تقرير يبحث في الدعوة لإعلان إقليم حضرموت وتشكيل حلف لأبناء شبوة وردود
الفعل حولهما
لماذا يرفض أبناء المهرة وسقطرى أن يكونوا ضمن إقليم حضرموت؟
كيف ستتعامل الرئاسة اليمنية مع دعوة حلف حضرموت لإعلان الإقليم الشرقي؟
تشكيل الأحلاف القبلية هل سيعزز من حضور الدولة أم سيقود إلى الصراع على
السلطة والثروة؟
الإقليم الشرقي ومآلات الصراع
(عدن الغد) خاص:
أعلن الشيخ صالح بن فريد العولقي امس عن بدء جهود سياسية لتشكيل التحالف
الموحد لأبناء شبوة.
وفي بيان صادر عنه، تلقت صحيفة (عدن الغد) نسخة منه، قال العولقي: ان
التحالف الذي دعا لتشكيله هدفه الدفاع عن حقوق محافظة شبوة وحمايتها من
مخاطر التهميش والتبعية والوصاية على القرار فيها.
واكد البيان ان هذه الخطوة جاءت استجابة للمشاورات والاتصالات مع العديد
من الإخوة في داخل محافظة شبوة ومختلف العواصم العربية والأجنبية خلال
العامين الماضيين والتي تركزت على محور واحد وهو توحيد جهود أبناء محافظة
شبوة في اطار موحد يحقق توحيد كلمتهم ومطالبهم تجاه الآخرين للحصول على
حقوق أبناء شبوة من كافة الجهات المحلية والإقليمية والدولية.
ويأتي اعلان تشكيل حلف ابناء شبوة بعد ايام من دعوة تقدم بها حلف ابناء
حضرموت للرئيس هادي لإعلان اقليم حضرموت، واكدت الدعوة انه من المناسب
اعلان اقليم حضرموت في هذا التوقيت لما له من اهمية كبرى، حيث اثارت هذه
الدعوة ردود فعل متباينة واهما رفض ابناء المهرة وسقطرى المشاركة في
اقليم حضرموت والذين طالبوا بإقليم خاص بهم.
شبوة أولاً
وقال بن فريد في بيانه: لا شك أن الجميع يدرك ما تعانيه محافظتنا من
تهميش واستبعاد لحقوق أبنائها في الشراكة الوطنية بكافة صورها وصناعة
القرار السياسي والاقتصادي في البلاد وإهمال لجوانب كثر تستحق محافظة
شبوة أن تتمتع بها لما لمحافظتنا من أهمية استراتيجية واقتصادية وجغرافية
وتاريخية ونضالية خلال كافة المراحل التي يدركها الجميع.
وأضاف في البيان: لقد حان الوقت أن يقف أبناء محافظة شبوة، من مختلف
الاطياف القبلية والجهوية والسياسية والاجتماعية، صفاً واحداً للدفاع عن
حقوق محافظتهم وحمايتها من مخاطر التهميش والتبعية والوصاية على القرار
فيها.
وتابع: واستمراراً للاتصالات واللقاءات والمشاورات التي تمت خلال الفترة
الماضية استقبلت في محل إقامتي جمعٌ من نخب أبناء محافظة شبوة القبلية
والسياسية والاجتماعية والشبابية من مختلف مناطق محافظتنا الأبية للتشاور
لما فيه الخير لمصلحة محافظتنا وحماية حقوق أجيالها.
وانطلاقاً مما سبق فإنني أعلن عن انطلاق الدعوة لتشكيل التحالف الموحد
لأبناء محافظة شبوة كحامل سياسي جامع لقضية أبناء شبوة وفي الوقت نفسه
أدعو كل الخيرين الصادقين الذين سبقونا بالجهد والتفكير في هذا الجانب
بأن نتعاون معاً لتوحيد الجهد التكاملي بيننا لتحقيق الاهداف المرجوة وهي
وحدة الصف الشبواني لما فيه الخير لجميع أبناء محافظة شبوة.
منوها بأن اللحظة الراهنة تحتم علينا جميعاً التحلي بروح التصالح
والتسامح فيما بيننا في محافظة شبوة أو خارجها تجاه أي خلافات تكون قد
حصلت في الماضي البعيد او القريب ووضع المستقبل فوق كل اعتبار، ولعل
قضايا الثأر القبلي التي يعاني منها النسيج الاجتماعي في محافظتنا تمثل
اهمية كبرى وتحتم علينا التعاون جميعاً لحل قضاياها لما فيه الخير
للجميع.
مضيفا: وبناءً عليه اقتضت الضرورة اعلان نواه للجنة (للتنسيق والتواصل)
مع كافة اطياف النسيج الشبواني دون استثناء للعمل معاً من اجل التنسيق
لتحقيق الهدف المنشود، علماً بأن هذه اللجنة سيتم توسيعها خلال الأيام
القليلة القادمة لتشمل كافة اطياف النسيج الشبواني دون استثناء من كافة
مناطق ومكونات محافظة شبوة بكل اطيافها من قوى سياسية وتجمعات مدنية
وشبابية ونسائية ومنظمات المجتمع المدني ونتطلع لتعاون الجميع للمشاركة
الفاعلة في صناعة المستقبل على قاعدة شبوة اولاً.
إعلان إقليم حضرموت
وطالب حلف قبائل حضرموت قبل ايام رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي
بإعلان إقليم حضرموت بشكل رسمي وقانوني.
ووجهت مرجعية حلف قبائل حضرموت رسالة إلى الرئيس هادي تطالبه فيها بإعلان
إقليم حضرموت بشكل عاجل وبالصيغة الدستورية والقانونية المناسبة حتى يتم
الاستفتاء على مسودة الدستور.
وبحسب الرسالة التي وجهها الحلف للرئيس فإن طلب إعلان إقليم حضرموت يأتي
بناءً على ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني وما أكدته القرارات
الدولية ذات الصلة والتي أكدت تحول نظام الحكم في اليمن من مركزي إلى
اتحادي.
وأضافت مرجعية قبائل حضرموت أن هذا الطلب يأتي بناءً على مخرجات اللقاء
الدوري العاشر للمرجعيات القبلية بوادي وصحراء حضرموت.
واختتمت الرسالة بأن إعلان إقليم حضرموت سيكون له أهمية في خلق نموذج
يحتذى به ضمن مشروع اليمن الاتحادي.
بداية تشكل وضع جديد
وقال الصحفي عوض كشميم ان هناك بدايات لتشكل وضع جديد في الاقليم الشرقي
لليمن مؤشراته بدأت في شبوة بالإعلان عن تحالف ابناء شبوة تحت شعار (شبوة
أولا) في بيان صادر عن الشيخ القبلي والشخصية الوطنية صالح فريد العولقي.
واضاف: يأتي الحراك الاجتماعي في جغرافيا لا يمكن فصلها عن دوافع تحركات
الفعل السياسي الديناميكي لأطراف محلية واقليمية تشكل مصالحها وتقاطعاتها
محل خلاف شديد في صحاري وسواحل الاقليم الشرقي الذي يتكون من شبوة
وحضرموت والمهرة وسقطرى.
وتابع: الاستقطابات والصراعات افرزت معادلة جديدة تبدو ملامح تكوينها
حاضرة في المشهد لا يستبعد ان تتصدر واجهة الفعل والاستحقاقات في حسابات
الاوزان القادمة سواء على مستوى الجنوب أو اليمن عامة أو روافع القسمة
والتقسيم لاحقا طبقا لمصالح القوى الخارجية في اطار معادلة الحل القادم
من الخارج بتوافقات داخلية.
واشار الى ان اليوم اكثر من اي وقت مضى توضح الخارطة السياسية في ترتيبات
الجنوب انها لم تعد الكتلة السياسية الموحدة اجتماعيا مثلما سبق حين كان
صوت الحراك الجنوبي يشكل وعيا سياسيا موحدا للجنوب وقضيته.
لافتا الى ان هناك من ساهم في تشظي الوحدة الجنوبية سياسيا واجتماعيا
بخطابه وسلوكه وتبعيته المفرطة وتخليه عن جذور الحراك الجنوبي درجة
تخوينهم وتشويههم، ورفض حتى قبولهم لمجرد ربط علاقاته بطرف اجنبي..
مضيفا: هذه التصرفات تركت جرحا غائرا في نفسيات البناءات الجنوبية وفتحت
ثقوبا في الجدار الجنوبي الصلب.
وقال: اليوم باتت المعطيات مختلفة عما سبق في انساق وبنية الصف الجنوبي
عامة بظهور كيانات اجتماعية ذات نفس لا وطني واغلبها تحركها العصبيات
القبلية والمناطقية وهي أشد ترابطا واصطفافا وقوة لأن هناك مشهدا تغيب
فيه الدولة وتحضر فاعلية السلاح والمليشيات ومظاهر الفوضى.
بمعنى لا وجود للدولة كمؤسسات تحمي وتدافع عن مصالح الناس وتجذر النظام
والقانون وتبدو القوى الممسكة بالسلاح لا ترغب في تبني نموذج محترم
للدولة وليس هناك طرف سياسي محترم يقف ضدها.
