آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-08:24م

ملفات وتحقيقات


الرئيس علي ناصر يروي لأول مرة كيف نجا شقيقه سليمان ونجله جمال من حرب 13 يناير 86م

الإثنين - 22 أبريل 2024 - 03:02 م بتوقيت عدن

الرئيس علي ناصر  يروي لأول مرة كيف نجا شقيقه سليمان ونجله جمال من حرب 13 يناير 86م

إعداد/ د. الخضرعبدالله:




كأننا في وطننا وبين أهلنا وأخوتنا

يستكمل الرئيس علي ناصر محمد ما تبقى من حديثه السابق .. ليروي عن احداث لم يرويه سابق منذ 38 عام ويقول هذه المرة في لقائنا معه لــ (عدن الغد) :" هو أجمل من ذلك هو الجو العائلي الذي أحاطنا به الإثيوبيون كعادتهم وكأننا في وطننا وبين أهلنا وأخوتنا. حتى العصافير بدت وهي تغرد على الأشجار وكأنها تحتفي بنا. ونقيق الضفادع بدا أيضاً مألوفاً وجميلاً، وهي تذكرنا بمواسم الأمطار والخير أيام الصبا والشباب في منطقة دثينة. وكانت التماسيح تعبر النهر وتظهر ثم تختفي في استعراض رائع وكأنها في مباراة احتفالية نظمت خصوصاً تكريماً لوجودنا. كل شيء على طبيعته جميل، والنهار أجمل، وكذلك الجو. وكل شيء هنا يتجاوز الخيال في هذه الطبيعة الإفريقية المذهلة.
الإثيوبيون الطيبون الذين يحيطون بنا بمحبة ومودة بالغة يقدمون إلينا الطعام والشراب ويتحركون بهدوء بالغ كنسمات الهواء،لا نسمع لهم صوتاً، بالرغم من كثرتهم بدا وكأن لا وجود لهم من فرط أدبهم وخفة حركتهم على النقيض منّا نحن اليمنيين. كنا ثلاثة أشخاص فقط، نتحدث ونملأ المكان الهادئ بالضجيج. عددنا ثلاثة ونحدث الضوضاء، وعددهم ثلاثون ولا تسمع لهم صوتاً على الإطلاق.
قضينا ثلاثة أيام جميلة على ضفاف نهر هواش العظيم الذي يجتاز أكثر من خمس محافظات إثيوبية، ويتلاشى في سهول هواش بالقرب من جيبوتي. وكأن هذا النهر الذي رافق الحضارة الإثيوبية منذ بواكيرها الأولى أمعن في حبه وأنانيته إلى الحد الذي يأبى معه إلا أن ينبع من الأرض الإثيوبية ويختفي في الأرض نفسها، ليعود خيراً وزرعاً ومحاصيل من تلك الأرض الطيبة، وشعبها السمح الطيب بعكس نهر النيل الخالد الذي يمدّ خيره وطميه ومياهه إلى أراضي بلاد وشعوب أخرى كالسودان ومصر، قبل العودة إلى دمشق دار حديث مهم عن ذكريات السفارة الإثيوبية في عدن، عن الفترة التي قضاها فيها سليمان ناصر والآخرون الذين كانوا معه.

قصة نجاة سليمان ناصر وجمال علي ناصر

ويقول في حديثه الرئيس ناصر :" قاتل سليمان وأنصاره حتى آخر طلقة وآخر موقع في العاصمة، وكان عليهم أن يبحثوا عن موقع يلجأون إليه بعد إغلاق مداخل عدن بالدبابات وانهيار الأوضاع فيها. وحاول سليمان ناصر الذهاب إلى مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، فرفضوا استقباله، كما حدثني بعد ذلك ممثلهم عباس زكي، خوفاً من اقتحامه، وقرروا بعد ذلك الذهاب إلى السفارة الإثيوبية التي وجدوها مفتوحة فدخلوها واعتصموا بها، ولجأ نجلي جمال ومحمد أحمد وآخرون إلى منزل السفير الإثيوبي في المعلا الذي كان مهجوراً، وبعد يومين دخل السفير المنزل ليجدهم فيه، فقرر أن يحميهم ونقلهم إلى السفارة بخور مكسر وسط نقاط التفتيش بين المعلا وخور مكسر. كذلك قرر صالح حسن محمد عضو اللجنة المركزية، اللجوء إلى السفارة نفسها، فتجمعوا فيها دون ميعاد. كانت الأحداث هي التي جمعتهم، ليجدوا أنفسهم في حماية منغستو، وكان خبر وجودهم في السفارة قد وصلني عبر الرئيس علي عبد الله صالح الذي قال لي: مبروك. جمال وسليمان وعبد الله ناصر وآخرون موجودون في السفارة الإثيوبية وأكد لي فيما بعد أن الأميركان التقطوا برقية السفير الإثيوبي في عدن إلى الرئيس منغستو وفتحوها وأشعروا علي عبد الله صالح بذلك. كان وضعهم في خطر طوال الشهرين اللذين أعقبا الأحداث، ولكن الحكام في عدن لم يعرفوا بهم إلا بعد هروب أحد رفاقهم، محمد أحمد مسعود، من السفارة وتسليم نفسه للمسؤولين في عدن، حيث وضعت السفارة والسفير تحت الحراسة العسكرية المشددة مدة أربع سنوات ونصف سنة إلى ما بعد قيام الوحدة عام 1990م. وبعد أربع سنوات انهار النظام الإثيوبي ولجأ هذا السفير الذي حمى زملاءنا وأشقاءنا إلى قنصلية جيبوتي بهرر، باقياً فيها أكثر من خمس سنوات. كأن التاريخ يكرر نفسه بصورة أخرى في مكان آخر.

الدبلوماسي السعودي عبد الرحمن الطعيمي

ويسترسل الرئيس ناصر في حديثه قائلا:" في يوم 14/10/1990م استقبلت القائم بالأعمال السعودي عبد الرحمن الطعيمي في أديس أبابا، وكنت قد تعرفت إليه عندما كان قائماً بأعمال السفارة السعودية في عدن (1979 - 1980)، وقد قابلته بناءً على رغبة الرئيس منغستو في مساعدته على تحسين علاقات بلاده بدول المنطقة، وخصوصاً مع العربية السعودية ومصر وسورية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وكان ذلك يؤكد إدراك منغستو حاجة بلاده إلى كل الجهود للتغلب على مشاكلها التي أثارتها الحرب ومتطلبات التنمية، وكان هاجس تفكك إثيوبيا يقلقه أكثر من أي شيء آخر، ويسعى إلى إيجاد حلّ سلمي للمشاكل في إطار إثيوبيا الموحدة. كان وفائي للرجل الذي وقف معي ومع شعبنا في أحلك الظروف يملي عليّ، بل يحتّم، الوقوف معه في تلك الظروف المعقدة التي كانت تجتازها بلاده، وعلى مساعدته بقدر ما أستطيع، ولهذا شرعت في العمل فوراً، وبدأت مهمتي هذه في أديس أبابا بلقاء القائم بالأعمال السعودي، على أن أواصل جهودي اللاحقة عندما أعود إلى دمشق.
(للحديث بقية)