آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-02:57م

ملفات وتحقيقات


الصراع داخل الشرعية.. ما أسبابه ومن يقف خلفه؟‬

السبت - 11 أبريل 2020 - 09:40 ص بتوقيت عدن

الصراع داخل الشرعية.. ما أسبابه ومن يقف خلفه؟‬

(عدن الغد)القسم السياسي:

“لا‭ ‬تبدو‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام”‭.. ‬هكذا‭ ‬باختصار‭ ‬يمكن‭
‬توصيف‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬إليها‭ ‬التجاذبات‭ ‬داخل‭ ‬أجنحة‭
‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬اليمنية‭.‬

لم‭ ‬تقف‭ ‬الأوضاع‭ ‬عند‭ ‬درجة‭ ‬التجاذب‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭
‬إيجابياً‭ ‬وصحياً‭ ‬أحياناً،‭ ‬بل‭ ‬بلغت‭ ‬مستوى‭ ‬خطيرًا‭ ‬من‭
‬التدهور،‭ ‬تجلت‭ ‬ملامحه‭ ‬في‭ ‬صدامات‭ ‬ومواجهات‭ ‬ثنائية‭ ‬وأخرى‭
‬جماعية‭ ‬أكدت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬مجالاً‭ ‬للشك‭ ‬أن‭ ‬جبهة‭ ‬الشرعية‭
‬تتصدع‭.‬

صراعات‭ ‬الشرعية‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬كشفت‭ ‬وجود‭ ‬شرخ‭ ‬عميق‭ ‬جداً‭
‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمنية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توصف‭
‬بأنها‭ ‬علاقة‭ ‬من‭ ‬“عدم‭ ‬الثقة”‭ ‬بين‭ ‬هرم‭ ‬الحكومة‭ ‬ممثلةً‭
‬برئيسها‭ ‬وقواعدها‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬الوزراء‭.‬

التوسع‭ ‬الذي‭ ‬طرأ‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬قاصراً‭ ‬على‭
‬حرب‭ ‬التوجهات‭ ‬وصراع‭ ‬الوسائل‭ ‬والأساليب‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭
‬القضايا‭ ‬المحورية‭ ‬التي‭ ‬تضرب‭ ‬البلاد‭ ‬وترسم‭ ‬مواقف‭ ‬كل‭
‬وزير‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬في‭ ‬الحكومة،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭
‬يستوجب‭ ‬موقفاً‭ ‬موحداً‭ ‬يلتزم‭ ‬به‭ ‬الجميع‭.‬

لكنها‭ ‬أخذت‭ ‬بُعداً‭ ‬أشد‭ ‬تطرفاً،‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬اتهامات‭ ‬مباشرة‭
‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬بحق‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمنية‭
‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء‭ ‬وصفه‭
‬“بالفاشل”‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬صادمة‭ ‬تناقض‭ ‬ما‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭
‬عليه‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬الواحدة‭ ‬من‭ ‬تماسكٍ‭ ‬وانسجام‭.‬

حتى‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬قضية‭ ‬توجهات‭ ‬أو‭ ‬تنوع‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭
‬والطرح،‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬حصرها‭ ‬سابقاً‭ ‬في‭ ‬وجود‭ ‬أجنحة‭
‬“متوازنة”‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬متشدد‭ ‬“صقور”‭
‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬معتدل‭ ‬“حمائم”‭ ‬تقتضيها‭ ‬أحياناً‭ ‬مصلحة‭
‬البلد‭ ‬وأساليب‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬أو‭ ‬المسايرة‭.‬

ولكن‭ ‬القضية‭ ‬اتسعت‭ ‬دائرتها‭ ‬لتضع‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬يتصفون‭ ‬بأنهم‭
‬“حمائم”‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية،‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬“الصقور”،‭ ‬لتتوحد‭ ‬آراء‭
‬نحو‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭ ‬وزيرًا‭ ‬ويوجهون‭ ‬اتهاماتهم‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭
‬شخصياً‭.‬

وهذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الشرعية‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬الهين‭
‬ويستوجب‭ ‬وقوفاً‭ ‬مطولاً‭ ‬أمامه‭ ‬لكشف‭ ‬جذوره‭ ‬وخلفياته،‭
‬وتوصيف‭ ‬أبعاده،‭ ‬وتحليلاً‭ ‬للتنبؤ‭ ‬بمآلاته،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬نغوص‭
‬في‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الجوانب،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬الذي‭
‬يحدث‭ ‬أولاً‭.‬

مراحل‭ ‬التصعيد

قد‭ ‬تكون‭ ‬الخلافات‭ ‬التي‭ ‬تعصف‭ ‬بأجنحة‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭
‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬عامٍ‭ ‬تقريباً،‭ ‬وتصاعدت‭ ‬عقب‭ ‬أحداث‭ ‬أغسطس‭
‬2019،‭ ‬بعد‭ ‬طرد‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬عدن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوات‭ ‬المجلس‭
‬الانتقالي‭ ‬الجنوبي‭.‬

لكن‭ ‬ذروتها‭ ‬كانت‭ ‬بعد‭ ‬عودة‭ ‬فريق‭ ‬حكومي‭ ‬مصغر‭ ‬برئاسة‭
‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬إلى‭ ‬عدن‭ ‬وفق‭ ‬اتفاق‭
‬الرياض؛‭ ‬لصرف‭ ‬مرتبات‭ ‬الموظفين‭ ‬المدنيين‮ ‬‭ ‬ومنتسبي‭ ‬القوات‭
‬الأمنية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬طردت‭ ‬الحكومة‭
‬من‭ ‬عدن‭.‬

هذه‭ ‬الجزئية‭ ‬الأخيرة‭ ‬وعودة‭ ‬الحكومة‭ ‬أثارت‭ ‬حفيظة‭ ‬“صقور‭
‬الشرعية”‭ ‬حينها،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬نائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وزير‭
‬الداخلية‭ ‬المهندس‭ ‬أحمد‭ ‬الميسري،‭ ‬ووزير‭ ‬النقل‭ ‬صالح‭
‬الجبواني‭.‬

حيث‭ ‬يعتقد‭ ‬الرجلان‭ ‬أن‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬عدن‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭
‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عودة‭ ‬عسكرية‭ ‬تسلم‭ ‬فيها‭
‬معسكرات‭ ‬ومرافق‭ ‬ومؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬والحكومة‭ ‬التي‭ ‬سيطر‭ ‬عليها‭
‬الانتقالي‭ ‬للقوات‭ ‬الحكومية‭.‬

في‭ ‬حين‭ ‬نأى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬بنفسه‭ ‬عن‭
‬القضايا‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية،‭ ‬ولسان‭ ‬حاله‭ ‬يؤكد‭ ‬تركيزه‭ ‬على‭
‬القضايا‭ ‬الخدمية‭ ‬والتنموية‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬صرف‭ ‬المرتبات‭
‬ومتابعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭.‬

لكن‭ ‬الأمور‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬الاختلاف‭ ‬حول‭
‬آليات‭ ‬العمل‭ ‬وطبيعة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المسيطرين‭ ‬على‭ ‬الأرض‭
‬وسلطات‭ ‬الأمر‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬عدن،‭ ‬بل‭ ‬أخذت‭ ‬بالتصاعد‭ ‬لتعلن‭
‬الحكومة‭ ‬“تبرأها”‭ ‬من‭ ‬أنشطة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬المتواجدين‭
‬خارج‭ ‬البلاد،‭ ‬ويقومون‭ ‬بتوقيع‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬وإبرام‭ ‬الصفقات‭
‬باسم‭ ‬الحكومة‭.‬

وبلغت‭ ‬ذروة‭ ‬الأحداث‭ ‬بإصدار‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬قراراً‭ ‬بإيقاف‭
‬عدد‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شكل‭ ‬قمة‭ ‬هرم‭
‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬اليوم‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الذروة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬تراوح‭ ‬في‭ ‬مكانها‭ ‬ولم‭
‬تشهد‭ ‬بعد‭ ‬انحداراً‭ ‬أو‭ ‬تهدئة،‭ ‬بل‭ ‬بالعكس‭ ‬تماماً،‭ ‬خرجت‭
‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬رسالة‭ ‬رفعها‭ ‬اثنا‭
‬عشر‭ ‬وزيرًا‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭
‬عبدربه‭ ‬منصور‭ ‬هادي‭ ‬تدعوه‭ ‬للتدخل‭ ‬و‭ ‬“تصحيح”‭ ‬مسار‭
‬الحكومة‭ ‬وأداء‭ ‬رئيسها‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬استدعى‭ ‬تدخلاً‭ ‬من‭ ‬الأخير‭ ‬وإصدار‭ ‬بيان‭ ‬منسوب‭
‬“لمصدر‭ ‬حكومي‭ ‬مسئول”‭ ‬كذّب‭ ‬فيه‭ ‬وجود‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭
‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬رفعت‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬واعتبار‭ ‬ذلك‭
‬“بهتاناً”‭.‬

