آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-02:14م

فن


حكاية نورس – الفنان المخرج منصور اغبري (كبرياء الفنان)

الثلاثاء - 07 يناير 2014 - 10:36 ص بتوقيت عدن

حكاية نورس – الفنان المخرج منصور اغبري (كبرياء الفنان)
الممثل والمخرج منصور اعبري

عدن(عدن الغد)خاص:

 تقدبم/  حسام عزاني              

 

لحكاية الفتى منصور الكثير من شواهد الاختلاف في منعطفات كثيرة  من مواقف الصدق والاعتزاز بالنفس عاشها متسلحا بقوة الأخلاق وخاض نزالها بكبرياء جميلة رفعت من شأنه وقدرة   وهي حكاية وببساطه تختلف عن كل الحكايات التي سردناها في الفترة الماضية كونها تلامس الأحاسيس الجميلة للنفس البشرية بالشفافية المطلقة لكل ماهو راقي وصادق و نزيه مع التصاق متكامل بصفة الكبرياء الرائعة التي يتعفف  بها الإنسان لينئ بنفسه عن الصغائر المهينة وهي ليست تلك الكبرياء المتعجرفة التي تودي بصاحبها دائما إلى مهاوي الدرك الأسفل وان كانت تحمل نفس حروف الكلمة.

للحكاية دوما بداية وهي ما أسلفناه في السطور الأولى التي في اعتقادي هي أهم مايمكن قراءته كونها تختزل مشوار هذه الحكاية ونوائب الطريق الطويل الذي سلكه النورس الرائع ابن البريقة و احد أعلامها الذين بفنه وأخلاقه ومواقفه التي لاينكرها أي جاحد وهي ملء البصر لمن كان شاهد من زملاء الرحلة التي خاضها المنصور بعزيمة وصبر ليصل إلى حيث هي دوما النوارس التي  تحط رحالها  بعد السفر المضني و المشوار الزاخر بكل ماهو رائع وجميل وبعد اجتياز عقبات كثيرة سقط في القليل منها واستعاد توازنه مرات كثيرة  وهي كبوة الحصان التي يقع فيها أثناء السباق لكنة يقف على حوامله الأربع بعد سقوطه ليواصل مشواره وبكل قوة ليصل إلى مبتغاة... هي الحياة عاشها كما هي بحلوها ومر أيامها وسنينها لا يكل ولايمل ارتضاها بروح طيبة وقناعة كاملة ومازال يؤدي رسالته بصدق ودون جفاء مع كل من شاركه الدرب ومنعطفاته ولحظات الفرح والألم والمجد .   

انتقل والدة رحمة الله مع كثيرين من جبال حيفان العالية قادما إلى مدينة البريقة للالتحاق بشركة الزيت البريطانية مصافي عدن حاليا وكان رجلا تقيا متدينا لا زلت أتذكرة وهو يسير عائدا من عملة إلى منزلة الكائن في شارع المأمون الخليفة الذي في عهدة وعهد والدة الرشيد بلغت الدولة العباسية  أقصى مدى وامتدت إلى أطراف شاسعة  وتطور مذهل في العلوم والفنون والأدب ومازال نورسنا باق في ذلك المنزل مع أسرته الكريمة و الذي شهد المشوار الطويل من طفولته وشبابه وحتى اليوم. امتاز مبدعنا بكثير من الصفات الطيبة والمواهب المتنوعة في مجالات كثيرة أحب كرة القدم وكان حارسا رائعا في الفريق وسباحا ماهرا يشهد له أبناء بحر البريقة بذلك ومارس تنس الطاولة وكان بطلا فيها وغيرها من الرياضات إلا أن الموسيقى والتمثيل كانت أجمل ما أحب وأبدع وله خبرة ومعرفة عميقة بها فعشق وبجنون أغاني الفنانين محمد فوزي وعبد الحليم حافظ وله في ذلك حلقات نقاشات لاتكتمل مع زملائه حول تلك الأغاني ,عاش الزمن الجميل بكل معانية وامتلك الإحساس الراقي و بعد النظر رغم صغر سنة وتفوق في دراسته وكان من الأوائل لكن الحدث الأجمل في حياته  هو الوصول إلى مفترق الطريق حيث وصل بعدها إلى المنعطف الأخطر وهو اكتشاف شغفة  بالتمثيل فشارك في احتفالات المدرسة مع كثير من زملاء المهنة وعاصر الرواد في مدينتنا وكانت الانطلاقة مع فرقة المصافي الكوميدية التي اكتشف  فيها نفسه وتحديده لاتجاه بوصلته التي أعادت تشكيل حياته  والوصول إلى خط الانطلاق  ليبدأ بعد ذلك مشوار السباق الطويل والمضني والخطوات الأولى للاستعداد لخوض الرحلة التي اتخذ  فيها قراره الذي مازال يدفع ثمنه حتى الآن ودون معرفة والدة الطيب رحمة الله.

