آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-09:34م

ملفات وتحقيقات


لماذا لم ينشر "ويكليكس"وثيقة واحدة عن (إسرائيل)؟!

الأحد - 05 ديسمبر 2010 - 02:46 م بتوقيت عدن

لماذا لم ينشر  "ويكليكس"وثيقة واحدة عن (إسرائيل)؟!
اثارت المواد المنشورة في موقع ويكليكس ضجة حول العالم

منذ بدء موقع "ويكليكس" قبل ثلاثة أشهر بتسرب المعلومات والوثائق الأمريكية خصوصاً من وزارتي الدفاع والخارجية ، والجدل يدور حول سؤال رئيسي هو : هل هذه الوثائق تسريبات أمريكية أم أنها شطارة أو قرصنة انترنت حصل بموجبها قراصنة علي هذه الوثائق من الإدارة الأمريكية أم أنها – كما قيل – وثائق سربها جندي أمريكي - باردلي ماننج في سلك الاستخبارات العسكرية - حانق على إدارة بلاده للحروب في المنطقة وتورط بنقلها إلى قرصان انترنت صديق له، فوصلت عبره إلى موقع ويكليكس؟



ومع أن غالبية استطلاعات الرأي التي تنشر عبر الصحف والانترنت ترجح أن هذه الوثائق عبارة عن تسريبات أمريكية متعمدة من أجهزة أمنية أمريكية، فلا يزال الأمريكيون يمارسون تمثيلية طريفة في إظهار غضبهم على هذه التسريبات وكيف أنها شوهت صورة بلادهم، ويطالبون بمحاكمة المسئول عن هذه الشبكة بتهمة جرائم الحرب!

 

ويمكن القول إن هناك دلائل عديدة تؤكد أن هذه الوثائق مسربة عمداً من أمريكا لا مسروقة، لتحقيق أهداف أمريكية محددة من وراءها باعتبار هذه الوثائق ونشرها أداة من أدوات تحقيق المصالح الأمريكية منها:


1. أنه يصعب تصور تسريب 70 ألف وثيقة عن أفغانستان و400 ألف عن العراق ، ثم 250 ألف عن قضايا شرق أوسطية أخرى من وزارة الدفاع الأمريكية والخارجية برغم الستار الاستخباري الحديدي عليها.


2. إن أغلب هذه الوثائق يخص الأوضاع في المنطقة العربية وغالبية الدول العربية في الخليج والمشرق والمغرب، ومع هذا فلم نر وثيقة واحدة تتحدث عن المستوطنات الصهيونية مثلاً أو العدوان الصهيوني على جنوب لبنان أو غزة أو اغتيال قادة حماس أو الرئيس عرفات، ومن غير المنطقي أن ما ظلت وسائل الإعلام تركز عليه بخصوص الخلاف الأمريكي حول وقف الاستيطان الصهيوني وحزم المساعدات الأمريكية وغيرها، لا توجد وثيقة واحدة تتحدث عنه ، وإلا – لو تصورنا أن الوثائق صحيحة ومسروقة لا مسربة – لكانت مصيبة كبيرة ألا تجري محادثات بين أمريكا و(إسرائيل) بخصوص المستوطنات، وكان معنى هذا أن هناك تواطؤاً أمريكياً على العرب والسلطة الفلسطينية وما يقال عن ضغوط أمريكية على (إسرائيل) لوقف الاستيطان ما هو سوى وهم ومخدر للعرب!



3. إن الوثائق المسربة لا تعرض الأمن الأمريكي للخطر ولا أرواح مواطنين في الغرب أو الشرق للخطر مثلما زعمت الإدارة الأمريكية، وإنما عرضت للخطر أنظمة عربية لا تكترث أمريكا لها كثيراً وتعاني من أخطائها هي في تعريض الأمن القومي الأمريكي للخطر عبر الكبت وتزوير إرادة الناخبين وقمع الحريات الذي ينعكس على اشتعال العنف الذي ينتقل لاحقاً إلى أمريكا في صورة كراهية للغرب الذي يرعى هذه الأنظمة.


4. كل ما نشرته الوثائق عن العراق وأفغانستان معلوم بالضرورة وليس فيه أي أسرار ، فكل الدول العرب تعلم حجم جرائم الميليشيات الشيعية التابعة للمالكي وغيره من القادة الشيعة في قتل المسلمين السنة في العراق ، وهناك آلاف الوثائق والمعلومات التي سربتها المقاومة العراقية السنية عن هذا ولكن الفضائيات العربية لا تبثها لحسابات خاصة بالأنظمة العربية التابعة لها (!).