الحكومة‭: ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬ترهات‭ ‬وأكاذيب

بيان‭ ‬المصدر‭ ‬المسؤول‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬نقلته‭ ‬وكالة‭ ‬“سبأ”‭
‬واطلعت‭ ‬عليه‭ ‬“عدن‭ ‬الغد”‭ ‬وتضمن‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬القيادة‭
‬السياسية‭ ‬والحكومة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬متكاملة‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يتم‭
‬اتخاذه‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬حكومية‭ ‬يجري‭ ‬بالتنسيق‭ ‬والتشاور‭
‬والاشراف‭ ‬الكامل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الرئيس‭ ‬هادي‭.‬

ويرى‭ ‬مراقبون‭ ‬أن‭ ‬تطرق‭ ‬المصدر‭ ‬الحكومي‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية‭
‬تحديداً‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬المتكامل‭ ‬والتنسيق‭ ‬والتشاور‭
‬يأتي‭ ‬كمحاولة‭ ‬لنفي‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬خلافات‭ ‬في‭ ‬قوام‭ ‬الحكومة‭.‬

ويشير‭ ‬المراقبون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البيان‭ ‬الحكومي‭ ‬لفت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭
‬أسماهم‭ ‬“أعداء‭ ‬الشعب‭ ‬اليمني”‭ ‬ممن‭ ‬دأبوا‭ ‬على‭ ‬إطلاق‭
‬الشائعات‭ ‬واتباع‭ ‬اسلوب‭ ‬التضليل‭ ‬للراى‭ ‬العام‭.‬

وقال‭ ‬المصدر‭: ‬“‭... ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬انساقت‭ ‬إليه‭ ‬وسائل‭
‬إعلامية‭ ‬بدوافع‭ ‬سياسية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬بائسة‭ ‬ومستمرة‭ ‬لشق‭
‬الصف‭ ‬الوطني‭ ‬بتزييف‭ ‬الوقائع‭ ‬حول‭ ‬وجود‭ ‬خلافات‭ ‬داخل‭
‬الحكومة‭ ‬الشرعية”‭.‬

ويؤكد‭ ‬المراقبون‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬البيان‭
‬إلى‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أية‭ ‬صراعات‭ ‬أو‭ ‬خلافات،‭
‬ربما‭ ‬حفاظاً‭ ‬على‭ ‬صورتها‭ ‬واستمراراً‭ ‬لوجودها،‭ ‬وتأكيداً‭
‬على‭ ‬تماسكها،‭ ‬خاصةً‭ ‬وأنها‭ ‬أشارت‭ ‬في‭ ‬بيانها‭ ‬إلى‭ ‬أن‭
‬“الرسالة‭ ‬ملفقة”‭ ‬وتأتي‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬يشهد‭ ‬انتصارات‭ ‬عسكرية‭
‬للجيش‭ ‬اليمني،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبرته‭ ‬الحكومة‭ ‬توقيت‭ ‬متعمد‭
‬للترويج‭-‬كذباً‭- ‬لانقسام‭ ‬الحكومة‭.‬

المصدر‭ ‬الحكومي‭ ‬وصف‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬وجود‭
‬رسالة‭ ‬وُجهت‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬تنتقد‭ ‬أداء‭ ‬الحكومة‭ ‬بأنها‭
‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬“ترهات‭ ‬وأكاذيب”‭ ‬تظهر‭ ‬وبشكل‭ ‬مثير‭ ‬للريبة‭ ‬مع‭
‬كل‭ ‬انتصارات‭ ‬يحققها‭ ‬الجيش‭ ‬الوطني‭ ‬باسناد‭ ‬من‭ ‬تحالف‭ ‬دعم‭
‬الشرعية‭.‬

