آخر تحديث :الثلاثاء-30 أبريل 2024-03:06ص

ملفات وتحقيقات


تحقيق: خذلان 200 عامل نفط هلك أربعة منهم وخامسهم يقضى نحبه فحاما

السبت - 11 أبريل 2020 - 10:20 ص بتوقيت عدن

تحقيق:  خذلان 200 عامل نفط هلك أربعة منهم وخامسهم يقضى نحبه فحاما

عدن ((عدن الغد)) خاص

 


رصدها / علي الصبيحي

أي نهاية تلك التي تخنق العبرات وتطوق الصوت بالأحزان فلا يستطيع بعدها أن ينوح !!
اي خذلان هذا الذي يحرق المرء في جحيم الواقع والأوجاع النفسية المدمرة الممتدة بلا نهايات سعيدة !
عامل النفط اليمني ناصر الجرادي خامس أربعة قضى نحبه في ابريل 2020 وغادر دنياه ملتحفا أكفان الخيبة والبؤس والشقاء تاركا وراءه بقايا من سواد فحم و جمرات من القهر متقدة في نفوس مائتي عامل من زملائه خدموا وطنهم لسنوات كمشاعل مضيئة في حقول النفط فوجدوا أنفسهم ضحايا خذلان بين السماء والأرض يبحثون عن الخلاص في هاوية شديدة السواد.

 

في نهاية مايو 2015 ، أقدمت شركة DNO Yemen AS النفطية النرويجية والمنتجة للنفط في اليمن على إجراء غير مسبوق بإيقاف مرتبات 198 عامل وعاملة من مجموع 230 من العمال في القطاعات النفطية الثلاثة التي كانت تديرها في حضرموت ، وأرسلت لهم قرار الفصل عبر الرسائل النصية والبريد الإلكتروني.


خامس الضحايا

ناصر الجرادي خامس أربعة قضوا نحبهم قبله وافته المنية مؤخرا بعد أن تم فصله من الشركة النرويجية و أجبرته الظروف ليعمل فحاما وهو من خدم أكثر من عشرين سنة قضى نصفها بمصافي عدن والنصف الآخر في الشركة النرويجية ومع كل مؤهلاته وخبراته اتجه عامل النفط ناصر الجرادي لبيع الفحم في سوق الكدر بكريتر عدن ولم ير في كسب رزقه عيبا مخلا بمكانته ولا انتقاصا من مقامه الذي غدا لا يعدل أدنى موجودات الحياة .


أنين الحسرات

" يا رئيس البلاد
يا رئيس الحكومة
ياوزير النفط... وووااا حسرتاه "
بهذه الصرخات نادى زملاء العامل الشريف
/ ناصر الجرادي..أحد عمال شركة dno البترولية النرويجية
وهم ينعون وفاته بألم ومرراة في حدث مزلزل يهز الوجدان ...
توفي زميلهم ناصر الجرادي رحمه الله وهو يشكو قسوة المسؤولين وانسلاخ مسؤليتهم تجاهه وتجاه المئات من زملائه الذين يحيون حياة مشتعلة الحرمان وهم من أفنوها يوقدون مشاعل الوطن في شركة dno البترولية النرويجية العاملة في الحقول النفطية قبل أن تتوقف عن العمل والإنتاج مع اندلاع حرب العام 2015 .


إقرار وتخاذل

إجراءات الشركة النرويجية تجاه الكوادر العمالية أثارت حفيظة وزارة النفط والمعادن حينها وأبدت قلقها واستغرابها من تلك الإجراءات وأفصحت عن رفضها وعدم القبول بها بحسب رسالة وكيل الوزارة لدى الشركة ووصفتها بالعمل الغادر ضد الكادر الوطني الذي تم تدريبه على نفقة الوزارة وامتاز بكفاءة عالية وبرهن مقدرته على تشغيل وإدارة تلك القطاعات حال تسليمها للحكومة اليمنية عند نهاية فترة التعاقد أو انسحاب الشركة من تلك القطاعات بموجب اتفاقيات المشاركة في الإنتاج الموقعة بموافقة مجلس النواب الذي أصدر بموجبها قوانين في الأعوام 1998م - 1999م. )


الإلتفاف

فيما الأزمة اليمنية كانت قد بلغت ذروتها وفي وقت حرج للغاية غابت فيه الحكومة استغلت الشركة النرويجية تلك الظروف ( بحسب بيان المجلس التنسيقي لنقابات عمال وموظفي شركة DNO
القطاعات النفطية ( 32 ، 43 ، 47 )
وشرعت في مخالفة القانون اليمني وادعت أنها اتخذت قرارها طبقا لقانون العمل اليمني... بحسب وصف البيان النقابي الذي
أوضح بأنه تم رفع قضية ضد الشركة لدى اللجنة التحكيمية العمالية في أمانة العاصمة والمختصة بمنازعات العمل و حكمت ببطلان إجراءات الشركة في تاريخ 3 اغسطس 2016 ، وهو ما لم تتقبله الشركة لتتجه حينها إلى محكمة الاستئناف بينما طالب العمال بحجز أملاكها واستجاب قاضي الاستئناف لحجز ضمانات وأملاك وأرصدة الشركة بتاريخ 22 نوفمبر 2016 كمضمان لحقوق العمال الذين تفاجأوا بأن الشركة ليس لها أرصدة ولا أصول وأن كل الأصول والمنشئات النفطية هي في الأصل تابعة لوزارة النفط والمعادن بل تبين إن الضمانات قد تم الإفراج عنها من قبل الوزارة نفسها.


