آخر تحديث :الأحد-26 مايو 2024-12:46ص

أخبار وتقارير


السيطرة على سقطرى: مكسب للانتقالي الجنوبي أم جزء من خطة إقليمية؟

السبت - 20 يونيو 2020 - 04:43 م بتوقيت عدن

السيطرة على سقطرى: مكسب للانتقالي الجنوبي أم جزء من خطة إقليمية؟

مونت كارلو الدولية

بعد أشهر من المحاولة والكر والفر، سيطرت قوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" على مبنى مديرية أمن محافظة أرخبيل سقطرى اليمنية، ما يعزز موقف المجلس في مرحلة تطبيق اتفاق الرياض، فيما تتهم الحكومة المعترف بها دوليا أبو ظبي بالوقوف وراء السيطرة على الأرخبيل خدمة لنفوذها في سواحل المنطقة، إلا أن المؤيدين لهذا الخطوة يعتبرون السيطرة على حديبو في سقطرى جزءا من خطة إقليمية في مواجهة التوغّل التركي.

وعلى الرغم من الحديث عن مقترحات سعودية سابقة لوقف إطلاق النار في أبين بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي، إلا أن ضم أرخبيل سقطرى بَدَا هدفاً رئيسياً لقوات الانتقالي، بعد أسابيع من الضغط الذي واجهته في محيط مدينة زنجبار وتراجعها في شقرة وحضرموت وشبوة وأبين، بالإضافة إلى الضغط الشعبي الممارس عليها نتيجة تعثّر المجلس الانتقالي الجنوبي في إدارة بعض الملفات كالأمن والمرتّبات والخدمات في مناطق سيطرته.

وعلى مدى الأسابيع الماضية حاولت قوات الانتقالي تشتيت خطوط الإمداد الحكومية من أبين إلى حضرموت ومأرب مرورا بشبوة، فيما انطلقت حملات مناهضة للحكومة المعترف بها دوليا وإداراتها المحلية في مدينة المكلّا، لتتفرغ بذلك قوات المجلس الانتقالي لشق طريقها نحو حديبو، مستفيدة من انشقاق بعض القيادات عن القوات الحكومية وإنضمامها إلى قوات المجلس.

وبهذه الخطوة يستبق المجلس الانتقالي أية مساعي لتطبيق اتفاق الرياض من جديد، حاملا بين يديه ورقة سقطرى التي قد تسمح له بالحصول على مناصب في السلطات المحلية على الجزيرة ومديرية الأمن فيها.

ما دور أبو ظبي؟

وصفت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا ما حدث في الجزيرة بالمؤامرة على وحدة وسلامة الأراضي اليمنية وأنه تم بغطاء داخلي وأدوات داخلية لتحقيق غايات وأحقاد تستهدف الإنسان اليمني والأرض اليمنية، وذلك في إشارة إلى سعي أبو ظبي لتعزيز تواجدها العسكري في المناطق المطلة على المحيط الهندي، فلطالما اتهم الجانب الحكومي اليمني دولة الإمارات العربية المتحدة بمحاولة تثبيت نفوذ حلفائها والتخلص من السلطات التابعة لحكومة هادي.

لكن أبو ظبي نفت في عدة مناسبات ما يتم تداوله من تحليلات بشأن وقوفها وراء جميع ما يقوم به "أصدقاؤها". فوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، قال لوكالة بلومبرغ قبل أيام "إن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، وغيره من أصدقاء بلاده اتخذوا قرارات فردية خاطئة". كما أعلن قرقاش في نهاية ابريل/نيسان الماضي معارضة بلاده لقرار المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن حول إعلان الإدارة الذاتية بالمناطق الخاضعة لسيطرته، داعيا، عبر تغريدة على موقع تويتر، إلى التطبيق الكامل لاتفاق الرياض للسلام الذي تم التوصل إليه العام الماضي بشأن الجنوب.

ولا تنفي تلك التصريحات أهمية أرخبيل سقطرى المكون من ست جزر جنوب اليمن مطلة على المحيط الهندي وبالقرب من بوابة خليج عدن، ما يجعلها في موقع استراتيجي يتحكم في حركة التجارة العالمية بين آسيا وأوروبا والولايات المتحدة عبر البحر الأحمر وقناة السويس أو بين آسيا وافريقيا نحو رأس الرجاء الصالح مرورا بالأرخبيل الواقع على إحدى أهم طرق الحرير الصينية. وبالتالي فإن من يسيطر على سقطرى يمكنه التحكم في قسم كبير من حركة التجارة العالمية وطرق نقل النفط، بالإضافة إلى جعله يلعب دورا مركزيا في محاربة الإرهاب القادم من منطقة القرن الإفريقي حيث النفوذ الفرنسي والأمريكي والإسرائيلي والتركي. وفي هذا الإطار كان موقع "انتلجنس اونلاين" تحدث عن مساعي إماراتية لإنشاء قاعدة عسكرية في سقطرى، تضاف إلى نفوذها في بربرة الصومالية، وذباب اليمنية وعصب الإرترية ومناطق أخرى.

صد المشروع التركي؟

اعتبرت النخبة المؤيدة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على سقطرى، أن دخول مدينة حديبو أسقاط لمشاريع أنقرة التي كانت تسعى، عبر دعمها للإسلام السياسي في سقطرى وجنوب اليمن، إلى توسيع نفوذها في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي إنطلاقا من قواعدها في الصومال.

فتركيا دخلت على خط الأزمة اليمنية قبل عدة أشهر بعد تعثّر اتفاق الرياض. وكانت التحركات التركية تحمل في ظاهرها التعاون الاقتصادي والإنساني مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، لتتكشف بعد ذلك حقائق الدعم التركي لتشكيلات عسكرية جديدة في مدينة تعز اليمنية استجابة لدعوة أطلقها من تركيا حمود المخلافي، زعيم ما يعرف بـ "المقاومة الشعبية" في تعز.

وبالتزامن مع التقدم التركي في ليبيا، كشف تقرير لموقع "منت برس نيوز" الأمريكي قيام تركيا بإرسال عشرات الضباط والمستشارين بأسماء مستعارة وجوازات مزورة تحت غطاء العمل في مجال الإغاثة الإنسانية، للقتال إلى جانب مجموعات مسلحة تابعة لـ "حزب الإصلاح" اليمني التابع للإخوان المسلمين، ضد المجلس الانتقالي الجنوبي في عدة مناطق بينها شبوة وأبين وسقطرى والمهرة وتعز ومأرب. وأشار التقرير إلى قيام المخابرات التركية بتجنيد مئات المقاتلين اليمنيين وتدريبهم في تركيا وفي مخيمات مؤقتة داخل اليمن من أجل القتال في صفوف حزب الإصلاح.

كما تحدّث التقرير الأمريكي عن إفشال تحالف الرياض لمحاولة أنقرة لنقل عدد من المرتزقة التابعين لفصائل سورية على متن طائرة تركية تحمل مساعدات طبية متعلقة بوباء فيروس كورونا، كانت متجهة إلى مطار عدن، الأمر الذي يتوافق مع مع ما كشف عنه المرصد السوري لحقوق الإنسان بشأن استعدادات تركية حثيثة لإرسال مئات المرتزقة من الجماعات المسلحة السورية إلى جنوب اليمن.