آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-11:46ص

صفحات من تاريخ عدن


(تقرير مصور) التسجيلات الصوتية أيام زمان في عدن

الأربعاء - 04 ديسمبر 2013 - 12:03 م بتوقيت عدن

(تقرير مصور) التسجيلات الصوتية أيام زمان في عدن
صورة للمهندس / علي حيدرة العزاني صاحب اقدم استوديو لتسجيل الصوتيات بعدن في الخمسينيات

عدن ((عدن الغد)) خاص:

كتب/ عبدالقادر باراس

 

عرفت عدن دخول الاسطوانات منذ القدم بواسطة جهازه والمعروف آنذاك بـ "أبو هندل" والتي كانت تعمل باليدوي ولم يكن تداوله شائعاً، ومقتصر على المقتدرين، وعند الحديث عن التسجيلات الصوتية في أيام زمان في عدن، لأبد من تسليط الضوء عن أقدم أستوديو للتسجيل ومن ثم أصبح مركزاً ومكتبة منذ أوائل الخمسينيات الذي أسسه "مهندس الراديو" علي حيدرة العزاني، ويضم مركزه مكتبة إذاعية ضخمة للتراث الفني تحوي حوالي 80 ألف أغنية لاسطوانات ناذرة وصارت بمثابة كنوز محفوظة في مكتبة أسرة العزاني، لكبار الفنانين من حقبة عدن والجنوب واليمن والتي ترجع إلى عقود الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لتشكل حالة ربط تاريخية بين الأجيال لأقدم التسجيلات الموسيقية المؤرشفة والموثقة وأبرزها للفرقة العدنية، اللحجية، السلام الوطني للسلطنة العبدلية في لحج، النشيد الأمامي، ولبعض الشعراء أمثال عبدالله هادي سبيت، وبعض المنولوجست لمسرور مبروك، والدباشي، وكثير من الأشرطة منها لاغاني عربية وحفلات هندية، وصومالية، ولحفلات سجلت في جيبوتي.

 

وعن تاريخ دخول الاسطوانات في عدن يقول نبيل العزاني، نجل المرحوم علي حيدرة العزاني، صاحب ومؤسس مركز ومكتبة العزاني للتراث الفني: (كان دخولها الأول إلى عدن بدأ مع نهاية الثلاثينيات من القرن الماضي والتي كانت تسمى بـ"الاسطوانة الحجرية" وتستخدم يدويا، وضمت تسجيلات للرعيل الأول "من الرواد" وهم كبار الفنانين وأشهرهم آنذاك إبراهيم الماس، محمد الماس، عوض عبدالله المسلمي، الشيخ البار، علي أبوبكر باشراحيل، أحمد عبيد القعطبي، عمر غابة، محمد جمعة خان، والجراش، بعدها دخلت الاسطوانة البلاستيكية في منتصف الخمسينيات وكان جهازه متطور يعمل بالكهرباء وبواسطة إبرة، وضمت تسجيلات اسطواناته العديد من الفنانين وأشهرهم: خليل محمد خليل، محمد مرشد ناجي، أحمد بن أحمد قاسم، العطروش، فيصل علوي، محمد سعد عبدالله، عبدالكريم توفيق، وأحمد علي قاسم، ومن الأصوات النسائية أم الخير عجمي، نبيهه عزيم، فطوم ناصر، منى علي، فائزة عبدالله، رجاء باسودان، وصباح منصر. وبقيت مستمرة حتى مع ظهور أشرطة الريل "تيب" في بداية الستينيات، وأشتهر أثناءها العديد من الفنانين ومنهم: محمد صالح حمدون، فضل كريدي، محمد عبده زيدي، محمد صالح عزاني، أيوب طارش، السنيدار والحارثي). ويستطرد نبيل حديثه عن مركزهم (بأنه يعتبر جزء من ذاكرة عدن، فكانت تتواجد في عدن شركات تسجيل صوتيات منها "جنة عدن" "و"عزيز فون" ولوالده محلاً لبيع اسطوانات وأشرطة الريل "تيب" بكريتر في منطقة الخساف بجانب عمارة الدرويش القريب من معسكر عشرين، بعدها أسس شركة "وادي الالحان" إلى جانب شركة اسطوانات "الانغام الشعبية". كما أصبح للعزاني استديو فني خاص به منذ مارس 1954م قبل افتتاح الإذاعة كأول استديو فني بمواصفات عالمية وبالتنسيق مع شركة يونانية تدعى شركة "كولمبيا جراما فون" ويقع الاستديو في جزء من منزله الحالي في مدينة المنصورة تحديدا في بلوك 31 بشارع الشبوطي، كان والده يتولى تسجيل وتوثيق الأعمال الفنية من خلال سفره إلى لبنان واليونان وطبعها ونسخها في اسطوانات. ثم أقام علاقة وثيقة مع عدة شركات فنية منها "عزيز فون" و "بي بي فون". وفي أثناء الاحتلال البريطاني لعب المركز دورا وطنيا في تسجيل ونشر الأغنية الثورية في مرحلة الكفاح للتحرير، في وقت كانت تسجل في غرفة الاستديو ودبابات الاستعمار على خط الشارع المقابل من موقع التسجيل، ومن تلك الأناشيد الحماسية المسجلة في الاستديو كأغنية: "برع ياستعمار- شعب ثار اليوم- أخي كبلوني- يا شاكي السلاح وغيرها". وكان العزاني يدعم الإذاعة بتسجيلات غنائية منذ بدايات تأسيسها عام 1954م، في حين كان يذهب الفنان للإذاعة  ليغني في بث مباشر ولم تكن لديهم في الإذاعة استديو لتسجيل الحفلات، فكانت تستعين بالعزاني ليسجلها في مركزه ومن ثم بثها في الإذاعة. وكان يقوم بتهريب الأغاني الذي كان يسجلها لإرسالها إلى اليونان ليتم تسجيل طباعتها ومن ثم إدخالها بالتهريب من تعز إلى عدن. وكان يقوم بتوزيعها في اليمن ومدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وإرسال بعض النسخ كهدية لإذاعة صوت العرب، وإذاعتي عدن وصنعاء. وأستمر العزاني بنشاطه الفني كإذاعة متنقلة عبر مركزه وفروعه في نشر وتوثيق الأغنية وفهرستها من خلال تغطيته لحفلات شعبية "مخادر" ومناسبات دينية كانت تقام في الملعب الحبيشي "البلدي سابقا"، مسرح مدرسة البادري، وفي سينماتي الشعبية وبلقيس.

