كتب / د. إسمهان العلس
في الفترة من 22نوفمبر1967 وحتى 29 منه اجتمع في جينيف وفدا الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن والمملكة المتحدة ، لبحث المسائل المتعلقة باستقلال جنوب اليمن .
وترأس الوفد الوطني السيد قحطان الشعبي وضمّ كل من السادة فيصل عبد اللطيف الشعبي وسيف الضالعي وعبدالله عقبة وعبدالفتاح اسماعيل ومحمد أحمد البيشي وبعض القادة العسكريين .
وترأس وفد المملكة المتحدة اللورد شاكلتون . وضمّ الاجتماع طاقما من السكرتارية باللغتين العربية والانجليزية وترأس اللجنة العربية منه السيد أحمد علي مسعد .
واحتوت أجندة المفاوضات الموضوعات التالية :
جزر كوريا موريا الالتزامات المالية للدولة الجديدة
منذ اليوم الأول للمفاوضات تشكلت اللجنة العليا برئاسة كل من اللورد شاكلتون وقحطان الشعبي . كما توزع الأعضاء الآخرين على اللجان الفنية المختصة لبحث المسائل العسكرية والالتزامات الحقوقية للمعاشات ونقل الخرائط والوثائق .
ومنذ اليوم الأول للمفاوضات فاجأ الوفد البريطاني وفد الجبهة القومية بقرار المملكة المتحدة إعادة جزر كوريا موريا إلى سلطنة عمان ، بعد أن كانت جزءا تابعا لعدن . وبسبب ذلك احتدم النقاش بينهما ، وقضيا ثلاثة أرباع الفترة المقررة للتفاوض في مناقشة هذه القضية .
واضطر الوفد البريطاني لقطع المفاوضات والعودة إلى العاصمة البريطانية لندن للتباحث مع حكومته بسبب رفض وفد الجبهة القومية قرار فصل الجزر وإعادتها إلى سلطنة عمان ، إلاّ أن الحكومة البريطانية أصرت على موقفها وتركت للدولة الوطنية في عدن حق التقاضي في الأروقة الدولية بشأن استرداد الجزر إلى ملكيتها .
وكانت بريطانيا قد استندت في قرارها بفصل الجزر عن جنوب اليمن إلى أن الجزر قد منحت هدية من سلطان مسقط إلى ملكة بريطانيا – فيكتوريا – في عيد ميلادها في عام 1854 . وظلت الجزر تدار كجزء من عدن طوال فترة الإدارة البريطانية لعدن . ولما اقترب موعد استقلال جنوب اليمن قررت الحكومة البريطانية إعادة الجزر للسلطان .
وفي الوقت ذاته استند وفد الجبهة القومية في دفاعه عن حقه بالجزر على تاريخ علاقة الجزر بسلطان المهرة منذ ما قبل الاحتلال البريطاني لعدن .
واعتبر أن ضم بريطانيا للجزر إلى عدن دليلا على عودتها إلى الأصل . واعتمد الوفد الوطني في نقاشاته على الكثير من المستندات القانونية التي تثبت حقه في استعادة الجزر .
واستند الوفد الوطني في الدفاع عن أحقيته بالجزر إلى وروود ذكرها في كل قرارات الأمم المتحدة الصادرة بشأن الإقليم . وكان موقف الوفد قويا بصورة أجبرت اللورد شاكلتون على التصريح للإعلام العربي والأجنبي " أنه أمام وفد قوي قادر على التحاور والدفاع عن حقه " .
لم يتبق وقت كاف للتفاوض حول المسائل المالية ، فقد أخذت قضية جزر كوريا موريا الجزء القسم الأكبر من برنامج المفاوضات . وجلس الوفدان في يوم 28 نوفمبر للتباحث حول التزامات الحكومة البريطانية للدولة الجديدة .
وكانت بريطانيا في عام 1966قد وعدت حكومة اتحاد الجنوب العربي بدعم مالي يقدر ب 60 مليون جنيه استرلينيا ، وذلك بعد جلائها عن عدن . وبسبب ضيق وقت المفاوضات قررت المملكة المتحدة إرجاء النظر بالملف المالي إلى ما بعد تأسيس النظام الوطني في عدن .
وتمّ الاتفاق على استكمال الاجتماع حوله في عدن في شهر أبريل 1968 . إلا أن الوفد البريطاني تنصل نهائيا عن كل التزاماته لجنوب اليمن ، واعتبر فعليا أن الحكومة الاتحادية قد استهلكت المبلغ المقرر في قروض والتزامات سابقة وتجهيزات عسكرية للجيش الاتحادي .
وصرح رئيس الوفد البريطاني بعد انتهاء المفاوضات " أن دعم الحكومة البريطانية للدولة الجديدة مرهون بالثقة بها " .
صدر عن المفاوضات مذكرة " اتفاق مبادئ " تضمنت التزامات الوفدين المتفاوضين وقع عليها الطرفان المتفاوضان في جينيف . كما صدر عن تلك المفاوضات بيان سياسي . وتمّ تسليم الوفد الوطني الخرائط والوثائق المتعلقة بالإقليم .
وفي يوم 30 نوفمبر صدر البيان السياسي للجبهة القومية بتأسيس جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية . وفي الثاني من ديسمبر1968 ألقى السيد سيف الضالعي وزير خارجية الدولة الجديدة خطابه أمام الأمم المتحدة ، وأكد على حق اليمن الجنوبية باسترداد جزر كوريا موريا . وحمل الوزير نفسه ملف الجزر إلى مجلس الجامعة العربية .