5. ما نشر عن تعاون المخابرات الباكستانية مع حركة طالبان، استهدف أمرين : (الأول) تبرير السيطرة على السلاح النووي الباكستاني خشية وقوعه في أيدي "متمردين إسلاميين" كما يقول الأمريكان ، حتى أنهم اعترفوا بمحاولة للسيطرة على بعضه بدعاوى أنه كان قريباً من متناول "الإرهابيين" ، و(الثاني) هو الضغط على باكستان ودفعها لمزيد من التعاون مع أمريكا لقتال طالبان والضغط على حكومة إسلام آباد لمزيد من هذا التعاون ، والزعم أن باكستان هي الشماعة التي تعلق عليها أخطاء وفشل الحملة العسكرية الأمريكية في أفغانستان، وبالتالي تبرير الانسحاب من هناك وانتصار طالبان!



6. ما نشر عن دعم عربي لضربة أمريكية ضد إيران ورغبات الحكومات العربية في أن تقوم أمريكا بهذه الخطوة للجم البرنامج النووي الإيراني ولو عسكرياً ، لا تخدم في النهاية سوى الأهداف الأمريكية والصهيونية في حشد تحالف عربي مع أمريكا يساندها في محاربة إيران ومن ثم التورط في حرب جديدة كما ورطهم بوش الأب في حرب العراق الأولى ، أما الأخطر من هذا فهو أن الوثائق زادت من حدة الخلافات العربية عبر نشر تهكمات بعض الحكام العرب على بعضهم البعض والتي دارت في الغرف السرية وسمحت أمريكا بنشرها بدعاوى أنها وثائق مسروقة!



7. ما نشر عن المقاومة الفلسطينية خصوصاً ودعم دول عربية لها مثل قطر أو سوريا أو غيرها يستهدف دق أسافين بين المقاومة وهذه الدول العربية أو ممارسة ضغط عالمي علني عليها لوقف مساندتها للمقاومة والتضييق عليها.



الغزو الإعلامي الجديد !

 


والحقيقة أن هناك هدفاً أمريكياً خطيراً من وراء تسريب هذه الوثائق تحديداً والمتعلقة فقط بما أرادت واشنطن تسريبه (!)، هو هدف إعلامي يستهدف توجيه أنظار الإعلام العالمي والدول العربية شطر موقع ويكيليكس والنقل عنه بحيث يصبح مستقبلاً هو ناقل المعلومات المضللة للعرب والمسلمين مثلما سعى الأمريكيون سابقاً لتعظيم الاستفادة من مواقع أخرى مثل (فيس بوك) و(تويتر) حتى باتت هي مصدر المعلومات وكعبة العرب الإعلامية ومنها يجري امتصاص المعلومات عن العرب وتفكيرهم وخططهم.

بعبارة أخرى فالدور الذي يخططون أن يلعبه ويكيلكيس هو محاولة استعادة السطوة الإعلامية الأمريكية العالمية من خلال وسائل الإعلام الحديثة خاصة الشبكة العنكبوتية بعد تراجع الدور الأمريكي الإعلامي وظهور الفضائيات العربية وغياب تأثير الميديا الأمريكية التقليدية في الفضائيات أو الإنترنت بعد ظهور مواقع دولية أخرى منافسة ، فجاء اختراع حكاية ويكليكس لنشر معلومات تخدم أهداف السياسة الأمريكية من جهة ، واستخدام الموقع كأحد المنافذ التي تحقق رؤى وأهداف السياسة الأمريكية وهو نمط جديد من العمل الإعلامي الذي أفرزته العولمة.

بعبارة أخرى يمكن القول: إن أحد أهداف هذه التسريبات عبر موقع ويكليكس هو جعل الموقع محط أنظار العالم خصوصاً العربي يستقي منه معلوماته ، وأن تعود الهيبة للإعلام الغربي والأمريكي..

وقد نبهت قوى عربية لعدم أهمية هذه الوثائق وأنها لم تكشف جديداً وحذرت من الهدف من وراء تسريبها ، فهيئة علماء المسلمين في العراق قالت إن ما نشره موقع " ويكيليكس " من وثائق سرية بشأن الجرائم الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الغاشم وأعوانه في العراق أثبتت صحة ما أعلنته الهيئة في بياناتها وتصريحاتها الصحفية وتقاريرها الفصلية عن الأوضاع المأساوية التي يشهدها العراق في ظل الاحتلال، لاسيما في الجانب الإنساني ، وحجم وضخامة المصاب الذي مُني به العراق وطنا وسكانا ومقدرات.

والمقاومة الفلسطينية قالت: إنها تدرك هدف الوثائق المتعلق بالضغط عليها وحصارها عبر نشر وثائق تتحدث عن علاقات بعض الدول العربية بها، ونددت حماس بسعي الأمريكان ومعهم السلطة الفلسطينية وحركة فتح لدق إسفين بينها وبين قطر، فماذا بقي من أسرار ويكيليكس ؟ ولماذا لم ينشر وثائق (إسرائيل) ؟

من محمد جمال عرفة