آخر تحديث :السبت-27 أبريل 2024-09:47ص

وفيات

السيرة الطيبة من حياة الفقيد المربي والموسيقار الأستاذ أبوبكر الكاف

الإثنين - 25 مارس 2024 - 05:17 م بتوقيت عدن

عدن الغد /خاص

ودعت مدينة تريم في موكب جنائزي مهيب في بداية العشر الثانية من الشهر الكريم ودعت الشخصية الوطنية والتربوية والثقافية والرياضية المربي الفاضل أبوبكر محمد المهدي بن عبدالقادر الكاف المستشار الفني بمكتب الإدارة العامة للثقافة بالوادي والصحراء حضرموت تقدم ذلك الموكب عدد كبير من العلماء الأفاضل وقيادات الدولة وعدد من الشخصيات الاجتماعية ومحبي الفقيد لما يحظى به الراحل من سيرة طيبة عرف بها طوال حياته من التواضع والأخلاق مع الكبير والصغير ومن حبه الناس حبه الله .
ينتمي الفقيد إلى أسرة عريقة من الأسر الحضرمية أسرة آل الكاف بتريم وتربى في كنف رجالها الأفذاذ فجده عبدالقادر بن شيخ الكاف من أصحاب القلوب النقية الصافية و رجل من رجال الكرم الذين يشار إليهم بالبنان وكذلك جده لوالدته الأديب والشاعر والملحن حداد بن حسن الكاف عميد الدان الحضرمي وغيرهم وتشرب من زوايا ورباط المدينة العلمي و تتلمذ على أستاذة كبار في مدرسة الأخوة والمعاونة حتى أكمل الابتدائية ومن ثم التحق بالمتوسطة في مدينة سيئون

المنحة الدراسية بدولة الكويت
ذات مرة دار حديث ودي بيني وبين الفقيد عن كيفية دراسته في الكويت الشقيق
يقول بعد إكمالي للمتوسطة ذهبت إلى مدينة عدن وعند سماعي بأن هناك منح دراسية تقدمها دولة الكويت الشقيقة لبلادنا تقدمت لها. وما هي إلا فترة وجيزة حتى نزلت عبر الصحف أسماء الطلاب المقبولين لدراسة الثانوية العامة في الكويت فغادرنا أرض الوطن مع مجموعة من الطلاب لإكمال دراسة الثانوية والتحقنا بثانوية الشويخ للعام الدراسي 1965 / 1966م و الأستاذ بكر من الطلاب المتفوقين بالدراسة ومشاركا نشيطا بالجانب الفني والموسيقي و عرض عليه بأن يلتحق بالمعهد الموسيقي بالكويت إلا أنه فضل العودة إلى أرض الوطن ومدينته الغنّاء تريم وبعد إكمال الدراسة عاد إلى حضرموت عام 1969م والتحق بقطاع التربية والتعليم ودرس في عدة مدارس و آخرها ثانوية تريم للبنين وما يميز الأستاذ أبوبكر بأن لديه ثقافة عالية بكل العلوم و درس أغلب المواد الأدبية والعلمية باقتدار بالإضافة إلى مادة الفنية الموسيقية و في كل مناسبة يوكل إليه الإشراف والمتابعة في الاحتفالات بالجانب الموسيقي في احتفالات الوطن أو الأعياد المدرسية ورياض الأطفال وغيرها .

الرياضي الحريف :
عرفت مدينة تريم الرياضة في وقت مبكر بحكم تاريخها التليد ففي العقد الثاني من القرن الماضي وجدت اندية بالمدينة و زاد التوهج الرياضي في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي بوجود تنافسا رياضيا ليس له مثيل بين قطبي ناديي الشباب والأهلي وبرزت والتحق الفقيد في صفوف نادي الأهلي وكان يلعب بخط الهجوم و تميز الفقيد باللعب بالرجل اليسرى ويتذكر البعض هدفه المباغت في مرمى أحقاف سيئون و انقطع عن مزاولة لعبة كرة القدم نتيجة لسفره إلى دولة الكويت في منتصف الستينيات لاستكمال الدراسة و يتذكر الكثير نجوم تلك الحقبة الرياضية والزخم الجماهيري الكبير لليوم .

