آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-09:27ص

ملفات وتحقيقات


تقرير يرصد الأحداث المتسارعة في المهرة عقب دعوة المجلس الانتقالي لفعالية شعبية تأييدا للإدارة الذاتية

الأحد - 26 يوليه 2020 - 10:27 ص بتوقيت عدن

تقرير يرصد الأحداث المتسارعة في المهرة عقب دعوة المجلس الانتقالي لفعالية شعبية تأييدا للإدارة الذاتية

(عدن الغد)خاص:

هل نجح الانتقالي بإقامة الفعالية أم تعرض لصفعة مدوية؟

تحرك السلطة المحلية والقبائل بالمهرة لمنع فعالية الانتقالي.. لماذا؟

بماذا ردت قيادات الانتقالي عقب منع التظاهرة؟

بعد شبوة.. هل خسر الانتقالي حضوره في المهرة؟

*المهرة.. عودة إلى الواجهة مجددا

تقرير/ عبدالله جاحب - جعفر عاتق:

محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، أو كما تعرف بالبوابة الشرقية لليمن، ذات
الطابع السلمي منذ الأزل، وصوت الشرق الهادئ بعيدا عن المشاكل الكثيرة
التي يعيشها البلد، وعرفت المحافظة بالهدوء السياسي والاستقرار العسكري،
وكانت خير مثال لحالة السكينة السياسية والعسكرية.

ومنذ بدء الاجتياح الحوثي والانقلاب على مؤسسات ومرافق الدولة في أغلب
المحافظات اليمنية، كانت المهرة المحافظة الوحيدة التي لم يضربها غزو
الحوثي، ولم تعرف هبوب رياح النزوات الإرهابية.

عاشت المهرة استقرارا كبيرا في الجانب السياسي والعسكري، ولم تدخل
المعمعة والصراع السياسي والتناحر العسكري الذي اجتاح المحافظات الجنوبية
المحررة وظلت في انعزال عن الصراعات وفي عزلة ذاتية عن المشاريع السياسية
المختلفة.

تشهد المهرة اليوم تطورا لافتا للأحداث تدخل فيه المحافظة منعطفا جديدا،
بعد أحداث العام 2017، كونها كانت ذات طابع سلمي، لكنها الآن تتجه صوب
مواجهة نارية سياسية وعسكرية مباشرة وذلك إثر التصعيد المتبادل بين
السلطة المحلية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

فهل تشهد محافظة المهرة الهدوء الذي يسبق هبوب العاصفة بعد أعوام من
الاستقرار العسكري والسكينة السياسية؟!.

زلزال المهرة.. هل يضرب الانتقالي؟!

على إيقاعات وأوتار فعالية حضرموت للمجلس الانتقالي الجنوبي بدأت
الاستعدادات، وعلى نشوة نجاح مليونية المكلا اتخذ المجلس الانتقالي
الجنوبي قراره بالتمدد مجددا نحو محافظة المهرة، بعيدا عن حسابات
واحتمالات السقوط والفشل المدوي، كان الإعداد والحشد الإعلامي والسياسي
والترتيبات الأخرى تجري بوتيرة عالية لتنفيذ فعالية شعبية في مدينة
الغيضة عاصمة المحافظة.

وفي خطوات استباقية ردا على إعلان الانتقالي إقامته فعالية شعبية في
محافظة المهرة، أغلق مسلحون من قبائل محافظة المَهرة الطرق المؤدية إلى
المحافظة، ومنعوا أنصار المجلس الانتقالي من الدخول إليها، كما سيطرت
القبائل على الساحة التي قال المجلس الانتقالي إنه سيقيم فيها فعاليته،
في حين قررت اللجنة الأمنية في المحافظة منع إقامة أي فعاليات لأي طرف في
الفترة الحالية.

وقالت مصادر محلية في المحافظة إن مسلحين قبليين بالمهرة أغلقوا المنافذ
الغربية للمحافظة المحاذية لمحافظة حضرموت، منعا لدخول عناصر المجلس
الانتقالي إليها.

وأوضحت المصادر ذاتها أن المسلحين انتشروا في ساحات الاحتفالات العامة
بمدينة الغيضة (عاصمة المحافظة)، في خطوة استباقية لمنع إقامة تظاهرة
المجلس للمطالبة بتنفيذ الإدارة الذاتية، مضيفة أن المسلحين انتشروا أيضا
قرب المؤسسات الحكومية الحيوية، في ظل مخاوف لديهم من سقوطها تحت سيطرة
المجلس.

من جانبها قررت اللجنة الأمنية بمحافظة المهرة في اجتماع استثنائي مساء
الجمعة برئاسة المحافظ محمد علي ياسر- شاركت فيه قيادات عسكرية وزعماء
قبليون- منع إقامة "أي فعاليات لأي طرف خلال هذه الفترة"، ودعت اللجنة
الأمنية "جميع الأطراف والمواطنين إلى عدم الزج بالمحافظة في أتون
الصراعات"، مشددة على أنها لن تسمح بالمظاهر المسلحة والاستعراض بالسلاح
وتخويف المواطنين وإرهابهم.