 

وكانت جميع تسجيلات اسطوانات مركز العزاني عليها غلاف تحذيري مكتوب فيه حقوق الملكية للعزاني بعبارة:"ممنوع إذاعة هذه الاسطوانة بالراديو".

 

فيما كانت أشرطة الريل "تيب" التي استخدمها العزاني للتسجيل مساحات التخزين تحمل قياس سعة على حسب طربات الشريط بداخلها "33 و45 و 78"، وهناك مقاس للشريط "تيب" من "8 أنش إلى 5 أنش").

 

انتشرت في عدن محلات شهيرة لبيع الأجهزة الخاصة بتشغيل الاسطوانات والاسطوانات البلاستيكية إلى جانب أشرطة الريل "تيب" ومنها: محل اسطوانات التاج العدني، محل "طه حمود" الذي كان يبيع لبعض أغاني القعطبي، محل "عزيز فون" وموقعه بجانب السوق البلدي للخضار القريب من مقهى باسودان، مستودع "حضرموت" لصاحبه عوض في حارة حسين وكان الفنان أبوبكر سالم بلفقيه أحد رواد هذا المحل، محل بازرعة الواقع في شارع السبيل، محل "عدلان  جمعان" في الميدان بكريتر ولازال قائما لبيع الأدوات الكهربائية، محل وكالة "هيتاشي" في سوق البهرة بكريتر لصاحبه عبدالجبار راشد، محل وكالة "جرونديج" الألمانية الأكثر شهرة آنذاك يمتلكه عبدالقادر علي بارحيم باعشن، ومكانه في السيلة بكريتر، مستودع "بريطانيا" في شارع الهلال بالتواهي للسيد عيدروس عبده باهارون، مستودع "لكس"، شركة "بيكاجي قهوجي" بالتواهي، محل وكالة "سوني" الواقع في أول الطريق الرئيسي بالمعلا لصاحبه أمين قاسم محمد سلطان، وكالة "العيسائي الفنية" لبيع منتجات شركة "كولومبيا" الشهيرة.

 

حققت الاسطوانات عائد كبير بين الفنانين في عدن بسبب الإقبال عليها وكانت تتراوح أسعار الاسطوانات بين "شلن ونصف إلى شلنين".

