آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-12:15م

دولية وعالمية


البشير يعين حليفا قديما نائبا له ويحكم قبضته على البلاد

الأربعاء - 11 ديسمبر 2013 - 04:06 م بتوقيت عدن

البشير يعين حليفا قديما نائبا له ويحكم قبضته على البلاد
اللواء بكري حسن صالح النائب الأول الجديد للرئيس السوداني. ارشيف رويترز

(عدن الغد) رويترز

عين الرئيس السوداني عمر حسن البشير حليفا قديما من الجيش في منصب نائبه الاول وربما يحمي هذا الإجراء واحدا من أقدم حكام افريقيا من مخاطر في الداخل والخارج.

 

وخلال تعديل حكومي عين البشير اللواء بكري حسن صالح في منصب النائب الأول للرئيس خلفا للسياسي المخضرم علي عثمان طه. وصالح من المقربين للبشير وساعده في انقلاب عام 1989 وإخماد الكثير من حركات التمرد.

 

وربما يكون البشير لجأ لتعيين صالح في هذا المنصب ضمن استراتيجية لتفادي تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة الجماعية اذا نفذ وعده بترك الحكم عام 2015.

 

ويبرز التعديل الذي أعلنه البشير يوم الاحد تراجع دور الإسلاميين مثل طه فيما يلجأ الرئيس لحلفاء من الجيش يثق فيهم اكثر وهو المؤسسة المهمة لاستمراره في دولة شهد تاريخها انقلابات عسكرية.

 

ويقول الكس دي وال خبير الشؤون السودانية ورئيس مؤسسة السلام العالمي في جامعة تافتس بالولايات المتحدة إن صالح "نسخة سياسية من البشير وتعيينه يعزز دور الجيش في السياسة."

 

وأضاف "هذه خطة الحماية التي وضعها البشير وتشير الى أنه قد يكون مستعدا للتنحي اذا كان (صالح) خلفه."

 

وفي حين تفادى السودان الاضطرابات السياسية المستمرة التي شهدتها دول عربية أخرى على مدى الأعوام الثلاثة الماضية فإن وضع البشير والدائرة المقربة منه بات اكثر هشاشة منذ انفصل جنوب السودان الغني بالنفط عام 2011 بعد أن صوت لصالح الاستقلال وهو ما حرم الشمال من عائدات يحتاجها بشدة.

 

وفي مواجهة خصوم داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم وهو حزب البشير سعت حكومته جاهدة للتعامل مع اقتصاد متباطىء وتضخم متزايد منذ انفصال الجنوب.

 

وبعيدا عن حركات التمرد التي لاتزال نشطة قرب الحدود مع جنوب السودان والصراع الذي لم يحسم بعد في منطقة دارفور بغرب البلاد واجه البشير في الآونة الأخيرة مشاكل في عقر داره.

 

وجاء قرار الحكومة خفض الدعم على الوقود في سبتمبر ايلول لتخفيف حدة الأزمة المالية ليذكر بضرورة التحرك بحذر في منطقة أطاح فيها المحتجون بعدة حكام عرب منذ عام 2011.

 

ونتيجة لهذه الخطوة تضاعفت أسعار البنزين بين عشية وضحاها واندلعت احتجاجات عنيفة قتل فيها العشرات. وطالب آلاف السودانيين بتنحي البشير في اكبر مظاهرات معارضة منذ سنوات.

 

وأثارت الحملة التي قامت بها قوات الأمن انتقادات من داخل حزب البشير.

 

على الصعيد الخارجي يواجه البشير أمري اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب والإبادة الجماعية في دارفور. ويرفض السودان اتهامات المحكمة الدولية قائلا إن هناك تضخيما من شأن التقارير عن حوادث القتل الجماعي في دارفور كما يرفض الاعتراف بالمحكمة ويقول إنها شريكة في مؤامرة غربية.

 

زعيم داهية

 

منذ تولى الحكم حين كان عميدا مغمورا بالجيش في انقلاب أبيض برع البشير في ممارسة سياسة فرق تسد مع الفصائل المتنافسة في أجهزة الأمن والجيش وبين الإسلاميين والقبائل التي تملك السلاح.

