آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:42ص

اليمن في الصحافة


ملف التدخل السعودي في اليمن بين ترامب وبايدن

الإثنين - 15 فبراير 2021 - 02:39 م بتوقيت عدن

ملف التدخل السعودي في اليمن بين ترامب وبايدن

اسطنبول (عدن الغد) الأناضول - إحسان الفقيه:

في الأسابيع الأخيرة لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، صعّدت الولايات المتحدة اعتبارا من 21 سبتمبر/ أيلول 2020 ضغوطها على إيران بفرض عقوبات على أي كيان أو شخص يبيع أسلحة لطهران أو يتفاوض على بيعها.

 

واتخذت الإدارة سلسلة من الإجراءات والقرارات العقابية على الجماعات المسلحة الحليفة لإيران سواء في العراق أو سوريا أو اليمن، من بينها إدراج جماعة أنصار الله “الحوثيين” على لائحة المنظمات الأجنبية الإرهابية في يناير/ كانون الثاني الماضي، قبيل تسليم السلطة للإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن.

 

وينوء اليمن تحت وطأة أسوأ أزمة إنسانية عرفها العالم في العصر الحديث، فاقمت من تداعياتها جائحة كورونا والسياسات الأمريكية الخاطئة في اليمن، وفق محللين، وتأثيرها على المساعدات الإنسانية.

 

كما يعاني سكان اليمن من آثار حرب أهلية بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا والشريك في التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، وجماعة الحوثي المصنفة أمريكيا حتى تاريخ 12 فبراير/ شباط على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

 

وهذه الجماعة المدعومة من إيران والحليفة لها، استدعت رغبة سعودية بالتدخل باليمن لدرء أخطار محتملة مصدرها إيران عبر هذه الجماعة، على الرغم من الإعلان بأن التدخل العسكري وتشكيل التحالف العربي في مارس/ آذار 2015، أي قبل سبع سنوات، جاء بدعوة من حكومة اليمن المعترف بشرعيتها دوليا.

 

وتسببت حرب السنوات السبع بوفاة ما لا يقل عن مائتي ألف يمني، بعضهم في القتال، والجزء الأكبر منهم بسبب تداعيات الحرب على الجانب الإنساني وعدم وفرة الغذاء والدواء والبيئة الصالحة للعيش.

 

وأعلنت الخارجية الأمريكية في 10 يناير/ كانون الثاني الماضي عزمها تصنيف جماعة الحوثي “منظمة إرهابية”، وفرض عقوبات على زعيمها عبد الملك الحوثي وقيادييْن اثنين في الجماعة، على أن يدخل حيز التنفيذ في 19 من الشهر المذكور، أي قبل يوم واحد من إنتهاء ولاية ترامب.

 

فيما أعلن وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، قرار إدراج الحوثيين على لائحة الإرهاب لصلتهم بإيران، وكذلك بهجوم دامٍ على المطار في عدن يوم 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

 

ورحبّت السعودية والإمارات والبحرين واليمن بقرار ترامب تصنيف جماعة الحوثي على أنها منظمة إرهابية.

 

وعلى الرغم من معارضة مشرعين في الكونغرس الأمريكي، بينهم جمهوريون، واصلت الولايات المتحدة دعم التحالف الذي تقوده السعودية منذ عام 2015 بالأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية.

 

كما أنها تستهدف الجماعات الإرهابية في اليمن في عهدي الرئيسين الأمريكيين باراك أوباما وترامب، لكن تسببت الضربات الجوية الأمريكية بمقتل عدة آلاف من المدنيين اليمنيين بالإضافة إلى عناصر وقيادات من تنظيمي القاعدة وداعش.

 

مراجعة تصنيف الحوثي إرهابية

وبعد تولي بايدن، أعلنت إدارته أنها بدأت في مراجعة تصنيف جماعة الحوثي في اليمن منظمة إرهابية، وهي المنظمة التي تتبنى شعار “الموت لأمريكا”.

 

وفي 6 فبراير/ شباط أبلغت الخارجية الأمريكية الكونغرس عزم الوزارة إلغاء تصنيف جماعة الحوثي في اليمن “منظمة إرهابية”، وهو التصنيف الذي ترى فيه الوزارة أنه أضر بتقديم المساعدات الإنسانية للمنكوبين في اليمن، وهو ما تتفق عليه المنظمات الإغاثية الدولية.

 

وفي الوقت الذي أكدت فيه الخارجية الأمريكية بقاء قادة جماعة الحوثي تحت العقوبات الأممية، اعتبر الحوثيون ذلك “خطوة متقدمة” لتحقيق السلام في اليمن.