كان لرواد فرقة المصافي الكوميدية التي سادت في تلك المرحلة  وأعمالهم الخفيفة الدم ومتابعة الشاشة الصغيرة والكبيرة في تلك الفترة الأثر الكبير في نفس المنصور لإعادة وتأكيد خيارة وقدم معهم أعمالا جميلة لازالت حتى اللحظة تحتل ذاكرة الكثير منا  و أيضا لالتحاقه بفرقة المسرح الوطني أضاف إلية الكثير من تراكمات الخبرة التي كانت عونا وزادا له في الرحلة التي استعد لخوضها  ومنها دخول المعترك مباشرة وسفرة إلى مدينة كييف عاصمة أوكرانيا الجميلة لدراسة الإخراج المسرحي والسينمائي معا في أرقى وارفع الأكاديميات الفنية هناك مع زملاء العمر احمد وقاسم وحميدو الذي يرقد جثمانه هناك  ويتوسد قبره بجانب من أحب من أسرته الكريمة في كييف مدينة القياصرة الجميلة الباردة التي  تزدان شتاء بثلوجها الكثيفة وقبابها الذهبية رمز جبروت الحضارة العظيمة التي بنيت هناك حيث يخترقها أفعوان نهر الدنيبر العظيم..وحيث وصل فيها نورسنا إلى مرحلة تحقيق نصف الحلم الذي أحب دون كل الأشياء وتخرج منها بدرجة الماجستير في تخصصه  متسلحا بالعلم والموهبة وتراكمات الخبرة التي أعانته كثيرا في الرحلة وهو من القلائل في وطني العريض من الذين يمتلكون الشهادة العليا في الإخراج السينمائي محور دراسته إلى جانب المسرح  وانتهل من الأدب الروسي العظيم  الكثير والذي كان له عميق الأثر في تطوره وتفوقه ....

شارك المنصور دوما بأخلاقه وثوابته التي مازلت احترمها مع كثيرين من الذين عرفوه عن قرب في مهرجانات كثيرة في المسرح داخل وخارج الدولة وقدم فيها أجمل وأقوى الأعمال المسرحية ممثلا ومخرجا يشار له بالبنان ويحسب له خاصة ماقدمه مخرجا مع الكاتب الجميل الذي كان للمنصور فضلا كبير في تثبيت  خطواته الأولى وهو المؤلف الدرامي الرائع دوما احمد عبدا لله سعد في أعمالا رائعة مازال صداها مع كل من أحب المسرح وشغف به ومنها على سبيل المثال لا الحصر رائعته طاهش الحوبان وغيرها. أما صديقي فمازال يواصل عشقه المجنون بكل ماله ارتباط وعلاقة بالفن والأدب والمسرح والدراما وهو من نشطاء اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وقياديي نقابة المهن التمثيلية ويشغل حاليا وبفرار جمهوري منصب رئيس مجلس إدارة السينما والمسرح في اليمن  يقدم فيها مجهودا كبيرا لحل مشاكل زملاء المهنة وأزمة السينما و المسرح في بلادنا التي مازالت تناور في مكانها رغم انف الجميع ومع الأسف لذلك حيث بح صوت الجميع من الصراخ والاستغاثة ولكن لاحياه لمن تنادي حيث لايوجد مسرح متكامل في عدن...

