آخر تحديث :الثلاثاء-28 مايو 2024-11:22ص

العالم من حولنا


تقرير...دوافع عودة العلاقات التركية – الإسرائيلية

الإثنين - 08 أبريل 2013 - 10:03 ص بتوقيت عدن

تقرير...دوافع عودة العلاقات التركية – الإسرائيلية
لافتة ترحيبية نصبت في عدة اماكن بشوارع انقرة عقب اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي

((عدن الغد)) متابعات :

"عزيزي رئيس الوزراء، نحن شاكرون لك، لجعلك بلدنا تشعر بالفخر".. انتشرت هذه العبارة على لافتات في شوارع أنقرة، وذلك في أعقاب اعتذار رئيس الحكومة الإسرائيلية "بنيامين نتنياهو" على مقتل ثمانية مواطنين أتراك بالإضافة لآخر (تركي – أمريكي)، على أيدي القوات الإسرائيلية، وذلك قبل ثلاث سنوات أثناء الغارة على السفينة التركية "مرمرة"، التي كانت تقل ناشطين دوليين بهدف كسر الحصار الإسرائيلي على "قطاع غزة".




فبعد هذه السنوات من العداء بين البلدين، جاء الاعتذار الإسرائيلي عبر مكالمة تليفونية بين "أردوغان" و"نتنياهو"، فضلا عن دفع إسرائيل تعويضات لأهالي الضحايا، وفي المقابل قبلت تركيا بدء إعادة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وسحب الدعاوى القضائية ضد الضباط الإسرائيليين المتورطين في الغارة على الأسطول. كما شدد "نتنياهو" على الخطوات التي اتخذتها إسرائيل لتخفيف الحصار على غزة، والسماح بعبور البضائع إليها، وعن رغبتها في التعاون مع تركيا لتحسين الوضع الإنساني في القطاع، وهو ما سيتفق مع تصريح "أردوغان" بأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل يرتبط بوفائها بالتزاماتها، كما سيقوم "أردوغان" بزيارة لقطاع غزة للوقوف على الوضع الإنساني فيها.



في هذا السياق؛ كتب "مايكل كُبلو " مقالا في مجلة "الفورين أفيرز "، بعنوان "لماذا تعود إسرائيل وتركيا معًا؟ Why Israel and Turkey Got Back Together"، يسوق خلاله دوافع كل من إسرائيل وتركيا لإعادة العلاقات فيما بينهما، أخذًا في الاعتبار، السياقين الداخلي، لكلا الدولتين، والإقليمي.



الدوافع الداخلية

على المستوى الداخلي، كان الوضع مهيئًا في إسرائيل لمثل هذه الخطوة، فبانتهاء انتخابات الكنيست، لم يعد "نتنياهو" يخشى انتقاد القوميين له، فضلا عن الإقصاء المؤقت لوزير الخارجية السابق "أفيجدور ليبرمان" من الوزارة، خصوصًا وأنه كان يقف حجر عثرة أمام إصلاح العلاقات بين البلدين.



أما على الصعيد الداخلي التركي، فلا تتمتع إسرائيل بالشعبية نتيجة ممارساتها حيال القضية الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى استفادة "أردوغان" سياسيًّا من حالة العداء مع إسرائيل، بحيث يمكنه مهاجمة وانتقاد إسرائيل بضراوة لتشتيت أو إلهاء الانتباه عن قضايا محلية حساسة. ويدلل الكاتب على حجته بسلوك "أردوغان" الشهر الماضي، فبينما كانت عناوين الصحف الرئيسية مهتمة بمفاوضات الحكومة التركية مع "عبد الله أوجلان" زعيم حزب العمال الكردستاني الساعي للانفصال عن تركيا، وهو ما أثار حفيظة القوميين الأتراك، أدلى "أردوغان" بتصريح "الصهيونية جريمة بحق الإنسانية"، لتشتيت الرأي العام.



