آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-01:45ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. ما هو مصير الوزير أحمد الميسري؟

الإثنين - 02 نوفمبر 2020 - 09:36 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. ما هو مصير الوزير أحمد الميسري؟

(عدن الغد)خاص:

هل قرر الرئيس هادي التخلي عن الميسري؟

ما الذي سيخسره هادي بالتخلي عن الميسري؟

إخراج الميسري من الحكومة.. هل سينهي مستقبله السياسي؟

من هو وزير الداخلية القادم وهل سيكون قوياً أم ضعيفاً؟

المعارك والمواجهات في عدن.. هل كانت تسعى إلى تغيير وزير الداخلية؟

هل هي نهاية رجل شجاع؟!

القسم السياسي (عدن الغد):

تناقلت بعض وسائل الإعلام معلوماتٍ وتقارير حول تعثر مشاورات تشكيل
الحكومة اليمنية الجديدة، والجارية في العاصمة السعودية الرياض.

ويبدو أن التفاصيل التي "يكمن فيها الشيطان" هي ما تؤخر الإعلان عن قوام
الحكومة المرتقبة، التي تدخل شهرها الرابع دون أية نتائج.

فالمكونات اليمنية- الجنوبية تحديداً- لم تغادر مربعات الصراع المتوارث،
ليس منذ عقود فقط، بل وحتى قبل ما يربو على العام.

حيث شكلت تداعيات أحداث ومواجهات أغسطس 2019 مرجعاً للعديد من القوى
السياسية في استبعاد شخصيات ورفض تواجد آخرين في قوام الحكومة المرتقبة.

وهو ما تجسد في مطالبات المجلس الانتقالي الجنوبي بإبعاد شخص نائب رئيس
الوزراء، وزير الداخلية أحمد الميسري، عن مشهد الحكومة المقبلة.

ورغم إصرار أنصار الانتقالي على أن هذا المطلب يهدف إلى إبعاد المتورطين
في أحداث أغسطس عن المشهد؛ حفاظاً على الاستقرار ومنعاً لتكرار الصراعات،
إلا أن هذا لا يستبعد خشية الانتقالي من وجود "صقور" في جبهة الحكومة
الشرعية كأمثال الميسري وغيره، وفقاً لترجيحات المحللين.

لكن.. في المقابل، هل يضمن المطالبين باستبعاد الوزير الميسري من تشكيلة
الحكومة أن يستمر الاستقرار وتنتهي المشكلات والصراعات والأزمات التي
عصفت بعدن والمحافظات الجنوبية؟.

سؤال يشكك فيه الكثير من المتابعين، كون أن الصراع ومسبباته في الجنوب
اليمني لم تكن يوماً مرتبطةً بأشخاص بقدر ما هي مرتبطة بمرجعيات وسياسات
لكل مكون، تتناقض مع أساسيات ومرجعيات بقية المكونات الأخرى.

الأمر الذي يدفع المكونات المتصارعة إلى التركيز على جزئيات صغيرة، تخشى
أن تتسبب في إضعاف موقفها وتقوية خصومها؛ وربما قد تكون مدفوعةً من جهات
وأطراف خارجية للإبقاء على حالة الضعف والخور، لتسهيل عملية السيطرة
والتحكم.

ولهذا يحذر مراقبون من مخاطر التخلي عن الرجال الأقوياء، سواء في جبهة
الحكومة الشرعية أو غيرها من المكونات والكيانات الأخرى.

كما أن التركيز على "تفاصيل الشيطان" يجعل من رؤية الحكومة للنور أمراً
بعيد المنال، خلال المشاورات الجارية حالياً، أو حتى نجاح العملية عقب
إقرارها وانخراطها في المهام العملية.

من المستفيد؟

خلو الساحة اليمنية من رجال وصفوا بـ"الصقور" يجعل من المشهد السياسي
اليمني تحت سيطرة الراغبين في الاستحواذ بالقرار السيادي، هكذا يرى بعض
المحللين.

