آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-02:00م

أدب وثقافة


فيصل علوي ايقونة الغناء اليمني في الذكرى الثانية لرحيله

الإثنين - 06 فبراير 2012 - 11:32 م بتوقيت عدن

فيصل علوي ايقونة الغناء اليمني في الذكرى الثانية لرحيله
أستطاع الفنان فيصل علوي تعلم العزف على جميع الآلات الموسيقية المتوفرة في الندوة ومضى في سلم المجد الفني والتقط أنفاسه عندما قرر الزواج من ابنة عمه الأستاذ صالح دبًا

<<عدن الغد >> خاص :


( الفنان فيصل علوي الثروة الدائمة ) ذلك هو عنوان كتاب يحكي بين دفتيه لحظات فنان كبير ، غنى للأرض والإنسان والغربة والوطن ، حمل الحياة في قلبه وغناها بكل أشجانها . استطاع الكاتب الذي ولد في ذات القرية التي ولد فيها الفنان الراحل أن يصور اثر الزمان والمكان في شخصية هذا الفنان الإنسان .. تعالوا نتجول بين معالم الكتاب .

 

النشأة

نشرت  جامعة عدن للمؤلف عياش علي محمد كتاب يوثق جانب من حياة الفنان الراحل مشفوعا بالصور . يحكي  الكتاب عن فصول من حياة و نشأة الراحل الفنان حيث جاء عن النشأة : ( كانت ولادته في قرية الشقعة محافظة لحج ولد نجما موهوبا في الغناء والتلحين والأداء توفي أبيه بعد ولادته بسنه واحدة وكفله عمه الفقيه (سعد شميلة ) الذي ارتبط به  أسما وتم اكتشافه من قبل الحاج سعيد كرد الذي كان يشغل منصب وكيل للسلطان في أراضي الشقعة ليلتحق بالندوة الموسيقية أللحجية ..ويرجع الفضل لإعداده فنيا للشاعر والملحن صلاح ناصر كرد بحيث أصبح الفنان فيصل علوي معروفا في النواحي والبلدان . ..

اهم من غنى لهم

تعرف عليه الشعراء والملحنين وغنى للأستاذ أحمد عباد الحسيني وصالح نصيب  وعبدالله هادي سبيت وأحمد صالح عيسى وعبدا لله باجهل ومحمود السلامي ومهدي حمدون وكريشه وعبدالله الشريف وعبده عبد الكريم الذرزي وعبد الحليم عامر والسيد صالح اللبن وللأمير أحمد فضل القمندان والأمير صالح مهدي وصالح فقيه وغنى الحان " مهيد " والسعودي وصلاح ناصر كرد وعبده عبدالكريم ) .

 

فكرة الكتاب والعلاقة المكانية مع الكاتب

وفي حديثه عن فكرة الكتاب قال الكاتب ( لقد كنُت أراقب ثلاث شخصيات يزورون منزل الفنان فيصل علوي في لحج وتبين لي أن الغرض هو كتابة كتاب عن الفنان وتاريخه وابتسمت له وقلت أنا الذي سيكتب عنك وعن حياتك الفنية وليس شخصا أخر إذ أننا ننتمي إلى مسقط رأس واحد وتراث واحد) .وبعد هذه المقدمة نجدُ وفاء الكاتب للفنان الذي صاغ عباراته بأسلوب عاطفي وبلغة تختزن كثير من المشاعر والأوصاف العذبة الراقية  نجده يقول تحث عنوان :(الصوت الباحث عن الكلمات)  " في قرية الشقعة مسقط رأس الفنان فيصل علوي النائمة على سهل زراعي التي تغسلها مياه وادي تبن ، هناك في تلك القرية المخضرة الواقعة شمال الحوطة ولد الفنان فيصل علوي من أب لحجي وأم لحجية .. ).

