آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-03:10م

أدب وثقافة


النظارة الذهبية-قصة مترجمة

الخميس - 16 يونيو 2011 - 12:18 م بتوقيت عدن

النظارة الذهبية-قصة مترجمة
النظارة الذهبية- سلسلة عودة المخبر شيرلوك هولمز

عدن ((عدن الغد )) خاص:

سلسلة عودة المخبر شيرلوك هولمز-للسير آرثر كونان دويل

النظارة الذهبية  ترجمة د / طارق السقاف كلية التربية / صبر / قسم اللغة الإنكليزية

 الفصل الأول

 

كانت تلك الليلة عاصفة و باردة جدا مع نهاية شهر نوفمبر ، و كنت و صديقي هولمز نقرأ بالقرب من المدفأة ،  كان صوت الرياح و المطر مدويّا ، و كان الوقت متأخرا جدا. وضع هولمز الكتاب قائلا لي " أنا سعيد يا واتسن لأننا لم نضطر للخروج الليلة" فأجبته قائلا " وأنا كذلك " ، بعدها مباشرة سمعنا صوتا لعربة تقف خارج المنزل ، و قد خرج منها شخص ما ، فذهبت إلى النافذة لأرى من هذا الزائر و في هذا الوقت المتأخر فقلت " أحد ما قادم إلينا " ،

فأجاب هولمز " من يا ترى يزورنا و في هذا الوقت" ، بعدها مباشرة عرفنا من هو زائرنا فقد كان السيد ستانلي هوبكنز ، ذلك المخبر الشاب من سكوتلانديارد * ، لقد قمت و السيد هولمز بمساعدته في حل بعض القضايا في الماضي ، فقال له السيد هولمز مرحبا " تفضل أدخل يا سيد هوبكنز ، و تدفأ معنا إن الجو الليلة شديد البرودة و الرطوبة ، أعتقد بأن لديك قضية مثيرة لي" فرد السيد هوبكنز " نعم لدي ، هل قرأت صحف هذا المساء يا سيد هولمز " فأجاب السيد هولمز " لا ، فقد كنت مشغولا بقراءة كتاب" فأجاب السيد هوبكنز " هذا لا يهم ،فهناك بعض الحقائق في الصحف ، و القضية جديدة و قد أرسلت شرطة يوكسلي في طلبي هذا المساء حيال هذه القضية" ، فسألته " أين تقع منطقة يوكسلي هذه ؟ " ، فأجاب " إنها في كنت، وهي منطقة صغيرة جدا ،

و عندما وصلت اعتقدت للتو بأن القضية سهلة ، و لكنها الآن تبدو صعبة جدا ، فهناك رجل مقتول و لا أعلم حقيقة لماذا و من قتله ؟" ، قال له السيد هولمز " أخبرني بكل شئ" فأجابه السيد هوبكنز شارحا " إن أولد يوكسلي عبارة عن منزل كبير في الريف بالقرب من قرية صغيرة ، فقبل حوالي عشر سنوات أتى رجل عجوز يدعى البروفيسور كورم للعيش فيه ، و قد كان مريضا و يسير على عكاز ، و بعد بضعة أشهر صار جيرانه ودودين معه و لكن لم يزوروا بيته كثيرا ، و يقول الناس عنه بأنه ذكي جدا ، يقضي معظم وقته في قراءة كتبه و كان لديه خادمتان و بستاني ، 

 كانت الأولى - تدعى السيدة ماركر-  تعمل طباخة لديه و الثانية  تدعى سوزان تارلتون وكانوا يتمتعون بسمعة طيبة و قد أمضوا فترة طويلة في خدمته ، و كان البروفيسور يؤلف كتابا ، و قبل حوالي سنة قرر بأنه يحتاج إلى سكرتير لمساعدته وقد أتى رجل لشغل تلك الوظيفة و لكنه لم يكن موفقا بالعمل مع البروفيسور و لم يمكث معه طويلا ، فأتى شخص آخر يدعى سميث ، وأصبح صديقا حميما للبروفيسور إضافة إلى كونه مساعدا له ، و لقد عملا معا كل يوم وقارب الكتاب على الانتهاء ، و لكن الشاب الآن ميت واعتقد بأن شخصا ما قد قتله ، و كما قلت سابقا قليل من الناس كانوا يزورون البروفيسور ، كما أن سكان المنزل كانوا قليلا ما يغادرونه ، و العجوز مورتيمر – البستاني – لديه كوخ في الحديقة.

