آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-05:24م

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. كيف استطاع الحوثي تحقيق نجاحات في جبهة مأرب بالاستفادة من حرب أبين؟

الثلاثاء - 08 ديسمبر 2020 - 10:02 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. كيف استطاع الحوثي تحقيق نجاحات في جبهة مأرب بالاستفادة من حرب أبين؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول توسع الحوثي في الشمال مستفيداً من حرب الحكومة والانتقالي في أبين

هل فشلت الشرعية في خلق توازن بين معركتي مأرب وأبين؟

لماذا يتقدم الحوثيون تجاه مأرب وما هي العوامل التي ساعدتهم في ذلك؟

كيف استطاع الحوثيون التوسع في الشمال بالرغم من وجود طيران التحالف وقوات الشرعية؟

هل سيودي إيقاف الحرب في أبين إلى استعادة الحكومة لمواقعها التي خسرتها في الشمال؟

حرب أبين.. كيف خدمت توسع الحوثي في الشمال؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

قالت صحيفة (عكاظ) السعودية امس ان الحوثي يستثمر المواجهات العسكرية
التي تدور رحاها في الجنوب بين المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية في
توسيع اطماعه غير المشروعة في بعض محافظات الشمال، وهو ما يستوجب على
الانتقالي والشرعية تغليب مصلحة الشعب على المصالح المناطقية والحزبية
والفئوية الضيقة.

واوضحت الصحيفة ان ما يحدث من اقتتال في الداخل اليمني بين القوات
اليمنية الشرعية وقوات المجلس الانتقالي، لا يشير إلى أن هناك رغبة جادة
في التفاعل مع حرص المملكة على تنفيذ اتفاق الرياض، لتحقيق الأمن
والاستقرار في اليمن، خاصة في ظل المطالبات بوقف إطلاق النار والتصعيد
بين الطرفين.

واشارت الى ان اليمنيين مطالبون اليوم بالعودة إلى طاولة الحوار، ومناقشة
النقاط الخلافية، وتوحيد الجهود في مواجهة المليشيات الحوثية الإيرانية،
وإبداء حسن النوايا والرغبة الصادقة في تنفيذ اتفاق الرياض، الذي ما زال
ينظر إليه على أنه الضمانة الحقيقية لأمن واستقرار اليمن.

ويرى مراقبون ان الحرب في ابين بين الانتقالي والشرعية قد لعبت دورا
كبيرا في خدمة مشروع الحوثي واطماعه للتقدم صوب مأرب، وهي آخر المعاقل
للحكومة الشرعية في الشمال، حيث تقوم الحكومة الشرعية بإرسال القوات في
مأرب الى ابين وترك الجبهات في مأرب في وضع صعب ومهلهل من دون جند وسلاح
كاف، وهو الامر الذي مكن الحوثيين من تحقيق نجاحات خلال الايام الماضية
ابرزها السيطرة على معسكر ماس الواقع بالقرب من صرواح.

وتشكل معركة ابين حالة استنزاف كبيرة للطرفين دون تحقيق اية انتصارات لأي
منهما، ومضى على الحرب نحو ستة اشهر وقوات الاطراف المتصارعة في مكانها
دون اعلان تقدم أي طرف على الاخر ما يدل ان راسمي خريطة الحرب قد ارادوا
للقوات المتصارعة ان تظل في مكانها، موكدين ان الحرب هي حرب استنزاف في
المقام الاول وهو الأمر الذي يقدم خدمة جليلة لقوات الحوثيين في الشمال
وبقية الجبهات الأخرى التي يقف فيها الحوثي في موضع الهجوم بينما تقف
قوات الشرعية والانتقالي في خانة الدفاع.

توسع الحوثي

تدخل الحرب في اليمن عامها السابع وما يزال القتال على اشده في جبهات
عديدة في الشمال والجنوب بين الحوثيين والقوات الحكومية تساندها قوات
الانتقالي في الضالع وكرش والشريجة ومكيراس ويتخذ الحوثيون من الحرب موقع
الهجوم بينما تتخذ القوات الحكومية موقف الدفاع وعلى الرغم من وجود قوات
التحالف العربي ومشاركتها في المعركة الى جانب القوات الشرعية الا ان
الحوثي ما يزال يتوسع في الشمال وعدد من المناطق الاخرى في صورة تدل على
ان الحرب لعبت دورا كبيرا في تقوية شوكة الحوثيين الذين يعتمدون على
تمويل الحرب من اموال الضرائب والجمارك التي يجنونها من مؤسسات الدولة في
صنعاء وبقية المحافظات الشمالية وهي تصل بالمليارات.

وسبق للحوثي ان خسر محافظة الجوف قبل ثلاثة اعوام تقريبا الا انه تمكن من
استعادتها قبل عدة اشهر حينما تمكنت قواته من دخول عاصمة المحافظة
(الحزم) وتقع الجوف بالقرب من مأرب وتشترك بحدود مهمة معها وهو الامر
الذي يجعل الحوثيين يهددون مأرب اليوم باستخدام الجوف كقاعدة انطلاق
لهجماتهم عليها.

وفي 19 فبراير/شباط، نجا وزير الدفاع المقدشي من انفجار لغم أرضي أسفر عن
مقتل ستة من مرافقيه في جبهة صرواح التي تفصل مدينة مأرب عن مديرية نهم.
وفي أواخر فبراير/شباط، سيطر الحوثيون على مديريتي الغيل والخلق في
محافظة الجوف ثم سيطروا على معظم أنحاء مركز المحافظة، مدينة الحزم كما
تمكن المقاتلون الحوثيون من السيطرة على معسكر لبنات الاستراتيجي التابع
للجيش في مديرية خب والشعف في الجوف، وانسحبت القوات الحكومية ومقاتلو
القبائل إلى المناطق الواقعة شرق مدينة الحزم.

وبعد سقوط مركز الجوف في يد الحوثيين، اتجهت الأنظار نحو مأرب في ظل
تزايد المخاوف من احتمال استمرار تقدم الحوثيين نحو المحافظة. ولم يكن
بوسع حكومة هادي في الرياض الكثير لتقدمه لوقف ذلك التقدم، باستثناء
إرسال فريق وزاري برئاسة وزير الإدارة المحلية عبدالرقيب فتح، الذي كُلّف
بدعم معركة الجيش ضد الحوثيين. وبعد يومين، وصل نائب الرئيس، علي محسن
الأحمر، إلى مدينة مأرب واجتمع مع قادة عسكريين يمنيين ومن التحالف.

ما الذي يحدث في مأرب؟

وفي دراسة لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية فقد استمرت محاولات
الحوثيين لاقتحام حدود مأرب الشمالية لمدة أسبوعين تقريبًا، بهدف قطع
الطريق الدولي السريع الذي يربط مأرب بشرق الجوف وحضرموت ومعبر الوديعة
الحدودي مع السعودية. كما يؤمّن هذا الطريق مدخلًا رئيسيًا إلى مصفاة
صافر لتكرير النفط في مأرب.

وتمكن مقاتلو القبائل شرق الحزم وفي مطارح كنايس (بالقرب من قاعدة عسكرية
تحمل نفس الاسم) من إحباط تقدم الحوثيين عبر نصب كمائن وتنفيذ هجمات
مباغتة، مستفيدين من درايتهم بالطبيعة الصحراوية المنبسطة، فالمسلحون
الحوثيون معتادون على القتال في المناطق الجبلية، والصحراء المنبسطة
جعلتهم أهدافًا سهلة لطائرات التحالف المقاتلة.

وبعد فشل الحوثيين في التقدم من الجوف إلى مديريتي وادي عبيدة ورغوان
شمالي مأرب، شنوا هجومًا كبيرًا على عدة جبهات في مديرية صرواح الجبلية.
وفي 16 مارس/آذار، شهدت هذه الجبهة واحدة من أشرس المواجهات منذ بداية
الحرب مع تقدم الحوثيين نحو معسكر كوفل الاستراتيجي الذي يُعد أحد أكبر
معسكرات القوات الحكومية وآخر خط دفاع رئيسي عن مدينة مأرب، حيث يمكن
رؤيتها من المخيم الواقع على بعد نحو 40 كيلومترًا إلى الشرق.

استمرت المواجهات لأكثر من 15 ساعة متتالية، ووصل الحوثيون إلى المنطقة
المحيطة بالمعسكر. وانضم مقاتلون من قبائل مراد وعبيدة وجهم إلى القوات
الحكومية في التصدي لهذه الهجمات، بدعم من مقاتلات التحالف.

وفي 1 أبريل/نيسان، استعادت القوات الحكومية مدعومة من رجال القبائل
السيطرة على أجزاء واسعة من سلسلة جبال هيلان الاستراتيجية في مديرية
صرواح المطلة على مدينة مأرب من الجهة الشمالية الغربية والتي تشكّل
حاجزًا طبيعيًا ضد أي هجوم على المدينة.

واضافت الدراسة: كانت قوات الحوثيين قد استخدمت هذه المرتفعات لإطلاق
صواريخ الكاتيوشا على مدينة مأرب والمواقع العسكرية المحيطة بها.
واعتُبرت استعادة السيطرة على أجزاء من هيلان الانتصار الأول للجيش بعد
سلسلة من الانسحابات والهزائم في نهم والجوف، ولعبت السلطة المحلية
والقبائل دورًا هامًا في هذه العملية.