ويزيد البعض الآخر في الإشارة إلى جبهة الحكومة الشرعية، ومحاولات
إضعافها واستبدالها- شكلياً على الأقل- بقيادات صورية يسهل التعامل معها
وفق أجندات اللاعبين المؤثرين دولياً وإقليمياً.

وفي هذا الصدد يتساءل الناشط السياسي حسام الجعدني عن أسباب الضغوطات
التي تمارسها الأطراف الإقليمية الفاعلة في الشأن اليمني على الرئيس
هادي؛ بهدف استبعاد وزير الداخلية أحمد الميسري من الحكومة القادمة.

الجعدني قال في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك"، رصدته (عدن الغد): إن
السؤال الذي ينبغي الإجابة عنه: لماذا تضغط أطرافٌ معينة؛ لاستبعاد
الميسري، مشدداً تساءله: لمصلحة من؟، ومن المستفيد؟.

واستبعد السياسي اليمني أن يكون إنهاء خدمة الميسري في الحكومة، يأتي من
أجل مصلحة البلد أو ضرورة ملحة لانتصار الحكومة الشرعية أو التحالف في
حربها على الحوثي.

وفي الفقرة أعلاه تلميح لا يخلو من السخرية اللاذعة، وإشارة إلى أنه لا
مستفيد من التخلي عن الصقور المتواجدين في صف الحكومة الشرعية، حتى
التحالف نفسه، الذي يحتاج إلى كيانٍ قوي في مهمة التخلص من مليشيا
الحوثيين.

ويؤكد الجعدني أن استبعاد الميسري من الحكومة هو عدم رغبة بعض الأطراف
الإقليمية بوجود رموز وطنية حرة لا تقبل المساومة على سيادة البلد ولا
تقبل الإملاء، بحسب وصفه.

وألمح الجعدني إلى "أن ثمة انحرافا عن مسار الحرب في اليمن"، بالإضافة
إلى وجود أطراف تسعى إلى الإضرار باليمنيين في مواجهة الحوثي وإيران،
وحرف مسار التحالف العربي، حفاظاً على مصالحها وتنفيذ أجنداتها، بحسب
قوله.

خسارة للرئيس هادي.. وخسارة للانتقالي

ولم يبتعد الصحفي الجنوبي علي منصور مقراط، كثيرًا عن الجعدني حين علّق
على تسريبات تشكيل الحكومة الجديدة، واحتمالات استبعاد الميسري من وزارة
الداخلية، في ظل الضغوطات السياسية على الشرعية.

فتوقعات مقراط تنبأت بأن تكون الحكومة المرتقبة من أضعف الحكومات
اليمنية، إن لم تكن أضعفها، في حالة خلوها من المهندس أحمد الميسري،
مشيراً إلى أنها ستكون أسوأ حكومة في تاريخ اليمن المعاصر.

مقراط كان يتحدث في مقاله المنشور على مواقع التواصل الاجتماعي، عن
مواصفات الحكومة الوطنية القوية التي يستلزمها رجالات أقوياء من نوعية
الصقور، وفق ما أشار المقال.

واعتبر الصحافي المعروف علي منصور مقراط أن الضغوطات التي تجري في الرياض
لإسقاط اسم الميسري من الحكومة القادمة، في حالة نجاحها ستكون الضربة
القاضية لشرعية الرئيس هادي ومسمار نعشها الأخير.

ويمكن أن يكون ما أشار إليه مقراط، ليس بمنأى عن التحذيرات التي أطلقها
مستشار هادي الدكتور أحمد عبيد بن دغر قبل أيام، حين نوه بوجود مثل هذه
الضغوطات لإضعاف جبهة الشرعية اليمنية.

غير أن مقراط لم يستثن المجلس الانتقالي والتحالف العربي حتى من التفريط
بالميسري، وقال: "كما سيخسر المجلس الانتقالي والتحالف أقوى شخصية سياسية
ووطنية صادقة وشجاعة تجاهر بمواقفها بكل جسارة وثبات".

ويبدو أن رؤية الكاتب الصحفي الجنوبي كانت عميقة، وهو يتحدث عن افتقاد
الشعب اليمني أفضل رجالات الدولة، حد وصفه، مؤكداً أن بقاء الميسري
وتواجده في الحكومة يشكل عامل توازن مهم كون الناس عرفته وتصدرت شعبيته
كل أنحاء الوطن وخارج حدوده.

مثل هذا الطرح لا ينفي وجود كفاءات ورجالات أقوياء ووطنيين في الشرعية،
غير أن مقراط يلفت إلى أن هناك كثيرا من الأسماء ستأتي في الحكومة، لكن
من المستحيل أن تملأ الفراغ الذي سيتركه أحمد الميسري إذا نجحت كل
المساعي والضغوطات لإبعاده.

وهو ما اعتبره مراقبون أنه اعتراف بعدم تعويض رجل بمثل مكانة الميسري،
وتاريخه السياسي في الذود عن سيادة اليمن والحكومة الشرعية، ومواقفها
السياسية.

حتى أن الكثير من المراقبين يؤكدون أن خسارة الرئيس هادي والحكومة
الشرعية برمتها، بسبب مغادرة الميسري للوزارة والحكومة، سيكون فادحاً،
خاصة في ظل التربص الذي يُحدق بالشرعية اليمنية، وفق تصريحات سياسيين
ومصادر مقربة من الرئاسة اليمنية.

مستقبل الميسري السياسي

يبدو أن الأوضاع تسير نحو إبعاد الميسري عن مشهد الحكومة الجديدة،
باعتباره أحد المتورطين في أحداث أغسطس، بحسب طرح الانتقالي وكل من يطالب
باستبعاد الرجل.

وهذه الجزئية، ينتقدها أنصار الميسري والشرعية، حيث أن الطرف الخصم
للحكومة لم يخضع هو الآخر لهذا المعيار الخاص بإقصاء المتورطين في أحداث
أغسطس.

غير أن التوقعات بإنهاء المستقبل السياسي للميسري لا تصمد كثيراً أمام
النبوءات القائلة بفشل الحكومة المرتقبة في أداء مهامها، عطفاً على
التركة الثقيلة التي تواجهها، والظروف المحيطة بها.

فبحسب السياسي اليمني أحمد الصالح فإن الحكومة القادمة ستكون صدمة للشعب
وستعقد المشهد السياسي أكثر من قبل، كاشفاً عن أن الحكومة ضمت في قوامها
أسماء مخيبة للآمال.

وأضاف الصالح في منشور رصدته (عدن الغد) بالقول: إن ‏إعلان الحكومة
الجديدة مسألة وقت فقط، ولكن المشكلة الرئيسية لا تكمن في إعلانها فقط،
بقدر ما تتركز في تركيبتها ونزاهة وقدرة وزرائها المعينين.

وتأسف الصالح لوجود كثير من الأسماء المطروحة مخيبة للآمال، وستكون صدمة
للشعب وستعقد المشهد السياسي أكثر من قبل، آملاً من القوى والأحزاب إصلاح
المعضلة مبكراً، وتقديم المصلحة العامة.

وفي مثل هذه الحالة، يعتقد مراقبون أن مستقبل الميسري السياسي لا يمكن أن
ينتهي، بناءً على ما يحكم الحكومة القادمة من عوامل الفشل المحدقة بها،
وإمكانية عودته في حالة خروجه، قد تكون أكثر إلحاحاً إذا لم تقوَ الحكومة
القادمة على النجاح.

كما أن المشاكل التي تعاني منها الحكومة في مرحلة تشكيلها، تؤكد أن
استقرارها سيكون صعباً، فسياسة المحاصصة لم تكن يوماً حلاً بقدر ما كانت
بؤراً لصراعات وأزمات لاحقة، ويبدو النموذج اللبناني ماثلاً للعيان.

حكومة لكل اليمن.. وليس للجنوب فقط

أبرم اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي، لحل مشكلة
الصراعات والمواجهات منذ بداية 2018، وحتى أواخر 2019، وإنهاء سيطرة
الانتقالي على مؤسسات الدولة ومرافقها.