المصدر‭ ‬اعتبر‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬بأنها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تنطلي‭ ‬على‭
‬أحد،‭ ‬وقد‭ ‬باتت‭ ‬مكشوفة‭ ‬أمام‭ ‬الجميع‭ ‬محلياً‭ ‬ودولياً،‭
‬كمحاولات‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬الشرعية‭ ‬والتحالف‭ ‬لخدمة‭ ‬اجندة‭ ‬إيران‭
‬ومشروعها،‭ ‬وفق‭ ‬وصف‭ ‬البيان‭.‬

وجدد‭ ‬المصدر‭ ‬الحكومي‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أكبر‭ ‬رد‭ ‬على‭
‬هؤلاء‭ ‬هو‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬وبقيادة‭ ‬رئيس‭
‬الجمهورية‭ ‬متماسكة‭ ‬وهدفها‭ ‬وعدوها‭ ‬واضح‭ ‬ولن‭ ‬تخوض‭ ‬في‭
‬معارك‭ ‬جانبية‭ ‬لتحقق‭ ‬ما‭ ‬يرمي‭ ‬إليه‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬محاولة‭
‬تشتيت‭ ‬جهودها‭.‬

الحكومة‭ ‬أظهرت‭ ‬حرصها‭ ‬على‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يسهم‭
‬في‭ ‬تصعيد‭ ‬الانقسام‭ ‬والتشظي‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمنية،‭ ‬لأن‭
‬الوضع‭ ‬الراهن‭ ‬والظروف‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬مزيد‭
‬من‭ ‬الخلافات‭.‬

وقالت‭: ‬“إن‭ ‬الحكمة‭ ‬تقتضي‭ ‬الآن‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يفسح‭
‬المجال‭ ‬لإيجاد‭ ‬انقسام‭ ‬أو‭ ‬تشظي‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬صغيراً”‭.. ‬بحسب‭
‬بيان‭ ‬المصدر‭ ‬المسئول‭.‬

رد‭ ‬قوي‭ ‬وعنيف

تكذيب‭ ‬الحكومة‭ ‬لرسالة‭ ‬الوزراء‭ ‬المرفوعة‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬هادي،‭
‬والتي‭ ‬تضمنت‭ ‬انتقاداً‭ ‬لأدائها‭ ‬لاقت‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬قوية‭
‬وعنيفة،‭ ‬عبر‭ ‬رسالة‭ ‬صوتية‭ ‬لنائب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وزير‭
‬الداخلية‭ ‬المهندس‭ ‬أحمد‭ ‬الميسري‭.‬

حيث‭ ‬دافع‭ ‬الميسري‭ ‬عن‭ ‬صحة‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬رفعها‭ ‬اثنا‭ ‬عشر‭
‬وزيراً‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬عبدربه‭
‬منصور‭ ‬هادي؛‭ ‬لمطالبته‭ ‬بسرعة‭ ‬التدخل‭ ‬واتخاذ‭ ‬التدابير‭
‬اللازمة؛‭ ‬“لإصلاح‭ ‬الوضع‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬وتصويب‭
‬الأخطاء‭ ‬السابقة”‭.‬

‮ ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬صوتية‭ ‬تناقلتها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭
‬ورصدتها‭ ‬“عدن‭ ‬الغد”،‭ ‬احتوت‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نسميه‭
‬“بالصدام‭ ‬الصريح‭ ‬والعلني”،‭ ‬وتأكيد‭ ‬لا‭ ‬ريب‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬وجود‭
‬صراع‭ ‬وشرخ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬بالإمكان‭ ‬إخفاؤه،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تكرر‭
‬المواجهات‭ ‬الإعلامية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭.‬

رسالة‭ ‬الميسري‭ ‬الصوتية‭ ‬جاءت‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬تصريح‭ ‬“مصدر‭ ‬مسؤول‭
‬في‭ ‬الحكومة”‭ ‬نشر‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬مساء‭ ‬الأربعاء‭
‬الماضي‭.‬