طعن وتأييد

في ال20 فبراير 2017 أصدرت محكمة استئناف الأمانة حكما بتأييد اللجنة التحكيمية العمالية كحكم نهائي ملزم التنفيذ .
الشركة النرويجية عادت من جديد لتطعن في الحكم في المحكمة العليا وتم الرد على ذلك الطعن من قبل العمال ليأتي القول الفصل من المحكمة العليا في يوم 13 ديسمبر 2017 برفض طعن الشركة وتأييد الأحكام الصادرة ضدها لمصلحة العمال.


خدعة المناورة

مع نهاية العام 2015 ، طلبت الشركة النرويجية من وزارة النفط والمعادن استلام القطاعين (32 و 43) والاحتفاظ بالقطاع (47) ، إلا أن عملية التسليم لم تتم نظرا لتوسع الخلافات وعدم الاتفاق في كثير من القضايا بين الشركة ووزارة النفط والمعادن التي ما تزال حتى اليوم .


رفع الستار وسقط القناع

في تاريخ 23 نوفمبر 2016 ، طلبت الشركة ممن تبقى من العمال في المواقع النفطية مغادرة مواقعهم وإشعارهم بتوقف رواتبهم في نهاية ديسمبر 2016 لتحقق بذلك الشركة أعلى معدلات الفصل الجماعي للعمال الموقوفة رواتبهم إلى 230 عاملا وعاملة و
تم ذلك بدون تسليم رسمي للحكومة اليمنية وامتنع بعض العمال عن إخلاء المواقع البعض الآخر بقى ملازما فيها لحمايتها في وقت كانوا يعانون معه أقسى لحظات الصراع مع صحراء قاحلة تفتقر لأدنى مقومات البقاء الإنساني .


التنصل

قال عمال القطاعات النفطية في شركة dno النرويجية إن
التهرب من المسؤولية وترك عمال القطاعات النفطية معلقي المصير وبلا رواتب منذ مايو 2015 جسد أبشع صور الإنتهاكات الحقوقية والإنسانية لكوادر يمنية خذلتها حكومتها وتركت المنشئات النفطية في تلك القطاعات بلا تشغيل وعرضة للتآكل والتلف غير أبهة بما سيحل بالمنطقة من كوارث بيئية غاية في الخطورة وما سيترتب على إعادة تشغيلها من مبالغ خيالية ...
كل ذلك سينقشه التاريخ عنوانا بارزا في صفحات الخيانة الوطنية تتناقله الأجيال على مر الأزمان كطعنة مؤلمة غائرة في
صدر الوطن تحمل بصمات حكومة أهدرت ثروة بلد وصادرت حقوق أبنائه .

الأشد خطرا

أشار البيان النقابي لعمال القطاعات النفطية إلى أنه حدث مؤخرا
قيام شركة بترومسيلة بتشغيل الحقل صلصلة التابع للقطاع ٣٢ ، دون اكتراث بحق العمال السابقين او احترام للقانون والأحكام الصادرة لضمان حقهم الوظيفي وتحت نظر وزارة النفط والمعادن التي طالبها العمال في مناشدة رفعوها لوزير النفط والمعادن أوس العود بتشغيل القطاعات ٣٢ ، ٤٣ ، ٤٧ رفدا للاقتصاد الوطني
والإسراع في إنهاء معاناة الكادر الوطني وضمه للوزارة والتعامل معه أسوة بزملائهم في القطاعات الأخرى ١٠، ١٤، ٥١ ، ٥٣ .. لكن تلك المناشدات والوقفات الاحتجاجية للعمال واللقاءات المتكررة مع الوزير كانت تصطدم بعراقيل ومماطلات ووعود واهية .