القايد الجدير للفرق الموسيقية :

كان للوسط الفني الذي عاش فيه الأستاذ أبوبكر والموهبة التي يمتلكها و عشقه وحبه للفن الأثر الكبير في تميزه الموسيقي وبالفعل أجاد العزف على آلة العود ومن ثم آلة الكمان وتشبع بالفن وعرف الموسيقى وفنونها بالاحتكاك والجلوس مع قامات فنية وأدبية كبيرة منهم جده حداد بن حسن الكاف و عاشور أمان و الشاعر محمد بن حسن الكاف ( عيديد ) وعمه والد زوجته الأديب الشاعر محمد بن حسن الكاف وخاله العازف حامد بن حداد الكاف وأقاربه الفنانين المعروفين عيدروس وحسين ابناء عبدالقادر بن حسين الكاف وأعمامه الفنانين علوي وصالح أبناء عبدالقادر بن شيخ الكاف وكذا أخوه الشاعر والملحن عبدالقادر الكاف الذي ذاعت أغانيه شهرة بالجزيرة والخليج وغيرهم من الفنانيين والأدباء بحضرموت وهنا تشبع بالفن والذائقة الفنية وأوكلت إليه عدة مهام موسيقية وكان قايدا لفرقة الغنّاء الموسيقية ومشاركا في العديد من الاحتفالات والمناسبات التي تقام بالمديرية والوادي والمحافظة ومثل المحافظة في مشاركات داخل الوطن وخارجه ، وحصل على دورات تدريبية في الموسيقى ولم يبخل بالتوجيهات ولا بالمعلومة لأي شخص كان وموجها لكثير من الفنانين والعازفين عدة توجيهات لأن الفن بالنسبة له رسالة كما اوكلت إليه مهمة رئاسة لجان التحكيم بالمسابقات الفنية والانشادية في اكثر من مناسبة وفي عام 2012م أصبح مستشارا فنيا وقايدا للفرقة الفنية بالوادي والصحراء بقرار من السلطة المحلية بالوادي وهو قرار صايب لما يملكه من خبرة طويلة في الفن والموسيقى وكان جديرا به وقاد فرقة الوادي في عدة احتفالات وطنية ونتيجة لظرفه الصحي ترك قيادة الفرقة وظل متابعا لها .

عشق تراب تريم كنزه المفضل :

عرضت على الأستاذ أبوبكر كثير من العروض للالتحاق بعدة أعمال عند سفره لبعض الدول لما يملك من قدرات متعددة بالجانب الثقافي و التعليمي و الموسيقي ولم تغره تلك المغريات والأموال لأن عشق تريم وترابها بالنسبة له كنز غالي وثمين ، وإن سافر خارج تريم فسرعان ما يعود إليها ، كوادر وطنية بارزة في عدة مجالات تتلمذوا على يديه ويشكرون عليه كثيرا ،كما أن للفقيد هوايات متعددة منها تربية الحمام والدجاج و عنايته الغير عادية لها وينفق عليها من ماله الخاص ويعالجها عند المرض ويتأثر كثيرا إذا مسها الضر أو فقد شيء منها وعنده كتب يطلع عليها تهتم بها ومن خلال تلك السنوات الطويلة تولدت إليه خبرة كبيرة في كيفية التعامل معها و إعطاء الدواء المناسب و ياتي إليه الكثير من هواتها يستفسرون منه ولا يقصر معهم في إعطائهم المعلومة المفيدة و عند سفره داخل الجمهورية أو سفره خارج الوطن يشغل همه تلك الطيور ويكلف أحد من أولاده أو أحد الأشخاص بالمتابعة ويتواصل معهم بشكل يومي وهذا لوفائه وحنيته الكبيرة وهذا دليل الرحمة بقلبه الطيب قلما تجده اليوم .

