آخر تحديث :الأربعاء-22 مايو 2024-06:19ص

ملفات وتحقيقات


غزاة الآثار ينبشون كنوز اليمن ويطمسون تاريخه

الجمعة - 28 مارس 2014 - 01:04 ص بتوقيت عدن

غزاة الآثار ينبشون كنوز اليمن ويطمسون تاريخه
الإهمال الحكومي والتنقيب العشوائي يهددان آثار اليمن التاريخية

صنعاء(عدن الغد)العرب اللندنية:

عبق من الماضي، وحضارة عريقة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، تلف محافظة “الجوف” شمالي اليمن، يتهددها الإهمال الحكومي، وعبث التنقيب العشوائي.

وبعيدا عن وجود بعثات أثرية محلية أو دولية للتنقيب عن الآثار في “الجوف”، يقوم بعض لصوص الآثار بالتنقيب العشوائي بهدف السرقة والوصول إلى قطعة آثار يمكن أن تباع لسائح أو زائر، بثمن لا يمكن أن يبلغ بأي حال من الأحوال ما تحمله تلك الآثار من قيمة تاريخية.
آثار اليمن القديمة تتعرض لحرب مدمرة من نوع جديد، فهي ليست حربا عادية غايتها اقتصادية أو اجتماعية بل تهدف إلى طمس هوية اليمن التاريخية.
فهذه المعالم الأثرية الشاهدة على عظمة مملكة “معين”، (اليمن القديم)، والتي تأسست في القرن الثالث عشر قبل الميلاد على أرجح أقوال المستشرقين، تواجه الاندثار، وما تبقى منها يُشبه أطلالا تبعث على الحُزن والأسى عمّا آلت إليه أحوالها، وهي تتعرض للسرقة يوميا.

و”الجوف” حسب قول محافظها محمد سالم الشريف “تعيش إهمالا وتغييبا، منذ سنوات في كل المجالات، وفي طليعتها المواقع الأثرية، ما حرم المحافظة من أهم مواردها المتمثلة في القطاع السياحي”.

وقال الشريف: “هناك خطة لتطوير هذا القطاع، وذلك من خلال تشجيع النشاط السياحي، وحماية المواقع الأثرية من السرقة”.

وتبلغ مساحة “الجوف” التي كانت تعرف قديما بـ”جوف المعينين”، نسبة إلى مملكة معين، حوالي 39 ألف كم2، وتتكون من 12 مديرية عاصمتها “الحزم”.

وتأسست في هذه المحافظة، مملكة معين، المشهورة قديما بتجارة البخور، وعاصمتها السياسية “قرناو”، ومن أهم مدنها “براقش”.

وشُيّدت مدينة “قرناو”، على ربوة صناعية، من التراب، لحمايتها من أضرار السيول الجارفة، ووقايتها عند الحروب، وما تزال آثار هذه المدينة قائمة حتى اليوم، رغم تعرضها للعديد من المتغيرات الطبيعية والبشرية.

ورغم الكنوز التاريخية في المدينة، وغيرها من مدن “الجوف” إلا أنها لم تتعرض لمسوحات وتنقيبات أثرية وعلمية عدا الحفريات المستمرة، التي يقوم بها أشخاص بحثا عن قطعة أثرية لبيعها.
    
انهيار جزء كبير من سور مدينة يثل بمحافظة الجوف
    

أما مدينة “براقش” التي عرفت قديما في النقوش المسندية باسم “يثل”، فقد كانت من المدن الهامة في اليمن القديم، نظرا إلى وقوعها على طريق القوافل التجارية المحملة بالعطور، والطيب والتوابل، والتي تحملها إلى بلاد الشام، مرورا بهذه المدينة.

وبنيت المدينة محاطة بأسوار منيعة عليها أبراج للحماية والمراقبة من كل الاتجاهات (تسيطر عليها حاليا جماعة الحوثي الشيعية منذ انهيار السلطة المحلية إبان ثورة 11 فبراير 2011).

وتشير الدراسات التاريخية إلى أن هذه المدينة كانت واحدة من المدن التي احتلها القائد “اليس غاليوس″، أحد قادة الإمبراطور الروماني "أغسطس"، خلال حملته العسكرية على اليمن، بين عامي (25-24) قبل الميلاد، بعد أن مرت بفترة ضعف.

ومن المدن التاريخية في “الجوف” مدينة “السوداء”، التي كانت تعرف قديما باسم “نشأن”، وقد اشتهرت بصناعة المعادن، وهي المدينة التي توجد فيها مجموعة من المعابد، ويطلق عليها سكان المنطقة “معابد بنات عاد”، لأن أعمدة المعابد مزخرفة بزخارف غاية في الروعة والجمال، تمثل أشكالا آدمية لنساء وحيوانات، وأيضا أشكالا هندسية تضاهي معابد بلاد الرافدين.

غير أن مدينة “السوداء” التي تقع ضمن مديرية “الحزم” عاصمة “الجوف” اليوم، أصبحت أثرا بعد عين، إلا من بقايا أنقاض مبان ومعابد مدمرة، تتعرض يوميا للنبش والحفر لاستخراج كنوزها وسرقتها، وبيعها في الأسواق المحلية.

فالمعابد تم تحطيمها والاستفادة من حجارتها في البناء، وما تبقى منها آيل إلى السقوط، مع مرور الزمن، وربما تُعجّل الكثبان الرملية في الصحراء بطمره.

وخلال التجول في تلك المنطقة، يبدو للسائر أنه يقف على أطلال مقبرة قديمة لا يبرز منها إلا أحجار ظاهرة بشكل محدود، وهي مدفونة تحت الرمال.

وتفتقد المحافظة إلى وجود فنادق أو مطاعم، وتخلو مواقعها السياحية من أية بنية تحتية للزائرين.



ويقول مبارك العبادي، رئيس مؤسسة “الجوف” للإعلام والحقوق (غير حكومية) “أبناء الجوف لا يمانعون في وجود أية بعثات محلية أو خارجية تتولى التنقيب والمسح عن الآثار المدفونة”.

ويضيف أن “المواطنين مستعدون أيضا لتولي جانب الحماية الأمنية، مقابل توفير فرص عمل لهم”، مشيرا إلى أن هناك تعمدا مقصودا لتدمير وسرقة المخزون الأثري للمحافظة.

وفي داخل “قرناو” عاصمة “معين” تظهر المنازل الطينية وقد سويت بالأرض، بسبب أعمال الحفر والنبش، التي يقوم بها أبناء المنطقة، بحثا عن قطع أثرية، وكان آخرها قبل أيام، حيث وجد أحد الأشخاص “صنما”، باعه بـ 10 ملايين ريال يمني (حوالي 5 آلاف دولار).

 

*من مارب الورد