آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-03:12ص

ملفات وتحقيقات


تحليل : مستقبل العلاقة السياسية بين حزبي الإصلاح والاشتراكي اليمني

الثلاثاء - 04 يونيو 2013 - 12:59 م بتوقيت عدن

تحليل : مستقبل العلاقة السياسية بين حزبي الإصلاح والاشتراكي اليمني
الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان والقيادي في حزب الاصلاح محمد اليدومي

عدن((عدن الغد))خاص:

مثلت قضية التحالف بين حزبي التجمع اليمني للإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني احد ابرز التحالفات السياسية إثارة للجدل في التاريخ السياسي اليمني نظرا لحجم التباعد السياسي والأيدلوجي بين الحزبين اللذان يعود تاريخ تأسيسهما إلى القرن الفائت .

ومؤخرا نشرت عدد من التقارير السياسية التي تتحدث عن تأزم العلاقة بين الطرفين وتحدثت تقارير عدة عن نية قيادات في الحزب الاشتراكي اليمني فك ارتباطها بتكتل اللقاء المشترك الذي يعتبر المظلة التي تلتقي تحتها عدد من الأحزاب السياسية المعارضة والتي باتت جزء من السلطة في اليمن اليوم وبينها حزبي الإصلاح والاشتراكي .

يقدم القسم السياسي بصحيفة "عدن الغد" تحليلا سياسيا لمستقبل العلاقة بين الطرفين وماهي التوقعات الممكنة لها

جذور العلاقة بين الطرفين

بدأت العلاقة بين الحزبين في بداية التسعينات من القرن الماضي حينما كان الحزب الاشتراكي هو الحزب المشارك في الحكم مع حزب الرئيس اليمني السابق وهو حزب المؤتمر الشعبي العام وخلال الأعوام الأولى للوحدة ظل حزب التجمع اليمني للإصلاح بعيدا عن المعادلة السياسية بصفته احد الأحزاب غير المشاركة في الحكم رغم انه تأسس بعد أشهر فقط على إعلان الوحدة اليمنية وتحديدا في الـ 13 من سبتمبر 1990.

خلال الأعوام التي تلت الوحدة اليمنية وجهت قيادات من الحزب الاشتراكي اليمني الاتهامات لقيادات في حزب الإصلاح بأنها كانت تقف خلف محاولات اغتيال متعددة تعرضت لها الكثير من قيادات الحزب في صنعاء وعدن وعدد من المدن اليمنية الأخرى .

 

خسر الحزب الاشتراكي جراء عمليات الاغتيال هذه الكثير من قياداته ونشطائه وألقت السلطات الأمنية في عدد من المدن الجنوبية حينها القبض على عدد من الأشخاص الذين قالت أنهم متورطون في عمليات الاغتيال وبينهم أعضاء منتسبون لحزب الإصلاح .

وحينها خاض حزبي الإصلاح والاشتراكي حرب إعلامية واسعة النطاق حيث اتهم حزب الإصلاح الاشتراكي اتهامات واسعة بينها انه حزب شيوعي وملحد فيما كان الحزب يقاوم هذه الحرب الإعلامية الممارسة ضده بالرد باتهام حزب الإصلاح وجماعات إسلامية متعددة بأنها أصولية متطرف .

 

ظلت العلاقة بين الجانبين تسودها حالة من التوتر حتى العام 1994 حينما اندلعت الحرب بين شمال اليمن وجنوبه حينها دفع حزب الإصلاح بالآلاف من مقاتليه الذين خاضوا الحرب ضد وحدات الجيش الجنوبي السابق وهم يرفعون شعارات  تؤكد ان الحرب التي يمارسونها كانت مقدسة واستهدفت الحزب الاشتراكي اليمني  .

 

وتمكن حزب الإصلاح وحليفه الأساسي حزب المؤتمر الشعبي العام لاحقا من الانتصار على الحزب الاشتراكي اليمني الذي اخرج من المعادلة السياسية بالكامل وبات  خارج إطار اللعبة في اليمن رغم بعض التمثيل السياسي الذي ظل يحتفظ به في مجلس النواب اليمني وفقا لانتخابات مجلس الشعب في العام 1993.

