آخر تحديث :الأربعاء-08 مايو 2024-03:21ص

أدب وثقافة


المجالس الأدبية ..هل تراجع دورها لصالح المجالس الافتراضية

السبت - 03 أكتوبر 2020 - 10:08 م بتوقيت عدن

المجالس الأدبية ..هل تراجع دورها لصالح المجالس الافتراضية

عدن (عدن الغد) خاص :

كنب / هايل علي المذابي 

إلى أي مدى خدمت التكنولوجيا الحديثة الأدب والإبداع ..!؟

عناوين جانبية :

-         قاصد  : التكنولوجيا حطمت مركزية المبدع..!!

-         أيوب  : التكنولوجيا ساهمت في ايصال اصوات لم تكن لتصل..!!

-         حجازي : التكنولوجيا تغلبت على مشكلة التواصل ..

-         دماج  : وصل متابعيني إلى أكثر من 2000 شخص ..!!

-         صالح : العالم الإلكتروني عالم موازي وبوتقة انصهرت فيها كل الثقافات ..

-         إنتصار : أهم خدمة قدمتها وسائل الاتصال الجديدة للأدب ما يسمى بـ " الأدب التفاعلي " ..!!

-         سمير درويش : من مكاني داخل بيتي أحاور شاعرًا إنجليزيًّا وشاعرة جنوب أفريقية وأرسل إنتاجي لمستشرق ألماني.

لعبت التكنولوجيا الحديثة دوراً هاماً في إنعاش الأدب والثقافة، وأبطلت المركزية والأبراج العاجية للمبدعين والأدباء، وسعت من خلال حركة النشر الإلكترونية إلى إيصال أصوات أدبية لم تلق حظها في الوصول، كما وصارت على قاب قوسين أو أدنى أن تحل محل المجالس الأدبية، وذلك بما توفره مجالسها الافتراضية متمثلةً في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والتويتر وغيرها من خدمات هي أجدى من حيث الزمن والظروف لنشر الإبداعات ونقدها خلاف المجالس الأدبية، واستطاعت هذه التكنولوجيا بشبكاتها الإلكترونية المختلفة أن تعيد للغة العربية الفصحى هيبتها التي كانت قد خسرتها في مضامير التعليم المدرسية والجامعية والتي كان إهمالها على حساب الاهتمام باللغات الأخرى وتعليمها، وتهميش الفصحى على حساب العامية كل هذا وأكثر وفرته التكنولوجيا الحديثة فهناك من طبع أعمالاً شعرية ونثرية كانت عبارة عن رسائل بالهاتف المحمول وتغريدات وخواطر على الحيطان ومثل هذا وغيره وأكثر  ....

في هذا التحقيق حاولنا استقصاء الأبعاد التي وصلت إليها التكنولوجيا الحديثة في خدمة الأدب والإبداع وطرحنا تساؤلات بهذا الصدد.

التكنولوجيا خدمت الأدب

كانت البداية مع الشاعر والناقد قاصد الكحلاني والذي يرى أن العصر هو عصر تقنية المعلومات، ولا شك ان التكنولوجيا الحديثة قد خدمت الأدب مثلما خدمت كل العلوم والفنون، سواء في التخزين الهائل للمعلومات، وتداولها، أو بتسهيل التواصل بين الناس منشئين ومتلقين. وهو ما أتاح للأديب نشر إبداعاته وللمتلقي الاطلاع على كل جديد وقديم، كما أتاحت التثاقف والمشاركة في الإنتاج، سواء بالرأي أو النقد أو الانطباع. فضلا عن أن التكنولوجيا قد حطمت مركزية المبدع، ووفرت مناخا يتيح للقارئ أن يصير كاتبا وللكاتب أن يصير قارئا. المواقع والمنتديات والصفحات الأدبية أسهمت في إثراء وتطوير الإبداع أكثر من المجالس الأدبية إلى حد لا يمكن معه المقارنة بين الاثنين. وإن ظلت المجالس باقية، إلا أن دورها يتراجع لصالح المجالس الافتراضية.

كسرت الحواجز الجغرافية

الشاعر أيوب حشاش من زبيد يؤكد أن التكنولوجيا الحديثة قد ساهمت في كسر الحواجز التي كانت تعيق المبدع وهي حواجز جغرافية ونفسيه لقد ساهمت التكنولوجيا في ايصال اصوات لم تكن لتصل وقد سهل عملية النشر للمادة الإبداعية واذا عدنا بالذاكرة للوراء نتذكر كم كان الأديب الذي لا يعيش في العواصم يجد صعوبة في ايصال ابداعه بالفاكس او البريد.. التكنولوجيا افادت الإبداع نشراُ وترويجا وكذلك اتاحت الاطلاع على الجديد لذا اصبحت المنشورات على مواقع الأنترنت تمثل نقطة هامه للتواصل لكن لا اظن انها حلت محل المجالس الأدبية المباشرة  مازالت التكنولوجيا الحديثة عندنا دون المستوى المطلوب ونحتاج للوقت الكافي لإعطاء حكم في هذا الصدد,,      

تغلبت على مشكلة التواصل

الشاعر والمترجم حسن حجازي – مصر- يقول : قامت التكنولوجيا الى حد كبير بالتغلب على مشكلة التواصل بين الأدباء بل صارت اوسع وارحب لكن المجالس الأدبية لم يزل لها رونقها وبريقها..

