آخر تحديث :السبت-11 مايو 2024-11:49م

ملفات وتحقيقات


المضاربة: موسم زراعي بين مصاعب الإنتاج وضعف المردود(تقرير)

الأحد - 08 نوفمبر 2020 - 04:48 م بتوقيت عدن

المضاربة: موسم زراعي بين مصاعب الإنتاج وضعف المردود(تقرير)

(عدن الغد)خاص:

تقرير/محيي الدين وبلال شوتري:

تحت أشعة الشمس الشتوية تتمايل سنابل القمح بألوانها المختلفة وعلى إمتداد مساحات زراعية شاسعة في مديرية المضاربة بمحافظة لحج ، حيث بداء موسم الحصاد منذ نهاية الشهر المنصرم وحتى الآن وبالرغم من إستمرار العديد من المشاكل ماتزال علاقة الإنسان الريفي بالأرض مستقرة فيزرع فيها ويحرص على عنايتها كي تجود عليه بمحاصيل مختلفة فقد تحدى الصعوبات والمشكلات بما في ذلك شح المياه وقلة المطر ونضوب العديد من الآبار السطحية.

*إستقبال موسم الحصاد.*

يعيش المزارع في مضاربة لحج طوال سنة كاملة،في حالة يمتزج فيها إحساس الخوف، بالأمل، انتظاراً لقدوم موسم حصاد محصول السنة، وتخزينه والبعض منهم يبيعه لتوفير ما تحتاجه الاسره وفي هذا الوقت من العام، بعد صبر طويل استمر على مدار شهور ،يرى المزارع الريفي أن موسم الحصاد عنده، شبيه بالأفراح والمناسبات لساكني المدن بأي مناسبة شعبية، فيعد موسم الحصاد إحتفالا كبيرا لجني ما عملته أيديهم طيلة شهور عديدة، فيمتلئ الوادي بالكثير من الناس بين عامل ومتنزه ومشتري.

وقبل الانطلاق للحصاد وقبل  قطف أولى سنابل المحصول الجديد، يستقبل المزارعون موسم الحصاد بالفرحة والسعادة وبالخير الذي يدرّه هذا المحصول، حيث يجتمع الرجال في المزرعة التي سيتم حصدها متوكلين وقلوبهم مغمورة بالفرح لجني ماتعبته أيديهم.

*ساعات الخروج للعمل*

يخرج المزارعون في الساعات الأولى من الصباح وقبل طلوع الشمس مصطحبين معهم مستلزماتهم للحصاد فيعملون حتى ساعات الغروب للشمس، فتساعدهم النسوة بحصد حزم السنابل الذي يكدسه المزارع في قطعة ارض مستويه تخصص لفصل الحبة من السنبلة باستخدام أحد أعواد الأشجار، حيث يقوس قليلا ثم يقوم بضرب السنبلات لتنفصل الحبه عن السنبلة ثم يعمل في أكياس فيتم تخزينه.

*تقاليد موروثة*

ورغم مشقة العمل تحت أشعة الشمس، لساعات طويلة فإن الأغاني والزوامل الشعبية التي يصدح المزارع بها أثناء الحصاد والتي تتغنى وتقال بسنابل القمح والموسم والحصاد  ويرى المزارع انها تخفف من وطأة التعب وتكون حافزا بسيطا ينسيه  مشقة الحصاد ويشجعه أكثر على مواصلة العمل دون ملل وفقاً للتقاليد الموروثة منذ القدم.

*اليد العاملة حل مرير*

رغم الآثار الإيجابية للإعتماد على الأيدي العاملة في المساعدة في توفير لقمة العيش للمواطن يرى فلاحو المضاربة أن الأمر يكلفهم الكثير من المال.

ويقول آدم محمد أحد المزارعين نضطر لإغراء العمال بصرفة يومية مع إعطائه بعض من المحصود لقاء العمل في أراضيهم والتي تتطلب عمليات الحصاد جهدا كبيرا.