إن منزل يوكسلي بالقرب من طريق لندن ، كما أنه من السهولة بمكان فتح بوابة الحديقة ، ربما أتى شخص إلى المنزل و بعد فعلته هرب بسرعة. لقد تحدثت مع سوزان تارلتون الخادمة ، و أخبرتني بأنها كانت تنظف إحدى غرف النوم بين الحادية عشرة و الثانية عشرة صباحا ،

 و كان البروفيسور كورم لا يزال في السرير ، و عادة ما يصحو متأخرا ، كان السيد سميث في غرفته يقرأ كتابا ، بعدها ببضع دقائق سمعته ينزل إلى الغرفة التي عادة ما يعمل بها مع البروفيسور ، و فجأة سمعت صرخة مدوية فجرت مسرعة إلى الغرفة ووجدت السيد سميث ملقى على الأرض كان هناك جرح غائر في رقبته و دم كثير حوله على الأرض ، و كان السيد سميث يلفظ أنفاسه الأخيرة وقال بضعة كلمات قبل موته وكان صوته ضعيفا لكن سوزان تارلتون تعتقد بأنه قال هذه الكلمات " البروفيسور ، كانت هي ....." . بعدها تحدثت مع الطاهية و قالت بأنها وصلت الغرفة و كان السيد سميث قد فارق الحياة ، بعدها و بسرعة ذهبت الخادمتان إلى غرفة البروفيسور ،

و كان لا يزال على السرير كان مرعوبا لسماعه صرخة مساعده فلم يستطع النهوض من سريره بدون مساعدة من أحد ، و لم يستطع معرفة السبب الحقيقي في مقتل السيد سميث. و قد أرسلت الشرطة في طلبي لتحري هذه القضية ، و عندما وصلت المنزل وجدت بان كل شخص كان حريصا بعدم المرور بممر الحديقة ، كما لم يتم تحريك أي شيء في البيت، فاعتقدت بأن شخصا بالغ الذكاء كان قد دخل المنزل هذا الصباح ، فلم يكن هناك أي آثار على ممر الحديقة ولكنني تبينت بأن شخصا ما قد مر على الحشائش بالقرب من ممر الحديقة و قد تبينت أيضا بأن هذا الشخص كان حريصا جدا بأن لا يشعر الآخرون بوجوده . ذهبت إلى الغرفة و فحصت جثة السيد سميث ،

كانت هناك سكين صغيرة بجانبه على الأرض أعتقد بأنها كانت آداه الجريمة ، و كانت تلك السكين للبروفيسور و كان يحتفظ بها داخل طاولة تلك الحجرة ، و لا أعتقد بأن السيد سميث قام بالانتحار" فقال له السيد هولمز " ربما كان قد سقط على السكين " فأجابه المخبر " لا ، كانت السكين على الأرض و لكنها لم تكن قريبة من الجثة ، آه وأهم شيء وجدناه أثناء التحري هذه " أعطى السيد هولمز نظارة ، أخذها هولمز منه وأخذ يتفحصها بدقة ، بعدها أخرج ورقة صغيرة من جيبه ودون عليها شيئا ما أعطاها للسيد هوبكنز الذي بدوره أخذ يقرا ما كتبه هولمز بها ، و كان مكتوبا عليها التالي :

" حاول البحث عن امرأة ثرية ، ترتدي ملابس فاخرة لديها أنف عريض و عيناها قريبتان من بعضهما البعض ، كما أنها تحذّق بتمعن عندما تنظر للأشياء و كانت قد زأرت محل بيع النظارات مرتان على الأقل خلال الشهرين الأخيرين، ونظارتها قوية جدا و غالية الثمن ، ولا يوجد الكثير من محلات النظارات الغالية الثمن في لندن لهذا لا تستطيع أن تجدها بسهولة" .

كان المخبر مندهشا جدا عندما قرأ ما كتبه السيد هولمز و كذلك أنا ، نظر هولمز إلينا ثم ضحك ، بعده قال لكلينا " إن النظارات يمكن أن تخبرنا الكثير عن الأشخاص الذين يرتدونها ، فهذه النظارة تعود لامرأة لأنها من النوع النسائي ، لقد قال السيد سميث قبل وفاته " كانت هي " و هذا ما جعلني أجزم بأنه كانت هناك امرأة ، كما أنها ثرية و تحب اقتناء الأشياء الثمينة لأن نظارتها كانت مصنوعة من الذهب ، و عادة ما تصنع النظارات الغالية لتناسب بالضبط الأثرياء الذين يدفعون ثمنها للبائع مسبقا.