 

كان الحزب الاشتراكي اليمني في مجلس النواب الثالث من حيث عدد ممثليه في مجلس النواب اليمني لكن كثيرون من أعضائه كانوا قد غادروا البلاد وامتنع آخرون عن ممارسة نشاطهم السياسي عقب حرب صيف 1994 .

 

بعكس القوة التي تمتع بها حزب الإصلاح عقب حرب صيف 1994 تمتع الحزب الاشتراكي اليمني بحالة من الضعف وكان يخضع لسطوة مارستها قيادات حزبي المؤتمر والإصلاح بصفتها المنتصرة على الاشتراكي عقب حرب صيف 1994 .

عانى الحزب الاشتراكي اليمني حالة من الضعف كانت اغلب قياداته قد غادرت عدن هربا من الانتقام وظلت في المنفى حتى سنوات قريبة .

كان الحزب الاشتراكي اليمني في مجلس النواب الثالث من حيث عدد ممثليه في مجلس النواب اليمني لكن كثيرون من أعضائه كانوا قد غادروا البلاد وامتنع آخرون عن ممارسة نشاطهم السياسي عقب حرب صيف 1994 .

ظل الحزب الاشتراكي يعاني حالة من الضعف حتى عودة عدد من قياداته السياسية التي كانت في المنفى وبينها أمينه الحالي "ياسين سعيد نعمان" الذي عاد إلى اليمن بعد سنوات من النفي في الإمارات .

 

عاد "نعمان" إلى اليمن في يوليو من العام 2003 بعد أكثر من 9 سنوات من النفي القسري وانشغل لاحقا بإعادة ترتيب البيت الاشتراكي الذي تلقى ضربات موجعة وقاسية عقب حرب صيف 1994 .

في يوليو من العام 2005 انتخبت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني د. ياسين سعيد نعمان أمينا عام للحزب الاشتراكي خلفا لصالح عباد مقبل الذي قاد الحزب عقب حرب صيف 1994 .

 

فيما كان "نعمان" يتقلد منصب الأمين العام كان حزب التجمع اليمني للإصلاح قد غادر قواعد الحكم في اليمن وتحول إلى احد اكبر الأحزاب اليمنية المعارضة بعد إقصاء حزب المؤتمر له .

 

دفع إقصاء حزب المؤتمر لشريكه في الحرب على الجنوب في العام  1994 حزب الإصلاح إمكانية لإيجاد تقارب سياسي بين حزبي الإصلاح والمؤتمر .

 

في الـ 6 فبراير 2003 تم إعلان تشكيل تكتل اللقاء المشترك في اليمن والذي ضم في صفوفه عدد من الأحزاب اليمنية والتي جأت على النحو التالي :

حزب التجمع اليمني للإصلاح-الحزب الاشتراكي اليمني -حزب الحق - التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري -حزب البعث العربي الاشتراكي القومي -التنظيم السبتمبري الديمقراطي- اتحاد القوي الشعبية اليمنية.

 

ضم هذا التكتل السياسي المعارض عدد من ابرز الأحزاب السياسية المعارضة لحكم الرئيس اليمني السابق "علي صالح"  وأعلنت جمعيها أنها ستعمل وفق إطار سياسي موحد.

كان ابرز التحالفات السياسية التي ضمها هذا التكتل السياسي هو التحالف بين حزبي الإصلاح والاشتراكي اليمني .

الدخول في انتخابات الرئاسة اليمنية في العام 2006

خاضت أحزاب اللقاء المشترك وبينها حزبي الإصلاح والاشتراكي مجتمعة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في اليمن في العام 2006 لكنها فشلت في إنجاح مرشحها الذي كان حينها هو " فيصل بن شملان".

ومنذ ذلك الحين ظلت العلاقة السياسية بين حزبي الإصلاح والاشتراكي علاقة عادية ومتوافقة في الكثير من القضايا ولم تبرز أي خلافات تذكر بين الجانبين.