صفعة النرويج

في إحدى المراسلات لعامل في القطاعات النفطية اليمنية التي بعث بها إلى للوزارة النرويجية العمالية للقضايا العمالية والاجتماعية في تاريخ 30 /يناير /2017 ..
تبين له مدى احترام حكومة النرويج للعمال وحقوقهم بصرف النظر عن جنسيتهم بحسب موظف القطاعات النفطية اليمنية الذي قال "
أتى الرد منهم في تاريخ
7 / فبراير / 2017
لاحظ احترامهم و سرعة الرد
هنا تعرف ان حكومتهم ناجحة فقد أقنعوني بإحترامهم و كان الرد في محله وفصلوا في قضيتنا بما معناه (( لايمكننا أن نرى أن قانون حماية الموظفين سيكون له صله بالقضية ، ولا نستطيع تقديم المشورة او اي تعليق في هذا الشأن ))


( نص رسالة الوزارة النرويجية ...
تشير وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى رسالتك الإلكترونية في 30 كانون الثاني (يناير) ، والتي تصف العديد من القضايا المتعلقة بالفصل / عدم الدفع من شركة خاصة تجاه الموظفين في اليمن.
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مسؤولة عن القانون النرويجي بشأن حماية الموظفين في النرويج. ومع ذلك فإن الوزارة لا تتورط في القضايا الفردية. بالإضافة إلى ذلك ، لا يمكننا أن نرى أن قانون حماية الموظفين سيكون ذا صلة بالمواقف التي تصفها ، ونحن غير قادرين على تقديم المشورة أو تعليقات أخرى في هذا الشأن.)


نص البلاغ الصحفي لنقابة عمال القطاعات النفطية

( إن ما أقدمت عليه شركة DNO من حجز لمبالغ نهاية الخدمة يعتبر جريمة جنائية بحق عمالها في اليمن ويعتبر لصوصية وسرقة تستوجب العقاب وتعويض العمال. وأقرب مثال على جرم الشركة هو موت زميلنا عبدالحكيم النهدي حيث لم يجد قيمة الرعاية الطبية اللازمة وفي تلك الأوقات العصيبة كانت الشركة تحتفظ بحقوق نهاية خدمته في حساباتها البنكية وتستثمرها لحسابها الشخصي.
إن مجموع مبالغ مكافئة نهاية الخدمة هو 2.5 مليون دولار لعدد 173 عاملا وعاملة يصارعون ظروفا معيشية قاسية، وهذه المبالغ محجوزة مع الشركة في حساباتها خارج اليمن بالدولار الأمريكي منذ مايو 2015 حيث كان سعر الدولار الامريكي = 215 ريال يمني. وبعد تدهور العملة الوطنية وفي شهر اكتوبر 2017 ، اتصلت الشركة بنقابة العمال تخبرهم بأنها ستدفع حقوق نهاية الخدمة لكن بعملة الريال اليمني حيث اليوم سعر الدولار الامريكي = 455 الريال اليمني . هذا يعني أن الشركة ستدفع فقط 1.2 مليون دولار وبقية المبلغ وهو 1.3 مليون دولار تريد الشركة سرقته بسبب حجزها لحقوق العمال منذ مايو 2015 واستغلالا للظروف الراهنة. رفضت نقابة العمال هذا العرض وطلبت تسليم مبالغ نهاية الخدمة بعملة الدولار الامريكي وبسعرها في مايو 2015 .
لن نسكت عن هذا الظلم وسنقاضي الشركة خارج اليمن ونسترد حقوقنا والتعويضات المناسبة لما لحق بنا من أضرار مادية ونفسية.)


من يستجيب !!

رغم مئات الصرخات التي أطلقوها للحصول على مستحقاتهم
تقاعست الدولة نحو معالجة مشكلتهم لفترات طويلة فاضطروا للانخراط بشرف لكسب عيشهم في ساحات الكفاح .


موتى القهر

تلك السنوات الطويلة التي عاشها عمال القطاعات النفطية اليمنية في شركة dno البترولية النرويجية وهم ينتظرون استرداد حقوقهم كانت قاسية تخللتها معاناة متعددة الأصناف لذلك الكادر تعرض لأمراض نفسية وضغوطات عصبية بسبب ضغوطات الحياة والفقر وقلة الحيلة في تأمين العيش الكريم لأسرهم ومعه ظلوا ينتظرون أياما ربما ستعيد إليهم ولو جزءا من إنسانيتهم لكن الموت كان أسرع من الأمل الذي قصر أجله وصاروا ذكرى تقلب مواجعها ذاكرة السنين ..

عبده غالب توفي في أبريل 2015
( سكتة قلبية )

عبدالحكيم النهدي، توفي في ديسمبر ٢٠١٧
( فشل كلوي)
عبود الهندوان،
توفي في يوليو ٢٠١٩ ( نوبة سكر)
أحمد مسعود،
توفي في نوفمبر ٢٠١٩ ( سكتة قلبية )
ناصر الجرادي
توفي في ابريل ٢٠٢٠ ( سكتة قلبية)

 

النفس الأخير

بآخر نفس يتوجه من تبقى من عمال القطاعات النفطية الذين تم تسريحهم من الشركة النرويجية يتوجهون بمناشدة المجتمع المدني والجهات الحقوقية الوقوف إلى جانبهم لانتزاع حقوقهم
بعد أن بحت أصواتهم وهلك زملائهم وهم ينتظرون لفتة الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية وجميع النقابات العامة واللجان النقابية ولم يجدوا من له ضمير حي ليستجيب أو يرأف لما تعانيه أسرهم وأطفالهم الذين صار بعضهم أيتاما بلا معيل .