آخر تحديث :الخميس-25 أبريل 2024-09:05م

ملفات وتحقيقات


موسم العودة إلى المدارس لمن استطاع إليه سبيلا .. الغلاء يثقل أعباء أهالي عدن

الأربعاء - 07 أكتوبر 2020 - 11:28 ص بتوقيت عدن

موسم العودة إلى المدارس لمن استطاع إليه سبيلا .. الغلاء يثقل أعباء أهالي عدن
استئناف العملية التعليمة في عدن

(عدن الغد)خاص:

تقرير/عبداللطيف سالمين:

مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد في عدن كل عام يتوجه الآلاف من أبناء الاهالي بصفة يومية لشراء حاجيات ومستلزمات المدارس قبل أن تبدأ حتى بأسابيع، ولكن هذا العام تأخر كثيرا موسم المدارس والذي شهد ركودوا ملحوظا بالرغم من بدء الموسم الدراسي الجديد منذ أيام بشكل رسمي في كافة مدارس مديريات محافظة عدن.

وبالرغم من الغلاء، والظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها مدينة عدن من انهيار قياسي للريال اليمني مقابل العملات الصعبة وانقطاع الرواتب، وانتشار البطالة، لا بدّ لأولياء الأمور من زيارة المكاتب والأسواق كي يشترون لأبنائهم وبناتهم ما يحتاجون إليه من مستلزمات مدرسية تتنوع ما بين كشاكيل وأقلام وحقائب وكراسات وكتب ومراجع خارجية وغيرها.

ركود في الشراء وغلاء في الأسعار

تضاعفت أسعار مستلزمات المدارس في عدن عن السنة الماضية لاضعاف السعر ما يكسر ظهر الأهالي وتفاقم معاناتهم في كيفية تدبير القرطاسية والاغراض المدرسية لأبنائهم، وخاصة في ظل غلاء الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن.

وفي جولة لـ”عدن الغد” على محلات القرطاسية وتجهيزات المدارس في مديريات عدن، بدت الأسعار مواكبة لموجة الغلاء العامة التي طالت أسعار معظم السلع ، وتثقل كاهل أي عائلة سترسل أبناءها للمدرسة  تعليقات مختلفة تسمعها من الأهالي الذين بدأوا بشراء مستلزمات محدودة لأطفالهم، تقول أم فاطمة وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية أنها كانت مصدومة تماما عندما عادت من السوق بالأسعار التي صادفتها فما ادخرته لمثل هذه الفترة من السنة لا يكفيها لتجهيز أطفالها وإرسالهم للمدرسة، وتضيف إذا كان مصروف الطفل يصل لـ اكثر من 40ألف بشكل تقريبي وبأقل المتطلبات وأدناها، فكيف الحال مع الأشخاص الذين لديهم أكثر من ولد، وكيف الأمر بالنسبة لمن لا يتجاوز مدخوله الشهري الـ 50 ألف، كان الله بعون البشر.

موسم غير اعتيادي

وفي شارع الحب بالشيخ عثمان غياب للازدحام غير معتاد في بداية العام الدراسي. في استقبال المتسوقين باعة متجولون، يعرضون الأدوات المدرسية على الأرصفة، ويتقنون تسويق بضاعتهم، وحولهم حقائب من مختلف الأحجام وتلال من الكشاكيل والدفاتر المتراصة التي تخطف الأنظار، ومكتبات تلتصق بعضها ببعض إلى اليمين واليسار في الحارات الضيقة المتفرعة من الشارع الرئيسي. بعض المكتبات تفتخر كما تكشفه لافتاتها، بكونها تعرض كل الانواع والمستلزمات المطلوبة ". هكذا يصبح المكان هو الهدف السنوي لأولياء الأمور قبل بدء العام الدراسي، وامتدادا لايام واسابيع مع بدء العام بحسب الظروف الذي يقتضيه الموسم.