 

قبل تداول أشرطة "الكاسيت" كان سماع الناس للاغاني تتم من خلال الفقرات والسهرات الإذاعية إلى جانب أجهزة الاسطوانات وأشرطة "تيب"، وبدخول أشرطة "الكاسيت" بعد سنوات من ظهورها في أواخر الستينيات، برزت أكثر في السبعينيات مما أسهم كثيرا في انتشار الأغاني ومعها انتشرت محلات بيع الأشرطة المتعارف عليها بـ "الاستيريو" وأصبحت متاحة ومتداولة عند الجميع، وكانت تدخل الأشرطة الفارغة - الفاضية عن طريق التهريب وتباع بـ"12 شلن" ومن ثم عمدت شركة التجارة الحكومية على استيرادها في بداية الثمانينيات وبيعها بـ"10 شلن" إلى جانب شركة النصر الخاص بسوق الأجانب والمغتربين التابع للحكومة كانت تبيع أنواع من الماركات بالعملة الاجنبية "الدولار".

 

كان سعر أشرطة "الكاسيت" للنسخة الأصلية الواحدة في محلات بيع الأشرطة في أواخر السبعينيات بـ "40شلن" بعدها بسنوات تراجعت في الانخفاض ما بين "30 - 25 شلن" وفيما ظل قيمة الكاسيت الفارغ "الفاضي" بـ "12 شلن" وقيمة خدمة تسجيل طباعة الشريط بـ "10 شلن".

 

تعاملت محلات "الاستريوهات" مع عدة  ماركات لأشرطة "الكاسيت" ذات السعة "نصف ساعة وساعة وساعة ونصف" وواكبت نظام تسجيلها بطريقتها التقليدية بالميكرفون عبر جهاز مخصص للتسجيل أو من الراديو بقصد تسجيل الأغاني والبرامج الإذاعية مباشرة، وكانت معظم محلات التسجيل تستخدم أجهزة "اكاي" و"سوني"  ثم جاء جهاز "البنتاغون" صناعة أمريكية، وأخرها كان أكثر انتشارا لماركة "اتاري". بينما كان يستخدم عامة الناس جهاز التسجيل "المسجل" للاستماع تحمل ماركات شهيرة منها مسجلات مثل:"الناشيونال والسانيو والسوني والتوشيبا والشارب".

 

وعن أداء سوق أشرطة التسجيل "الكاسيت" العادية في بداياته الأولى يقول الأخ محمد عبده عيسى، الذي كان يعمل مع والده وأدار استيريو "ماريا"  وهو أحد محلات التسجيل القديمة لبيع الأشرطة بعدن منذ العام 1972م والذي تحول إلى محل لبيع الأحذية في 2009م ويقع محله في شارع المتحف العسكري بكريتر: (كنا قبل أربعون سنة نستورد أشرطة الكاسيت من مراكز بيعها في القاهرة وبيروت وكان الإقبال عليها في ازدياد خصوصا لفنانين مصريين وعرب، بعدها ظهرت كثير من المحلات التي كانت تقوم باستيرادها لاسيما من دول الخليج في الثمانينيات.

 

الإقبال على شراء الأشرطة المحلية تحديدا الأغاني "العدنية" يزداد يوم الخميس عن بقية ايام الأسبوع فهو يوم مميز وله طقوسه ويعرفونه العدنيين بيوم "الخميس أنيس".

 

وأيام زمان كان الناس تحب سماع الإيقاع الهندي في الأعراس والحفلات، وبعدها دخلت الأغاني الشرحية "الراقصة"، فيما كانت الأغاني "العدنية" مرغوبة سماعها عند الكثير من الخليجين "الكويتيين والسعوديين" وأيضا من بعض الأجانب منهم الروس أثناء تواجدهم في عدن والسواح الأوروبيين قبيل مغادرتهم يأخذون أشرطة تسجيل كذكرى لسماعها في بلدانهم.

 

ينتقي الزبون عند صاحب محل "الاستيريو" أغاني الزواج أو الحفلات وأعياد الميلاد والنجاح، ويدون أسامي الأغنيات المطلوبة ومن خلاله يتم تبليغه ما هو متوفر ليتم تسجيله.

 

ويتابع محمد عبده عيسى، حديثه عن تاريخ محله - استيريو "ماريا" بأنه تميز بقدم أشرطته الغنائية "العدنية" المرغوبة من محبيها، منها لاغاني: يوسف عبد الغني، إبراهيم الماس، الشيخ أبوبكر باشراحيل، العنتري، الجراش، القعطبي، المسلمي، محمد جمعة خان، عبدالقادر بامخرمة، احمد قاسم الملقب بـ"فريد" عدن، يوسف أحمد سالم الملقب بـ"عبدالوهاب" عدن، حمود عطيري، محمد سعد عبدالله، عبدالرحمن باجنيد، ياسين فارع، أبوبكر فارع، طه فارع، وسالم بامدهف الملقب بـ"رياض السنباطي" وأشتهر محله أيضا بتوفر أغاني سودانية وصومالية وأثيوبية).