وكان‭ ‬المصدر‭ ‬الحكومي‭ ‬المسئول‭ ‬قد‭ ‬نفى‭ ‬صحة‭ ‬رفع‭ ‬اثني‭ ‬عشر‭
‬وزيراً‭ ‬رسالة‭ ‬للرئيس‭ ‬هادي‭ ‬حول‭ ‬تجاوزات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭
‬واعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬“كذباً‭ ‬وبهتاناً”،‭ ‬وفق‭ ‬البيان‭ ‬الذي‭ ‬تم‭
‬نشره‭.‬

بينما‭ ‬أكد‭ ‬الميسري‭ ‬صحة‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬رفعت‭ ‬بمصادقته‭
‬ومعه‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬وزيراً‭ ‬آخرين،‭ ‬وقال‭: ‬“أنا‭ ‬أحد‭ ‬الوزراء‭
‬الذين‭ ‬صادقوا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة،‭ ‬وأستنكر‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭
‬نفي‭ ‬المصدر‭ ‬المسؤول‭ ‬الحكومي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬من‭ ‬هو‭
‬ولكنه‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء”‭.‬

كان‭ ‬التصريحان،‭ ‬تصريح‭ ‬الميسري‭ ‬وقبله‭ ‬تصريح‭ ‬المصدر‭
‬الحكومي،‭ ‬صادمين‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬المتابعين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يرون‭
‬أن‭ ‬النزاع‭ ‬الحاصل‭ ‬في‭ ‬الشرعية‭ ‬مجرد‭ ‬“تبادل‭ ‬أدوار”‭
‬و”لعبة‭ ‬سياسية”‭ ‬يديرها‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬خصوم‭
‬الحكومة‭ ‬الداخليين‭ ‬والإقليميين‭ ‬والدوليين‭.‬

الميسري‭ ‬كان‭ ‬رده‭ ‬قوياً‭ ‬على‭ ‬بيان‭ ‬المصدر‭ ‬الحكومي،‭ ‬فقد‭
‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬المصدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نفسه‭.‬

الميسري‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أي‭ ‬مصدر‭ ‬حكومي‭ ‬أن‭
‬يتحدث‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة‭ ‬إطلاقاّ،‭ ‬وبإمكان‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭ ‬أن‭
‬يتحدث‭ ‬باسم‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وهذا‭ ‬حقه،‭ ‬أما‭ ‬باسم‭ ‬الحكومة‭
‬فما‭ ‬يتم‭ ‬التحدث‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬إقراره‭ ‬ومناقشته‭ ‬على‭
‬طاولة‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬وما‭ ‬عداه‭ ‬فهو‭ ‬تلفيق‭ ‬وكذب‭ ‬ولا‭
‬يمثلنا‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬احتوته‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬رفعت‭ ‬للرئيس‭
‬هادي‭.‬

تسجيل‭ ‬الميسري‭ ‬تضمن‭ ‬أيضاً‭ ‬رداً‭ ‬على‭ ‬وصف‭ ‬المصدر‭ ‬الحكومي‭
‬للرسالة‭ ‬المرفوعة‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬هادي‭ ‬بأنها‭ ‬مجرد‭ ‬تسريبات‭
‬وليست‭ ‬حقيقية،‭ ‬وأكد‭ ‬صحة‭ ‬الرسالة‭ ‬وهي‭ ‬رسالة‭ ‬في‭ ‬حدها‭
‬الادني‭ ‬وكنا‭ ‬نريد‭ ‬“تحركًا‭ ‬أقوى”‭ ‬ولكن‭ ‬قبلت‭ ‬كما‭ ‬هي،‭
‬وهي‭ ‬رسالة‭ ‬صحيحة‭ ‬ونتحمل‭ ‬مسؤوليتها،‭ ‬بحسب‭ ‬قوله‭.‬

الصراع‭ ‬بلغ‭ ‬أوجه‭ ‬حين‭ ‬رفض‭ ‬الميسري‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬رئيس‭
‬الوزراء‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭ ‬نيابةً‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭ ‬الوزراء‭ ‬الآخرين‭
‬عبر‭ ‬صفة‭ ‬“مصدر‭ ‬حكومي‭ ‬مسئول”‭ ‬وقال‭: ‬“نحن‭ ‬لسنا‭ ‬قُصّر،‭
‬وما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬تصرف‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬برئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬وهو‭
‬أمر‭ ‬لا‭ ‬تقبله‭ ‬ولن‭ ‬نسكت‭ ‬عليه”،‭ ‬معتبراً‭ ‬ما‭ ‬حدث‭
‬“تطاولاً‭ ‬واستخفافاً”‭.‬

الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬الحكومة

الخلاف‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬حول‭ ‬آليات‭ ‬ووسائل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭
‬المواقف‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬المشاكل‭ ‬الخدمية،‭ ‬ولكنه‭ ‬شهد‭ ‬تصعيداً‭
‬غير‭ ‬مسبوق‭.‬

تصريحات‭ ‬الميسري‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬وراءها‭ ‬بقية‭
‬الوزراء‭ ‬أيضاً،‭ ‬أعلنت‭ ‬عدم‭ ‬قبولها‭ ‬باستمرار‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭
‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭.‬

الدعوة‭ ‬لرفض‭ ‬استمرار‭ ‬الحكومة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الميسري‭ ‬كانت‭
‬معللةً‭ ‬بالظرف‭ ‬التاريخي‭ ‬الهام‭ ‬والخطير‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭
‬البلاد،‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬“نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬تليق‭ ‬بهذه‭ ‬المرحلة‭
‬الحساسة‭ ‬وهناك‭ ‬شبه‭ ‬إجماع‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬بعدم‭ ‬الرضا‭
‬عن‭ ‬أداء‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة”‭.‬

غير‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬الميسري‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬إجماع‭ ‬كل‭ ‬الوزراء‭
‬في‭ ‬مطالبهم‭ ‬الرافضة‭ ‬لاستمرار‭ ‬الحكومة،‭ ‬ولم‭ ‬يغفل‭ ‬وجود‭
‬وزراء‭ -‬بعدد‭ ‬أصابع‭ ‬اليد‭ ‬الواحدة‭- ‬متماهين‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭
‬الحكومة‭ ‬الحالي‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭ ‬ويجملون‭ ‬أداءه‭
‬السلبي‭.‬‮ ‬

وأكد‭ ‬الميسري‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬منسجمة،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭
‬بالإمكان‭ ‬العمل‭ ‬كطاقم‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭
‬شخص‭ ‬كمعين‭ ‬عبدالملك‭ ‬سعيد،‭ ‬وكشف‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمنية‭
‬حالياً‭ ‬لرئيس‭ ‬وزراء‭ ‬يُجمع‭ ‬حوله‭ ‬المسئولين‭ ‬كفريق‭ ‬واحد‭
‬وفي‭ ‬وعاء‭ ‬واحد‭.‬

داعياً‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬جديد‭ ‬بشخصية‭ ‬مشابهة‭ ‬لشخصية‭
‬مستشار‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬السابق‭ ‬الدكتور‭
‬أحمد‭ ‬عبيد‭ ‬بن‭ ‬دغر،‭ ‬ووصف‭ ‬الميسري‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬بأنها‭
‬حكومة‭ ‬شذر‭ ‬مذر،‭ ‬وهذا‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬الرئيس‭ ‬هادي‭ ‬في‭ ‬أدائها‭
‬التنفيذي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

ترتيبات‭ ‬لسيناريوهات‭ ‬مقبلة

يعتقد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬تصاعد‭ ‬حدة‭ ‬الخلافات‭ ‬وبلوغها‭
‬ذروتها‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬المختلفة‭ ‬داخل‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية،‭ ‬يشير‭
‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ترتيبات‭ ‬جديدة‭ ‬يتم‭ ‬التحضير‭ ‬لها،‭ ‬وتدار‭
‬من‭ ‬خلف‭ ‬الكواليس‭ ‬وتنتظر‭ ‬إسدال‭ ‬الستار‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬قادم‭
‬الأيام‭.‬

