آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-08:23ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير) .. بعد تدمير البنية العسكرية.. هل أتى الدور على البنى الاقتصادية لليمن؟

الإثنين - 15 فبراير 2021 - 11:34 ص بتوقيت عدن

(تقرير) .. بعد تدمير البنية العسكرية.. هل أتى الدور على البنى الاقتصادية لليمن؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول المخاوف من تحرك دولي للتخلص من مؤسسات الاقتصاد اليمني
واستبدالها بشركات خارجية..

انهيار أسعار الصرف واتهام الشركات بالفساد.. هل تطيح بما تبقى من الاقتصاد اليمني؟

جهات دولية تحاول فرض عقوبات على أكثر من 60 شركة يمنية.. ما الذي تسعى إليه؟

جلسة مجلس الأمن بشأن تقرير الخبراء قد تتخذ عقوبات دون إجراء أي تحقيق.. لماذا؟!

شركات خارجية لاستيراد المواد الأساسية.. هل تفيد أم تفاقم معاناة اليمنيين؟

الحكومة الجديدة.. ما موقفها وكيف يمكن أن تتدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؟

الاقتصاد.. حرب أقذر!

تقرير / بديع سلطان:

لم تكن الحرب اليمنية التي تدور رحاها منذ قرابة سبع سنوات، عسكرية فقط،
فالارتباطات الاقتصادية والمعيشية والإنسانية كانت أبرز وأسوأ تداعيات
هذه الرحى الدائرة.

ويرى مراقبون أن أية تداعيات مرتبطة بالحرب قد تكون طبيعية، لكن ما ليس
طبيعياً أن تتحول الحرب في اليمن من عسكرية، إلى اقتصادية، يُحارَب فيها
المواطن اليمني في قوته ومعيشته؛ ولمصلحة القوى المتحاربة.

وقد ينبع هذا التحول في منهجية الحرب وغاياتها، إلى ما يميز اليمن كبلد
ذي مخزون سكاني ضخم، ويمتلك كماً هائلاً من السكان، مقارنةً بالمحيط الذي
تعيش فيه اليمن، يعتبر- بنظر اقتصاديين وخبراء المال- أحد أبرز مقومات
التنافس الاقتصادي.

كل ذلك من الطبيعي أن يشعل حرباً ضروساً، من نوع آخر، تتفوق على الحرب
العسكرية العنيفة، هي الحرب الاقتصادية، بأساليبها الأقل نعومةً،
والهادفة إلى السيطرة الناعمة، متخذةً في ذلك وسائل العولمة والكونية،
التي بشر بها النظام العالمي عقب الحرب الباردة.

وقد تكون اليمن، وحتى كل دول المنطقة العربية قد سقطت ضحية لسياسة
العولمة والكونية المنفتحة، التي لا تعترف بالحدود أمام تدفق البضائع،
غير أن ما يواجهه اليمن حالياً، من استهداف ممنهج يفوق ما عُرف عن تلك
السياسات.

وقد يعود سبب ذلك إلى أن اليمن ما زال يعاني من تأثيرات حرب لم تضع
أوزارها بعد، ولها امتدادات وتداعيات إنسانية جعلت حالة البلاد الأسوأ
عالمياً، ما يجعل من مخطط كهذا أكثر خطورةً على ما تبقى من مقومات الدولة
في اليمن.

هذا الحديث لم ينطلق من فراغ، ولكنه يأتي بناءً على معلومات تأكدت منها
(عدن الغد)، عن تحركات دولية، قد تسعى إلى الإطاحة بما تبقى من الاقتصاد
اليمني، فليس هناك من معنى لانهيار أسعار صرف العملة الوطنية، وعدم
السيطرة عليه، واتهامات شركات وطنية أهلية وخاصة بالفساد، إلا أنه يأتي
في هذا الإطار المخيف، وفقاً لمحللين.

تحركات مشبوهة

ثمة تسريبات إعلامية، تحدثت مؤخرًا عن تحذيرات من تحركات دولية مشبوهة،
تسعى إلى إطلاق الضربة القاضية، التي قد تدمر الاقتصاد اليمني المرتبط
بالقطاع الخاص.

يأتي ذلك عطفاً على تقرير خبراء الأمم المتحدة المعنيين بالشأن اليمني،
والذي صدر مؤخرًا واتهم مؤسسات اقتصادية عائلية عريقة، وشركات أهلية
خاصة، بالتورط في عمليات نهب وفساد.

وكانت صحيفة (عدن الغد) قد نشرت نقلاً عن مصادرها أن هناك توجهات دولية
قد يفرزها نقاش أممي سيعقد هذا الشهر، قد يسفر عن اتخاذ إجراءات ستضر
بالقطاع الخاص في اليمن؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى إيكال عمليات محلية إلى
جهات دولية.

وعمومية الألفاظ في الفقرة السابقة، يمكن توضحيها بشكل صريح، بالإشارة
إلى أن ثمة توجها دوليا للتخلص من المؤسسات الأهلية الخاصة التي يقوم
عليها الاقتصاد اليمني، واستبدالها بشركات خليجية تعمل على تكريس
الاحتكار بيد قوى خارجية وليست وطنية أو محلية.

وبحسب المصادر فإنه من المقرر مناقشة التقرير الأممي الأخير في جلسة خاصة
لمجلس الأمن والهيئات الدولية الشهر الجاري.

