آخر تحديث :الثلاثاء-21 مايو 2024-10:23م

ملفات وتحقيقات


الأزمات التي واجهت الجنوب اليمني والجبهة القومية كان احد أسببها الفكر الثوري .. لماذا ؟

الثلاثاء - 08 سبتمبر 2020 - 03:32 م بتوقيت عدن

الأزمات التي واجهت الجنوب اليمني والجبهة القومية كان احد أسببها الفكر الثوري .. لماذا ؟

(عدن الغد) خاص

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة (  السابعة عشر   ).
متابعة وترتيب / الخضر عبدالله :
تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها الالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة  ) للرئيس علي ناصر محمد .
وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .
وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس  من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .
حيث يذكر لنا في مذكراته  عن  وقائع وأحداث وتغيرات  المت  بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م )  حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات  نسردها في أثناء السطور  وإليكم  ما جاء فيها ..
 
كيف كانت محاولة إخضاع قيادة الجبهة القومية ..؟

عقب حديث الرئيس علي ناصر السابق  عن الظواهر السيئة والمشاكل اليومية التي تعتري أعمالهم وكيف تم التخلص منها .. في هذا العدد يحدثنا حول مبادرة فيصل عبداللطيف وكيف نالت التفويض عند القيادة .. حتى  نتعرف عن  بقية التفاصيل نرك الحديث لسيادة الرئيس ناصر حيث يقول :"أنّ الوجه الآخر لما كنّا نعانيه، يتجسد في عدم كفاية الحصيلة النظرية والفكرية التي بدأنا نسترشد بها في تجربتنا الجديدة. وأعني بالتحديد ضعف المقولات الاشتراكية المطروحة ومحدوديتها، والطابع الميكانيكي التلقيني الذي غلب على التعامل معها، ما خلق حالة من الفوضى والمزايدات في التفسير والاجتهاد، استمدت بعض اندفاعاتها من الأطروحات الذاتية البعيدة عن واقع حياة الجنوب اليمني، التي جاء بها بعض المثقفين العرب، كنايف حواتمة، وحاولت إخضاع تفكير قيادة الجبهة القومية لها، وتمثلت برؤيته للثورة ومستقبلها في كتابه "أزمة الثورة في اليمن الجنوبي"، حيث اضطرت القيادة ــ بمبادرة من فيصل عبد اللطيف إلى الردّ عليه في المساجلة المعمَّقة التي كتبها فيصل ونال تفويض القيادة بها، وقدمها باسم أربعة من أعضائها (فيصل عبد اللطيف، علي عبد العليم، عبد الفتاح إسماعيل، وخالد عبد العزيز)، منعاً للإيحاء بأنّ المساجلة فردية، ولقطع الطريق على القيادة وبعض رموزها المترددين من أن تتراجع عن الاستخلاصات والطروحات الواردة في ثناياها.

كانت هناك جملة من القضايا فما هي ؟

ويواصل حديثه :" كان أمام القيادة، في الواقع، جملة من القضايا والأسئلة عن الملف الوطني والاجتماعي والاقتصادي، وكان ملف الشؤون التنظيمية يفرض نفسه يومياً مع تنامي "الأزمة الفكرية" في البلاد. وبهذا الشأن أود أن أعرض وجهة نظر السيد عبد الفتاح إسماعيل، وزير الثقافة والإرشاد القومي، التي نُشرت في مجلة روز اليوسف في عددها الصادر بتاريخ 12 شباط/ فبراير 1968 خلال حديث أجراه مصطفى الحسيني، المحرر السياسي بالمجلة، وأورده هنا للدلالة على طبيعة التعقيدات التي كانت تواجهها البلاد حينها:

ازمة في السلطة كانت لهذا السبب !

وحول أستلام السلطة وكيف كانت مفاجاة يستدرك  بالقول :" "عندما استلمنا السلطة أحسسنا بأننا تائهون. كان استلامنا السلطة مفاجأة لم نُعدّ أنفسنا لها... وهي حقيقة لا يجوز أن ننكرها... لم تكن أزمتنا أزمة كادر فقط، وإنما أزمة برنامج أيضاً. كان كل ما عندنا ميثاق الجبهة القومية الذي تم إقراره عام 1965. والميثاق نفسه يحتاج إلى إعادة تفكير، الميثاق عبارة عن مجموعة من المنطلقات النظرية، وبرنامج عمل لمرحلة ما قبل الاستقلال. البرنامج حققناه... المنطلقات النظرية، هل تبقى كما هي؟ هل تحتاج إلى مزيد من التحديد؟ هل تحتاج إلى مزيد من الإيضاح؟ مثلاً. في ملاحظاتكم التي أبديتموها لنا - كصحفيين - أنّ بين شباب الجبهة القومية اتجاهات عديدة. من اتجاهات قومية ثورية يسارية واضحة الطابع القومي. إلى اتجاهات إسلامية في بعض المواقع. إلى اتجاهات ماركسية صينية في مواقع أخرى، إلى اتجاهات شديدة التأثر بالثورية الواقعية – نموذج كوبا – في مواقع غيرها... وهذه طبعاً ظاهرة صحية من ناحية، لكنها ظاهرة سلبية من ناحية أخرى... صحية لأنها تعكس نوعاً من حيوية الفكر في التنظيم... وهي حيوية يبررها واقعه من ناحية... فالواقع أنّ التنظيم كان يعاني – نظرياً – من نواقص عديدة: عمومية الميثاق، ضعف ارتباط القواعد بالقيادات في بعض المناطق... كان مهيّأً لتأثيرات ورياح خارجية في بعض المناطق، والمهم أن نقول إنها تأثيرات ورياح خارجية وليست أجنبية، وبمعنى أنها ناتجة من انفتاح بعض المناطق على العالم، ومن ارتداد هجرات وطنية جديدة من الخارج إلى الوطن... وتبقى هذه الظاهرة صحية طالما بقيت في نطاق الصراع الفكري داخل التنظيم، أما أن تعكس نفسها كتعبير خارجي من بعض أفراد التنظيم أو مجموعاته الإقليمية، فهذا هو جانبها السلبي، والذي ليس له سوى معنى واحد: هو ضعف الوحدة الفكرية للتنظيم. وهذه الظاهرة ترتبط بظاهرة أخرى، تتمثل في نوع من ضعف الارتباط التنظيمي الداخلي. نظراً لظروف العمل قبل الاستقلال كانت بعض المناطق ضعيفة الاتصال بالقيادة العامة. فكانت تعتمد تماماً على تقديراتها ومبادراتها الخاصة... بعد الاستقلال حلّت مشكلة الاتصال لكن بقيت (عادة) الاستقلال بالتقدير والمبادرة... فأهم ما يواجه التنظيم من مسؤوليات الآن هو صياغة وحدته الفكرية والتنظيمية على أسس متينة وصحيحة".

أزمة الجنوب اليمني والجبهة القومية .. هذا قصتها !

وعن  أزمة التقصير  التي واجة الجنوب اليمني والجبهة القومية  يسترسل في الحديث ويقول :" ومن جانبي كنت ألاحظ أنّ هذه الأزمة ليست مقتصرة على الجنوب اليمني ولا الجبهة القومية في تلك المرحلة التي كان فيها الوطن العربي خارجاً من "نكسة" حزيران، وقد فقد توازنه وانسجامه، واندفعت منظماته وأحزابه وحكوماته وجميع مؤسساته الفكرية والأكاديمية والجماهيرية والتربوية في دوامة البحث عن مخرج لتضميد جرح المهانة القومية، وتسمية أسباب الهزيمة: فردّها بعضهم إلى القصور الفكري الثوري .

ويتابع ويقول :" ونسبها آخرون إلى هشاشة الاقتصاد، وعزاها فريق ثالث إلى الفساد الإداري، وبعضهم إلى غياب العلم والعلمانية... أو إلى الفئوية الحاكمة… أو إلى الغفلة أو الحظ أو انتقام السماء، حتى وصل الأمر بالبعض إلى أن اعتبر أغاني الفنانة أم كلثوم سبباً لهزيمة القوات المصرية أمام الإسرائيليين! والبعض عزاها إلى غياب الديمقراطية، بينما عزاها البعض إلى ضعف الوازع الديني، وأخيراً الوجود المصري في اليمن للدفاع عن ثورة 26 سبتمبر. ( للحديث بقية ).