كنز معلومات

سمير درويش أديب – وزارة الثقافة المصرية -  يستهل حديثه عن خدمة التكنولوجيا للأدب والإبداع بقوله :  الكمبيوتر وفر للأدباء أداة نظيفة يكتبون عليها إنتاجهم الأدبي دون للجوء للمسودات والشخبطة والتبييض، كما سهل نشر هذا الإنتاج دون أخطاء لأن الأدباء أنفسهم يقومون بالكتابة والتشكيل والتصحيح.. الخ.

ويضيف : حين جاء الإنترنت واستخدم على نطاق واسع بأسعار زهيدة، كان كنز معلومات يستطيع الكاتب أن يفتحه ببساطة كلما أراد، والنقل منه إن احتاج.

ويتفق رأي درويش مع أيوب وحجازي في أن شبكة الأنترنت قد ضيقت المسافة إلى درجة التلاشي بين الأدباء في شتى محافظات الدولة الواحدة، وكانت صعبة قبل ذلك خصوصًا في الدول الواسعة، وبين الأدباء في كل مكان بالعالم.. فمن مكاني داخل بيتي أحاور شاعرًا إنجليزيًّا وشاعرة جنوب أفريقية وأرسل إنتاجي لمستشرق ألماني.. الخ، مما سهل التواصل وساعد على انتشار الأدب بشكل ملحوظ.

 أكثر من 2000 متابع

الشاعر ضياء دماج – ألمانيا -  يقول : مؤكد التكنولوجيا خدمت الأدب بشكل كبير.. بحيث أن القارئ يستطيع ان يجد أعظم الكتب للأدباء والشعراء والكتاب اذا لم يكن كلهم على الانترنت وعلى صفحات الويب ..وهذا لا يستطيع نكرانه أحد .. أما عن تجربتي الشخصية فلولا اليوتيوب ولولا صفحات الفيسبوك ومنتديات الانترنت لما عرفني أحد ولما وصل المتابعين لما أكتب أكثر من 2000 شخص.. المجالس الأدبية تراجع دورها وهذا شيء سيء للغاية والمفروض ان يتم الفصل بين مجالس الأدب في الانترنت ومجالس الأدب في الحقيقة.. طبعا لأن هناك الكثير في الدول العربية ممن لا يستعملون الانترنت وليس عندهم هواية التصفح فيه وهناك من يريد ذلك ولكن لا يملك انترنت وهناك ومن لا يملك كمبيوتر أو لابتوب شخصي.. فالمفروض أن يكونا خطين منفصلين عن بعض وأن لا يتغلب احدهما على الاخر مع أن الملحوظ ان الانترنت يجعل الكثير من الكتاب والأدباء معروفين وخاصة الموهوبين ..لأنه ليس هناك مجال كبير للمجاملات .. خاصة ومن يعجب بك وبما تكتب انسان لا يعرفك ولا تعرفه وخلف شاشة الكترونيه وبإمكانه أن يكتب أي شيء لأن له مطلق الحرية

عالم موازي

الأديب صالح البيضاني رئيس تحرير موقع نادي القصة اليمني "إل مقه "  يرى أن العالم الالكتروني- في ظل التطورات المتسارعة في العالم وخصوصا في ظل ما بات يسمى بالانفجار المعرفي – قد بات عالما موازيا وبوتقة تنصهر فيها كل ثقافات العالم ولم يعد من الممكن أن يظل الأدب العربي خارج هذا العالم الذي أثبتت الحقائق مدى فاعليته كونه أسهل وسائل المعرفة.. حيث أثبتت الأيام منذ دخول خدمة الانترنت وحتى اليوم أن هذا الاكتشاف المعرفي الجديد نسبيا فرض حضوره بقوة على صعيد النشر الالكتروني حيث أنشئت آلاف المواقع الثقافية على الشبكة التي ضخت سيلا جارفا من الإبداعات التي لم يكن الوصول إليها ممكنا من قبل في ظل العوائق التقليدية التي عانى ويعاني منها المبدع العربي مثل صعوبة الطباعة والنشر و الصعوبة البالغة في إيصال الكتاب المطبوع إضافة إلى الحواجز الثقافية التي فرضت لدواعي سياسية واقتصادية وتسببت في تجزئة المشهد الثقافي العربي إلى مشاهد إقليمية ضيقة حيث لم يعد الأديب العربي قادرا على التعرف أو الاقتراب من الأديب العربي في قطر آخر وهو الأمر الذي كرس بعض الأسماء المحظوظة التي استطاعت أن تنفذ من هذا الجدار الثقافي بالموازاة مع تغييب الكثير من الأسماء.. لذلك فقد شكل النشر الالكتروني عبر الانترنت متنفسا كبيرا للمبدعين العرب و استطاعت الكثير من الأجيال بواسطته التعريف بإبداعها بأثر رجعي متخطية عوائق الانتشار التقليدية.