فيما قال عبد الغني محمد محي الدين ندفع مايقارب 7الف ريال مع إعطائهم بعض من المحصود وهذا مبلغ مكلف مع المزارع البسيط خاصة أن المحصول في بعض المزارع لم يكن وفيرا ويغطي الخسارة في الأرض وعلى حد قوله واجهنا تكاليف كبيرة في شراء حبوب القمح ،حيث أرتفع سعره في الآونة الأخيرة.

وأضاف عبد الغني رغم رضوخنا لهذا الحل المرير إلا أننا نعجز عن توفير اليد العاملة الأمر الذي يجعلنا  نحصد ارضنا بإيدينا مما ياخذ وقتا طويلا ومجهود شاق ومتعب.

وفيما يقول المواطن محمد يسلم أحد العاملين في الحصاد أن المبلغ الذي يعطى لهم مقابل العمل قليل مقارنة بالتعب والجهد الذي سيبذلونه في حصاد الأراضي الوعرة.

ويضيف قوله أن ما يدفعهم بالعمل في الأراضي الزراعية هي البطالة والنقص في الدخل المعيشي واضطررنا للعمل في المزارع بالرغم من مخاطرها فقد نواجه خروج الأفاعي والعقارب السامة من داخل الأرض الزراعية بسبب قربها للجبال الذي يعتبر مأوى لهم.

*إصرار رغم شحة الأمطار الأبار*

يظل المزارع بالمضاربة يعشق الأرض والزراعة، فإعتماده على مياه الأمطار والآبار ركيزة أساسية فرغم خفة هطول الأمطار بالسنوات الأخيرة لكن عشق المزارع للأرض جعله يتحدى كل الصعوبات ونجح في زراعة الأرض وجني محصوله بما يكفي للعام المقبل.

ويقول المزارع فهد الصبيحي طبوغرافية مزراعنا تعتمد على مياه الأمطار والآبار حيث تضاريسنا صعبة فتنعدم مياه الأنهار لكن إصرار المزارع والتوكل على الله نجح في زراعة الأرض فقد بدأ حصد ماتم زراعته رغم تواجد بعض الصعوبات واجهتنا لكن ولله الحمد نعمل بكل مشقة لكي نتغلب على صعوبة الحياة الشاقة.

وأردف فهد بقوله :يرتبط قطاع زراعة الحبوب والقمح، بشكل رئيسي على كميات الأمطار، وهو ما يؤدي إلى تغيرات ملحوظة في كميات المحاصيل السنوية، فكل سنة تختلف عن آخرها من حيث هطول الأمطار ومنتوج المحصول، فعام نجني المحصول كبير وعام يكون خفيف جدا فيحصد بدون سنابل ولاقمح، أما محصول هذه السنة كان في بعض المناطق متوسطا .

*إرتفاع سعر المحصول عبء فوق المواطن*

ويشتكي المواطن بالمضاربة من الإرتفاع في المحاصيل الزراعية بشكل هائل جدا حيث المواطن محي الدين علي أن سعر الحزمة الواحدة من القصب 500 ريال بعد أن كانت السنة الأولى 250ريالا ويضيف محي الدين بعض المواطنين لاتوجد لديهم قطعة أرض لزراعتها ودخله محدود فلايستطيع شراء القصب للأغنام مما يضطر لبيعه والتي يعد  مصدر رزقه وغذاء أطفاله.

ومن جهة أخرى يقول المزارعون أن الإرتفاع في سعر البذور وإرتفاع مادة الديزل للحراثات وكذلك أجور العاملين جعلنا نبيع بهذا السعر لنغطي كل الخسارة داخل الأرض ويستطرد المزارعون قولهم نأمل من الحكومة تخفيف كل مايتعلق بالزراعة لكي لانحمل المواطن مالايطيق تحمله من شراء المحصول الزراعي، فكل طبقة تتحمل مافرضه الذي قبلها، كذلك لكي تشجع المزارع لزراعة الأرض.

