آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-02:59ص

دولية وعالمية


ما الذي يعنيه الاقتتال في صفوف المعارضة السورية؟

الأحد - 12 يناير 2014 - 04:52 م بتوقيت عدن

ما الذي يعنيه الاقتتال في صفوف المعارضة السورية؟
بدأة قوة داعش في سوريا بالاحسار

((عدن الغد)) bbc

بعد مقتل 400 من المسلحين والمدنيين على مدار الأيام الخمسة الأولى من المواجهات بين تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش) التابع لتنظيم القاعدة وبين مجموعات أخرى من الثوار، يقترب عدد ضحايا القتال الدائر أو قد يتجاوز إجمالي الذين لقوا مصرعهم في الحرب الأوسع نطاقًا بين النظام السوري والمعارضة.

يأتي ذلك بالتزامن مع حرب أخرى تدور رحاها في سوريا، حيث يؤكد الأكراد في شمال شرق البلاد أنهم يحكمون السيطرة على المناطق الخاضعة لهم وتدور الصدامات يوميًا بينهم وبين الإسلاميين وغيرهم من المجموعات الثورية. فهل يفتح القتال الضاري مع داعش جبهة ثالثة للصراع تستنزف قوى الثوار وتلهيهم عن مجابهة النظام الذي يمثل مهمتهم الأساسية؟

 

وتثير الصدامات المسلحة التي تمتد على مساحات شاسعة من الأراضي السورية والتي تتضمن على الأقل أربعة من محافظات سوريا، هي حماة وإدلب وحلب والرقة، تساؤلات عدة أيضًا.

 

فهل هو من باب الصدفة المحضة أن يتزامن القتال الدائر في سوريا مع بدء تعرض مقاتلي داعش لضغوط شديدة الوطأة من جانب القوات النظامية العراقية في محافظة الأنبار المتاخمة للحدود مع سوريا؟

 

وهل هو جزء من حملة مدعومة دوليًا لاجتثاث الإسلاميين المتطرفين في كلا البلدين في إطار تحرك عالمي مضاد لظهور الخلافة المسلحة في المنطقتين الحدوديتين لكل من سوريا والعراق؟

 

أم أن هذا القتال يستهدف تعبيد الطريق أمام محادثات السلام "مؤتمر جنيف 2" المقرر انعقادها في 22 يناير / كانون الثاني المقبل؟

 

وبينما لن يتعاطف الأمريكيون ولا الروسي ولا غيرهم من الأطراف الخارجية مع القوى الأكثر تطرفًا بين الإسلاميين المتطرفين وهم يبحثون عن مخبأ لتفادي الضغوط شديدة الوطأة الواقعة عليهم في الوقت الراهن، ترجح أغلب الأدلة أنه لا دخل للتحريض الخارجي بالأمر.

 

قال أحد مسؤولي المعارضة السورية إن "القرار (قتال داعش) سوري خالص دون تدخل من أي طرف".

 

فهل يصب قتال داعش في مصلحة الولايات المتحدة؟

 

ربما، ولكن ذلك ليس هو السبب وراء ذلك القتال. وحتى لو كان ائتلاف المعارضة السورية (المدعوم من قوى الغرب) يريد القتال، فليس لديه ما يرجح كفته، حيث ليس لديه اتصال بالقوات المقاتلة الأساسية على الأرض مثل الجبهة الإسلامية.

 

اضطرابات متزايدة

وبمجرد ظهور تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش) في المشهد منذ حوالي عام، بدأت في الاحتكاك بالجماعات المسلحة الأخرى وبالمدنيين.

 

واتُهمت بمحاولة السيطرة على المناطق "المحررة" وفرض رؤيتها المتشددة للحكم الإسلامي، أكثر من اهتمامها بمحاربة النظام، ما جعل التنظيم موضع اتهاماتٍ بأنه مخترق من قِبل المخابرات السورية والحرس الثوري الإيراني.

 

وقال أحد المنتمين للمعارضة إن "ممارسات التنظيم هي نفسها ممارسات النظام السوري. حيث يعتقل ويقتل النشطاء ويعذب الناس ويسحق الحريات بشكلٍ عام."

 

وما أن زادت قوة تنظيم داعش حتى زادت صداماته مع المجموعات المسلحة الأخرى، فهو يستولي على قواعدهم، ويختطف المقاتلين -بل ويقتلهم أحيانًا–، في محاولة للسيطرة على الطرق الحيوية التي تصل عبرها الإمدادات من تركيا.

 

واتهمت جبهة ثوار سوريا، إحدى المجموعات التي تحارب داعش، التنظيمَ باختطاف وقتل 400 على الأقل من المعارضين المسلحين، وسجن أكثر من ألفين آخرين.

 

ووصلت الاضطرابات إلى ذروتها في الحادي والثلاثين من كانون الأول/ديسمبر الماضي، حين سلمت "داعش" جثة مشوهة لـ حسين السليمان، المعروف بأبو ريان. وهو قائد كتائب أحرار الشام، إحدى كبرى فصائل الجبهة الإسلامية، وذلك بعد احتجازه لمدة ثلاثة أسابيع.

 

وكانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث أُطلقت بعد ذلك مجموعة هجمات على قواعد داعش تشنها العديد من المجموعات المقاتلة، وتشمل هذه المجموعات الجبهة الإسلامية، ومجموعتين ظهرتا مؤخراً هما جيش المجاهدين وجبهة ثوار سوريا.

 

وتأخد كل هذه الهجمات التي تشنها الجماعات المختلفة طابعًا عفويًا بدافع الغضب، وليس حملة منظمة أو ممنهجة.

 

وتختلف هذه الهجمات باختلاف المناطق. ففي بعض المناطق، وخاصة الرقة، تقود جبهة النصرة هذه الهجمات. وهي إحدى المجموعات الموالية للقاعدة.

 

وفي مناطق أخرى، تقوم النصرة بدور الوسيط بين داعش وغيرها من الفصائل.

 

"نكسة لا هزيمة"

ولا يزال القتال محتدمًا، لكنه بات واضحا أن مقاتلي الدولة الإسلامية فقدوا سيطرتهم على مساحات واسعة في المناطق التي دخلوها، خاصة محافظة الرقة (في الشمال الشرقي)، أهم معقل لمقاتلي داعش، وهي العاصمة الإقليمية الوحيدة التي فقدت قوات الأسد السيطرة عليها.

 

ويعزو بعض المحللين السقوط السريع لمقاتلي داعش في مناطق عدة إلى انتشارهم الضعيف وقلة عددهم النسبي، والذي يتراوح بين ثماني إلى تسعة آلاف مقاتل، على الرغم من النجاحات التي حققها مؤخرًا، لكن محللين آخرين توقعوا اختفاء التنظيم قريبا.

 

ووصف أحد الدبلوماسين ما يحدث للتنظيم الآن بأنه "نكسة وليس هزيمة"

 

ويعتقد الخبراء بأن "الدولة الإسلامية" ستشهد كذلك انحسارا في المناطق المحيطة بدير الزور في الشرق والمتاخمة للحدود العراقية، وفي المناطق النائية الاستراتيجية لها غرب العراق.

 

لكن ثمة مخاوف من تكثيف مقاتلي الدولة لعملياتها الانتحارية باستخدام السيارات المفخخة ضد مقاتلي الفصائل الأخرى، والتي بدأتها بالفعل، حيث قال مصدر من المعارضة إن "الأمر حينئذ سيصبح مروعًا".

 

وعلى الرغم من أن مؤشرات عديدة تقول غير ذلك، إلا أن الاقتتال بين فصائل المعارضة يجعلهم هدفا سهلا لهجمات قوات الأسد.

 

وتشير الصورة الكلية إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية سينتهي به الحال في نهاية المطاف إلى تغيير استراتيجيته باحتكار السلطة، في المناطق التي سيطر عليها، وفرض رؤيته بإقامة دولة إسلامية.

 

وظهر هذا السيناريو جليًا في محافظة الحسكة، في الشمال الشرقي، حيث أعلن التنظيم بالاشتراك مع أربع فصائل أخرى كالجبهة الإسلامية، الخميس، إقامة سلطة إسلامية، والعمل على تنسيق العمليات العسكرية ضد نظام الأسد.

 

محاربة الإرهاب

وفيما يتعلق بالمخاوف الغربية والروسية من انتشار الحركات الراديكالية الإسلامية في صفوف المعارضة السورية، فإن الكبح المحتمل لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" لن يؤدي إلى تغيير جوهري. فستظل جبهة النصرة، التي تمثل الفرع الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا، مدمجة بشدة في صفوف مقاتلى المعارضة، وأثبتت أنها أكثر تناغما في العمل والتعاون داخل المجتمع السوري من تنظيم داعش الذي يستمد قيادته من خارج سوريا.

 

وتم تصنيف جبهة النصرة كمنظمة إرهابية من جانب الولايات المتحدة والأمم المتحدة وأخرين.

 

كما يوجد العديد من الجماعات الإسلامية المتشددة في صفوف المعارضة السورية، وتجمع العديد منهم تحت لواء الجبهة الإسلامية، ولكن الجبهة وبخلاف داعش آثرت الاحتفاظ برؤيتها حول مستقبل سوريا فيما بعد الأسد إلى ما بعد سقوط نظامه بالفعل.

 

ولا يكاد يكون هناك فصيل واحد من الفصائل الرئيسية التي تقاتل على الأرض في سوريا يؤيد فكرة الذهاب إلى جنيف للتفاوض من أجل الوصول إلى تسوية مع نظام الأسد. ولذلك فإن التراجع المحتمل لداعش في سوريا سيكون له تأثير محدود على مؤتمر جنيف 2 في حال انعقاده، لكن ذلك ربما يؤدي إلى تعزيز موقف ائتلاف المعارضة إذا ما قرر حضور المؤتمر، وذلك في ظل اهتمام المجتمع الدولي وسوريا نفسها بمحاربة الإرهاب.

 

وقال مسئول بالائتلاف: "مع حديث النظام عن ضرورة محاربة الإرهاب، وبالرغم من خلافنا معه بهذا الشأن إلا أن مؤتمر جنيف 2 يجب أن يخصص لذلك. القتال الحقيقي ضد الإرهاب تقوم به المعارضة، ولذلك فمن الجيد أن نمول هذا القتال وأن نضعه على طاولة المفاوضات."