 

وفي عدن عدة محلات لبيع وتسجيل أشرطة "الكاسيت" منها الريف، محل صالح، الكروان، الغدير، المحطة، ثمود في سوق الطويل بجانب مطعم لبيع المطبقية، ومركز النور، والأمواج بالشيخ عثمان، واستريو الحريبي الذي كان يتميز ببيع الأغاني الانجليزية النسخة الأصلية، استيريو المنار القريب من منارة عدن بكريتر، وفي الشارع الرئيسي بالمعلا هناك رامكو، الشجرة، النجوم، وأوسكار، ومحلات أخرى في التواهي والشيخ عثمان والبريقة.

 

ويحتفظ كثير من الناس في دواليبهم عشرات من أشرطة الكاسيت لأغاني مسجلة تعود إلى عقدي السبعينيات والثمانينيات بعد أن سمعوها وعاشوا لحظاتها وتذوقوها، وكانت ذكرياتهم لسماعهم للأغاني في الرحلات المدرسية والعائلية أو في الحفلات وأعياد رأس السنة أو حينما يتسامرون في جلساتهم "عند البعض بجلسات القات" أو في بيوتهم ويرددون سماع لأغانيهم العدنية والجنوبية المفضلة منهم لأحمد قاسم، المرشدي، عطروش، محمد سعد، وبلفقيه، وكذا طربهم لاغاني أم كلثوم، فيروز، فريد، عبدالحليم، عبدالوهاب، ووردة، ومن الخليج عوض الدوخي الذي كان يطلق عليه آنذاك بشادي الخليج، مصطفى أحمد، عبدالكريم عبدالقادر، طلال مداح، ومحمد عبده. وكانت للأغاني الهندية رواجاً في السبعينيات مع دخول أغاني الأفلام، وأتسع الطلب عليها نظرا لوجود عدنيين من أصول هندية، كان منها للمغنية "لاتا منكشكر"، محمد رفيق، وبأغنيته الشهيرة "كاهوووااا" والتي لا تزال صداها عند كثير من مستمعيها. وأيضاً هناك عشاق للأغاني الانجليزية يستمعونها منذ أنتشارها في أواخر السبعينيات وحققت استماعا كثيراً، وصداها كان واسع في كثير من المعمورة، ولا يمكن نسيانها وظلت في ذاكرتهم منذ السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كان أشهرها لفرق "بوني أم" و "آبا"، ومغني البوب "بوب مارلي" ورقصات الروك لمغنيها الشهير "الفيس بريسلي"، فرقة "البيتلز"، و"اسكروبين"، ومن المغنيين أمثال "خوليو اغلاسيس"، و"مايكل جاكسون"، و"انتونيو فانترا"، و"تينا شارلز" باغنيتها الرائعة "دانس ليتل ليدي دانس"، و"جورج مايكل" بأغنيته الخالدة "كارلس ويسبر" وأغاني "وان وي تيكت"، وأغنية فار أواي "لديمس روس"، ومعزوفات البيانو العالمية لـ "ريتشارد كلادر مان" وأغنية هالو" ليوني ريش"، والأغنية الروسية الشهيرة "كاتيوشا"، وأغاني "جلوريا جانور" و"مادونا" وأغنية "لامبادا" وفرقة "مودرن توكنج".

 

وكانت تستخدم أشرطة الكاسيتات الفارغة – "الفاضي" عند بعض الأسر وبالذات في الأرياف كتقليد في تواصلهم الاجتماعي مع ذويهم في الداخل والمهجر من خلال تسجيل أحاديثهم عبر جهاز التسجيل العادي لإرسالها، حيث كان المغتربون يتواصلون مع ذويهم بواسطته، كما أسهمت في مجال توثيق الخطابات السياسية والتصريحات والمحاضرات. واستثمر الكاسيت القرآن الكريم وأحاديث دينية وخطب وحققت انتشارا كبيرا وظهر مشاهير لقارئي القرآن منهم عبدالفتاح الشعشاعي، وابو العينين الشعيشع، وعبدالباسط عبدالصمد، والمنشاوي، الحذيفي. وكان الأمن يشدد في السبعينيات والثمانينيات بمنع دخول خطب دينية للشيخ عبدالحميد "كشك" رحمه الله وغيره لأسباب يعود لسياسة توجهات النظام آنذاك، ولكنها أدخلت فقط عن طريق التهريب وبـ"الخفاء". 