ورغم ما مثلته حالة العداء مع إسرائيل من فائدة لـ"أردوغان" على المستوى الداخلي، إلا أن توقيت رجوع العلاقات بين تركيا وإسرائيل قد يستخدمه رئيس الوزراء التركي كـ"انتصار" للقومية التركية، وخصوصًا مع التأييد الشعبي، في مواجهة انتقادات القوميين بخصوص المفاوضات مع "أوجلان"، فضلا عن إدراك تركيا للحاجة إلى حليف إقليمي قوي، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجهها تركيا على الجانب السوري، علاوة على الشأن الاقتصادي وأمن الطاقة.



المأزق السوري

يمثل الوضع السوري "صداعًا" لتركيا، فبالإضافة للخسارة التجارية، تدفق إلى تركيا ما يقرب من نصف مليون لاجئ، واضطرت للاعتماد على "الناتو" لنشر صواريخ "باتريوت" دفاعية لحماية حدودها مع سوريا من التهديدات المحتملة. وبينما صم الأسد أذنيه عن مطالبة تركيا له بالتنحي، رفض "الناتو" طلب تركيا بالتدخل في إطار تكوين منطقة حظر جوي وإمداد المعارضة السورية بالسلاح.



في هذا السياق، يلوح في الأفق احتمال استخدام الأسد للأسلحة "الكيماوية"، الأمر الذي قد يجبر أنقرة، الملاصقة لسوريا، على إعادة حساباتها، وضرورة الاتكاء على جهاز معلومات ومخابرات أكثر كفاءة كـ"الموساد"، الأمر الذي يدفع تركيا إلى مزيد من التعاون مع إسرائيل لمنع امتداد الحرب الأهلية في سوريا إلى تركيا، وضمان عدم استخدام الأسلحة الكيماوية ومعرفة خريطة انتشارها وتخزينها. الأمر نفسه ينطبق على إسرائيل، فضلا عن مخاوفها من وصول التيارات الجهادية للحكم في سوريا ما بعد الأسد. والخلاصة، أنه كلما زادت حدة الصراع في سوريا، يؤدي ذلك إلى تقارب وتعاون تركي – إسرائيلي.



أمن الطاقة

يشير "كُبلو" إلى قضية "أمن الطاقة"، كأحد العوامل التي تدفع باتجاه التقارب التركي – الإسرائيلي، وخصوصًا مع وصول العجز المالي في تركيا إلى 48.8 مليار دولار، نتيجة الاعتماد الكلي على واردات البترول والغاز الطبيعي، الذي تستورده تركيا من روسيا وإيران بأسعار مرتفعة، ما يؤدي لإرهاق الميزانية التركية.



ويتزامن ذلك مع اكتشاف "إسرائيل" حقلين كبيرين للغاز الطبيعي في البحر المتوسط "تمار" و"ليفيانثان"، وهو ما يدفع تركيا للنظر إلى إسرائيل كمصدر للغاز الطبيعي بأسعار أفضل من تلك الروسية والإيرانية، الأمر الذي يتطلبه تسريع وتيرة النمو الاقتصادي في تركيا.



وخلاصة الأمر، فإن عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل يصب في مصلحة الدولتين، ففي حين سيعتبره "أردوغان" وحزبه انتصارًا لتركيا من خلال إرغام إسرائيل على الركوع والاعتذار، فضلا عن صرف انتباه القوميين الأتراك عن مفاوضات الحكومة مع الأكراد، علاوة على قضايا الأمن والطاقة، فإن الأمر على ذات الأهمية بالنسبة لإسرائيل التي تعاني من العزلة الإقليمية باندلاع انتفاضات الربيع العربي، وتزايد التهديدات الأمنية من كل جانب (الجهاديون في سيناء، وحزب الله في لبنان، والتهديد الإيراني، والجهاديون في سوريا)، ما يعزز حاجتها إلى حليف إقليمي قوي.

 

عن / المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية