آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-03:12ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير) .. لماذا لا يوجد داعم إقليمي واضح أو رسمي للانفصال منذُ 2007؟

الأربعاء - 03 فبراير 2021 - 10:39 ص بتوقيت عدن

(تقرير) .. لماذا لا يوجد داعم إقليمي واضح أو رسمي للانفصال منذُ 2007؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول افتقار دعوات ومطالب انفصال جنوب اليمن إلى دعم خارجي أو إقليمي..

لماذا أبلغ الروس أنهم يؤيدون فكرة حوار شامل لحل المشاكل اليمنية في إطار واحد؟

هل أن المخاوف من تناحر الفصائل الجنوبية هو السبب؟

هل العالم ليس له مصلحة من انفصال الجنوب أم أن القوى السياسية الجنوبية
إذا اتحدت يمكن أن تحظى بداعم؟

لماذا لا يدعم العالم انفصال الجنوب؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

لفت الموقع الجغرافي لليمن عموماً، وجنوب اليمن على وجه الخصوص، أنظار
العالم منذ وقت مبكر، وقبل آلاف السنين.

وارتبط هذا الموقع بالأطماع التوسعية لأكبر امبراطوريات الدنيا حينها،
والتي سعت للتواجد هنا، والسيطرة على هذا الموقع، وتنافست فيما بينها
لأجل هذا الهدف.

ونتيجة ارتباط هذا الموقع بالتنافس العالمي عليه، نتج عن هذا التنافس
صراع دولي، تحول مع مرور الأزمنة إلى بؤرة نزاع مستمر، لم تتوقف عجلتها
حتى اليوم.

وفي خضم صراع الشرق والغرب على هذا المكان من العالم، تولدت النزاعات
التي أضرّت بالمنطقة، ولم يستفد منها أهالي البلاد أبداً، حتى اليوم.

حيث لم تتوقف طبيعة الصراعات على الغزو العسكري، القائمة على أطماع
اقتصادية، بل تعدتها لتصل إلى الصراعات الأيديولوجية والفكرية، بأبعادها
السياسية، التي كانت بوابةً للسيطرة العسكرية والاقتصادية.

ونتج عن كل تلك الأطماع والغزو الخارجي الذي لم يكف يديه قط عن المنطقة،
حالات من عدم الاستقرار، والتي باتت سمة متلازمة لليمن عموماً، والجنوب
اليمني على وجه التحديد.

حتى تحولت هذه البقعة من العالم مكاناً مشتعلاً، لم يعرف الهدوء حتى
اليوم، نتيجة الصراع العالمي المحموم حوله، والذي تجلت أبرز معالمه خلال
الحرب الباردة بين قطبي المعسكرين الرأسمالي والشيوعي.

فعقب الحرب العالمية الثانية، تسابقت الأيديولوجيتان للاستحواذ على أكبر
قدر ممكن من "كعكة" العالم، بحسب أهمية ومكانة وموقع كل دولة من دولة
العالم وتأثيراتها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.

ولم يكن الجنوب واليمن عموماً، بمنأى عن هذا التقاسم والصراع الأيديولوجي.

عدن والجنوب.. في عين العاصفة

عقب انتهاء حقبة الاستعمار التقليدي، الذي قادته لقرون كثيرة كل من
بريطانيا العظمى وفرنسا، مثلت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية
(1945) تحولاً في أساليب الاستعمار والسيطرة على الدول والمناطق الهامة.

خاصةً وأن نتائج الحرب أثبتت أن ميزان القوة يتمثل في التواجد على مضايق
وقنوات العالم التي تمثل محور التحكم والسيطرة على طرق نقل الوقود
وتحركات القوة العسكرية البحرية تحديداً.

وخلال التحول من اقتصاد الفحم إلى اقتصاد النفط، أسالت الثروات الخليجية،
حيث منابع النفط لعاب الدول الغربية والشرقية في معسكري الحرب الباردة.

ونتيجة لذلك، باتت عدن والجنوب عموماً في عين العاصفة، لارتباطها بطرق
ناقلات النفط من منابعه في الخليج، والتي تمثل 40 % من طاقة العالم.