في أطراف شارع الحب في الشيخ عثمان دخلت إحدى ربات البيوت في نوبة من البكاء، بسبب ما واجهته من غلاء الأسعار، خاصة أسعار المستلزمات المدرسية.

وقالت  أم محمد مدرسة ووالدة 3 طلاب في مدارس حكومية: إنها بكت في الشارع أثناء شرائها الأدوات المدرسية، قائلة «تفاجئت بأسعار خيالية، وهو ما جعلني أبكي ولاقيت ان مامعي لايكفي لشراء نصف الاحتياجات المبالغ باسعارها رغم انها كلها صناعة صينية لا تدوم لنصف العام».

بدوره، يؤكد ياسين الشرجبي أحد العاملين في إحدى المكتبات بمديرية خور مكسر أنّه على الرغم من الازدحام، فهناك ضعف في الإقبال على شراء المستلزمات المدرسية والأدوات المكتبية هذا العام، كون بعض المتسوقين يعتبرون الفارق في السعر كبيرا بين المكتبات وغيرها من البسطات في شوارع عدن فضلاً عن انتشار عروض في أماكن كثيرة بأسواق ديريات عدن، تقدم مستلزمات المدارس بأسعار منافسة.

ورجح صاحب المكتبة  في تصريح ل "عدن الغد ": ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية وقطاع التعليم كغيره يتأثر بارتفاع الدولار وزيادة الأسعار، لافتاً وان المستلزمات الدراسية لاقت نصيبها من الغلاء، فالدفاتر والأقلام والحقائب المدرسية تضاعفت عن العام الماضي

ترف اجتماعي في مثل هذه الظروف

في حين رأى أبو حسن أن إرسال الطفل للمدرسة أصبح ترفا اجتماعيا في مثل هذه الظروف لارتفاع تكاليفه، وعدم جدواه في المستقبل فمعظم الخريجين لا يعملون بشهاداتهم، وحتى من يعمل بشهادته فدخله محدود جدا ولا يوازي التكاليف التي قدمها الأهل في سنوات الدراسة، في المقابل يتحدث بعض الأهالي عن محاولتهم ضغط النفقات بقدر الإمكان، أمام ضغط الأسعار والواقع حيث ستقوم أم سليم بإرسال ابنها للمدرسة بلباس العام الماضي، ومثلها سيفعل أهالي كثر تحدثوا إلينا عن عدم قدرتهم على تجهيز أولادهم حتى بالحدود الدنيا لكنهم مجبرون على التحايل على الواقع بعد أن اختلفت ظروف الحياة التي ألفوها سابقا.

أعباء وضغوط . . ومخاوف من الأمراض والأوبئة

يتهيب معظم الأهالي ويتخوفون من بدء عام دراسي جديد مع ظروف اقتصادية استثنائية، ارتفعت فيها أسعار المواد المدرسية بصورة جنونية إذ بات إرسال الطالب للمدرسة يتطلب من الأهل نفقات كبيرة لا تغطيها مداخيل معظم الأسر، وخاصة الموظفين وذوي الدخل المحدود، إضافة لتوجس الأهالي من انتشار وباء كورونا والخوف على أولادهم من إرسالهم للمدرسة في مثل هذه الظروف الاستثنائية.

