آخر تحديث :الثلاثاء-30 أبريل 2024-12:01ص

أدب وثقافة


حبي في تل أبيب.( قصة)

الإثنين - 15 أبريل 2024 - 01:59 م بتوقيت عدن

حبي في تل أبيب.( قصة)

بقلم / عصام مريسي

الثالثة
اكتظ سطح السفينة بالمهاجرين فما مرت على ميناء أو مرسى إلا توقفت لتحمل معها من هم في انتظارها على تلك المرافئ حتى غدت السفينة ككرة مصغرة للأرض تجمع أناس من عرقيات مختلفة ولغات متباينة ووجوه سحناتها مختلفة في تلك الناحية جماعات بملامح عربية وهناك بهوية اسوية وفي المؤخرة ملامح افريقية لكنهم جميعا قد يتخاطبون بلغه مشتركة إذا دب نزاع أو اختلاف أو أراد أحدهم أن يسأل عن شيء فقده او ضاع منه وفي ركن السفينة الشرقي كانت تجلس الحسناء تنظر إلى الافق وليس فيه إلا منظر الماء والسماء ولم تعد ملامح قريتها الجبلية التي قضت طفولتها فيه وعشقها الأول إلا مجرد سراب ترتسم ملامحه من ذاكرتها
مازالت السفينة تقطع المياه صوب وجهتها المحددة وفي كل مراحل الطريق تتغير المشاهد على جنبات الشواطئ لتدل على تغير المدينة التي تقترب السفينة من شواطئها لتحمل مسافرين جدد من تلك الموانىء أو لتتزود بالوقود أو الطعام والشراب أو نزول أحد الركاب لغرض يريد تحقيقه قبل الوصول إلى أخر الطريق فيما يسمونه وطن.
الفاتنة مازالت في مكانها تلحظ ما يدور حولها والالم يكاد يكتم انفاسها والدموع مخنوقة في حدقة عينيها كلما اقتربت دمعة من السقوط من جفنيها سارعت تمسحها بمنديلها الورقي المبلل بدموعها خوفا من أن يلحظ والدها فينهرها ويغلط الحديث معها والرجل الافريقي من مكانه يتابع حركاتها وسكونها في شغف .
وخلال مرور السفينة تغيرت الاعلام في كل الموانىء التي تعبر عن تبعية المرفىء حتى بدء يلوح علم ما أن ابصره المسافرون حتى استعدوا وتجهزوا ب أمتعتهم الشخصية قبل أن يعلن الربان عبر مذياع الباخرة عن الوصول
يرتفع صوت مذياع السفينة بصوت الربان:
استعدوا .. لقد وصلنا إلى الوطن لحظات و ستتوقف السفينة تهيؤوا للنزول عبر السلالم المعدة للنزول.
اكتظ المسافرون واقفين على جنبات سطح السفينة وبالجانب الاخر على المرفئء يلوح الواقفون لبعض اقاربهم . يقترب أبي ويطلب مني التلويح والسلام على بعص الواقفين..:
قفي وارفعي كفك انه عمك واولاده
سريعا تقف وتلوح الفاتنة يكفيها خوفا من غضب والدها وهي تقول في نفسها:
لم يخبرني يوم عن وجود اخ له حتى يكون عمي تحاول أن تسأل:
أبي ه
يعلم عن ماذا تسأل فيسترسل في الحديث:
انه اخي الاكبر رحل إلى الوطن في العام الذي استعدنا حقنا في أرض اجدادنا وانضم ألى الجيش الذي احرز لنا الانتصار
تسأل الابنة:
ولكنك أبي لم تخبرني عن عم لي,
نعم لم اخبرك لأن الامر لو انتشر لتعرضنا للاذى والمضايقات وحينها كان تواجدنا حيث كنا ضرورة لا نستطيع المغادرة حتى يصلنا الاذن من الكنيست
تعاود بالسؤال :
‌لماذا نتعرض للاذى بسبب سفر العم
‌يجيبها والفخر يتلألأ في عينيه:
‌لاننا خضنا معركة ضد العرب انتصرنا فيها عليهم وتمددت قواتنا في الوطن وانتشرنا اكثر بل استعدنا حقنا في دول مجاورة هزمنا جيوشهم
‌تعود تسأل:
‌نحن معتدون
‌سريعا وبصوت واحد يسكتها:
‌بل استعدنا حقنا
‌تسأل مرة اخرى:
‌وهل سكتوا وتقبلوا الامر:
‌بالطبع لا .. هم مستمرون في المقاومة ويحاولون استعادة ما اخذناه منهم لكن المجتمع الدولي كله معنا ويسند قضيتنا
‌بعفوية تسأل:
‌من هو المجتمع الدولي هذا يا أبي
‌بفخر يجيبها:
‌كل الدول القوية ذات الجيوش الجرارة تؤيدنا
‌قبل ان تعاود السؤال يطلب ربان السفينة من الجميع النزول لان الميناء قد يتعرض لغارات جوية من الاعداء.
‌يسرع الجميع بمغادرة السفينة نحو المرفىء والابتعاد عنه نحو الثكنات والملاجئء

‌عصام مريسي