ومن‭ ‬شأن‭ ‬تلك‭ ‬الترتيبات‭ ‬والتحضيرات‭-‬بحسب‭ ‬المراقبين‭- ‬أن‭
‬تغير‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬ووجود‭ ‬سيناريو‭ ‬جديد؛‭ ‬يتم‭ ‬خلاله‭
‬تصويب‭ ‬قواعد‭ ‬العملية‭ ‬السياسية،‭ ‬وإعادة‭ ‬صياغة‭ ‬توليفه‭
‬القوى‭ ‬السياسية،‭ ‬وإشراك‭ ‬قوى‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة‭ ‬وتحجيم‭ ‬قوى‭
‬سياسية‭ ‬أخرى‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬تفاهمات‭ ‬حول‭ ‬رؤى‭ ‬شاملة‭ ‬تعالج‭
‬الانسداد‭ ‬السياسي‭ ‬والعملية‭ ‬السياسية‭ ‬المتعثرة،‭ ‬وتدفع‭ ‬إلى‭
‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬المستعرة‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬عامها‭ ‬السادس‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬رجح‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬رسالة‭ ‬الوزراء‭
‬المرفوعة‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬عدة‭ ‬احتمالات،‭ ‬أولها‭
‬أنها‭ ‬إجراء‭ ‬استباقي‭ ‬لحفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه،‭ ‬ومحاولة‭ ‬خلق‭
‬اصطفاف‭ ‬نخبوي‭ ‬لمزولة‭ ‬أنشطة‭ ‬سياسية‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭
‬تأكد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تحولا‭ ‬جديدا‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭
‬اليمني‭.‬

ومن‭ ‬الاحتمالات‭ ‬التي‭ ‬توقعتها‭ ‬الخلافات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭
‬توجها‭ ‬مدفوعا‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بتشكيل‭ ‬حكومة‭
‬جديدة‭ ‬برئاسة‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك،‭ ‬تسعى‭ ‬نحو‭ ‬التمهيد‭ ‬لتسوية‭
‬سياسية‭ ‬جديدة‭ ‬وشاملة‭ ‬ونهائية‭ ‬للصراع‭ ‬والحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭
‬تستثنى‭ ‬فيه‭ ‬“صقور‭ ‬الشرعية”‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬المقبل‭.‬

حقيقة‭ ‬الصراع‭.. ‬هل‭ ‬هو‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬الأداء؟

وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬توقعات‭ ‬أو‭ ‬سيناريوهات‭ ‬محتملة‭ ‬تُفسّر‭ ‬ما‭
‬يحدث‭ ‬من‭ ‬تصدع‭ ‬في‭ ‬جدران‭ ‬الشرعية،‭ ‬يتساءل‭ ‬متابعون‭ ‬للشأن‭
‬اليمني‭ ‬حول‭ ‬حقيقة‭ ‬فشل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الحالي‭ ‬الدكتور‭
‬معين‭ ‬عبدالملك،‭ ‬وأدائه‭ ‬الحكومي‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬للحكومة‭
‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬العامين‭.‬

فالبعض‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬ذريع،‭ ‬انعكست‭
‬معالمه‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الخدمية‭ ‬والملفات‭ ‬الأمنية‭ ‬والعسكرية‭
‬في‭ ‬مختلف‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭ ‬مع‭ ‬المليشيات‭ ‬الحوثية،‭ ‬أو‭ ‬مع‭
‬القضايا‭ ‬الخدمية‭ ‬والتنموية‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬المحررة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يعتقد‭ ‬بفشل‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭ ‬يؤكد‭
‬أنه‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬أنزه‭ ‬وأنظف‭ ‬رؤساء‭ ‬الوزراء‭ ‬الذين‭
‬تناوبوا‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬اليمنية؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬محاطاً‭
‬لجماعات‭ ‬ولوبيات‭ ‬فساد‭ ‬تمتد‭ ‬خيوطها‭ ‬عميقاً‭ ‬في‭ ‬جذور‭
‬الدولة‭ ‬وممارساتها‭ ‬البيروقراطية‭ ‬المتهالكة‭.‬

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬يظن‭ ‬آخرون‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭
‬حالياً،‭ ‬واستمرار‭ ‬الحرب‭ ‬واشتعال‭ ‬الجبهات‭ ‬عسكرياً‭ ‬على‭
‬مختلف‭ ‬المحاور،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المناخ‭ ‬السياسي‭ ‬غير‭ ‬الملائم‭
‬لم‭ ‬يساعدوا‭ ‬الرجل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬شيء‭ ