آخر تحديث :الأربعاء-15 مايو 2024-07:27ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير) .. دعوة الرياض طرفي الاتفاق للاستجابة العاجلة والاجتماع.. هل تثمر هذه المرة؟

الأحد - 21 مارس 2021 - 10:48 ص بتوقيت عدن

(تقرير) .. دعوة الرياض طرفي الاتفاق للاستجابة العاجلة والاجتماع.. هل تثمر هذه المرة؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يبحث في مصير اتفاق الرياض بظل التطورات الأمنية الساخنة التي
شهدتها عدن والمحافظات المجاورة

هل سيكون لدى المملكة الوقت الكافي لترميم ما تصدع وبناء ما انهار؟

من يحاول دق المسمار الأخير في نعش اتفاق الرياض؟

هل أدركت المملكة خطأ موافقتها على استبعاد الميسري ورفاقه وما الذي قد
يمنعها من إصلاح علاقتها بهم؟

كيف يمكن للمملكة تقوية موقف الشرعية لتكون نداً حقيقياً للأطراف الأخرى؟

اتفاق الرياض.. على المحك!

تقرير / صديق الطيار:

أعادت حادثة اقتحام مقر الحكومة الشرعية "قصر معاشيق"، الثلاثاء الماضي،
اتفاق الرياض إلى الواجهة، بعد تحركات سعودية جديدة لنزع فتيل التوتر
السياسي الذي تعيشه مدينة عدن.

وسارعت المملكة في بيان لخارجيتها لاحتواء الموقف بدعوة طرفي الاتفاق
للاستجابة العاجلة والاجتماع في الرياض لاستكمال تنفيذ نقاط الاتفاق الذي
لم ينفذ من بنوده سوى تشكيل حكومة المناصفة، الذي لم يكن هو النقطة التي
ينتهي عندها مسار اتفاق الرياض، بقدر ما يرمي هذا المسار إلى ضرورة إتاحة
الفرصة أمام تحقيق استقرار سياسي وعسكري يدفع نحو تحقيق الحل الشامل.

ولم يكشف بيان الخارجية السعودية عن موعد لعقد مشاورات جديدة لطرفي اتفاق
الرياض الذي وصفته بأنه ضمانة لاستعادة الأمن والاستقرار ورأب الصدع..
مؤكدا على ضرورة الالتزام بمسار الاتفاق بالنظر إلى أهميته الاستراتيجية
فيما يتعلق بضرورة ضبط بوصلة الحرب على المليشيات الحوثية.

تجمد الاتفاق

منذ تشكيل حكومة المحاصصة في 18 ديسمبر الماضي تجمد اتفاق الرياض بشكل
شبه كلي، حيث لم تتحقق في الشق العسكري والأمني أي خطوة جوهرية.

ففي محافظة أبين اكتفى الوسطاء السعوديون بفصل القوات التابعة للحكومة
والمجلس الانتقالي عبر نشر كتائب من ألوية العمالقة في نقاط التماس كقوة
لحفظ السلام، أما في عدن، فكان التنفيذ الوحيد من قبل المجلس الانتقالي
هو تسليم موقع قلعة صيرة المطل على قصر معاشيق لألوية الحماية الرئاسية،
وبعض الحواجز الأمنية في القصر الرئاسي.

وبحسب مصدر حكومي فإنه كان من المفترض أن يتم خلال الأشهر الثلاثة
الماضية انسحاب قوات المجلس الانتقالي من عدن ودمج الأجهزة الأمنية تحت
مظلة إدارة شرطة عدن، لكن قوات الدعم والإسناد التابعة للمجلس ظلت هي
المتحكمة بالموقف الأمني بشكل كامل داخل العاصمة الموقتة، حد قوله.

وكان من المفترض أن يتم إفراغ مناطق تمركز القوات في أبين وتوجيهها صوب
جبهات القتال ضد الحوثيين في مأرب والضالع، ففي حين اضطرت الحكومة
الشرعية بالفعل إلى سحب عدد من كتائب ألوية الحماية الرئاسية من شقرة
وشبوة إلى مأرب، لم يقم المجلس الانتقالي بخطوة مماثلة بسحب القوات إلى
مناطق التماس في الضالع وإعادة تفعيل الجبهات ضد الحوثيين بشكل رسمي.

ووفقاً لمراقبين، لا تزال هناك عقدة في تفسير اتفاق الرياض، وخصوصاً عقب
الأزمة التي نشبت بعد تعيين أحمد عبيد بن دغر رئيساً لمجلس الشورى، حيث
يطالب المجلس الانتقالي بالتشاور معه في كلّ القرارات التي يصدرها الرئيس
عبدربه منصور هادي، وهو ما تعتبره الشرعية تجريداً للرئيس من صلاحياته.