وناقشت اللجنة في الاجتماع التداعيات والتوتر الخطير الذي تشهده المحافظة
والذي سيلقي بظلاله على حالة السلم الاجتماعي وضرب النسيج الاجتماعي
بالمحافظة، مهيبةً بكافة أبناء وسكان المحافظة الوقوف مع مؤسسات الدولة
المدنية والأمنية والعسكرية وعدم الانجرار خلف من يحاولون جر المحافظة
إلى مربع العنف والصراع والويلات التي تعاني منها المحافظات الأخرى تحت
غلاف أجندة سياسية مريبة.

وفي السياق ذاته قال مسؤول التواصل في لجنة اعتصام المهرة السلمية، أحمد
بلحاف، بتدوينه على موقع (تويتر)، إن رجال القبائل سيطروا، مساء أمس
الأول الجمعة، على ساحة العروض المخصصة لاحتشاد أنصار المجلس الانتقالي
الجنوبي، كما قاموا بإغلاق كافة مداخل مدينة الغيضة، عاصمة المحافظة
المحاذية لسلطنة عمان، شرقي اليمن.

ودعا محافظ محافظة المهرة محمد علي ياسر، جميع الأطراف في المحافظة إلى
تحكيم لغة العقل وتقديم مصلحة المحافظة على ما عداها.

وأكد المحافظ، على حسابه الرسمي بـ(تويتر) أن دعوته تأتي للحفاظ على أمن
واستقرار المحافظة ولتجنيبها الانزلاق في الصراعات والفوضى.

وطالب الجميع بضرورة التعاون مع السلطة المحلية والأجهزة الأمنية
والعسكرية في المحافظة، للحفاظ على أمن واستقرار وسلامة المحافظة
والابتعاد بها عما لا تحمد عقباه.

وأشار مراقبون إلى أن حالة الرفض من السلطة المحلية والقبائل في المهرة
للفعالية التي دعا لها الانتقالي قد تكون صفعة قوية للمجلس الانتقالي
الجنوبي، الذي كان يعيش حالة النشوة السياسية والإعلامية من نجاح فعالية
حضرموت.. فهل تكون محافظة المهرة زلزالا يضرب عمق وكيان المجلس الانتقالي
الجنوبي؟!.

وفي أول ردود المجلس الانتقالي على التحركات الرافضة لفعاليته الشعبية في
المهرة قال نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك ان فعالية
تأييد الإدارة الذاتية للجنوب بالمهرة نجحت بقوة قبل أن تبدأ.

وغرد بن بريك على صفحته بـ(تويتر) قائلا: احتفالية المهرة نجحت قبل أن
تبدأ بفضل الله ثم بفضل جهود أبناء المهرة والتفاف كل الشعب الجنوبي
معهم.

واضاف: سلام الله على المهرة وأهل المهرة أهل السلم والسلام والقيم
والأخلاق الرفيعة والعلوم الوافية.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، نزار هيثم في
تغريدة مقتضبة على (تويتر) أن "كل محاولات إسكات صوت أبناء المهرة
ووقوفهم خلف المجلس ستفشل"، معتبرا أن ما أعلنته القبائل يمثل "قمعا
لحرية التعبير"، على حد وصفه.

انتشار أمني لمنع فعالية الانتقالي

وصباح أمس السبت نفذت قوات الأمن المحلية بمدينة الغيضة عاصمة محافظة
المهرة انتشارا أمنيا هو الأوسع منذ شهور، حيث انتشرت قوات الأمن وسط
عاصمة المحافظة وعلى مداخل ومخارج المدينة.

واوقفت السلطات الأمنية مواكب تابعة للمجلس الانتقالي خارج المدينة ومنعت
دخولهم إلى عاصمة المحافظة للمشاركة في الفعالية التي دعا لها المجلس
تنفيذا لتوجيهات اللجنة الأمنية العليا بالمحافظة.

وعصر السبت، تجمهر العشرات من انصار المجلس الانتقالي أمام مقر المجلس
بمدينة الغيضة.

وتجمهر العشرات رافعين شعارات المجلس منددين بقيام السلطات الأمنية بمنع
الفعالية المركزية التي كان مقررا اقامتها في ساحة الاحتفالات المركزية.

وفي وقت إقامة التظاهرة، سمع دوي اطلاق نار بمحيط مقر المجلس الانتقالي
الجنوبي في مدينة الغيضة بمحافظة المهرة.

وقال شهود عيان لصحيفة (عدن الغد) ان دوي اطلاق نار سمع في محيط مقر
المجلس الانتقالي بالغيضة دون الكشف عن ملابسات ذلك.

ردود الأفعال عقب منع التظاهرة

توالت ردود الأفعال عقب منع السلطات المحلية في المهرة إقامة تظاهرة
مؤيدة للمجلس الانتقالي بعاصمة المحافظة مدينة الغيضة.

وعلق رئيس مكتب المجلس الانتقالي في اوروبا أحمد عمر بن فريد على منع
اقامة فعالية مؤيدة للانتقالي في المهرة.

