آخر تحديث :السبت-11 مايو 2024-11:49م

ملفات وتحقيقات


لماذا أمر حسين عشال باحتلال الإذاعة واعتقال شخصيات قيادية وسياسية .. وكيف اصبح البيض رئيساً بدلاً عن قحطان الشعبي ؟

السبت - 10 أكتوبر 2020 - 02:59 م بتوقيت عدن

لماذا أمر حسين عشال باحتلال الإذاعة واعتقال شخصيات قيادية وسياسية .. وكيف اصبح البيض رئيساً بدلاً عن قحطان الشعبي ؟

(عدن الغد)خاص:

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة ( السابعة والعشرون )

متابعة وترتيب / الخضر عبدالله :

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة ) للرئيس علي ناصر محمد .

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

حيث يذكر لنا في مذكراته عن وقائع وأحداث وتغيرات المت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م ) حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات نسردها في أثناء السطور وإليكم ما جاء فيه

سيطرة على مراكز هامة واعتقال قيادات سياسية .. فمن خلفها ؟

في هذه الحلقة يروي لنا سيادة الرئيس علي ناصر حول تحركات الوحدات العسكرية التي كانت بامر العقيد حسين عشال , والتي احتلت الإذاعة وشوارع العاصمة، حملة مداهمات واسعة اعتقلت خلالها ما يزيد على ثلاثمئة من القيادات والشخصيات السياسيةو وبقية التفاصيل نتركها لرئيس ناصر هو من يعرضها لنا حيث قال :" في صباح العشرين من شهر آذار/ مارس، بتمام الساعة الخامسة والنصف، تحركت وحدات عسكرية بأمر من العقيد حسين عشّال، قائد الجيش، فاحتلت الإذاعة وشوارع العاصمة، وشنّت حملة مداهمات واسعة اعتقلت خلالها ما يزيد على ثلاثمئة من القيادات والشخصيات السياسية، بينهم أعضاء في القيادة العامة للجبهة القومية ومن خارجها ومن القوى السياسية الأخرى، هم: عبد الله الخامري، وعلي صالح عباد "مقبل"، وسلطان أحمد عمر وعبد الله الأشطل وعبد الله باذيب وأبو بكر باذيب وعلي باذيب وحسين محمد الجابري وسعيد عبد الوارث "الإبي" وعلي سالم البيض وعبد العزيز عبد الولي وأحمد صالح الحسني وآخرون. وراح راديو عدن يذيع بيانات باسم "الجيش والأمن وقطاع الفدائيين" تدعو إلى مقاتلة "الشيوعية". وأعلن حظر التجوال في عدن وزنجبار والكود وجعار، وأُغلِقَت الموانئ والمطارات والحدود، وخيّمت على الجنوب سحابة سوداء تضعه على حافة حرب أهلية طاحنة. وفي مساء ذلك اليوم، حاصرت وحدات الجيش مقرّ رئاسة الجمهورية، وطلبت القيادة العسكرية من الرئيس قحطان الشعبي إعلان تشكيل حكومة جديدة تتكفل "إنقاذ البلاد من الشيوعية"، لكنه رفض ذلك، بل حذّ‍ر العسكريين من مغبّة الاندفاع في التمرد وتوسيع رقعة الانتقام، وحاول إقناعهم بالعودة إلى الثكنات، لكن دون جدوى. أما هم، فقد أمعنوا في إهانته والتعرض له استقواءً بالجيش وبالنشوة الأولى لنجاح حركة 20 مارس في السيطرة على المرافق الأساسية. لقد بالغ مدبّرو التمرد في تقدير قواهم (ناؤومكين، ص 237)، ذلك هو الاستنتاج المنطقي الذي فرض نفسه في نهاية الأمر.
جاء أول ردّ فعل للحركة العسكرية من بعض الوحدات الفاعلة، مثل الألوية (20) و(6) و(14) و(30)، ثم اندلعت الأعمال الشعبية المناهضة، رغم منع التجوال، وأصدرت اتحادات العمال والطلبة والنساء بيانات إدانة في العاصمة، وطوّقت فصائل المقاتلين في جبهات القتال في جعار والضالع ويافع بعض ثكنات الجيش النظامي، في ردّ فعل على الحركة. وفي أبين تحركت قوات الجيش والأمن، وسيطرت على بعض المواقع، وتحركت القبائل ونصبت نقاط تفتيش بين شقرة وزنجبار وجعار وعدن.

النجاح في إطاحة حكم الجبهة القومية.. لهذا السبب !

ويستدرك بالحديث ويقول :" في مساء يوم 20 آذار/ مارس، كان واضحاً أنّ حظ النجاح في إطاحة حكم الجبهة القومية كان بعيداً بسبب تردد العسكريين الذين كانوا يفتقرون إلى الغطاء السياسي لحركتهم، وقد ارتكبوا خطأً قاتلاً عند قيامهم بهذه الحركة، واستعدوا كل الذين كانوا يتعاطفون معهم، وأُقصي بعض رموزهم لاحقاً. عندها، عقدت القيادة العامة اجتماعاً عاجلاً تعذّر على البعض الوصول إليه، وقد رفض فيصل عبد اللطيف وعدد من أعضاء القيادة حضوره، احتجاجاً على الحصار العسكري المضروب على مقرّ الرئاسة. غير أنّ الاجتماع توصل إلى قرار بإطلاق سراح المعتقلين، لكن قيادة الحركة لم تتجاوب مع القرار، فكيَّف المجتمعون القرار، مطالبين بنقل المعتقلين من مقرّ الحركة الانقلابية (اللواء السادس) إلى مدينة الشعب في المعسكر التابع للأمن العام. فيما حاول كل من فيصل عبد اللطيف وسيف الضالعي غير المطلوبين للاعتقال (محسوبان على مجموعة الرئيس) العمل على تهدئة الأمور والتدخل لإيجاد مخرج للأزمة، فنجحا أولاً بإطلاق سراح عبد الله باذيب، باعتباره ليس طرفاً في الصراع الجاري داخل الجبهة القومية.