ومع احتدام القتال على عدة جبهات في مأرب، أعلن المتحدث باسم التحالف
وقفًا شاملًا لإطلاق النار لمدة أسبوعين تبدأ في 9 أبريل/نيسان، استجابة
لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف القتال وبذل الجهود لمواجهة فيروس
كورونا

ورفض المتحدث باسم جماعة الحوثيين محمد عبدالسلام وقف إطلاق النار الذي
وصفه بالمناورة السياسية. ولم يستمر القتال دون توقف فحسب، بل اشتد في
بعض المناطق أيضًا. وفي الفترة ما بين 9 أبريل/نيسان و23 مايو/أيار، حين
انتهى وقف إطلاق النار رسميًا، كانت مقاتلات التحالف قد شنت على الأقل
205 غارة جوية، ووصل عدد الضربات الجوية إلى 789 ضربة. واستهدفت أكثر من
نصف الغارات الجوية مديريتين: خبّ والشعف، في محافظة الجوف ومجزر في
محافظة مأرب، حيث تركّزت هجمات الحوثيين.]

واستمرت المعارك البرية على معظم الجبهات بالقرب من مأرب دون إحراز أي
تقدم. وفي 27 مايو/أيار، استهدف صاروخ باليستي مقر وزارة الدفاع أثناء
اجتماع لقادة الجيش في معسكر صحن الجن في مدينة مأرب. نجا المقدشي ورئيس
الأركان المعيّن حديثًا-آنذاك- صغير بن عزيز، ولكن لقي سبعة جنود، من
بينهم نجل بن عزيز، حتفهم.

ومع تقدم الحوثيين باتجاه مدينة مأرب من الغرب والجهة الشمالية الغربية،
اشتعلت جبهة قانية على طول الحدود الجنوبية لمأرب مع محافظة البيضاء.
وظهرت بوادر اندلاع معركة في مديرية ردمان آل عواض في محافظة البيضاء،
المتاخمة لمديرية ماهلية في محافظة مأرب، أواخر شهر أبريل/نيسان، حين
انتقد الشيخ القبلي والقيادي البارز في حزب المؤتمر الشعبي العام، ياسر
العواضي، علنًا، قتل الحوثيين لامرأة من السكان المحليين وطالب بتحقيق
العدالة.

وفشلت جهود الوساطة التي امتدت لأسابيع بين قبيلة آل عواض والحوثيين لنزع
فتيل التوتر وبحلول منتصف يونيو/حزيران، انتصر الحوثيون في مواجهتهم ضد
القوات القبلية وسرعان ما استولوا على المديرية. فاجأ هذا المراقبين
وأثار مخاوف تقدم الحوثيين باتجاه مأرب. وبعد أيام من المعارك، نجح
الحوثيون في قطع طريق الإمداد الرئيسي للقوات الحكومية في منطقة قانية
شمال محافظة البيضاء، والسيطرة على مواقع استراتيجية تطل على سوقها.

وتابعت الدراسة: شكّلت قوات الحوثيين المتجهة نحو مأرب قوسًا يمتد من
صحراء مديرية خب والشعف شرق الجوف، مرورًا بمديريات مأرب الوادي ومجزر
وصرواح، حتى حدود مأرب الجنوبية مع محافظة البيضاء. وكان المسلحون
الحوثيون يحاولون الوصول إلى معسكر كنايس على حدود مأرب والجوف، وقاعدة
رويك العسكرية في مأرب، شمال مصفاة صافر للنفط.

كيف يتم خدمة الحوثي؟

وبهذا العرض السابق لسير المعارك في مأرب والجوف يتبين أن الحوثيين حققوا
انتصارات كبيرة في هاتين المحافظتين بالإضافة الى محافظة البيضاء فضلا عن
منطقة نهم التي سيطروا عليها والتابعة لمحافظة صنعاء وهذا يؤشر كيف استغل
الحوثيون انشغال الشرعية بحربها في أبين ضد المجلس الانتقالي ليوسع من
هجماته في الشمال حيث أصبحت مأرب الآن شبه محاصرة من جهات عديدة وهي قاب
قوسين أو أدنى من السقوط في قبضة الحوثيين رغم مكابرة قيادة المحافظة في
نفي ذلك.

وكانت الهجمات الحوثية اشتدت أوارها خلال الشهور الأخيرة وهي الشهور التي
اندلعت فيها حرب أبين التي بلغت شهرها السادس دون تحقيق اية انتصار لأي
من الاطراف المتصارعة، بينما يحقق الحوثيون انتصارات كبيرة في الشمال على
القوات الحكومية في مختلف الجبهات وأبرزها جبهة مأرب.

ويمكن القول إن القوات الحكومية قدمت خدمة كبيرة لقوات الحوثي حينما قامت
بسحب قوات من جبهة نهم ومأرب وإرسالها الى شبوة ومنها إلى ابين لتعزيز
الحرب الخاسرة هناك مع المجلس الانتقالي، الأمر الذي أحدث فجوة كبيرة في
جبهة مأرب، وهو الامر الذي استغله الحوثيون لتوسيع هجماتهم ضد القوات
الحكومية ليصبحوا قاب قوسين أو أدنى من مأرب الغنية بالنفط والغاز.