غير أن بنود الاتفاق نصت على تشكيل حكومة يمنية، وليس حكومة جنوبية،
بمعنى أن نطاق مهامها وواجباتها تستوجب أن تشكل النطاق اليمني بشموليته،
وليس مجرد المحافظات الجنوبية.

وعليه، فإن أداء الوزراء الجنوبيين، والمنتمين للمجلس الانتقالي،
والمكونات الحراكية تحديداً، يضع وزراء الجنوب على المحك، وهو ما يستدعي
وجود شخصية بمثل رؤية الميسري الوطنية، الشاملة لعموم اليمن، وليست
القاصرة على منطقة الجنوب وحدها فقط.

وفي هذا الصدد يجب ألا ننسى أن الحكومة اليمنية المرتقبة سيكون نطاق
مهامها وواجباتها ممتداً على كل خارطة الجغرافيا اليمنية، وليس فقط على
الجنوب، وهنا تنبع أهمية وجود شخصيات حكومية بمثل التوجهات اليمنية
والوطنية الشاملة لكل التراب اليمني، شمالاً وجنوباً.

وزير الداخلية القادم!

ثمة سؤال منطقي، ويتبادر سريعاً إلى الأذهان بمجرد الحديث عن احتمالات
مغادرة الميسري لوزارة الداخلية والحكومة اليمنية، وهو: من هو وزير
الداخلية القادم؟.

ومع تردي الأوضاع الأمنية في مدينة عدن تحديداً، يُحتم وجود وزراء أقوياء
وقادرين على التغيير وإحداث الفرق، عطفاً على الفوضى والانفلات الأمني
الذي تعيشه معظم المدن المحررة، إن لم نقل جميعها.

وهو ما استطاع الوزير أحمد الميسري تحقيقه خلال فترة توليه وزارة
الداخلية اليمنية، وتميزه بأن عمله ومهامه شملت أرض اليمن برمتها، ورغم
أنه جنوبي الانتماء، إلا أن جهوده تضمنت الجغرافيا اليمنية بشكل عام.

وهو ما يحتاجه الوضع الراهن في اليمن، ويستوجب وجود وزير يمني، حتى لو
كان جنوبياً، يلم بالأوضاع الأمنية في عموم اليمن، وليس فقط في الجنوب.

ونظراً لأهمية وزارة الداخلية، لصفتها السيادية، فقد كانت من نصيب الرئيس
هادي، الذي تقع عليه مهمة تعويض انسحاب الميسري من مشهد الحكومة الجديدة.

وبناءً على ذلك، تبدو المهمة مستحيلة للغاية، فتعويض الميسري- بحسب
مراقبين- من الصعوبة بمكان، خاصةً في ظل الظروف السياسية والضغوط
الخارجية الحالية التي تمارس بحق الرئيس وبحق جبهة الحكومة الشرعية.

حتى أن بعض المراقبين يذهب إلى أبعد من ذلك، حين يشيرون إلى أن تلك
الضغوطات الإقليمية والدولية والتي تستهدف الشرعية بدأت مبكراً للتخلص من
رجالاتها الأقوياء، وتحديداً منذ أحداث أغسطس 2019.

حيث يعتقدون أن تلك المواجهات ما اندلعت إلا بهدف أقصاء صقور الشرعية من
المشهد، وعلى رأسهم الميسري وغيره من أقوياء الشرعية، وهو رأي يحتاج إلى
من يؤكده ويقوي موقفه.

لكن في النهاية، يبقى الميسري رقماً صعباً في الحياة السياسية اليمنية،
وليس فقط الجنوبية، وأن غيابه عن المشهد يستلزم تغطيته بشخصيات لا تقل
قوةً وحفاظاً على وحدة اليمن وقراره السيادي، وهو ما يخشى المتابعون أن
تفتقد إليه البلاد، وسط إغراءات إقليمية ودولية، ورغبة عالمية في إنهاء
الأزمة اليمنية التي طالت كثيراً.