمل أية مسؤولية تجاه موفدي اليمن ولا تعيرهم أي اهتمام ونستطيع القول في مجمل ذلك إن الطالب اليمني الموفد للدراسة في الخارج وخصوصا الذي لا يستطيع الاستمرار على نفقته الخاصة اصبح عاجزا وغير قادرا على اكمال مسيرته العلمية بسبب هذا العبث الغير مسؤول؛ ونطالب بدورنا الحكومة اليمنية الى التدخل العاجل لحل المشكلة برمتها والالتزام بصرف مستحقات الطلبة اولا بأول كون تأخير صرفها يسيء لسمعة اليمن واليمنيين ويلحق الطالب بأضرار مادية ونفسية جسيمة.