 

ويمضي الكاتب (عياش ) ساردا حياة الفنان الراحل برومانسية روائية قائلا ( والد الفنان فيصل علوي يطلق عليه علوي سعد أحمد شميلة وقد عاش ظروفا صعبه وحياة متواضعة سببها قلة الدخل وعدم وجود مصدر ثابت للدخل إلا من رقعة زراعية صغيرة تمنحه الحياة له ولأسرته مع أعداد قليلة من الأغنام وعندما أكتشف والده  أن له صوتا يرغب الناس بسماعة أعطاه هذا التصور والانطباع نفسا جديدا وشعورا ذاتيا لقدرته على إسعاد الناس حتى أذا حصل على مردود مادي زهيد أو تلقى حفنة من حبوب " البكر والبيني" التي تشتهر بإنتاجه هذه القرية الصغيرة والتي لقبت " بأم الخير " بالحوطة وضواحيها بما تكتنزه  من خيرات الأرض ومن أتساع مراعيها العشبية لاحتضانها لمياه وادي تبن وحقولها الشاسعة وتكاثر أعداد خيولها المملوكة للأسر الأرستقراطية وهي من نسل الخيول العربية ).

ويصف الكاتب العلاقة بين الفنان ومكان كهذا والموهبة التي تمتع بها وأمتع الناس بها أكثر راويآ لقطات يصور فيها رعيه للأغنام في مروج القرية وهي تعتاش من عشبها بين خرير المياه والهواء الطلق في هذا الجو الفسيح يشدو الفنان بأغنيات كان يسمعها الآخرون في الزرع والحصاد بقدر ماكان يؤنس نفسه بها كان يطرب الآخرين حتى أذا ماجاء الليل جمع أغنامه وعادها إلى زرائبها  ..

 

الوسط الفني اللحجي في الخمسينات

وبعد الجو الذي وضعنا به الكاتب ينتقل بنا إلى بداية الخمسينات من القرن الماضي حيث ظهرت في أسواق عدن الراديو " الترانسستر" الذي يحملها معه المرء في جيبة ، قائلا: ( كان فيصل علوي يسترق السمع من هذا الجهاز التي تخرج منه الأصوات والألحان واخذ يلح على عمة كي يشتري هذا الجهاز الصغير وعندما حقق له عمه فرح به أيما فرح وظل هذا الجهاز سميرة وانسيه في ليله ونهاره  ) وتمضي الأحداث الفنية المرافقة للسيرة الذاتية للفنان الراحل فيصل علوي حيث يتبع ظهور الراديو " الترانسستر " ظهور آلة (الفنوغراف) وأقراص الاسطوانات مع اشتداد جو المنافسة في الوسط الفني اللحجي للبحث عن أصوات ومواهب جديدة في ظل رعاية الأمير أحمد فضل القمندان في الفن في السلطنة حيث ظهر في تلك الفترة أسماء مثل هاذي سبيت الظاهري والفنان سعد عبد الله صالح والفنان صالح عيس والفتى فضل محمد جبلي الذي تحول أسمه إلى فضل محمد اللحجي لسبب منحه الهوية أللحجية بمرسوم سلطاني ..

 

حكاية الانطلاقة

إذا ما عدنا إلى الطفل فيصل علوي نجده تخلى عن مهنة الرعي إلى بيع الخبز " الكدر " الغذاء الرئيسي في قريته وفي لحج بشكل عام حيث يصور لنا الكاتب ذلك بقوله :(كان يحمل جعبته المليئة بالكدر ويضعها على رأسه ويذهب بها إلى سوق الشقعة بغرض بيعها .. ولفت الطفل فيصل علوي أنظار الجميع بصوته العذب حيث كان يجذب الشارين  أليه لأنه كان يبع الخبز وهو يغني مطالع من الأغنيات فا أعجبوا به وأخذوا يبتاعون ماعنده من الخبز ثم يعود سريعا إلى أسرته بعد أن ينتهي من بيعه للخبز )  ومن هنا تنطلق بدايات الفنان فيصل علوي عندما تعرف على رجل  من بيت كرد يدعى سعيد محمد كرد حيث أفضت هذه المعرفة إلى إنظمام الطفل فيصل علوي الى الفريق الفني في الندوة أللحجية.الذي كان مقرها ديوان السلطان فضل بن علي العبدلي " أخر سلاطين لحج "  .

وأستطاع الفنان فيصل علوي تعلم العزف على جميع الآلات الموسيقية المتوفرة في الندوة ومضى في سلم المجد الفني والتقط أنفاسه عندما قرر الزواج من ابنة عمه الأستاذ صالح دبًا بالرغم من عدم وضوح عمل ووظيفة فيصل علوي الشاب الذي طلب الزواج لكنهم عرفوه فنانا أولا وثانيا وثالثا ..