واتسون إن أنفك عريض و لكنني متأكد من أن هذه النظارة أكبر من مقاس وجهك وأنفك ، و وجهي نحيل و عيناي متقاربتان من بعضهما البعض و مع ذلك من الصعب عليّ الرؤية من خلال هذه النظارة و هذا هو السبب في معرفة عيني و أنف صاحبة هذه النظارة" فسألته مستفسرا " وماذا عن التحديق ؟ و الزيارة لأخصائي البصريات " فأجاب هولمز قائلا " عادة ما يحدق ضعاف البصر إلى الأشياء بتركيز لأنهم لا يروا بسهولة  ووضوح ، و كان من الواضح بأن النظارة كان قد تم إصلاحها مرتان و بأوقات مختلفة ، فقد كان الذهب في جهة من النظارة جديدا و كان قديما من الجهة الأخرى" ، قال السيد هوبكنز " أنت دائما ذكي يا سيد هولمز ، فأنا أعتقد الآن بأنك تعرف في هذه القضية أكثر مني بالرغم من أنك لم تذهب إلى يوكسلي ، هل لك و السيد واتسون أن تأتوا غدا معي إلى يوكسلي؟ "  ، وقد وافقت أنا و السيد هولمز للذهاب إلى يوكسلي و قد علينا أن نستقل قطار الساعة السادسة صباحا و لهذا طلب السيد هولمز من السيد ستانلي هوبكنز البقاء معنا الليلة. 

 

الفصل الثاني

 

في اليوم التالي كان الطقس أفضل و لكنه كان ما يزال باردا ، استقلينا القطار إلى بلدة صغيرة بالقرب من منطقة تدعى كاثمان و تناولنا إفطارنا هناك ، بعدها استقلينا عربة للوصول إلى منزل يوكسلي القديم ، و كان هناك شرطيا ينتظرنا عند بوابة الحديقة ، و قد سأله السيد هوبكنز إذا ما كان قد جد جديد أثناء غيابه البارحة و لكن الشرطي أجاب بالنفي. عندها قال السيد هوبكنز لهولمز " هذا هو ممر الحديقة ، و كما ترى لا توجد به أي آثار " ، سأله هولمز " في أي جهة كانت الآثار على الحشائش " ، فأجاب السيد هوبكنز مشيرا إلى أحد الجوانب قائلا " في هذا الجانب" ، قال السيد هولمز بعد نظرة فاحصة لجانب الممر " إن ممر الحشائش في هذا الجانب ضيق جدا ، و لكنني أستطيع أن أرى بأن شخصا ما استطاع المرور من خلاله . هل هذا هو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى المنزل؟" فأجابه السيد هوبكنز " نعم ، إنني متأكد من ذلك. "

قال هولمز " إذن فإن السيدة لابد أنها  قد عادت من نفس الممر الذي أتت منه" ، فأجابه السيد هوبكنز " نعم" ، قال هولمز بعد نظرة فاحصة للممر في الحديقة " لقد كان ذكاء منها في مشيها بحذر شديد من هذا الممر ، حسنا لقد رأيت كل ما أريد رؤيته في الحديقة لنذهب الآن إلى المنزل ، فأنا أعتقد بأن باب المنزل المؤدي إلى الحديقة مفتوح دائما ، و لهذا كان من السهولة بمكان لها الدخول إلى المنزل ، كما أني لا أعتقد بأنها كانت تعرف بأنها سوف تقتل شخصا لأنها لم تحضر معها أي سكين أو سلاح  من أي نوع و لهذا استخدمت سكين البروفيسور الموضوع على الطاولة." ،

بعدها دخلنا المنزل و قال هولمز " لقد دخلت عبر هذا الممر و لكنها لم تترك أي آثار على أرضية الممر بعدها دخلت هذه الغرفة ، هل تستطيع إخباري كم من المدة بقيت فيه القاتلة في الغرفة ؟ " فأجاب السيد هوبكنز " أعتقد بأنها كانت هنا لبضع دقائق ، لقد أخبرتنا الخادمة بأنها كانت تنظف الغرفة قبل حوالي ربع ساعة من مقتل السيد سميث لقد نسيت إخبارك ذلك البارحة" ، فأجابه هولمز " عظيم ، إذن لم تكن هنا لمدة تزيد عن الخمس عشرة دقيقة ، لقد ذهبت إلى تلك الخزانة بالقرب من الطاولة ، و قد كانت الخزانة مقفلة بقفل  ، هل يوجد شيء هام في الغرفة ؟ " ،

