آخر تحديث :السبت-18 مايو 2024-11:22ص

أدب وثقافة


عفواً يا شوقي..(مقال)

الأربعاء - 16 ديسمبر 2020 - 04:03 م بتوقيت عدن

عفواً يا شوقي..(مقال)

((عدن الغد)):بقلم وثيق القاضي

 

أعترف أنني تأخرتُ بتضامني معك لسببٍ ما، البارحة عُدتُ من مدينة تعز بعد سفر دام إثنا عشر ساعة كاملة بين دخول وخروج لأجل إخراج جواز يساعدني على مغادرة هذا البلد المليء باللصوص والزنادقة والتكفيريين، ذهبت الساعة السادسة صباحاً ووصلتُ المدينة المكلومة الساعة العاشرة ، مررتُ على نقاط التفتيش وكأنني سأذهب إلى أفغانستان للمشاركة في حركة طالبان من كثر التهكم والتفتيش وخلس الجيوب لا إلى مدينة المشاقر والورد والدفاتر والأقلام ،

تعبت كثيراً وحين وصلت بدأت بالمعاملة، أكملت معاملتي بعدما اُصيبت باليأس وكنتُ على وشك السقوط إلى الأرض من شدة رائحة الحرب وبقايا القذائف في شوارع مدينة تعز، بِشرفي أنني لم أصدق أنني في تعز بل كنتُ أؤمن أنني في حَلب السورية وفي فلوجة العراق لولا رائحة عطر الفاتنات في شارع جمال .!

أكملت عملي ثم ذهبت لتناول الطعام في ثمةِ مطعمٍ وجهه مليء بأخزاق قذائف الدبابات، كنتُ كلما مضغتُ الخُبز أطعم مرارة موت فلذات المدينة ، أعترف أنني كنت أنوي زيارة أصدقائي في تعز طالما أحببتهم من خلال هذا البرنامج الأزرق ووقعت بِحبهم دون أن أعرفهم لكن ما ذكرته جعلني أقرر العودة سريعاً، هأنا كثيف بالغرابة أتمتم وأقول يا ترى كيف كانوا يعيشون أبناء تعز وسط هذا الدمار والسواد التي خلفته الحرب الملعونة بـ مساعدة التكفيريين والزنادقة الذين ينتمون لـ ذلك الكائن الذي تَهكم عليك أمام أصدقائك ومحبيك، لكن ما جعلهم يظلون داخل المدينة الحُب الكثيف لهواءها وحجارها وتُرابها ،

عُدت إلى حيث بدأت رحلتي منهكاً وجسدي غزير بالتعب، فتحت متصفحي فقرأت لك نصاً مليء بالندوب والدموع والألم والوجع، لم أستحمل كل ذلك، حركت أصابعي لكتابة تضامن معك لكن حصل شيء لم أكن أتوقعه أن يحصل، كلما وضعت إصبعي في جسد الكيبورد أرى الحروف مليئة بالقهر وأرى النقاط تحولت إلى غُصص وتنهيدات، حاولت وحاولت وفشلت، وحين هُزمت بكتابة بيان تضامن رجمت بهاتفي ووضعتني على الفراش وقلبي يتدفق لعنات،

الآن أراني قادراً على كتابة نص مشوه نوعا ما لكنه مليء بالمصداقية تجاهك أعلن فيه تضامني معك، أشاركك الدموع والألم والقهر وإذا تريد أحولني إلى مناديل بيضاء أمسح الغيث المالح من وجنتيك لما تراجعت ، أنت لستَ وحدك يا شوقي فكلنا أنت وأنت جميعنا، سنكون جوارك، وسنكون عُكازك وسنتحول إلى قناديل نضيء طريقك حين الظلام يداهمك ، أنتَ لستَ قليل أدب كما قال ذلك الأخرق، لستَ زنديقاً كما أتهمك ذاك الملعون ولا كافراً، الزنديق والقليل الأدب والكافر من يتهكم على الإنسان دون أي سبب، من يكفر الشاب لمجرد أنه قام بِلعن الحرب ولمجرد تساؤل بسيط حول الوجود

أنت شوقي نعمان الذي نعرفه ونؤمن بأنه أبيض كقطعة ثلج.

كلنا في جوارك .

تضامني معك

وثيق القاضي .