فأصبح الصراع حول عدن والجنوب على أشده، فحاولت بريطانيا البقاء أكبر مدة
ممكنة في عدن التي تزايدت أهميتها، لكنها سرعان ما تخلت عنها عقب نتائج
حرب يونيو 1967، بين العرب وإسرائيل.

حيث تسبب إغلاق قناة السويس، شمال البحر الأحمر، بالتأثير المباشر على
حيوية وأهمية ميناء عدن، جنوب البحر الأحمر، الذي بات خاوياً على عروشه،
وأمسى مجرد موقف لمراكب الصيد.

لهذا تخلت بريطانيا سريعاً عن عدن والجنوب برمته، وسلمته دون تردد للفصيل
الأقوى حينها مقارنةً بالفصائل المتواجدة على الساحة، متوقعةً حجم الصراع
الداخلي الذي ينتظر الجنوب.

ولم يكن أحد يدرك أن ميناء عدن ستعود إليه حيويته مجدداً، بعد إعادة فتح
قناة السويس عام 1975، وعودة أهميته الاقتصادية والحيوية، عندها لم يكن
أحد سباقاً مثل امبراطورية الاتحاد السوفييتي السابق للفوز بالمدينة،
معيداً عهد تسابق الامبراطوريات القديمة على عدن مجدداً.

لتعود المدينة تتمركز في عين العاصفة، وتصبح مدينةً للابتزاز العسكري
والاقتصادي الدولي، وسط صراعات داخلية لم تنتهي.

صراعات الرفاق

كما بريطانيا، أدرك الاتحاد السوفييتي أهمية الإبقاء على الصراعات التي
عصفت بالجنوب، وأبقت عليها بريطانيا لتبقى مسيطرة على إمارات ومشيخات
الجنوب.

وعملت على إذكاء أسباب الصراع الداخلي، وصدّرت فكرها الشيوعي إلى
المنطقة، وهو فكر مبني على التعامل العنيف مع الخلافات الأيديولوجية
بطريقة التصفيات الدموية، فلا مكان للحوار أو الحلول الوسط.

كان ذلك بالتزامن مع استئناف حركة الملاحة الدولية بين شمال البحر الأحمر
وجنوبه، عقب إعادة افتتاح قناة السويس، حيث أسس إنشاء الحزب الاشتراكي
اليمني عام 1978 بداية لتحول الجنوب إلى بؤرة نزاع داخلي ولدول الجوار
أيضاً.

فالصراعات والتصفيات الداخلية منذ 1967، ويونيو 1969، بالإضافة إلى حرب
اليمنيين الشمالي والجنوبي في 1972، و1979، شكلت سبباً لعدم الاستقرار في
المنطقة، بحسب رؤية دول الجوار، التي ضاقت ذرعاً بالدولة الجنوبية
الجديدة.

وما زاد من تفاقم الأوضاع والتململ الإقليمي، اعتماد موسكو للجنوب قاعدة
عسكرية متقدمة لصراعاتها ضمن الحرب الباردة مع المعسكر الغربي وحلفائه في
المنطقة.

وحتى تستمر هذه الهيمنة السوڤييتية على البلاد، كان لابد من الإبقاء على
الصراع والتصفيات الداخلية، وهو ما تم بالفعل، حتى أضحى الجنوب ساحة
كبيرة من النزاع الذي بدا أنه لم ينتهي.

تحول المنطقة نحو الاستقرار

التمهيد التاريخي السابق، لا مناص منه، حتى يُبنى عليه ما هو قادم من سطور.

فالتهديد لمصالح المنطقة والاكتفاء بتحقيق مصلحة الجهة التي ترضخ لها عدن
والنظام برمته في الجنوب، استمر سمة أساسية لمدة ربع قرن من الزمان،
لدولةٍ لم تبقى أكثر من ذلك.

فكانت الوحدة اليمنية، بإيعاز إقليمي، ونتيجة لظروف دولية أبرزها تفكك
الاتحاد السوفييتي، حلاً ارتأته الدول المجاورة وصمتت بشأنه حتى يمر مرور
الكرام، وإن كان ثمة خلاف واضح حوله، إلا أنه تم في النهاية.