 بعدها انحنى هولمز و نظر إلى باب الخزانة ، و من ثم وقف مشيرا لباب الخزانة وقال " أنظر، هناك علامة صغيرة على قفل الباب النحاسي ، لماذا لم تخبرني بذلك يا سيد هوبكنز ؟ " فأجاب هوبكنز قائلا "  لم أعتقد بأن ذلك مهما ، فهناك دائما علامات على الأقفال" قال له هولمز " أعرف ذلك ، و لكن هذه الآثار جديدة ، أعتقد بأنها وضعت البارحة فقط ، هل السيدة ماركر هنا ؟" أجاب السيد هوبكنز " نعم ، إنها هنا " بعدها أتت السيدة ماركر وسألها هولمز قائلا " هل رأيت هذه الإشارة عندما كنت تنظفين الحجرة يوم أمس؟ " فأجابت السيدة ماركر " لا ، لم أرها " فقال هولمز " إني متأكد من أنك لم تريها ، أعتقد بأن الشخص الذي قتل السيد سميث هو الذي وضعها ، كما أن هذا الشخص القاتل لديه مفتاح هذه الخزانة" ، قالت السيدة ماركر بأن البروفيسور لديه مفتاح الخزانة و أنه يحتفظ به في غرفته الخاصة.

 فسألها هولمز ثانية " هل المفتاح من النوع العادي ؟ " فأجابت الخادمة قائلة " لا ، لم يكن كذلك ، فقد كان القفل من النوع المتين جدا " ، بعدها أذن هولمز للسيدة ماركر بالانصراف ، و أخبرنا قائلا " الآن نعرف ما حدث ، لقد أتت السيدة إلى هذه الغرفة ، و ذهبت إلى الخزانة و حاولت فتحها ، دخل السيد سميث إلى الغرفة ووجدها تحاول فتح الخزانة ، عندها حاولت و بسرعة إخراج المفتاح من القفل ، و لقد أحدثت ذلك الأثر لأنها كانت تحاول إخراج المفتاح بسرعة توجه السيد سميث نحوها فأخذت هي السكين الموضوع على الطاولة ، حاول السيد سميث إمساكها و لكنها عاجلته بطعنة قوية في رقبته  و حاولت الهرب حين وقع سميث على الأرض و قد وقعت نظارتها منها.

هناك ممران يؤديان للخارج ، الأول يؤدي إلى الباب الخلفي و الآخر يؤدي إلى غرفة البروفيسور ، أليس كذلك يا سيد هوبكنز " أجاب هوبكنز " نعم ، لا يوجد أي طريق للخارج عن طريق الممر الآخر" ، عندها قال هولمز " لنذهب الآن إلى البروفيسور" فذهبنا إلى غرفة البروفيسور عبر الممر الثاني و أثناء مرورنا كان هولمز يتفحص الحيطان و الأرضية الخاصة بالممر و قال " هل تلاحظ شيئا غريبا في هذا الممر أيها المفتش؟ " ، قال السيد هوبكنز " لا ، أنه مثل الممر الآخر" ، قال هولمز " هذا ما كنت أعنيه ، إن ألوان الحيطان و الأرضية نفسها في الممر الثاني" فسأله السيد هوبكنز " و هل تعتقد بأن هذا مهم ؟" ، فأجابه هولمز مفكرا " ربما ، و لكنني لست متأكداً من ذلك" .

 

 الفصل الثالث

 

وصلنا غرفة البروفيسور ،  كانت كبيرة جدا و الحيطان مغطاة بالكتب ، و كانت الكتب كثيرة بحيث أن بعضها كان ملقى على الأرض . و كان سرير البروفيسور في وسط الغرفة و كان هو مستلقيا عليها ، و كانت لديه لحية كثة بيضاء كما كان شعره كله أبيض ،  لكن جزءا من لحيته القريب من فمه كان متسخا وأصفر اللون ، كان يدخن كما كانت الغرفة مليئة برائحة الدخان و كان هناك الكثير من علب السجائر على الطاولة و عندما نظرت إلى يد البروفيسور كانت صفراء من أثر التدخين مثلها مثل جزء من لحيته.

 