في حياة نورسنا الاغبري منصور الكثير من المواقف التي تستحق الاحترام من الجميع كونه أنسانا يمتلك مشاعر راقية من الصعب أن تجدها في كثيرين منا في أيامنا الحالكة هذه , يمتلك الكثير من صفات الأمانة والنزاهة وقول كلمة الحق وان كانت علية و التي أهلته كثيرا إلى  اكتساب ثقة زملائه ومن تعرف علية ونال شرف أعلى المراتب بجدارة واستحقاق, وظل المنصور  يسير في حياته ومازال في اعتقادي على نفس النهج والمنوال الذي اختار, يساعد ويقف بجانب الموهوبين الشباب بخبرته ومواقفه الثابتة التي كانت سندا لهم وضوء الطريق في الليالي المظلمة يسند الضعيف و المظلوم  بكل ما يستطيع, صادق الكلمة يمتلك قوة الرأي وأسلوب الإقناع و كثير من الأصدقاء الطيبين الذين أحبوه لصفاته هذه وأعطى الكثير من الوقت للأدب والفن والسينما والمسرح وكان كشمعة تحترق لأجل إضاءة درب الآخرين مقابل لاشئ سوى الكلمة  الطيبة التي أحب دوما سماعها وهنا مربط الفرس في نظري و أصل كل الحكاية التي سردناها... كان دائما مع الكل وفي في حياته وصفاته ونزاهته  اتعب المنصور من عرفة ولم يبقى لهم شيئا سوى إجبارهم على احترامه حتى اقرب أعدائه ويحق للبريقة وأهلها أن تفاخر بوجود رجلا في هذا الزمان يمتلك كل تلك الصفات , كان الحي الخلف للحي السلف في قيادة حصن حافون الأبيض وإدارة مسارح عدن الفنان المسرحي الكبير الحكيم علي احمد يافعي الرجل المثقف  الذي أفنى عمرا في حب المسرح والخشبة  التي كانت له دوما الخل الوفي ..

لصاحبي المنصور هذا مشوار طويل مع الكلمة الصادقة ومواقف النزاهة الثابتة التي أعاقت طريقة في أحيان كثيرة مع علمه بذلك إلا أنة دائما ماكان يفضل سلوك الدروب الوعرة وهي سليقة كل الشرفاء و الأوفياء الذين اختاروا هذا الطريق بحب وعن رضا وقناعة ولو أراد سلوك الطريق المختصر لوصل إلى مبتغاة ودون أي جهد يذكر, لكنة ذلك الفتى العنيد ذو القلب الطيب المخلص لكل من زامله  واليد النظيفة والروح الجميلة التي لها من الأمانة والوفاء مايكفي لسطر أجمل الكلمات في حق هذا الفارس الذي مازال يعيش حلمة وشغفة الذي اختار دون كل الأشياء وتلك هي النفس تهوى ماتريد...

وكما هي البداية فللحكاية دوما نهاية وفيها مازال نورسنا يناطح الأهوال يوما بعد يوم في غابة لأترحم يأكل فيها القوي الضعيف الذي ليس له مكان بينها و لها نواميسها المختلفة فبكلمة ترفع من تريد وبأخرى ترميه إلى القاع لكن هذا لايعني نورسنا  بشئ, فمازال كما هو يخوض الرحلة بقلب وضمير مفعم بروح النزاهة والكبرياء القوة الخفية التي تصارع ودون كلل لفتح كل الأبواب المغلقة في حياتنا مهما كانت عتمة ظلام أيامنا التي ننتظر فيها كل يوم شمس جديدة.       

وفي كلمة حق مختصرة هي ... إن الفنان الاغبري منصور سيبقى لكل من عرفة مدرسة الأخلاق الجميلة بحد ذاتها في حياتنا المليئة بالدجل والنفاق ومن القلائل الذين أعطوا للكبرياء صفة جميلة ومعنى مختلف  وهذا يكفيه ولأيهم بعد ذلك فيه مانقول ...وقبل الختام ألا يكفي هذا في أن يعطي الرجل حقه من تكريم لائق مستحق بعد رحلة طويلة قدم فيها الكثير لوطنه وأن للوطن الآن أن يرد دينه ... نرجو ونتمنى ذلك..  

إلى الحيفاني الطيب وكل من خاض معه الرحلة بحلوها ومرها اهدي هذه الحكاية لعلها تكون عونا لمن حزم أمرة لخوضها أسوة بالمنصور الطيب وحتى حكاية نورس أخرى  نقدم البطاقة التعريفية و الأعمال الفنية التي قدمها مبدعنا  في مشواره الفني الطويل...