آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-10:01م

أدب وثقافة


ذكريات الزمن الجميل مع الفنان خليل محمد خليل في الذكرى الثالثة لرحيله

الإثنين - 23 يناير 2012 - 12:19 ص بتوقيت عدن

ذكريات الزمن الجميل مع الفنان خليل محمد خليل في الذكرى الثالثة لرحيله
الفنان الراحل خليل محمد خليل

عدن<<عدن الغد >> امل عياش :


 

تمر علينا الذكرى الثالثة لرحيل الفنان خليل محمد خليل التي توافق اليوم الاثنين الموافق 23/1/2012م الذي ولد في مدينة عدن في العام 1917م عن عمر ناهز 83 عام.

 

وفي هذه المناسبة نقف أمام هذا الطود الشامخ الذي طور الأغنية العدنية بحيث أصبح فنه تراثآ ضمن تراثنا الفني الغنائي ، فنان خرج عن السائد في أيامه وقد قال الفنان الكبير محمد مرشد ناجي أطال الله في عمره ( بعد أن نتشبع بالتراث ننتج ألحاننا ستكون مثمرة من تلك الألحان .. حتى ولو كانت ملونة بالفن المصري بحكم تأثرنا به إلى حد بعيد .. إلا أن اللون المحلي –بطبيعة الحال- سيكون أطغى من اللون المصري )

 

وقت المساء

وقد ضرب مثلا على ذلك أغنية "سألت العين " من الحان وكلمات عبدا لله هادي سبيت .. وذكر أن هذه الأغنية عملت أكبر ضجة وطار صيتها إلى ماوراء الحدود ... كانت الأغنية مطعمة باللحن المصري إلا أن اللون المحلي فيها صارخ دون شك .

ليس أذل على ما قال الفنان المرشدي سوى أن أغانيه رددتها فرقة الإنشاد وذاع صيتها في المجالس العدنية ومن أهم تلك الأغنيات الخليلية " أحبك ياغالي " لما تتميز بنكهتها الخاصة تجعل السامعين  يتمايلون وهم يرددون لحنها الجميل وكلماتها البسيطة المعبرة عن عاطفة غاية في الرقة .

 

وفي كتاب خليل محمد خليل للأستاذ / خالد صوري يقول : ( ومن أفضل الأوقات التي تم فيها ميلاد اللحن الجديد عند خليل هو وقت المساء وخاصة في ليالي رمضان المباركة لأنها تتميز لكونها طويلة والسهر فيها مفتوح حتى الفجر ويعتز خليل كثيرا بأغنية " حبيبي لحن عنيته " التي كتب كلماتها  الشاعر أحمد شريف الرفاعي  " وتقول كلماتها :

حبيبي لحن غنيته

وحبه وحي الحاني

هواه في القلب ربيته

سكن روحي ووجداني

رموش عينيه سلاح ماضي

جرحني من سهام نظره

ولو كان للغرام قاضي

شكيت له ذلي والحسره

 

ولعل عادة السهر هي طبيعة مشتركة لدى أكثر المبدعين والفنانيين اذ تميز كثير من المطربين العرب بهذه النزعة نحو السهر حتى في غير أيام رمضان لما يوفره  الليل من هدوء وسكينة وقدرة على التأمل . ومن تلك الأغنيات التي يناجي فيها الليل :

 

أغنية "ياسمراني " ألحانه وتاليف أحمد عمر بيضاني يقول مطلعها:

هدوء الليل اضناني

ونصف الليل أشجاني

وآه منك ونار حبك ياسمراني

حبيبي ليش تنساني

تزيد شوق واشجاني

حبيبي عود من ثاني

انا ولهان هيماني

ياسمـــــــــــــــراني

 

طبيعة الحانه

ولانه كان رمز للندوة الموسيقية العدنية التي تأسست في عام 1949م فقد قام بتلحين "نشيد الفن "  من تاليف ادريس حنبله  الذي يقول مطلعه :

 

نحن بنوا الفن الجميل

نمشي على ضوء الفنون

ذابت به اكبادنـــــا

حرى لمن جور الحنين

 

وقد شكلت المرأة جانب مهم في غنائيات الفنان خليل ومن تلك الأغاني " قالوا أسمر " من تأليف الشاعر علي أمان :

قالوا لي اسمر

وليش هويتـــــــــه

قلت الأسمـــر

القلب ده بيتـــــــه

اسمر وسمره

في خده جمره

وفي قلبي جمره

اليوم وبكره

 

تميزت الحان خليل بالفرائحية والإيقاعية واخدت مداها في الشغف الشعبي لتصبح نوعآ من الأغنيات المتميزة التي تشكل عنوان للغناء العدني هذا العطاء أهله ليترأس الندوة الموسيقية العدنية حيث وصفة الأستاذ / علي أمان قائلآ: ( أن الفنان خليل محمد خليل هو بلأشك رائد الحركة الموسيقية الجديدة في عدن وأن الكلمات التي ينتقيها لاغانيه لتشع بهذه الروح العدنية الحميمية التي يتحلى بها الأستاذ خليل محمد خليل والتي يجب أن يرتكز عليها فننا الغنائي العدني ..