اللفتات الطيبة

تعرضت كثير من الكوادر في بلادنا لتهميش بقصد أو بغير قصد وعدم الاهتمام بها وهذا إجحاف كبير بحق تلك القامات ومنهم الأستاذ أبوبكر رغم ما قدمه من عطاءات كبيرة إلا أنه لم يحصل على تكريم يليق به كون المحسوبية والحزبية وغيرها هي معيار التكريمات .
قبل أربع سنوات تقريبا كانت هناك لفتة طيبة من قبل معالي وزير الإعلام والثقافة والسياحة الأستاذ معمر مطهر الإرياني ووكيل الوادي والصحراء الأسبق الأستاذ القدير عصام حبريش الكثيري حيث قاما بزيارته إلى منزله بتريم مع نخبة من القيادات الثقافية بهدف الاطمئنان عليه وعلى صحته في البداية لم يصدق عندما تم إشعاره بأن الوزير والوكيل سيقومان بزيارته هذا ما أخبرني به وكان لهذه الزيارة واقع كبير عليه ورفعت من نفسياته ومعنوياته وأحس بالتقدير ،
كما أن هناك زيارات طيبة قام بها مدير مكتب التربية والتعليم بتريم و مدراء ثانوية تريم للبنين وزاره كثير من الأساتذة والطلاب ومن عمل في الثانوية ومن أهله ومحبيه في مناسبات عدة منها التشهير في الشهر الكريم ومنها زيارات خاصة و غيرها و كان لها الأثر الطيب بالنسبة له .
* اللقاء الذي جمعنا به مع الموسيقار الفنان الدكتور عبدالرب إدريس بمبنى التليفزيون صنعاء وحديث عن الفن وعن ذكريات الكويت والدراسة في ثانوية الشويخ في ستينيات القرن الماضي وعن الحفل الذي أقيم للطلاب بالداخلية وأعاد للدكتور عبدالرب إدريس تلك الأيام الجميلة وكان الفنان عبدالرب في غاية السعادة من حديث الفقيد أبوبكر مهدي .
* يرتبط بعلاقات حميمة مع الأدباء و الفنانين والعازفين وزملائه في الوسط التربوي والاجتماعي داخل محافظة حضرموت وخارجها .
* كان إضافة مميزة لقروب محبي الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه ومن خلال خبرته الطويلة كان يضيف للقروب المعلومات الدقيقة وتصويبات عن بعض الأخطاء إن وجدت .
* قد تكون هناك أعمال قدمها الفقيد لم نعرف عنها أو إن بعض الأعمال يقدمها لوجه الله لا يحب أن يعرفها الأخرين .

الخاتمة الطيبة بالشهر الكريم :
يتمنى الكثير منا بأن تكون خاتمتهم طيبة وهذه توافيق من الله سبحانه وتعالى وكانت خاتمة الأستاذ أبو بكر طيبة في أيام فاضلة من الشهر الفضيل فقد صلى صلاة الفجر في جماعة بالمسجد وتوفي في أيام المغفرة و عند سماع نبأ وفاته توافدت الجموع للصلاة على روحه وامتأت الجبانه وخارجها بالمصلين ودعوا له بالرحمة والمغفرة وهم صيام وكانت خاتمة طيبة لهذه الشخصية الطيبة المتواضعة التي عرفنا قدره بعد وفاته . رحيله يعد خسارة كبيرة على المجتمع سائلين الله العلي العظيم أن يرحمه ويغفر له ويسكنه الجنة وتعازينا لاولاده واهله ومحبيه وإنا على فراقه لمحزنون إنا لله وإنا إليه راجعون

بقلم / حسن علوي الكاف