رحّب البروفيسور بقدومنا ، بعدها سأل السيد هولمز " هل تدخن يا سيد هولمز ؟ هذه سجائر ذات نوعية عالية الجودة ، إنني كما ترى أدخن كثيرا ، إن التدخين من أمتع الأشياء في حياتي ، إنني رجل عجوز كما ترى و لا أستطيع الحركة بسهولة ، و اليوم فإن السيد سميث قد فارق الحياة و لا أستطيع العمل بدونه ، لقد كان شابا طيبا و قد ساعدني كثيرا ، وأنا آسف لما حدث له." ، أخذ هولمز سيجارة منه و أشعلها و قد تجوّل في أنحاء الغرفة بينما أستمر البروفيسور في حديثه قائلا " أنا مسرور يا سيد هولمز بقدومك وأنا واثق في قدرتك على مساعدتنا " ، بينما كان البروفيسور يدخن لاحظت بأن السيد هولمز كان يدخن بسرعة كبيرة على غير عادته ، بعدها قال للبروفيسور " أعلم بأنك كنت في السرير عندما قتل السيد سميث، لذا فإنك لا تعرف شيئا عن هذه الجريمة ، و لكن هل يمكنك إخباري ما تعنيه آخر كلماته قبل وفاته " البروفيسور ، كانت هي .... " ، فأجاب البروفيسور " لا ، لا أستطيع ، و لكن سوزان تارلتون ربما لم تسمع بوضوح ما كان يقوله قبل وفاته، أنا متأكد بأنه لم يتكلم بوضوح لا تنس بأنه قال عبارته الأخيرة وهو يموت" ،

سأله هولمز " هل تستطيع إخباري عن أي سبب يدفع لقتله " ، أجابه البروفيسور " حسنا يا سيد هولمز سأخبرك شيئا لم أقله لأحد من قبل ، لأنني كنت أعتقد بأنه ليس من اللائق أن أقوله لأنني لم أكن أريد من أي شخص أن يظن سوءا ً بالسيد سميث لأنني أعتقد بأنه أنتحر ، كما أعتقد بأنه كان واقعا في الحب ، كان لديه نظارة لامرأة ربما كان يحبها و لكنها لم تكن تبادله نفس الشعور ، بعض من الناس ينتحر لمثل هذه الأسباب." 

اندهش هولمز لسماعه هذه الفكرة و ظل يفكر كثيرا ، و كان يمشي حول الغرفة بصمت و أخيرا تحدث إلى البروفيسور  قائلا " هل لك بإخباري ماذا يوجد داخل خزانة هذه الغرفة ؟" ، أجابه البروفيسور " لا شيء مهم بالنسبة للص ، فقط بعض الأوراق و الرسائل من المرحومة زوجتي ، تستطيع أن ترى ما بداخلها إن أردت ذلك تفضل المفتاح" ، أخذ هولمز المفتاح وبدأ بتفحصه بعدها قال " لا ، لا أظنني احتاج إلى رؤية ما بداخل الخزانة ، ربما تكون محقا فيما قلته بشأن سميث يا بروفيسور ، سأنظر بفكرتك هذه فربما أجد الجواب بعد ما أجد شيئا آكله ، سأعود إليك ثانية و لكن ليس قبل الساعة الثانية ظهرا ، أنا متأكد بأنك بحاجة للراحة" ، شعر البروفيسور بالراحة لما سمعه من هولمز فقال " نعم أنا متعب ، لو سمحتم لا تأتوا إلى هنا قبل الساعة الثانية ظهرا لأنني متعب كثيرا " .

 

مشيت أنا و هولمز في الحديقة أثناء خروجنا و لم يكن هولمز سعيدا ، فسألته " هل تستطيع أن تجد إجابة لهذه القضية ياهولمز؟ " أجاب " لست متأكدا من ذلك ، و لكن أعقاب السجائر تلك قد تساعدنا " فأجبته مندهشا " حقا ، و كيف يكون ذلك ؟" فأجاب " سترى ذلك لا حقا ، والآن دور السيدة ماركر ، أريد التحدث إليها لخمس دقائق " فبدأ حديثه إلى الطاهية فسألها  " أعتقد بأن البروفيسور لا يأكل كثيرا ، فعادة من يدخن بشراهة تكون شهيته للأكل قليلة أليس كذلك ؟ " فأجابت قائلة " أحيانا يأكل كثيرا و أحيانا أخرى يأكل قليلا " ، فسألها ثانية " و اليوم ؟ لقد رايته يدخن كثيرا بحيث أنه لم يطلب أي فطور هذا الصباح" فأجابته الطاهية " أنت مخطئ يا سيدي ، لقد كان لديه كثير من طعام الفطور هذا الصباح بل أنه طلب أكثر ، أنا مندهشة عندما علمت بمقتل المسكين السيد سميث لم تكن لديه رغبة في الطعام إطلاقا ، إن البروفيسور رجل غريب الأطوار" ، بعد هذا الحوار لم يتحدث هولمز كثيرا ، و قد أخبرته سوزان الخادمة بان السيد سميث كان قد خرج للقرية في الصباح الباكر قبل مقتله بفترة وجيزة. و في الساعة الثانية ظهرا قال هولمز " أنها الثانية ، حان الوقت لزيارة البروفيسور ثانية يا سادة ".