لافتا الى ان هذا العامل يدفع باتجاه العودة للحواضن القبلية والاجتماعية
عندما تغيب المؤسسة الرسمية كما يقول العالم ابن خلدون.
والمح الى ان المشهد القادم ينحدر لمزيد من التشظي والتفكك إذا لم يكن
هناك فعل قوي يعيد الترتيب الفعلي للدولة وهذا لن يحصل طالما هناك من
يرفضون المسار الرسمي لمشروع دولة الشراكة الوطنية ويفضلون تصفية وجودها
الامر الذي شكل تعارضات وانتكاسات لمشروعها المنشود.
موقع المهرة وسقطرى
ويرفض ابناء المهرة وسقطرى ضمهم لإقليم حضرموت حيث توعد عضو مجلس الشورى،
محافظ المهرة السابق، الشيخ راجح سعيد باكريت، بخيارات قاسية على
الشرعية، من أبناء المهرة وسقطرى، في حال فرض إقليم حضرموت وعدم التراجع
عن إعلانه من طرف واحد.
جاء ذلك في تغريدات نشرها باكريت عبر حسابه على تويتر، ردا على مساعي
وتوجهات من قبل الشرعية لتدشين ما تسميه بمشروع الأقاليم من حضرموت، وذلك
بإعلان اقليم حضرموت ويضم (حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى)، بعد مطالبة
رفعتها مرجعية حلف قبائل حضرموت الوادي إلى الرئيس هادي قبل يومين.
وقال باكريت: "نحن في المهرة وسقطرى جزء لا يتجزأ من الجنوب، وما لم يتم
التراجع عما يسمى (إقليم حضرموت) فإن لأبناء المحافظتين خيارات أخرى
ربما تكون قاسية وغير متوقعة على الشرعية وسيتم الإعلان عنها لاحقاً ولن
نكون تابعين".
وأضاف باكريت: "بإعلان إقليم ما يسمي حضرموت من طرف واحد دون الرجوع
للأطراف كفرض أمر واقع، فإننا في المهرة وسقطرى في حلٍ من هذا، ولنا
الحرية في إعلان اقليمنا المستقل باعتباره مطلبا شعبيا يلتف حوله أبناء
المحافظتين".
وأكد باكريت: "لن نكون تابعين لأحد بعد اليوم مهما كانت التحديات.. وبات
التوجه لخيار إقليم المهرة وسقطرى أمر واقع تفرضه العادات والتقاليد
والجغرافيا والتاريخ والهوية وسيكون لنا ما أردنا في نهاية الأمر وقد
قلناها من قبل".
مآلات الصراع
يبدو ان هناك صراعا يلوح في الافق حول اعلان اقليم حضرموت لاسيما في ظل
رفض ابناء المهرة وسقطرى لهذا الاقليم ومطالبتهم بإقليم مستقل في اطار
الجنوب وفي الواقع ان اتجاه المحافظات لتشكيل احلاف قبلية خاصة بها يعبر
عن عمق الازمة التي يعيشها المجتمع هناك والذي يسعى كل منهم للسيطرة على
محافظته، البعض منها يشكل رافدا للسلطات الرسمية والبعض الاخر يريد
منازعتها القرار في صورة تؤشر الى عمق التفاعلات داخل هذه المجتمعات التي
تشعر بالإقصاء والحرمان منذ زمن رغم انها موطن الثروات التي يستفيد منها
اليمن عموما.
كيف ستتصرف القيادة اليمنية ازاء الطموحات المتواجدة شرق اليمن موطن
الثروات وتجاه الاحلاف القبلية والتدخلات الخارجية التي زادت الطين بلة،
الامر يبدو صعبا للغاية ويبدو ان اعلان اقليم حضرموت سوف يثير المشكلات
اكثر من عدم اعلانه لكن في المحصلة لماذا لا يجري ابناء حضرموت وشبوة
حوارا مع ابناء المهرة وسقطرى لإقناعهم بالبقاء ضمن الاقليم مع منحهم
امتيازات كبيرة كإعلان المهرة وسقطرى ولاية لوحدها مثلا تتمتع باستقلالية
كبيرة.
إن إعلان الإقليم ربما يؤدي الى تفتيت المنطقة الشرقية ولهذا السبب يبدو
ان الشرعية تتريث كثيرا حتى لا يؤدي الاعلان الى معارضة شديدة او ردود
افعال عنيفة قد تقوض مشروع الاقاليم برمته.