 

نجحت هذه الاستراتيجية. وعلى مدى فترة حكمه التي استمرت 24 عاما صمد البشير في وجه عدة حركات تمرد مسلحة وعقوبات تجارية امريكية الى جانب خسارة النفط لصالح جنوب السودان ومحاولة انقلاب في الآونة الأخيرة خطط لها ضباط وإسلاميون ساخطون.

 

وفي ظل التحديات الأمنية والتهديدات التي يواجهها حكمه الحديدي فإن اختيار البشير تعيين صالح نائبا له قد يكون قرارا شديد الدهاء.

 

وصالح يعتبر واحدا من مجموعة من الضباط الذين تخدم مساندتهم للبشير (69 عاما) مصالحهم الشخصية ليتفادوا هم أيضا محاكمتهم دوليا.

 

وعلى الرغم من أن صالح (64 عاما) لا يواجه اتهامات في لاهاي فإن منظمة هيومن رايتس ووتش قالت إنه يجب التحقيق معه لدوره في جرائم دارفور. وشغل صالح منصب وزير الدفاع في المراحل الأولى من حرب دارفور التي تقول الامم المتحدة إنها أسفرت عن مقتل اكثر من 300 الف شخص.

 

وقال سيدريك بارنز من مجموعة الأزمات الدولية "التعديل استراتيجية آمنة نوعا ما لضمان الا يكون البشير عرضة للخطر" مشيرا الى خطر تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.

 

وقبل البشير استقالة طه في إطار تعديل حكومي وكان المرشح المفضل بالنسبة لكثير من الدبلوماسيين الغربيين لخلافة البشير اذ كانوا يأملون أن تفتح آراؤه المعتدلة نسبيا فصلا جديدا في العلاقات.

 

وكان طه (68 عاما) اكبر شخصية إسلامية متبقية في حكومة البشير واعتبر منافسا محتملا على الرئاسة في الانتخابات المقرر إجراؤها عام 2015. ومازال يشغل منصب نائب رئيس حزب البشير.

 

عدوى الاضطرابات

 

ووسط قلق من الاضطرابات التي اجتاحت العالم العربي قال البشير عام 2011 إنه لن يخوض الانتخابات. ومنذ ذلك الحين أصبح اكثر غموضا قائلا إن حزب المؤتمر الوطني هو الذي سيتخذ القرار.

 

وفي كلتا الحالتين فإن البشير لن يجازف.

 

وينتمي صالح الى الدائرة المقربة من البشير منذ تدرب الاثنان وقاتلا معا حين كانا في سلاح المظلات قبل الإطاحة بالرئيس الصادق المهدي زعيم آخر حكومة مدنية منتخبة بالسودان.

 

ووصف المؤرخان ميلارد بور وروبرت اوكلي كولينز صالح بأنه "مدافع كفء عن الثورة" وهو التعبير الذي يستخدمه الضباط في وصف الانقلاب.

 

وبعد الانقلاب بفترة قصيرة تم تكليفه بإعادة هيكلة مكتب الأمن الوطني في وزارة الداخلية.

 

وتحت إشرافه تم تشكيل جهاز أمني اشتهر بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان.

 

ورقي صالح الى منصب النائب الاول للرئيس بعد أن كان وزيرا لرئاسة الجمهورية وهو يشغل هذا المنصب منذ عام 2005. ويأتي معظم من تم تعيينهم مؤخرا من خلفيات عسكرية أو أمنية وهم مقربون من البشير.

 

واحتفظ وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين بمنصبه. وعلى غرار البشير فإنه يواجه اتهامات تتصل بدارفور في المحكمة الجنائية الدولية.

 

وقال خبير في الشأن السوداني يقيم بالمنطقة وطلب عدم نشر اسمه "اتخاذ القرار الآن بالكامل في أيدي البشير في وجود ضابطين الى جواره."

 

وسدد التعديل الحكومي ضربة قاسية للمعارضة السودانية حيث وصفه البعض بأنه انقلاب عسكري جديد.

 

وقال كامل عمرو وهو متحدث باسم ائتلاف من اكبر أحزاب المعارضة السودانية إن المؤسسات العسكرية والأمنية تقود البلاد بمفردها الآن.

 

وأضاف أن المعارضة ترى أن هامش الحرية المحدود للغاية الذي كان متاحا فيما مضى سيختفي بسبب الشخصيات التي تم تعيينها حديثا من الجيش.