ونشبت الأزمة السياسية الجديدة في وقت بدأت السعودية بتوسيع رقعة المعركة
ضد الحوثيين في جبهات يمنية مختلفة، بهدف تخفيف الضغط عن محافظة مأرب
النفطية، والحدّ من الهجمات الحوثية على أراضيها.

محاولة إنعاش الاتفاق

يرى سياسيون أن دعوة الرياض طرفي الاتفاق للاستجابة العاجلة والاجتماع لن
تثمر عن أي تقدم في تنفيذ بنود الاتفاق، معللين ذلك بعدم ممارسة الرياض
أي ضغوط على الطرف المعرقل منذ بداية توقيع الاتفاق.

وأكدوا أن الاتفاق أصبح في موت سريري، مشيرين إلى أن أي فشل له أو انفراط
عقد الحكومة اليمنية الجديدة سيعيد الأوضاع في الجنوب إلى مربع العنف
الأول، وهو الأمر الذي قالوا إنه يعني بالضرورة المسمار الأخير في نعش
التحالف والسعودية بالتحديد، خصوصا أنه لم يعد في الوقت متسع لإطالة
الحرب أكثر مما قد مضى عليها.

وأشاروا إلى أن السعودية لن يكون لديها الوقت الكافي لترميم ما تصدع
وبناء ما انهار، كون العالم اليوم يضغط لوقف الحرب والشروع بتسوية سياسية
في اليمن، وبالتالي فانهيار اتفاق الرياض في هكذا ظروف سيضاعف من حجم
التحدي بوجه السعودية وسيدخل الجميع في الشمال والجنوب وسط دوامة أكثر
مما هو عليه الحال اليوم، ومصير السعودية لن يكون أقل سوءا من غيرها، وفق
تعبيرهم.

أين الخلل؟

لم تكن حادثة اقتحام مقر الحكومة بمنطقة "معاشيق" في العاصمة المؤقتة
عدن، الثلاثاء الماضي، مفاجئة للكثيرين، بل كان من المتوقع أن يحدث أكثر
من ذلك، لما يكتنف اتفاق الرياض من ثغرات ربما غضت المملكة الطرف عنها،
وأبقت تلك الثغرات الوضع مفخخا وقابلا للانفجار في أي لحظة. ولا يكمن
الخلل فقط في تنفيذ الشق السياسي من الاتفاق قبل تنفيذ الشقين الأمني
والعسكري، ولكن أيضا في فشل الدبلوماسية السعودية ذاتها، والتي تختلط
فيها النوايا الحسنة بالمؤامرات من أطراف أخرى لتغييب مصالح المملكة
ومصالح حلفائها.

خذلان المملكة

وتكشف حادثة اقتحام مقر الحكومة في عدن وما تلاها من تدهور أمني شهدته
المدينة وبعض المحافظات الجنوبية المجاورة والمتزامنة مع اشتداد وتيرة
المعارك بين الجيش الوطني والحوثيين في محافظات مأرب وتعز وحجة، تكشف
جوانب كثيرة من تعقيدات المشهد في اليمن والعلاقة الملتبسة بين مختلف
الأطراف وتقاطع المصالح.

الحنين لرجالات الشرعية الأقوياء

تسارع تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية على الساحة اليمنية أزال
الغشاوة من أعين الرياض ليتضح لها جليا أن ثمة مساعي حقيقية لإفشال
جهودها في حلحلة الأوضاع السياسية والاقتصادية في المحافظات المحررة
وتهيئة الأجواء لعملية السلام وإنهاء الحرب والأزمة اليمنية؟.

ويبدو أن الرياض أدركت خطأ الموافقة على استبعاد رجالات الشرعية الأقوياء
عن تشكيلة الحكومة الجديدة الذين يمتلكون تأثيرات على تطورات الأمور
والأوضاع في البلاد وقلب الموازين وترجيح كفة المشهد اليمني لصالح من
يقفون إلى جانبهم، أمثال المهندس أحمد الميسري نائب رئيس الوزراء وزير
الداخلية السابق، وصالح الجبواني، وعبدالعزيز جباري لتحقيق أهدافها في
اليمن، الذين برزوا دفعة واحدة في ظل الصراعات والنزاعات التي تعصف
بالبلاد، وسعوا للحفاظ على وجه الشرعية القوي، وتشكيل مواقف يمكن البناء
عليها لإعادة دور الحكومة الشرعية وصياغة علاقة جديدة مع الآخر، عنوانها
الندية الإيجابية والاحترام المتبادل.