 

الفصل الرابع

 

كان العجوز قد انتهى للتوّ من أكله ، و كان صحنه نظيفا تماما لقد أكل كل شيء ، كان جالسا على كرسي كما كان يدخن. قال " حسنا يا سيد هولمز ، هل وجدت إجابة لهذه القضية ؟ " قالها وهو يمد لهولمز بعلبة السجائر ليأخذ واحدة ، وأثناء أخذ هولمز لإحدى السجائر ارتطمت يده بعلبة السجائر الموضوعة على الطاولة فسقطت السجائر على الأرض ، نزل هولمز وأنا و السيد هوبكنز إلى الأرض لالتقاطهم ، و عندما انتهينا من ذلك ،

قال هولمز للبروفيسور " نعم ، لدي الإجابة لهذه القضية " ، فأجابه البروفيسور " حقا ، أين وجدتها ؟ في الحديقة ؟ " كان وجهه يشع بالغضب وهو يتحدث إلى هولمز الذي بادره بالقول " لا ، إن الجواب هنا في غرفتك أيها البروفيسور " ، سأله البروفيسور " و متى وجدت هذه الإجابة " ، رد عليه هولمز " قبل حوالي دقيقتين" فقال له البروفيسور " أنا متأكد بأنك تمزح يا سيد هولمز ، إنها قضية مهمة ، أن السيد سميث ميت الآن فالرجاء لا داعي للمزاح الآن" ، ردّ عليه هولمز و الجدية و الصرامة بادية على وجهه قائلا " أنا لا أمزح ، أنا متأكد مما أقول ، فأنا لا أزال أجهل بعض التفاصيل ، و لكنني متأكد من أنك قد قمت بشيء سيئ ، سأخبرك بما أظنه قد حدث "

بالأمس أتت سيدة إلى منزلك و ذهبت إلى الغرفة التي توجد بها الخزانة ، و قد أحضرت معها مفتاحها لفتح الخزانة و كان المفتاح جديدا بحيث أنه كان حادا في طرفه الأمامي و لهذا فقد أحدث أثرا في القفل النحاسي لباب الخزانة ، لا يوجد طرف حاد لنسخة المفتاح التي معك لقد لاحظت ذلك عندما أعطيتني المفتاح كي أفتح به الخزانة فعلمت عندها من أنها لم تستخدم نسختك ، فاعتقدت بأنك لم تكن تعلم بدخولها إلى المنزل ، لقد أتت إلى هنا كلص ليسرق شيئا من الخزانة" ، فرد عليه البروفيسور " كل هذا عظيم ، ولكن ألا تستطيع إخبارنا أكثر من ذلك ؟ ماذا حصل للسيدة بعد ذلك ؟ " ، فأجابه هولمز " سأحاول إخبارك ، أتى سكرتيرك الخاص السيد سميث إلى الغرفة و وجدها هناك فقتلته و لكني أعتقد كانت هناك غلطة ، فلو أنها أرادت فعلا القتل لكانت قد أحضرت معها سكينا مسبقا ، لقد فقدت نظارتها أثناء معركتها مع السيد سميث و لم تستطع العثور عليها لأنها كانت في عجلة من أمرها و هربت مسرعة ، وكانت ضعيفة النظر و لهذا ارتكبت الخطأ الثاني ، فاتخذت الممر الآخر ، و كان من السهولة الوقوع في هذا الخطأ خصوصا من شخص ضعيف النظر من جهة و من جهة أخرى كان الممران لهما نفس الألوان على الحيطان والأرضية ، فلم تذهب إلى الباب بل إلى غرفتك يا بروفيسور" ، فأجابه البروفيسور راسما الدهشة على وجهه " هل تعني بأنها أتت إلى غرفتي دون علمي أو حتى دون أن أراها " ، رد عليه هولمز قائلا " لا ، لقد أتت إلى غرفتك و قد رايتها ، أعتقد بأنك تعلم من تكون ، لقد تحدثت معها بل و ساعدتها " ، عندها ضحك البروفيسور مقهقها و قال " لا بد أنك مجنون يا سيد هولمز ، لنفترض أنك على حق ، أين إذن هذه السيدة الآن ؟ " ، أشار هولمز إلى أحد الحيطان و كان مغطى برفوف الكتب و قال " إنها هناك " ، نظرنا كلنا حيث أشار هولمز ، فلم نر شيئا سوى الكتب ، بعدها بدأت خزانة الكتب كلها بالتحرك و بدا الحائط بالتحرك مثل الباب ، فظهرت امرأة عندها صاح البروفيسور .  كانت المرأة  مغطاة بالأتربة نتيجة لاختبائها خلف خزانة الكتب و قالت بهدوء " نعم ، أنا هنا " .

