آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-06:46م

أدب وثقافة


الفضول (شاعر الأرض والإنسان)

الثلاثاء - 22 أكتوبر 2013 - 07:49 م بتوقيت عدن

الفضول (شاعر الأرض والإنسان)
الشاعر الفضول : عبدالله عبدالوهاب نعمان.

لحج((عدن الغد))خاص:

 

أحتضنت الحالمة تعز خلال الأيام الماضية المهرجان الأول للشاعر الكبير : عبدالله عبدالوهاب نعمان الشهير (الفضول) من عمالقة الشعر والأدب والصحافة في اليمن . تنوع المهرجان في فعالياته من وصلات غنائية وندوات فكرية تناولت سيرة الفضول الأدبية والفنية ورصيده النضالي في عالم الفن والصحافة . أدهشني المهرجان من ناحية التنظيم والتنوع ومدى نجاح  أهالي مدينة التربة في التفاعل مع فقرات المهرجان ومدى احترامهم وفخرهم لعملاق منهم ارادوا أن يكرموه حيا وميتا ومن لم يراه حيا  اكتفى بتقدير وفخر له كتكريم للشاعر الكبير "عبدالله عبد الوهاب نعمان " .

 

بين مهرجان "الفضول" في تعز ومهرجان "القمندان" في لحج :

 

وأنا أحتفي كالبقية بشاعر فذ بحجم تعز تذكرت شاعر وأديب وفيلسوف عملاق بحجم "لحج" القمندان الذي كان يقام له مهرجان في لحج وتوقف منذ سنوات بعد أن توقف الفل أن يضخ رائحته في لحج وتوقف الفن فيها أن يغدو فنا أصبحت لحج واقعا بشعا فنا وشعرا وغناء وثقافة رغم أنها أغنية عذبة للسيل والوادي والفلاح والإنسان والحب والأرض والمراءة . تسائلت : لماذا يتوقف مهرجان كان يحتفي برجل عملاق كالقمندان  لتتوقف معه الحياة وتتوقف الأجيال أن تقرأ فنها وتاريخها وتراثها وأن تتوقف عن احترامه والاحتفاء به أيضا .

 

احترمت جدا رجل بحجم "شوقي هائل" محافظ تعز وكوكبة من المثقفين حوله استطاعوا ان يحولوا فكرة بسيطة الى مهرجان ضخم وأن يقدموا تراثهم بمستوى تنظيمي رائع ويظهروا للجميع مدى احترامهم لأنفسهم وللمبدعين من أبنائهم.تمنيت من كوكبة من المثقفين في لحج أن يعيدوا النظر في تراث القمندان وإرثه وأن يجدوا طريقة لينقلوه للجيل الشاب الذي لايعرف عنه شيئا وما الذي ينقصنا أن يعود القمندان بتراثه ومهرجانه من جديد في لحج الخضيرة فلعله يعيد لها بعضا من شموخها المنكسر ؟ !.

 

 

الفضول في سطور :

 

ولد الشاعر في الحجرية 1917م وتوفي عام 1982م وكان والده من أشهر الثوار على حكم أسرة حميد الدين حيث تم إعدام والده بعد فشل ثورة 1948م أن تحقق هدفها في إقامة حكم دستوري. تنقل الطفل (الفضول) في طلب العلم بين  تعز , صنعاء, زبيد وعدن . إلا أنه كان لعدن النصيب الأوفر في تبني الفضول ودعمه حيث عمل فيها في سلك التدريس لمادة اللغة العربية في مدرسة "بازرعة" ثم ترك التدريس وانخرط في العمل الصحفي بمقالات ساخنة هاجم فيها الملكية والإستعمار ونشرت له جريدة"فتاة الجزيرة" مقالات سياسية بتوقيع "يمني بلا مأوى".

 

في عدن الثقافة والمدنية وجد "الفضول" البيئة الخصبة لإطلاق مواهبه وصقلها ولإحتكاكه بحركات الأحرار وطلائع الشباب المقاومين للإستعمار وبعد فشل ثورة 1948 ضد الإمام وإعدام والده قام الشاعر في نهاية نفس العام بإصدار صحيفة"الفضول" وتعد محطة فارقة في حياته ونضاله الشعري حيث أرتبط الإسم به وصار لصيقا بذكره منذ ذلك الوقت حتى الأن . بينما تعود التسمية للحلف  الشهير الذي كان قائما في العصر الجاهلي لنصرة المظلومين وهو "حلف الفضول" وكأن الشاعر أراد بشعره وبأدبه وبصحيفته وتوجهها أن تبقى دوما حليفا للمظلومين والمستعبدين حوله واللسان الناطق لأحلامهم وتطلعاتهم .