الثورة الشبابية  في اليمن

كانت الثورة الشبابية في اليمن نقطة تحول في العلاقة السياسية بين حزبي الإصلاح والحزب الاشتراكي اليمني .

 

في الـ 3 من فبراير 2011 دعت أحزاب اللقاء المشترك اليمنية إلى تظاهرات منددة بالأوضاع القائمة في اليمن وشارك في هذه التظاهر الآلاف من مؤيدي هذه الأحزاب ومن رافضي الوضع اليمني بشكل عام .

 

في بداية الأمر رفضت هذه الأحزاب ان تدعو لإسقاط نظام الرئيس اليمني السابق "علي صالح" رغم انطلاق احتجاجات شعبية شبابية في الـ 11 من ذات الشهر نادت علانية بإسقاط نظام صالح .

 

مع تعاظم الاحتجاجات وسقوط قتلى وجرحى برصاص قوات الأمن اليمنية بعدد من المدن بدأ التحرك الفعلي لأحزاب اللقاء المشترك وتحديدا حزبي الإصلاح والاشتراكي .

 

استنادا إلى التركة القبلية والمالية والنفوذ الواسع لحزب الإصلاح مقارنة بالحزب الاشتراكي تمكن الأول من بسط سيطرته على الكثير من ساحات الاحتجاجات في شمال اليمن وبعض المدن في الجنوب فيما لم يتمكن الحزب الاشتراكي من تسجيل حضور سياسي على ارض الواقع باستثناء مشاركة خجولة لبعض نشطائه في ساحة احتجاجات مركزية .

 

في بداية الأمر رفضت هذه الأحزاب ان تدعو لإسقاط نظام الرئيس اليمني السابق "علي صالح" رغم انطلاق احتجاجات شعبية شبابية في الـ 11 من ذات الشهر نادت علانية بإسقاط نظام صالح .

تمكن حزب الإصلاح من فرض تمدده الواسع وبالمقارنة حاول الحزب الاشتراكي ان يجاري حليفه السياسي لكن دونما فائدة ، أدركت قيادات حزب الإصلاح ان الفرصة السانحة حينها هي التركيز على حركة الاحتجاجات الشبابية والتمترس وراءها وعدم الالتفات إلى تحالف سياسي قديم وهذا ماحدث فعلا .

 

كانت الاحتجاجات الشبابية المستقلة والضحايا الذين كانوا يسقطون برصاص قوات موالية لنظام الرئيس اليمني السابق هي الوقود الذي تحرك به القطار السياسي لأحزاب اللقاء المشترك طوال أكثر من عام من الاحتجاجات.

بعد عام من الاحتجاجات تمكن حزب الإصلاح من بسط سيطرته الكاملة على حركة الاحتجاجات التي أدت في النهاية إلى توقيع اتفاق سياسي قضى بتنحي الرئيس اليمني السابق من السلطة ودخول أحزاب اللقاء المشترك في شراكة سياسية مع حزب الرئيس اليمني السابق "علي صالح".

 

مُثل الحزب الاشتراكي اليمني في حكومة وفاق وطنية بوزارة واحدة فيما ظلت قياداته بعيدة كل البعد عن مراكز صنع القرار في اليمن بعيد الانتفاضة الشعبية على عكس حزب الإصلاح الذي بات مشاركا رئيسيا في صناعة الكثير من التوجهات السياسية في اليمن وبات يملك قوة سياسية مشابهة لما يملكها حزب الرئيس اليمني صالح وربما أكثر من ذلك .

لقد وقعنا في الفخ

تشعر الكثير من القيادات السياسية في الحزب الاشتراكي اليمني اليوم أنها وقعت في "فخ" شراكة سياسية لم تحقق لها الكثير من حزب التجمع اليمني للإصلاح .

في بداية الأمر وعند بدء التحالف أطلقت قيادات في حزب الإصلاح الكثير من التصريحات المؤيدة للقضية الجنوب ومنحت حرية اختيار الحلول لكن هذه التصريحات لم تأخذ شكل اتفاق سياسي مكتوب ومضى الأمر على هذا النحو لسنوات طويلة حتى العام2012  حينما بدأت قيادات حزب الإصلاح  تتخذ موقف سياسي مخالف لجميع المواقف القديمة لها حيال قضية الجنوب.