 

 

الفصل الخامس

 

أسرع هوبكنز إلى المرأة و قال " لا بد أن تأتي معي " ، أجابته المرأة " إنني لن أهرب ، أعلم بأنكم تعلمون بأنني قتلت سميث ، لم يعد لي وقت كافٍ ، و لكني أردت أن تعرفوا حقيقة هذا الرجل" أشارت إلى البروفيسور قائلة " إنه ليس إنكليزيا ، و لكنه روسي ، و لن أخبركم باسمه الحقيقي لأنه ليس ضروريا " ، بدأ الارتياح على وجه البروفيسور عندما قالت عبارتها الأخيرة و قال موجها كلامه لها " شكرا يا أنا ، شكرا لك " ، فنظرت إليه بغضب واستمرت بالكلام قائلة له " لماذا تريد أن تعيش ؟ إن حياتك لا معنى لها ، إنك حيوان" ، بعدها التفتت إلينا قائلة " أيها السادة ، إنني زوجة هذا الرجل ، و قد كنا نعيش في مدينة روسية لن أخبركم باسمها " ، مرة أخرى قال البروفيسور موجها كلامه ناحيتها " شكرا لك يا أنا " ، تابعت كلامها " كنا ثواراً ، و كنا نناضل من أجل أن يصبح وطننا أفضل ، كان لدينا أصدقاء كانوا هم أيضا ثوريون ، و قد أرادت الشرطة القبض علينا لقتلنا أو لإرسالنا للسجون للتعذيب ، و قد قررنا قتل رجل شرطة حتى نثبت للآخرين كم نحن أقوياء ، و في أحد الأيام قام أحدنا بالفعل بقتل رجل شرطة و لم تستطع الشرطة الإمساك بنا و لهذا عرضت مكافأة سخية من المال لمن يرشدهم إلينا ، و للأسف أخبرهم زوجي باسم القاتل ، و قد حصل على المال ، عندها تم القبض على باقي المجموعة ، قتل بعضنا و البعض الآخر تم إرساله إلى السجن و كنت أنا المحظوظة فلقد تم إرسالي إلى السجن لعشر سنوات، كان هناك شاب يدعى أليكس و كان من الثوار و لم يكن يريدنا أن نقتل الشرطي وقد حاول إيقافنا ، و قد كتب رسائل لي طالبا مني أن أخبر الثوار بأن يغيروا خطتهم ، لكن زوجي استلم هذه الرسائل وأخفاها عني ، لقد كان يريد أن يموت اليكس ، و قد كان أليكس محظوظا فلم يمت و لكنه أرسل إلى السجن لمدة طويلة إلى الآن ، و سيقبع في السجن لعشرين سنة أخرى" ، ثم نظرت إلى زوجها بغضب شديد وقالت " نعم إنه في السجن ، و أنت حر طليق أيها الحقير " ، ابيضّ وجه المرأة و كان التعب باديا على وجهها فقالت " يجب علىّ أن أنهي ما أقوله سريعا ، لقد خرجت من السجن العام الماضي و كنت أريد استعادة الرسائل التي كتبها أليكس لي ، و كنت أعرف من أن الحكومة الروسية عندما ترى هذه الرسائل فأنها سوف تعلم بأن أليكس كان قد حاول أن يمنعنا من قتل الشرطي و عندها سوف تطلق سراحه ، و لقد أتيت إلى إنكلترا بحثا عن زوجي و لم اكن أعرف أين يعيش ، و قد أخذ من وقت طويل لأجد منزل يوكسلي و عندما علمت بمكانه أرسلت له رجلا و كان السكرتير الأول له ، لقد وجد مكان الرسائل و لقد أعطاني نسخة من مفتاح الخزانة ، و لكنه لم يساعدني أكثر من ذلك لاعتقاده بأنني أردت أن أقتل زوجي ، لهذا كان علي أن آتي بنفسي ، و عندما وصلت وجدت السيد سميث ، و لم أكن أعرف بأنه يعمل لدى زوجي ، فسألته عن البروفيسور " عندها تكلم هولمز " نعم ، أعتقد بأنه عاد إلى هنا وأخبر البروفيسور بأنه قد التقى بك و لهذا قال قبل موته " البروفيسور كانت هي " كان يقصدك أنت ، أي هي المرأة التي كان قد تحدث معها في الصباح " فقالت له المرأة و قد بدا شحوبها واضحا هذه المرة " يجب أن تدعني أكمل ، لم أكن أقصد قتل السيد سميث ، لقد ضربته بتلك السكين لأنها كانت الأداة الوحيدة الموضوعة على الطاولة ، بعدها جريت خارج الغرفة و لكني فقدت نظارتي ، و لقد أخطأت الطريق لأني لم أكن أرى بوضوح  لهذا أتيت لهذه الغرفة ، كان زوجي غاضبا و خائفا عندما رآني ، و قد قال لي بأنه سيرسلني للشرطة ، و كنت أعرف بأنه لا يستطيع ذلك ، لأنه لو فعل سيعرف الثوار الآخرين مكانه و سيأتون إلى هنا لقتله و لقد أردت الهروب من أجل أليكس و كان زوجي يريدني أن أهرب لأنه كان خائفا من أصدقائي الثوار ، لذا قرر أن يبقيني هنا في غرفته حتى تذهب الشرطة ، و كان هناك مكانا سريا خلف الخزانة لا يعلم به سواه و قد مكثت فيه لساعات عديدة ، و قد طلب وجبة كبيرة حتى يقدم لي الطعام ، وأخبرني بأنه عند ذهاب الشرطة أستطيع أن أخرج و هو من جانبه لن يقول شيئا " ، بعدها أعطت بعض الأوراق لهولمز و قالت " أرجوك أن تسلم هذه الأوراق للسفارة الروسية في لندن ، إن قمت بذلك سيطلقون سراح اليكس ، هذه هي كلماتي الأخيرة يا سيد هولمز ، أنت .... أنت.... يجب أن تساعدني " ، عندها سقطت المرأة على الأرض ، انحنى هولمز عليها و أخذ قنينة صغيرة فارغة كانت بيدها و قال " لقد ماتت ، لقد تناولت جرعة كبيرة من السم قبل أن تخرج علينا من مخبئها " .