 

ولا يختلف جهاز وشريط الفيديو من حيث طريقة انتشاره وتسويقه عن أشرطة "الكاسيت" السمعية، دخل الفيديو في أواخر السبعينيات، وكان يستخدم في عرض أفلام ومسرحيات وحفلات أغاني وخطب دينية. ويتذكر أبناء عدن بداية عصر دخول الفيديو كان امتلاكه أو إدخاله فيه صعوبة بسبب عدم توافره في الأسواق، ومن كان لديه يعتبر شيء ثمين، فمعظمهم احضروه من الخارج بواسطة مسافريهم. حتى أصبح بيعه متداولاً في المحلات وشركة التجارة الحكومية وسوق الحرة "النصر" للأجانب والمغتربين، كان سعره باهض يصل قرابة 8000 ألف شلن. وبانتشار جهاز الفيديو توسع تداول أشرطته في محلات الاستريو بنوعيه "القديم بالحجم الصغير الخاص لماركة سوني والأخر ذات الحجم الكبير المتداول". وكان سعر إيجار شريط الفيديو  من محلات الاستريو بـ "10 شلن" مقابل وضع رهن "بطاقة هوية" لضمان إعادته خلال أربع وعشرون ساعة، كما كون مالكي جهاز الفيديو علاقة تواصل فيما بينهم بالذات الأقارب والجيران والزملاء وقاموا بمبادلة أشرطتهم معاً، ،وظلوا هكذا يتبادلون فيما بينهم بقصد الاستمتاع بمشاهدة الجديد، ويعود قلتها بسبب الانغلاق الاقتصادي في البلد وفرض الرقابة والتضييق على دخولها.  وراج عند كثير من متابعي الفيديو مشاهدة الأفلام العربية والانجليزية والهندية إلى جانب المسرحيات وحفلات الأغاني ومباريات كرة القدم المسجلة من مباريات كاس العالم وحلبات المصارعة، وخصوصا لمباريات كرة القدم مسجلة من تلفزيون عدن للدوري العام في الجنوب، وكذا لقطات لأهداف سجلت للاعبين مشهورين في أندية عالمية.

 

وحتى يومنا هذا لا زال تداول استماع أشرطة "الكاسيت" برغم انتشار  السيد يهات منذ أواخر التسعينيات وتراجع أسواق أشرطة "الكاسيت" والفيديو، فظلت مستمرة على الرغم من انحسارها في وقتنا الحاضر بعد ان اعتمد الكثيرين على الأقراص المدمجة ومن ثم دخول الانترنت أصبح كل شيء متوافرا من خلاله يتم التحميل في بضع دقائق، كل هذا انعكس على محلات بيع الأشرطة والفيديو التي كانت تجنيها في الماضي، فكثير منا ودع محلات أشرطة الكاسيت ولم نعد نشاهد أرففها لأشرطة "الكاسيت" إلا في بعض المحلات لبيع الأشرطة الدينية "لأناشيد وخطب"، وما عادت في محلاتها تعكس طبيعة تخصصها في بيع الأشرطة حيث أصبح تخصص رفوفها كبقية محلات ومراكز بيع لوازم وإكسسوارات الكمبيوتر ومراكز بيع الجوالات وألعاب وبرامج الأطفال. ولم تعد المسجلات تستخدم كما كانت عليه في السابق بسبب انتشار أجهزة الذواكر الرقمية، كل ذلك أثرت سلباً على أسواق الكاسيت.

 

ومع هذا يبقى الشريط "الكاسيت" هو الأجمل مهما تعرض من انحسار فهو لا زال رفيق ذكرياتنا.

 

مصادري:
المعلومات التي استقيتها مأخوذة شفهيا ولا تتصف بالعمل البحثي، وإنما جهود صحفية مبذولة، عدا معلومات وصور مقدمة من مركز العزاني للتراث الفني ممثلة بالأخ نبيل علي حيدرة العزاني، المسئول عن المركز، والأخ محمد عبده عيسى، الذي كان يدير محل قديم لبيع أشرطة الكاسيت مع والده لـ"استريو ماريا" كما لا يفوتني أن أقدم شكري وتقديري للأستاذ الكاتب الصحفي نجيب اليابلي، لمساعدته لي دائما بتزويدي بمعلومات من ذاكرته عن تاريخ مدينة عدن.

 

أقدم اعتذاري للفنان التشكيلي والموثق حسين الدحيمي، الذي أخطأت في إيصال معلومته في موضوعي السابق عن "استوديوهات التصوير أيام زمان في عدن" والذي نشرت في الصحيفة العدد 413 بتاريخ 20 نوفمبر 2013م، حيث  أشرت في إحدى فقراته: (أنه قيل أن مالكه عقيل العباس، من أصل "سعودي") والصواب في معلومته: (أن مالكه عقيل العباسي من أصل "فارسي") لهذا وجب الاعتذار للقارئ الكريم.