*إرتفاع تكاليف البنية التحتية للمزارع*

إن عدم توفر الإمكانيات التي تساعد المزارع في القدرة على العطاء وإستصلاح المزيد من الأراضي الزراعية وإستغلالها إستغلالا جيدا مع إرتفاع تكاليف البنية التحتية للمزارع من مياه وأدوات زراعية كذلك ضعف التسويق الزراعي محليا وخارجيا هي من جعلت الزراعة بالبلد تتراجع منوسبها بشكل كبير فغياب الدور الحكومي المستمر قد ينذر بتوقف الزراعة خصوصا مع الإزدياد المطرد للسكان مما جعل الكثير يتوسع للبناء في الأرض الزراعية، بحجة عدم توفر أماكن للبناء فهذه ستكون أكبر كارثة للبلد إذ لم يتم دراسة الأمر وتداركه ورفد المزارعين بأدوات زراعية وبذور وألواح شمسية بإعتبارها طاقات بديلة ونظيفة وقليلة الإستهلاك عن المضخات القديمة.

*الإنتاج والاستهلاك*

لا تزال بعض القرى في في مضاربة لحج تحرص على أن تخزن من محصول الحبوب حصة للبذر، في السنة المقبلة، وعادة ما يتم اختياره أجود وأنقى الأنواع للتزرع بالأرض العام القادم ، كما تخصص كمية أخرى للطبخ ، حيث يخبز بشكل تقليدي،  حيث اغلب ماتنتجه الزراعة بالمضاربة الذرة الحمراء والبيضاء والدخن والسمسم والذرة الشامية فيما توجد بعض من زراعة البقوليات والبصل والبسباس والليم الحامض في بعض المناطق بالمضاربة كلا على حسب توفر كمية المياه.

ولم يكن الموسم الزراعي محصورا فقط على ما يواجهه من مصاعب في مجال الحبوب والمشتقات النفطية المرتفعة ومالها من آثار سلبية فاقمت من معاناة السكان الذين يعتمد غالبيتهم على العمل الزراعي فالموسم الشاق الذي بدأ وفي موسم الزراعة لدى المزارعين في سهيل أو منتصف أبريل  تعرض لاسراب كثيفة من الجراد قضت على الكثير من الزرع مما عرض المزارعون لخسائر إضافية ووفق عباس سلطان فإن أسراب الجراد التي تكررت على المنطقة أكثر من مرة كلفت المزارعين أموالا طائلة  وجعلتهم يزرعون أكثر من مرة ناهيك عن تكاليف المشتقات النفطية والحراثات المرتفعة جدا وهي إمكانات تفوق قدرات أغلب السكان الذين يعتمدون أغلب الموسم على ماتنتجه الأرض الزراعية كما أن الحبوب يتوقع تخف انتاجيته هذا العام في كثير من المناطق وخاصة التي تعتليهاجبال حيث قضت القرود على السبول في الكثير من المزارع وهذا يعني أن الحبوب لن تكفي هذا الموسم ويحتاج المزارعون لشراء كميات أخرى من الحبوب سواء للاستهلاك أو حفظه للموسم الزراعي للموسم الجديد.

*مطالبات  المزارعين*

ويأمل المزارعون بالمضاربة أن يتم  دعمهم ماديا وفنيا لمساعدتهم في التخفيف من المعاناة  حتى يتم تطوير المنتجات الزراعية بما يواكب العصر ويوفر الوقت والجهد الذي يضيعه المزارعون وفي مقدمة هذه الطموحات التي يمني مزارعو المضاربة  الحصول عليها وجود طاقات شمسيه تخفف من الحاجة للمشتقات النفطية المكلفة على المزارعون من أجل سريان المياه باستمرار وسهولة للأراضي الزراعية ودعم القطاع الزراعي ودعم المزارع بتكلنونجيا وأدوات جديدة للتخفيف من التكاليف وتوفير الجهد والوقت ووضع المعالجات من قبل السلطات والجهات المختصة والمنظمات التي تنهي الخسائر المستمرة للمزارعين سواء عن طريق الافات والحشرات وكل ما يؤثر على جودة المنتج الزراعي.