 

الفن العدني

وكان الرعيل الأول للندوة العدنية هم : خليل محمد خليل ،عبدالله حامد خليفة ، السيد محمد عبدة غانم، عبدة محمد ميسري ، وعلي سالم علي ، ياسين شواله ، عبدالله بلال ، وديع حميدان .

 

وجاء الفنان خليل وسط جيل فني عتيد مما خلق جو من المنافسة ومنهم :محمد مرشد ناجي ، وأحمد بن أحمد قاسم ، ومحمد سعد عبدالله ، وسالم بامذهف وقد أستمر هذا التنافس من عام 1949م حتى 1959م حيث ازف الوقت لنهاية عمل الندوة بسبب الانشقاقات بين أعضاءها ومضايقة السلطات لها .

 

ولعله من المناسب الحديث عن الأرض الخصبة التي اينعت فيها أغاني خليل فهي بحسب الكاتب خالد صوري جاءت من خلفية صنعها الشيخ علي أبوبكر وسيد درويش والعنتري ومنيرة المهدية وإبراهيم الماس والشيخ الصفتي وحيدر أغا وأولاد المكاوي وأولاد الجراش

وصوت أسمهان وأم كلتوم .

 

هذا المزيج الثقافي انتج مايمكن تسميته بالفن العدني الذي لم يكن بعيدآ قطعآ عن الغناء الصنعاني واليافعي والحضرمي واللحجي .

 

وكانت باكورة ألحانه أغنية " كلام العين " حيث وصف الأستاذ أحمد بن غوذل ذلك العمل بأنه جهد بذله الفنان يعدُ محاولة جادة لخلق أغنية حديثه وأن أسلوب اللحن موفقآ من حيث البناء اللحني ومن حيث عدد الجمل الموسيقية . وهي من تأليف الشاعر د. محمد عبده غانم وتقول كلمات الأغنية :

 

كل الألحان ضاعت منى

لكن عيوني بتغنى

وتعبر عن حي وفي

فاسمع ياخل كلام العين

ما أبهى حسنك وجمالك

ما أحلا قدك ودلالك

يحلا لك حبى يحلا لك

من زيك ياباهي الحدين

 

خليل في عيون (مونتي)

(كان الراحل يجلس على الشرفة ويرى بحر صيرة من موقعة أختار السكن في الدور الثالث يستلهم من عدن التي تمتد أمامه على مرأى بصره قبل أن ترتفع الجدران الاسمنتية يستمد منها ألحانه القادمة)كان ذلك حديث الابنة الكبرىمنتهى خليل التي اردفت قائلة :

 

أطلق على أسم مونتي اختصار لجملة( منتهى الأمل) لان والدتي انجبتني بعد ثمان سنوات من الانتظار .أنا ألان قعيدة على كرسي متحرك  وأرشيف والدي في الدور الأسفل من المنزل وكثير من الأمور لم استطع انجازها بسبب حالتي هذه ولكني أعيش اليوم في كنف المكان الذي كان يسكنه والدي الحبيب . وانا اسكن هنا تنفيذا لوصية والدي حيث انه ذات ليلة وبينما كان والدي في مقيله استدعانا جميعا وقال لنا :

 

" أنا ربيتكم وأعرف من ربيت ولن يكون بيننا ورق وقال هذه وصيتي الشفهية في تقسيم البيت وأختار لي الطابق الذي يسكنه وقال لي أريد أن تجلسي يامونتي في هذه الشرفة لتستمتعي بمنظر عدن " .

 

قلة الوفاء

ألان أعاني من قلة الوفاء لهذا الفنان أناشد الدولة ممثلة بالمجلس المحلي م/عدن المساعدة في دفع المضايقات عنا التي تعترض طريقنا كأسرة للمرحوم في استلام أرضيتنا- أرضية المرحوم - حيث يتعرض لنا أحد المتنفذين رغم استكمال الأوراق كافة بما ذلك الترخيص للبناء . وفي نهاية حديثها دارت الدموع في عينيها وهي تتحدث عن الذكرى الثالثة لرحيله معبره فيها عن احساسها به ليس كأب فقط بل كصديق واخ ، واصفة إحساسها بلهجتها العدنية المحببة :(أصبح البيت غدرة برحيله )

*معظم المعلومات اخدت عن كتاب : خليل محمد خليل .. حياته .. فنه .. وعصره

للكاتب خالد صوري 1984م