هنا فقط، تحولت المنطقة إلى وضع أكثر استقراراً، مع انفتاح دولة الوحدة
مع العالم، والتعامل مع دوله وفق سياسات المصالح والتنازلات المتبادلة،
وليس وفقد أيديولوجية جامدة ومتعصبة لفكرها.

لهذا.. يبدو أن تجاوز فترة من أكثر الفترات غير المستساغة للدولة
الجنوبية التي مثلت كابوساً للمنطقة ودول الجوار، وتهديداً مستمراً، تم
وفق تلك الآلية، وتحقق بموجبها الاستقرار لمنطقة جنوب الجزيرة العربية.

ورغم تزامن الوحدة اليمنية وانتهاء دولة الجنوب، مع حرب الخليج الثانية،
والغزو العراقي للكويت، إلا أن هذا التحول السياسي في اليمن بدا وكأنه
ممنهجاً حتى يتم تمرير مصالح غربية في المنطقة بالترافق مع انهيار تركة
الدب الروسي.

دولة الجنوب.. هل يمكن أن تعود؟

عطفاً على ذكريات الماضي، وما شكلته الصراعات الداخلية بين الرفاق في عدن
والجنوب، والتي ظهرت بمظهر الصراع الفكري والأيديولوجي، إلا أنها كانت
صراعات مناطقية وعصبوية وقروية، أوصلت البلاد للارتهان للخارج، وتهديد
الجوار، وإهمال بناء تنمية حقيقية.

وبناءً على ذلك يبدو العالم مقتنعاً بأن وقت عودة دولة الجنوب لم يأتِ
بعد، فدوافع الصراعات الداخلية في الجنوب ما زالت قائمة، بحسب مراقبين،
حللوا قضية عدم حصول الجنوب لأي داعم خارجي يتبنى مطالبه، ويدعم توجهاته.

فمنذ عام 2007، لم يحظ الحراك الشعبي الجنوبي بأي دعم إقليمي أو دولي،
رغم بداياته الحقوقية الخالية من أي توجه سياسي، ورغماً عن دعوات بعض
فصائل الحراك الجنوبي لتدخلات خارجية تدعم توجهه.

ورويداً رويداً تحولت مطالب الجنوبيين إلى استعادة الدولة، ولجأ البعض
نحو بريطانيا وروسيا، باعتبار ارثهما الاستعماري والعسكري في الجنوب، فلم
يكن هناك أي استجابة.

ربما كان ذلك بسبب خلفيات الصراع والتهديد الذي عُرف عن دولة الجنوب خلال
فترة وجودها، وتوجس القوى الدولية والإقليمية من اي عودة مرتقبة لها.

كما أن المخاوف ما زالت قائمة من عودة التناحر مجدداً بين الفصائل
والعصبويات الجنوبية، والتي شكلت بؤراً متكررة للصراع وعدم الاستقرار
الداخلي، والذي تغلف بغلاف سياسي وفكري وأيديولوجي.

وهو ما انعكس اليوم في حالة الانقسام الجنوبي - الجنوبي التي تجلت في
مطالب الإقصاء لشخصيات جنوبية، والإبقاء على شخصيات شمالية، ما يؤكد أن
الصراع الجنوبي ما زال قائماً، رغم مرور عقود من انتهاء الدولة الجنوبية
وصراعاتها المتكررة.

وبالنظر لجغرافيا المواجهات العسكرية عقب تحرير عدن والجنوب من الحوثيين،
سيتأكد للجميع أن المواجهات والنزاعات ما برحت أرض الجنوب، في أبين وشبوة
وسقطرى، وفي مقدمتهم عدن.

ما يؤكد مخاوف الداعمين وتخليهم عن دعم أي توجه لاستعادة دولة الجنوب،
إذا ما استمر الوضع على حاله من الصراعات الجنوبية.