 

لمحة عن أغانيه الوطنية والعاطفية

بزغ نجمه جليا في لحج ونواحيها لتأتي مرحلة الكفاح المسلح حيث وجد نفسة في معمعة هذا النضال بالكلمة والصوت  حيث توالت أغانية الوطنية بالاشتراك مع الشاعر أحمد عباد الحسيني تم أعتمد الفنان على نفسه في هذا الميدان ،وكانت  أغنية " سرت ليله على الفئران حية "هي التفوق الحقيقي للنجومية والتي جاءت على أثر قصف مدفعي وناري على قصر السلطان في لحج ليلة 13/ أغسطس/1967م.

ليعود في فترة السبعينات إلى مشروع تجديد الأغنية أللحجية تواصلا مع الشعراء صالح نصيب وعبدا لله هادي سبيت وأحمد سيف ثابت وعبدا لله الشريف والسيد أحمد صالح اللبني . وأستمر الأمير عبده عبد الكريم في إرسال قصائده والحانة للفنان فيصل علوي من الخارج  فبدت قصائده العاطفية في وصف المحبوب وقامته وعيونه والحنين إليه تضاهي قصائد المشاهير من الشعراء العرب مثل " الايا نجمة الفجر "

وقد ارتبط الفنان فيصل علوي بالشاعر الأمير عبده عبد الكريم من أشهر الأغاني التي غنى له " دمّال " :

د مّال في القلب ماشي عاد بايشفى

جرحت قلبي وجيت اليوم باتشفيه

ياجارح القلب بعد اليوم لاتوفيه

دّمال.

الكتاب وقفة توثيقية هامة للفنان لن يتكرر على المدى الطويل ولعل مايميز هذا الكتاب ذكر أسماء كبيرة في عالم الغناء والشعر أمثال مسرور مبروك والقمندان وغيرهم .  كما يروي الكتاب مواقف إنسانية تعرض لها الفنان بن علوي حيث سقط مغشيا علية وهو يغني للجمهور متأثرا بمرضه حدث ذلك في صنعاء وحضرموت وهكذا ازدادت معاناته مع المرض حتى وافه الأجل ..

ما أكثر الأغنيات التي مازالت وستظل حية في أذهان الناس منها :

شوقي أليكم شوق عصفور الشجر

ياذا الحمام ياللي طاير

لاسامحك يازمان

 

محاولة اغتيال صوت الفنان فيصل علوي

وتلك الأغاني تدور حول محور الاغتراب .

ومن الحوادث المريبة محاولة خبيثة لاغتيال صوت فيصل علوي حيث قدمت هدية عبارة عن مشروبات مخلوط فيها " فضلات الحمام " للقضاء على صوته نهائيا وكادت هذه الهدية أن تقتل صوته إلى الأبد حيث رفض الراحل قبول الهدية وتجنبها بعد أن نصحه محبيه بذلك .

 

أجواء الرحيل

بعد هذه الرحلة الطويلة التي قطعها الكاتب في البحث والتنقيب عن إبداعات الراحل الإنسان واللحظات عن الإنسانية والمرض والموت يقف الكاتب في المشهد الأخير لحظات الفراق الأليم في يوم وفاته  في 7/ فبراير 2010م في جو مضطرب جراء الأوضاع السياسية في لحج حيث تحول هذا اليوم إلى يوم "حداد" وسلم إذ أستطاع المسؤلون توديع الفنان دون أي مضايقات ليدفن في قرية " الحمراء " شرقي مدينة الحوطة رغم وصيته بأن يدفن في مسقط رأسه الشقعة شمالي الحوطة وذلك للأسباب المذكورة .

الكتاب يحتوي على درر نفيسة من المواقف والأحداث التاريخية بما تحمله من إرهاصات الإبداع في تاريخ الأغنية التي سطّرها الراحل منذُ نعومة أظافره حتى حانت ساعة الرحيل .

وفي حديث مع مؤلف الكتاب عياش قال لقد نفذ الكتاب كامل لمحبي وعشاق الفنان فيصل علوي ، والآن الطبعة الثانية بحاجة إلى دعم لإصداره نسخة ثانية.

 

*أستعراض : أمل عياش