ينتظر المملكة العربية السعودية الكثير من الاستحقاقات لتطبيع الأوضاع
وإعادة الأمور إلى نصابها خاصةً في عدن وما جاورها من محافظات. وهذا
يستلزم من المملكة تقوية موقف الحكومة الشرعية، باعتبارها الند الحقيقي
والمقابل الطبيعي للجهات والمكونات التي بدأت في خلق مشكلات ونزاعات
مؤخراً مع التحالف العربي ومعها هي على وجه الخصوص.

كما أن هناك جزئيات وتفاصيل مهمة يجب على التحالف العربي عدم إغفالها،
تتمثل في أن التحالف بحاجة إلى تنفيذ اتفاق الرياض، الذي يعتبر- بحسب
مراقبين- بدايةٌ للحل النهائي في اليمن. وذلك الحل النهائي لن يمر إلا من
خلال إشراك مليشيا الحوثي كطرف أساسي.. وعليه فإن الجموح الذي يتصف به
الحوثيون يستدعي وجود جبهة مقابلة لا تقل جموحاً وقوة لتوازن كفة المشهد
القادم الذي ينتظر البلاد.

وفي رأي كثير من المحللين فإن على الرياض الكثير من الإجراءات لتحقيق ذلك
التوازن وترجيح كفته لصالحها ولصالح معسكرها. ومن تلك الإجراءات ضرورة
التمسك بالرجال الأقوياء، حتى وإن تسببوا بإحداث بعض المشكلات أو إثارة
الخلافات، لكن تلك الخلافات لا تعدو عن كونها اختلافات بالرؤى أو
إشكاليات في تقديم وتأخير الأولويات والهوامش.

وليست التسوية النهائية المرتقبة التي تنبأ بها كثيرون وعلى رأسهم
المبعوث الأممي، هي وحدها من تفرض على التحالف مثل هذه الإجراءات، بل ثمة
وضع بحاجة إلى تدخل، لا يقل أهمية عن سابقه، هو الوضع الجاري حالياً في
المحافظات الجنوبية.

فمحاولات التحالف تطبيع الأوضاع في عدن وما جاورها، بعد محاولات بعض
القوى المسيطرة هناك على رفض عودة القوات الحكومية، يتطلب تقوية عود
الشرعية من خلال عودة صقورها لمواجهة جموح القوى الساعية لإفشال الحكومة
الشرعية ووضع المملكة في موقف محرج لا تحسد عليه، وفرض تنفيذ اتفاق
الرياض.

هل ترمم الرياض علاقتها بصقور الشرعية؟

أعتقد أنه آن الأوان لترميم السعودية علاقتها بصقور الشرعية ورجالاتها
الأقوياء لضمان تسهيل مهمتها في عدن تحديداً، وفي اليمن عموماً.

فالعلاقة بين المملكة وصقور الشرعية لم تصل بعد إلى مرحلة اللا عودة،
بالإضافة إلى أن صقور الشرعية أبقوا الباب مفتوحا ولم تصل الاختلافات إلى
مرحلة الفجور بعد، وهو ما قد يحفز الرياض على ترميم علاقتها بأولئك
الصقور تحقيقاً لأهدافها في اليمن.

ويعتقد مراقبون أن معارك واستحقاقات السعودية في اليمن لن تكون سهلة، بل
ستزداد صعوبة في حالة عدم الاستقواء عليها بالاستعانة بصقور الشرعية،
وبشرعية قوية في علاقة متبادلة ومتكافئة.

وفي حقيقة الأمر ليس هناك ما يمنع من المبادرة نحو هذه الخطوة من قبل
المملكة وإصلاح علاقتها مع الرجال الأقوياء في الشرعية، خاصة وأن القيام
بهذا العمل سيخدمها كثيرا وسيقوي موقفها في الداخل اليمني.

فقد كشفت الأزمة الحالية كم تحتاج الحكومة الشرعية إلى رجال أقوياء
يتبنون سياستها ومشروعها، وما على السعودية إلا البناء على أمثال هؤلاء
لتحقيق أهداف تواجدها في اليمن، في مقدمتهم أحمد الميسري نائب رئيس
الوزراء وزير الداخلية السابق، ممن كانوا ينافحون عن الحكومة اليمنية،
وعن الوطن بأكمله، ضد ممارسات خصوم الحكومة الشرعية.