 

لكن للأسف اغلقت سطات الإحتلال البريطاني الصحيفة بضغوط من النظام الملكي في الشمال ليهجر الفضول الشعر والصحافة في منتصف الخمسينيات وانخرط في الأعمال الحرة لتامين قوت أسرته . بالتزامن مع نفس الفترة وإغلاق صحيفته كان الشاعر يكتب صفحة بإسم "البسباس" في صحيفة الكفاح التي كانت تصدر في عدن للأستاذ حسن علي بيومي. عاد إلى كتابة الشعر الغنائي حينما كان في عدن بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، وقبل انتقاله النهائي منها الى الشمال وكتب قصيدتين لحنهما الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، وسجل الأغنيتين في إذاعة عدن بأسم ابنه مروان، ليتخفى لأنه لم يكن يريد أن يعرف الناس أنه عاد إلى كتابة الشعر. وهاتان الأغنيتان هما أغنية "شبان القبيلة "، وغناها الفنان المرحوم محمد صالح عزاني والفنانة فتحية الصغيرة، وأغنية ثانية غناها الفنان المرحوم أحمد علي قاسم.

 

 

( الفضول وأيوب ) ثنائية فنية عبقرية:

 

من أروع ما قُدم في الغناء اليمني من ثنائيات هي وبكل جدارة ثنائية المبدعان شعرا شاعرنا عبدالله عبدالوهاب نعمان ولحنا وغناء للعملاق أيوب طارش عبسي. لثنائيتهما حكاية عشق للأرض والإنسان والثورة والوطن بينما أثرى الشعر العاطفي الذي برع فيه الفضول في إثراء الصوت الشجي لأيوب والعكس صحيح في شجن أيوب ولوعة صوته ولحنه الذي جعل الإبداع يكتشف عمقه وذروته في سطور الشاعر الفضول .

 

 

تذكرني حكاية عشقهما للفن ..وصداقتهما وثنائيتهما العبقرية جدا بثنائيات شهيرة جدا على مستوى الغناء العربي فمثلا : محمود درويش ومارسيل خليفة , الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم , أسماء لامعة جدا أرتبطت أعمالها بوجع الأرض والإنسان بثورة عشقه ورغبته بالتحرر من واقعه الى عالم يعيد فيه إكتشاف نفسه مرارا وتكرارا.وشخصيا عندما أقرأ للفضول ليس كما أسمعه صوتا لأيوب وعندما أطرب لأيوب يبلغ عندي الفن ذروته حين يشدو بكلمات الفضول .

كانت  من أوائل قصائد التعاون بينهما  وأشهر الأغاني  : " دق القاع دقه " و "عدن..عدن".

 

 

ثم توالت الأغاني الشهيرة في الثورة والوطن مثل : " ياسموات بلادي باركينا" , "املئوا الدنيا ابتساما ", "هذه يومي" , "هتافات الشعب" وغيرها من الأناشيد الوطنية ومنها النشيد الوطني : "رددي أيتها الدنيا نشيدي"  الذي كان النشيد الوطني للجنوب قبل الوحدة بناءعلى اتفاق في الكويت بين االرئيس السابق علي عبد الله صالح والرئيس عبد الفتاح اسماعيل  في العام 1979، حيث اتفق الرئيسان أن يكون النشيد هو النشيد الوطني للشطرين، ولليمن الموحد. وذلك الاتفاق هو أساس إقرار "رددي أيتها الدنيا نشيدي" كنشيد وطني لليمن الموحد.وبعد ذلك، قلده الأخ علي ناصر محمد، رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، الشطر الجنوبي للوطن حينها وسام الأداب والفنون. في 10 سبتمبر 1980.

 

وبالعودة للشعر الغنائي العاطفي أروع ما قدم الفضول وأيوب خلال مسيرتهما الفنية تجلى ذلك في أشهر ما صدح به أيوب : "يامن رحلت الى بعيد" , " من أجل عينيك " , "ياحب يا ضؤء القلوب" ,"بعدوا من طريقنا" , " رشوا العطور الكاذية" وغيرها من الأعمال  الرائعة حيث يعد الفنان أيوب طارش أكثر من غنى قصائد الفضول المغناه بينما غنى الفنان "عبدالباسط عبسي" ثلاث منها فقط . بينما وعبر أصدقاء للشاعر أخذت سيدة الغناء العربي أم كلثوم قصيدة "لك أيامي" للفضول لتغنيها من جملة أغانيها التي اعتزمت غنائها لشعراء من كل الوطن العربي، غير أن ذلك لم يتحقق لوفاتها. قام بعد ذلك الفنان أيوب طارش بتلحين تلك القصيدة وغنائها.

 

 الفضول استحق وبجدارة أن يغدو شاعر الأرض والإنسان والثورة أيضا فكان شاعر الجميع دون منازع , شاعر الأرض والمزارع  والحب والعاشق والمهاجر والمسافر والثوري والعامل البسيط والليل والنجم وتغنى في سطوره بتراث إنساني وفني  ووطني خالد على الأجيال الشابة أن تقرأه جيدا وتتعلم منه كيف يكون حب الأرض والإنسان .

 

شيماء باسيد