 

الفصل السادس

 

كان هناك بعض الأشياء -  لي ولـلسيد هوبكنز و كذلك هولمز – علينا القيام بها ، ومباشرة استقلينا القطار في طريق عودتنا إلى لندن ، و قد أخبرنا هولمز و نحن في طريق العودة قائلا " في الواقع لم تكن القضية صعبة جدا و لكن وجود النظارة كانت شيئا مهما فلم يكن باستطاعتي أن أعثر على الجواب بدونها ، و كان واضحا لي بأن المرأة كانت ضعيفة البصر ، فإذا هربت عن طريق الباب المؤدي إلى الحديقة لكانت قد تركت آثارا على الممر ، كما أنها لم تستطع الاستمرار في الركوض بدون نظارتها فقد كان الممر الحشائشي ضيقا كما رأينا ، لكل هذا اعتقدت بأن المرأة لم تغادر البيت مطلقا ، و كانت هذه هي المرة الأولى التي تدخل به هذا  البيت و قد ارتكبت خطأ ، لقد كان الممران متشابهين إلى حد كبير و قد سلكت الممر الخطأ و لم يكن هناك باب من غرفة البروفيسور يؤدي إلى الخارج فقلت في نفسي ربما تكون لا تزال في غرفة البروفيسور و لكن أين ؟ نظرت بعدها لأرضية الغرفة و كانت صلبة جدا فلم أتوقع بأن يكون هناك ممراً سريا أسفلها ، بعدها نظرت إلى رفوف الكتب فعادة ما تجد مكانا سريا خلفها خصوصا في المنازل ذات الطراز القديم ، فقد كانت هناك كتب كثيرة أمام معظم الرفوف و لم تكن في مكان واحد فقط فاعتقدت بأن هذه الرفوف يمكن أن تفتح مثل الباب ، فدخنت العديد من السجائر و تركت الرماد يسقط إلى الأرضية أمام هذه الرفوف ، و عندما خرجت المرأة لتناول طعامها تركت أقدامها آثارا على رماد السجائر التي وضعتها و عندما عدنا إلى الغرفة الساعة الثانية ظهرا ضربت علبة السجائر الموضوعة على الطاولة حتى أستطيع أن أجثو إلى الأسفل و أنظر بدقة إلى الآثار الموضوعة على الرماد، و عندما وجدت الآثار كنت حيينها متأكدا من وجودها في المنزل " ، وصل قطارنا لندن فقال هولمز موجها كلامه للسيد هوبكنز " حسنا يا سيد هوبكنز ، ها قد وصلنا لمحطة التشارنج كروس ، أعلم بأنك تريد الذهاب إلى سكوتلانديارد ، ولكنني وواتسون يجب علينا الذهاب إلى مكان آخر ، لدينا بعض الأوراق يجب أن نسلمها للسفارة الروسية "

 

 

                                                                                                                                                                                 

سكوتلانديارد : الشرطة البريطانية ( المترجم)