بعثت الحياة من جديد للفصحى

الأكاديمية والأديبة الدكتورة إنتصار البناء – البحرين -  لها نظرة ورؤية خاصة فتؤكد أن الثورة التكنولوجية في مجال الاتصالات لم تكن ثورة علمية أثبتت قدرة العقل البشري على الإبداع الفيزيائي والإلكتروني في اختصار الوقت وتخطي المسافات فحسب ، بل لقد استطاع العقل البشري المتلقي لهذه الثورة الإبداع في الاستفادة منها في مجالات شتى كان الأدب أحدها .

   وترى البناء أن وسائل الاتصال المختلفة وخصوصا شبكات التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر بعثت الحياة من جديد في الكتابة بالفصحى بعد أن أوشكت مجتمعاتنا تنزلق نحو العامية في برامج الدردشة على الحواسيب والهواتف المحمولة، لقد صار طيف واسع من مستخدمي الفيس بوك وتويتر يشذبون لغتهم العربية ويجملونها بأحسن الألفاظ والتعابير ويرصعونها بأعطر الكلام من الذكر الحكيم والحديث النبوي، وبأجمل الأشعار والأقوال المأثورة، لقد عادت الفصحى لحالة التآلف مع الكُتاب والقراء وعاد حب الفصحى والتمتع بها والطرب لسماعها، فالكتابة في فضاء عام يتلقاه جمهور مختلف المستويات من بقاع شتى جعلت المرء يشعر بمسؤولية الكتابة بدءا من انتقاء المعاني وانتهاء بالتدقيق في اللغة، وتلك نعمة كبيرة نشكرها للتقدم العلمي ولوسائل الاتصال .

أما عالم الأدب، فقد أفاد من هذا الفتح البشري إفادة كبيرة، فلم تعد المعلومة الأدبية من أسماء الأدباء وإصداراتهم حكرا على رفوف المكتبات، ولم يعد التواصل معهم محكوما بظروف الجغرافيا وأسلاك الهواتف، وربما تكون أهم خدمة قدمتها وسائل الاتصال الجديدة للأدب ما يسمى بـ " الأدب التفاعلي "، حيث إن عالم الانترنت بتلوناته المتعددة تحول إلى مؤسسات لإصدار الأعمال الأدبية وإعادة نشرها وتملك القراء لها، ومنبرا حرا لنقدها ومناقشتها والتحاور فيها، خارج مقص الرقيب أو ممحاته، ومع الأديب مباشرة .

 وتضيف مؤكدةً : كسرت وسائل الاتصال هيبة الأبراج العاجية، وصار بإمكان الجميع التحاور مع الجميع وطرح الآراء والتعليقات، وصار بإمكان كل موهبة أدبية أن تعبر عن بداياتها وتتلقى النقد والتعليقات، وصارت كل قامة أدبية كبيرة تتعامل مع قرائها باعتبارهم نقادا يمتلكون حق النقد وأدواته التي تناسبهم، وعمل المعجبون والأوفياء لبعض الأدباء الراحلين بتأسيس مواقع وحسابات لهم، وبذلك ظلت ذكراهم باقية وأعمالهم متداولة.

  وتختتم بقولها :" لا نستطيع تجاهل الدور الإيجابي الذي لعبته التكنولوجيا في خدمة الأدب وإعادة حيوته، وهي وإن اختصرت المسافات ووفرت الأوقات، لا تستطيع أن تُغني عن المنتديات الحية وعن التفاعل الحي مع الأدباء والنقاد، وليس في مِنح العصر مفاضلة، فالتواصل السريع وإمكانية تداول المعلومة هي سمة عصرنا وعلينا الاستفادة منها، ولكن يبقى في الاستحضار الحي للأدب ميزة لا تضاهيها ميزة، فكلما أمْتعنا محمود درويش بحضوره وأداءه، تمنيت نفسي حاضرة في بلاط سيف الدولة أسمع المتنبى وأشاهد أداءه .