وحتى لا يوحي أن المستهدف أو المقصود بهذا العمل هو شركة أو مجموعة
اقتصادية بعينها دون غيرها، فإن المصادر قد أشارت إلى أن جهات دولية تسعى
بشكل حثيث لفرض عقوبات على أكثر من 60 شركة يمنية تعمل في مجالات
الاستيراد للأغذية الأساسية في اليمن.

ومن شأن ذلك أن يجعل عملية الاستيراد لأقوات ملايين اليمنيين بيد القوى
الخارجية، التي تسعى إلى "تجويع" أو على الأقل "ابتزاز" القرار اليمني
ومصادرته، وتطويق صناع القرار بالخناق الاقتصادي، بعد أن تم تدمير البنية
العسكرية للبلاد؛ ليأتي الدور على البنى الاقتصادية.

التقرير المفتقد للمهنية

اصدر فريق الخبراء الأمميين تقريرهم بشأن اليمن، في ظل انتقادات من قبل
مراقبين ومحللين، ومتخصصين اقتصاديين، أشاروا إلى أن التقرير يعاني
الكثير من القصور في جوانبه الإجرائية.

فثمة خبراء اقتصاديون أشاروا إلى أن التقرير افتقد للمهنية في الحصول على
المعلومات، واعتمد مصادر لا تمت للواقع ولا ترتبط بالميدان بأي صلة، بل
أن البعض أكد أن التقرير الأممي اعتمد على مصادر من مواقع التواصل
الاجتماعي، وهي مصادر افتراضية لا يعتد بها في مثل هكذا تقارير ذات
حساسية.

الخبراء تحدثوا عن استلهام المعلومات من مصادر مثل فيسبوك، وتطبيق
المحادثات والدردشة "واتس"، بالإضافة إلى مواقع إخبارية على شبكة
"الويب"، ذات أهداف وولاءات مناهضة للحكومة اليمنية.

وبدلاً من أن تأخذ لجنة العقوبات الأممية، ملاحظات الخبراء المحليين
والسياسيين، والانتقادات التي وردت على التقرير بمحمل الجد والاهتمام،
إلا أن المصادر أكدت أن جلسة مجلس الأمن قد توصي باتخاذ عقوبات دون إجراء
اي تحقيق على الأرض فيما يخص تقرير لجنة الخبراء الأممية، الذي يتهم
سياسيون يمنيون معدوه بأنهم اخذوا معلوماتهم من مصادر غير محايدة.

اقتصاد مشلول

في الوقت الذي ينظر البعض إلى العقوبات التي يصدرها مجلس الأمن اقتصادياً
وسياسياً وعسكرياً بأنها محدودة، وهذا هو ما يعتقده الرأي العام المحلي
في اليمن، إلا أن ما ينتظر اليمنيين يبدو مرعباً.

حيث إن أي فرض للعقوبات على الشركات والمؤسسات المحلية هو شل وتعقيد
لعملية استيراد المواد الغذائية الاساسية لليمنيين؛ الأمر الذي قد يوكل
لاحقاً إلى شركات خليجية أو عربية أو عالمية؛ ما يعني الارتفاع الهائل في
أسعار هذه المواد.

وحذرت المصادر من وجود عملية منظمة تستهدف الشركات التجارية اليمنية
والتي ظلت في مأمن لا بأس به من اضرار الحرب خلال 6 سنوات مضت.

وتأتي هذه التحركات الدولية في ظل حالة من السبات من قبل الحكومة
اليمنية، التي كان يجب عليها التحرك للإيضاح للجهات الدولية حقيقة ما
يحدث على الأرض.

غير أن الأداء الذي تسير بناءً عليه الحكومة اليمنية، لا يشجع أن الحكومة
يمكن أن تتدخل لإنقاذ الموقف، فحتى الشهرين الأخيرين الذي شهدا عودة
حكومة المناصفة، او حتى السنوات الست الماضية، لم توح التحركات الحكومية
بأي اهتمام بالشأن الاقتصادي.

موقف خطر

الشركات اليمنية التي قد تنالها أية عقوبات في حال فرضها لن تكون قادرة
على توفير المواد الأساسية الغذائية للشعب اليمني، وهو الجهد الذي كانت
تقوم به منذ عقود، الأمر الذي يعني ارتفاع الأسعار بنسبة 300 %.

ودعت المصادر إلى تحرك يمني شعبي واسع النطاق؛ يوقف أي اعمال كهذه،
محذرةً من وجود مخطط لتدمير كل المؤسسات اليمنية الحكومية والعسكرية
والتجارية.

فبحسب خبراء اقتصاديين، فإن دخول أي شركات خارجية إلى استيراد حاجيات
ومستلزمات والمواد الأساسية للشعب اليمني، من شأنه أن يفاقم معاناة
اليمنيين، ويزيد من أزماتهم الإنسانية.

وذلك من خلال التعامل مع المخزون السكاني لليمن، والذي يفوق مجموع سكان
الدول المجاورة، كقوة شرائية ضخمة، توفر الربح الأكيد والسريع معاً.

هذا بالنسبة للقادرين من أبناء الشعب اليمني، غير أن من لم يجد ما ينفقه،
سيواجه مصير المجاعة التي يبدو أن وقتها قد حان، ولم تعد مجرد حالة
ابتزاز تستخدمها المنظمات الدولية والأممية للتربح.

تحرك حكومي وشعبي

لهذا قد يكون الحل، في أن تتنبه الحكومة لخطورة الموقف، وأن تتدخل بكل
ثقلها الاقتصادي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الاقتصاد اليمني.

كما أن الأمر يتطلب تحركات شعبية على كافة المستويات لمنع حدوث كارثة
معيشية ومجاعة بدأت ملامحها تلوح في الأفق.