 

ومن المنتظر أن يأخذ القرار الأمريكي الجديد مساره التنفيذي قريبا (الثلاثاء) بالتزامن مع قرار الإدارة الأمريكية إنهاء الدعم للعمليات الهجومية التي تقودها السعودية في اليمن بما في ذلك مبيعات الأسلحة.

 

مع التأكيد المتكرر على أن هذا القرار لا علاقة له بالموقف الأمريكي من الهجمات الحوثية على المدنيين في السعودية والالتزام بمساعدة المملكة في الدفاع عن أراضيها ضد الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي بالطائرات المسيرة أو الصواريخ أو غيرها.

 

وفي أول خطاب موجه للأمة، أكد بايدن في 5 فبراير/ شباط من مقر وزارة الخارجية الأمريكية أن إدارته ستعزز جهودها الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن التي تسببت بكارثة إنسانية، وأن هذه الحرب يجب أن تنتهي.

 

وفي سياق السياسات الأمريكية الجديدة في اليمن، عين بايدن مبعوثا أمريكيا جديدا هو “تيم ليندركينغ”، وأعفى منظمات إنسانية وإغاثية لمدة شهر واحد من العقوبات الناجمة عن تصنيف إدارة ترامب جماعة الحوثي منظمة إرهابية، وعقوبات على الجهات والدول والمنظمات التي تتعامل معها.

 

واشنطن والرياض .. مصالح مشتركة

وترتبط الولايات المتحدة مع السعودية بمصالح مشتركة، منها الأمن الإقليمي، وحرية حركة الشحن في الممرات البحرية بالخليج والبحر الأحمر، والتعاون في محاربة الإرهاب، إلى جانب التهديدات التي تمثلها إيران والقوات الموالية لها على المصالح الأمريكية ومصالح الدول الحليفة والشريكة.

 

وتعد السعودية السوق الأكبر لمبيعات الأسلحة الأمريكية.

 

وسبق لترامب أن استخدم حق النقض ثلاث مرات لمنع تمرير مشاريع قوانين في الكونغرس الأمريكي تقضي بمنع مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

 

ويرى مراقبون أن الدعم الأمريكي “المفتوح” في عهد إدارة دونالد ترامب سيمر بمراحل معقدة في ظل إدارة بايدن، قد تؤدي إلى تقليص حجمه في مجال مبيعات الأسلحة والدعم السياسي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان المقرب جدا من ترامب.

 

وفي الوقت الذي تعتمد الإدارة الأمريكية (الجديدة) سياسة عدم ترك السعودية لوحدها في مواجهة التهديدات على سيادتها وأمنها القومي، تتبنى هذه الإدارة سياسة ذات بعد آخر يركز على وقف الدعم العملياتي للمملكة في الحرب باليمن، والاتجاه نحو العمل السياسي والإنساني لإنهاء الحرب.

 

وعلى ما يبدو فإن جماعة الحوثي ستكون أقل اندفاعا نحو التفاوض مع السعودية في المستقبل بعد أن أوقف بايدن الدعم العسكري الأمريكي للسعودية ورفع الجماعة من لائحة المنظمات الإرهابية.

 

وتواصل الجماعة استهداف المنشآت والأعيان المدنية في العمق السعودي حتى بعد أن رفعت الولايات المتحدة اسمها من لائحة المنظمات الإرهابية، واعتراف إدارة بايدن أن جماعة الحوثي لا تزال تواصل تنفيذ أعمال إرهابية.

 

ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تنوي التراجع عن قرارها برفع جماعة الحوثي من قائمة المنظمات الإرهابية رغم الهجمات الأخيرة على مطار أبها المدني وتضرر إحدى الطائرات المدنية، وفق تصريحات المتحدث باسم وزارة الخارجية “نيد برايس” الذي تحدث عن أن القرار لا علاقة له بسلوك جماعة الحوثي.

 

وتؤكد السعودية على موقفها الثابت في دعم التوصل إلى حل سياسي للحرب في اليمن بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية.

 

ومن المتوقع أن يأخذ الملف اليمني أولوية متقدمة في السياسة الخارجية الأمريكية بزخم أكبر من إدارتي باراك أوباما ودونالد، وصولا إلى حل سياسي ينهي الأزمة الإنسانية في اليمن بالحوار مع جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية بما فيها إيران، التي يتوقع محللون أن إدارة بايدن ستضغط عليها لوقف دعم الحوثيين بالأسلحة التي تشكل تهديدا لأمن السعودية وسلامة أراضيها، وهو ما تحرص عليه الولايات المتحدة.