حتى أن دولةً مثل الإمارات العربية المتحدة، أدركت هذه الحقيقة التي
أدركها الاتحاد السوڤييتي ومن قبله بريطانيا، ونجحوا في اللعب على
تفاصيلها للإبقاء على السيطرة، واستخدام هذا الصراع الداخلي.

ويذهب محللون إلى التأكيد على أن أبوظبي قد تكون تدعم فصائل جنوبية تدعو
للاستقلال والانفصال عن اليمن، لكن هذا الدعم يبقى بشكل خفي ومن تحت
الطاولة.

وما يؤكد ذلك أن الإمارات لم تخرج عن التأكيد المستمر على التزامها بوحدة
اليمن، وسلامة أراضيه، وذلك بشكل رسمي عبر أطرها الدبلوماسية الرسمية،
ولم تعلن الحكومة الإماراتية أي بيانات رسمية قد تعارض ذلك.

الأمر الذي يجعل من منال الدولة الجنوبية، بعيداً وعصياً في ظل تمسك
الجنوبيين بسياسة الإقصاء والصراع الداخلي، الذي يحول دون تحقيق حلم
الدولة.

وقد لا يكون هذا الأمر مناطاً بالإماراتيين فقط، بل أنه قد يكون موقفاً
رسمياً لأغلب اللاعبين الدوليين في العالم، ممن يتوجسون من استعادة دولة
بمواصفات صراع دائم غير منتهٍ.

لهذا يبدو الحصول على داعم خارجي لحلم ومشروع الدولة الجنوبية المنشودة
غير وارد حالياً، بناءً على ما تخوف وتوجس عالمي وإقليمي من تجربة سابقة.

دلالات بيان الخارجية الرسمية

حظيت زيارة وفد المجلس الانتقالي الجنوبي إلى موسكو خلال هذه الأيام،
باهتمام محلي وإقليمي ودولي، غير أن قيادات انتقالية وإعلاميين رفعوا سقف
هذه التوقعات.

فظهر البعض متحدثاً عن دعم روسي مرتقب لاستعادة دولة الجنوب.

غير أن ما جاء في البيان الصحفي الصادر عن الخارجية الروسية، عقب اجتماع
بين مبعوث الرئيس الروسي لشئون الشرق الأوسط بوغدانوف، ورئيس المجلس
الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي، لم يورد شيئاً من ذلك.

فالبيان الروسي وصف زيارة وفد الانتقالي بأنها زيارة عمل، وليس كما تم
الترويج له بأنها بناءً على دعوة رسمية للانتقالي.

ولم يشر البيان إلى مشاورات بشأن دعم روسي لدولة الجنوب واستعادتها، بل
ذكر أن الاجتماع ناقش بشكل مفصل التطورات السياسية والأمنية والإنسانية
في "اليمن" وخاصة في مناطقها الجنوبية، مع التركيز على أبرز المهام
المنوطة بالحكومة الائتلافية اليمنية، التي دخل في تشكيلتها للمرة الأولى
ممثلو المجلس الانتقالي الجنوبي.

وبحسب البيان، فقد أولى الجانبان اهتماماً خاصاً لمناقشة آفاق الوقف
التام للقتال في اليمن وتنظيم حوار بين السلطات اليمنية الرسمية
والحوثيين.

وحمل بيان الخارجية الروسية تأكيدات موسكو على ضرورة المضي بتنفيذ اتفاق
الرياض، وتمت الإشارة من الجانب الروسي بهذا الصدد إلى أن "الحوار الوطني
الشامل الذي يراعي المصالح والقضايا المشروعة لجميع القوى السياسية
اليمنية الرئيسة هو وحده كفيل بضمان الحل الدائم للعديد من المشاكل التي
تواجهها الجمهورية اليمنية، بما في ذلك القضايا المتعلقة بتنظيم هياكلها
الإقليمية والسياسية".

وفي البيان الروسي تبيان بأن موسكو ملتزمة بدعمها للقرارات الدولية التي
تولي اهتماماً باتفاق الرياض الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، الذي تشغل
روسيا فيه مقعداً دائماً، والذي يكرر مراراً تمسكه بوحدة اليمن وسلامة
أراضيه.