وقال بن فريد في تغريدة له: من يمنع الجماهير من أن تمارس حقها المشروع
في التجمع السلمي هو الطرف العاجز الذي يخشى ان تفضح الحشود قيمته وحجمه
وتأثيره السياسي وهو بما يفعل يقدم نفسه للعالم على أنه مجرد مجموعة من
العصابات الموجهة.

واشار بن فريد الى ان أهم أهداف فعالية المهرة بدأت تتحقق حتى قبل أن تبدأ.

كما قال القيادي في الحراك الجنوبي محمد الحضرمي إن منع دخول المتظاهرين
التابعين للمجلس الانتقالي إلى مدينة الغيضة فعل خاطئ من قبل السلطات
الأمنية.

وأكد الحضرمي ان مثل هذه الاعمال انتهاك واضح لحقوق الناس في التعبير عن آرائها.

وأضاف الحضرمي بالقول: نستنكر بأشد العبارات ما تعرض له المواطنون في
محافظة المهرة من محاولة منع المظاهرة السلمية التي دعا لها الاخوة في
المجلس الانتقالي الجنوبي من قبل عدد من الاطراف الرسمية وغير الرسمية.

وتابع قائلا: ونعتبر ذلك انتهاكا لحرية الرأي والتعبير ويندرج تحت لافتة
التعدي على حقوق الانسان وفقا للمواثيق الدولية وندعو كافة الاطراف الى
تحكيم صوت العقل والمنطق وعدم تأزم الموقف باتجاه اشعال نار الفتنة
والاحتراب الداخلي وتفكيك النسيج المجتمعي لأبناء المحافظة الواحدة، وإن
استخدام القوة والترهيب المسلح من قبل اي طرف لمنع مظاهرة سلمية لن يصب
إلا في مصلحة اعداء الوطن الذين يتربصون به شرا ويسعون الى الفتنة في هذا
الظرف العصيب الذي يمر به كل الوطن.

من جانبه علق الخبير العسكري السعودي العميد حسن الشهري على مهرجان
لأنصار المجلس الانتقالي في المهرة.

وقال الشهري في تغريدة له: المحافظة الوادعة (المهرة) تنتصر على الحريزي
والاخوان والحوثي اذرع الارهاب الدولي الايراني والتركي والقطري.

واضاف: تنتظر المحافظة ان يترجم المجلس الانتقالي ذلك بمنحها ادارة ذاتية
وتقطع السبل على العملاء لمنع تهريب السلاح والمخدرات والمال الحرام لمن
يساهم في قتل مستقبل الشعوب في المنطقة.

هل يتكرر سيناريو شبوة؟

يرى الكثير من المراقبين ان المجلس الانتقالي الجنوبي يتمدد عسكريا
وسياسيا في كثير من المحافظات الجنوبية المحررة بقوة، ويملك الزخم
الشعبي، والحاضنة الشعبية ولكنه يتبخر وينزوي في زاوية الفشل والاخفاق في
محافظتي شبوة والمهرة، ويجد نفسه "كفيفا" سياسيا و"مشلولا" عسكريا.

وأكد المراقبون أن كل محاولات المجلس الانتقالي في شبوة تفشل وفي المهرة
تخفق وتلك هي المعضلة والمشكلة والكابوس الذي يلاحق المجلس الانتقالي،
ويقف حائرا عن ايجاد إجابة شافية وافية لكل من يجد المجلس الانتقالي
فاشلا على أبواب شبوة ومخفقا على اسوار المهرة.

وأشاروا إلى أن ذلك الاخفاق والفشل المدوي في محافظة مثل المهرة وعدم
مقدرة المجلس الانتقالي على اقامة الفعالية بمثابة (الهزة الارتدادية)
التي تصيب عمق المجلس الانتقالي عقب نجاح فعاليته في المكلا، وتكرارا
لسيناريو سقوط النخبة الشبوانية في محافظة شبوة، وتعيد فصول وحكاية
الانكسار والسقوط لقوات النخبة التي كانت (البعبع) الذي يتغنى به
الانتقالي.

حيث أن السقوط والفشل والاخفاق في محافظة المهرة يعيد لكل انصار المجلس
سيناريو وفصول حكاية انهيار وتلاشي وسقوط النخبة في محافظة شبوة، ويبقى
السؤال الذي يراود اذهان الجميع، ويهيمن على السواد الأعظم من انصار
المجلس الانتقالي: لماذا فشل المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة، وأصبح في
طي النسيان وخبر كان في ليلة وضحاها؟!.. ولماذا اليوم يخفق الانتقالي في
محافظة المهرة ولا يستطيع الدخول والتوغل في عمقها السياسي والعسكري،
ويقف حائرا على اسوارها؟!.

ونوه المراقبون بأن اخفاق المجلس الانتقالي الجنوبي في اقامة فعالية
تأييد الإدارة الذاتية بمحافظة المهرة، قد يؤثر كثيرا وينعكس ذلك سياسيا
وعسكريا على مسيرة المجلس.. فهل تكون محافظة المهرة الهزة الارتدادية
التي تصيب المجلس الانتقالي ويتكرر سيناريو وفصول وحكاية ليلة انكسار
وانهيار النخبة الشبوانية في محافظة شبوة؟!.