لحظات مشحونة بالتوتر .. وعبدالفتاح يعلن عن مرضه لماذا ؟

ويردف في حديثه قائلاً :" في تلك اللحظات المشحونة بالتوتر، أعلن عبد الفتاح إسماعيل، مرة أخرى، أنه مريض وغير قادر على الحضور، في خضمّ الأحداث، وحتى إبداء رأي بشأنها، ودخل إلى مستشفى الجمهورية.
وعلى الرغم من أنّ الحركة العسكرية جاءت هشّة وانفعالية، إلّا أنّ مجموعة القيادة العامة، بالنزعتين اللتين تتقاسمانها، أخفقت في التماسك. فلا مجموعة الرئيس أفلحت في ضبط الحركة واحتوائها، ولا المجموعة المعارضة تمكنت من إدارة الصراع بالحكمة والعمل السياسي والتنسيق. لقد وجدت هذه المجموعة نفسها مشتتة منذ الساعات الأولى للحركة، إذ عمد سلمان35 إلى تهريب علي صالح عباد بسيارة خاصة إلى منطقة الدرين الواقعة بين الشيخ عثمان والمنصورة، وسط حيّ مزدحم بالمنازل والورش الصغيرة، ومن هناك هرب عباد بسيارة إسعاف إلى زنجبار - أبين. وقفز الخامري، حينما دهمته قوة عسكرية لاعتقاله، من أعالي منزله، محاولاً الهرب، فسقط مرتبكاً وانكسرت رجله، ثم تمكن صهره من تهريبه إلى جيبوتي بمساعدة شخصية من فيصل عبد اللطيف، ومنها غادر إلى بيروت بحجة الدراسة، لكنه عاد بعد زمن قصير إلى تعز.

البيض رئيساً بدلاً من قحطان؟‍‍‍‍‍‍‍‍!

ويسترسل بالحديث :" أما علي البيض، فقد ترك منزله هارباً من القوة العسكرية التي كانت تبحث عنه، والتجأ إلى منزل وكيل وزارة الدفاع محمد صالح الوالي في حيّ العيدروس، حيث دهموا المنزل، وكادوا يقبضون عليه لولا أنه كان في "مأمن" داخل دولاب الملابس كما روى ذلك محمد صالح الوالي. وفي وقت لاحق، نقل محمد صالح مطيع عن البيض أنّ العسكريين كانوا قد عرضوا عليه أن يكون رئيساً للجمهورية بدل قحطان الشعبي، ولما رفض احتجزوه. ولكن هناك رواية أخرى تقول "إنه عرض على محمد علي هيثم رئاسة الدولة من قبل المقدم أحمد محمد بلعيد، ولكن محمد علي هيثم رفض هذا العرض، وقال: لا يشرفني الوصول للرئاسة عبر هذا الانقلاب، وغداً سيحدث عليّ انقلاب آخر".

ظنّ المعتقلون الذين نُقلوا إلى مقرّ "اللواء السادس" أنّ هناك مجموعة من الأميركيين تشارك في الحركة، دون أن يتأكدوا من ذلك! فقد شاهدوا مجموعة من المهندسين البريطانيين، هم البقية الباقية من مجموعة الخبراء، فظنوهم أميركيين، في وقت لم يكن في ذلك اليوم على أرض جمهورية اليمن الجنوبية سوى أميركي واحد يقيم في التواهي، هو القنصل "بيرى"، وقد أُبعد بتاريخ 26 آذار/ مارس 1968م بعد الأحداث مباشرةً بطلب من وزير الخارجية سيف الضالعي، بتهمة تدخله في شؤون البلاد الداخلية وتورطه في نشاطٍ معادٍ لها، ولإثبات التهمة على حركة 20 مارس بارتباطها بالمخابرات الأميركية، أُعلن حينها طرد الملحق العسكري الأميركي، وهذا ليس صحيحاً - كما أشرنا آنفاً - فلا وجود لملحق عسكري أو حتى سفارة أميركية، بل هناك قنصلية تأسست في نهاية القرن التاسع عشر في عدن.

احداث حرجة ولحظة تاريخية .. فما هي ؟

ويتابع حديثه فيقول :" أجواء متلبدة، وأحداث حرجة، ولحظة تاريخية وصل فيها الصراع إلى نقطة تهدد باستنزاف طويل. وإذا بالرئيس قحطان الشعبي يتقدم، بمبادرة للتسوية الوسطية، ينسحب في إطارها العسكريون إلى الثكنات ويقبل الطرف الآخر بعدم إدانة الحركة أو الانتقام من مدبريها. وهكذا أُطلِق سراح المعتقلين، ووُصفت الحركة بأنها "اجتهاد فردي مخلص خاطئ، جاء رداً على التطرف اليساري". غير أنّ الضغط الشعبي فرض على الرئاسة تسريح نحو 150 عسكرياً وموظفاً في جهاز الدولة، لكن القيادة العسكرية رفضت ذلك. ( للحديث بقية ).