من ناحية أخرى يبدو الخطر الصحي المحدق بتجمع الطلاب في مدارسهم وزيادة انتشار وباء كورونا عاملا إضافيا للضغط على الأهالي مع بداية العام الدراسي، ورغم التطمينات التي قدمتها وزارة التربية بأن أولويات عملها في الوقت الراهن الحرص على صحة وسلامة الأبناء التلاميذ والطلاب والأطر التعليمية والإدارية، ومتابعة استقصاء واقع البيئة المدرسية في الندارس جميعها، والعمل على تأمين المتطلبات المدرسية لتكون المدارس جاهزة مع بدء العام الدراسي، إلا أن المخاوف عند الأهالي مشروعة بتساؤلات مختلفة قدمها الأهالي حيث تساءل بعضهم عن الطريق التي سيتم من خلالها شرح الدروس للطلاب فيما لو كان المدرس مرتديا للكمامة، وكذلك بالنسبة لتبادل الدفاتر بين الطلاب، فيما يتحدث بعض الأهالي بقسوة أكبر عن التعامل الصحي في المدارس، والقدرة على ضبط الطلاب فتقول إحدى أولياء الأمور : في فترة مضت التربية لم تكن قادرة على محاربة القمل في المدارس لتكون قادرة على السيطرة على وباء عالمي يفتك بالأطباء والبشر من كل حدب وصوب، وبالنسبة إلي لن أرسل أطفالي للمدرسة حتى تتحسن الأمور، وما زال الكثير من الأهالي يناشدون وزارة التربية ويأملون بتأجيل بداية السنة الدراسية لحين تحسن الأوضاع وتوضح الأمور.

الفقر يحرم الأطفال من حقهم في الدراسة

يُعتبر الأطفال من أبرز الفئات التي تتأثر بالحرب والظروف الاقتصادية ، إذ يعتمد كثير من الأسر، نتيجة الفقر وغياب البديل، على ما يجنيه الأطفال من عملهم كمورد رزق رئيسي.

واضطُرّ كثير من الأطفال في وتدهور الوضع الإنساني والاقتصادي إلى دخول سوق العمل رغم صغر سنّهم لإعالة أنفسهم وأسرهم، مؤجّلين أحلاماً هي من أبسط حقوقهم، مِمَّا خلّف آثاراً سلبية على هؤلاء الأطفال، وجعلهم عرضة للاستغلال وسوء المعاملة، وحرمهم حقَّهم في التعليم.

تتعدد المسببات الدافعة إلى خروج الأطفال إلى العمل، ومن أهمّها الفقر وصعوبة الحياة المعيشية، أو فقدان العائل لموت أو اعتقال أو إصابة، كما أن الحرب والنزوح واللجوء كلها عوامل تنتج عنها ظروف اقتصادية صعبة، مِمَّا يدفع الأطفال إلى العمل للإسهام في تلبية الحاجات المعيشية للأسرة.

بملابسه الرثة وجسده المُتعَب يجرّ الطفل نادر، في أحد شوارع مديرية الشيخ عثمان عربة البطاط، متنقلاً بين الأسواق والمدارس طوال اليوم، ليجني رزق أسرته.

الطفل نادر "11 عام" أصبح المسؤول عن الإنفاق على إخوته وأمه بعد وفاة والده في حرب 2015.

نادر يعشق المدرسة، وكان مواظب على واجباته المدرسية، لكن حاجته إلى العمل أجبرته على التخلِّي عن آماله وأهدافه في الحياة

يتحدث نادر عن معاناته بالقول: "تُعِدّ أمي البطاط وتجهّز العربة بما يلزم، وتوقظني في الصباح الباكر لأتجوّل بين الشوارع وعلى أبواب المدارس، وأعود في المساء بعد أن أبيع ما لديّ، أعطي ما جنيته لأمي لشراء الخبز والطعام".

أم نادر تشعر بالحزن على ولدها الذي تَحمَّل مسؤولية كبيرة تفوق عمره وقدراته، وتقول ل"عدن الغد": "لا شك أن التعليم حقّ وحاجة للأطفال، لكن المعيشة والبقاء على قيد الحياة حاجة أولى، إذ اضطُررت إلى إرسال أولادي للعمل بعد وفاة والدهم، وفشلي رغم محاولاتي المتكررة في الحصول على فرصة عمل لكوني لا أحمل شهادة ولا أتقن مهنة".

ليس الطفل نادر وحيداً في هذه المعاناة، إذ اضطُرّ كثير من الأطفال عدن إلى البحث عن عمل يساعدهم على كسب لقمة العيش التي باتت صعبة المنال، أمام ضعف الدخل اليومي مقارنة مع النفقات العالية وغلاء الأسعار الكبير الذي تشهده المدينة.