 

باتت القيادات الاشتراكية تحس بالخديعة حجم التمثيل السياسي الذي منحتهم لهم الثورة اليمنية تمثيل ضئيل للغاية وعلى الجانب الأخر المواقف السياسية التي أبدتها قيادات حزب الإصلاح تجاه قضية الجنوب باتت تتبخر يوما عن أخر .

حالة التهميش هذه انعكس سلبا على واقع القيادات الاشتراكية التي بدت تطلق انتقادات علنية لحزب الإصلاح ومواقفه من قضية الجنوب وقضايا سياسية متعددة أخرى .

 

بدأ الحزب الاشتراكي عاجزا عن صد الهجوم باستثناء موقف وحيد من أمينه العام الذي حاول تفنيد هذه الاتهامات والذهاب إلى مهاجمة قيادي في حزب الإصلاح .

على الجانب الأخر ومع تزايد حالة التبرم التي أبدتها القيادات الاشتراكية أراد حزب الإصلاح إيصال رسالة سياسية إلى الحزب الاشتراكي مفادها انه بات قادرا على التحكم بزمام الأمور السياسية بعيدا عن أي مساعدة من أي حزب أخر .

 

أواخر شهر مايو من العام 2013 شنت وسائل إعلام تابعة لحزب الإصلاح هجوما عنيفا على الوزير الاشتراكي الشاب "واعد باذيب" ووجهت له اتهامات قاسية طالت حتى الأمين العام للحزب .

نظمت حملة الهجوم عبر صحيفة يملكها حزب الإصلاح وتولت الهجوم على الوزير "باذيب" .

 

بدأ الحزب الاشتراكي عاجزا عن صد الهجوم باستثناء موقف وحيد من أمينه العام الذي حاول تفنيد هذه الاتهامات والذهاب إلى مهاجمة قيادي في حزب الإصلاح .

مستقبل هذه العلاقة

ترتبط هذه العلاقة ارتباطا وثيقا بمستوى الخطر الذي يهدد حزبي الإصلاح والاشتراكي على حد سواء ويرتبط هذا الخطر بمستوى قوة حزب الرئيس اليمني السابق وهو الحزب الذي بات يعيش حالة من الضعف الشديدة .

لايتوقع كثيرون ان يظل التحالف السياسي بين حزبي الإصلاح والاشتراكي قائما خلال الفترة القادمة لأسباب سياسية كثيرة بينها التالي :

عدم التوافق على حل سياسي لقضية الجنوب

كانت قضية الجنوب احد ابرز القضايا التي شكلت محورا وقاعدة انطلقت على أساسها التحالفات القائمة بين حزبي الإصلاح والاشتراكي ، رفع الإصلاح في بداية الأمر شعارات دغدغت عواطف القيادات الاشتراكية لكنه تراجع لاحقا عن الكثير من هذه الشعارات .

 

ستمثل مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بخصوص قضية الجنوب مأزقا للعلاقة بين الحزبين حينما سيضع كلا منهما رؤيته السياسية الواضحة والنهائية لشكل العلاقة بين الشمال والجنوب وهو الأمر الذي سيجعل الحزبين في مواجهة سياسية اجلت لسنوات .

 

يضع الحزب الاشتراكي تصورات عدة لشكل العلاقة السياسية التي يجب ان تنتهج بين الشمال والجنوب ويؤيد في هذا النطاق إقامة دولة اتحادية ويرفض في المقال حزب الإصلاح هذه التوجهات ويؤيد اصلاحات محدودة النطاق في الجنوب .

يرى كثيرون ان حزب الإصلاح سيحاول تأجيل الصدام مع الحزب الاشتراكي كون ان هذا التحالف السياسي يمنحه فرصة تمترس خلف مكون سياسي جنوبي عريق لكن هذا الصدام لن يؤجل طويلا ، وقد ينشب باي وقت .

 

*تحليل خاص بالقسم السياسي في صحيفة "عدن الغد" يمنع نشره باي وسيلة إعلامية اخرى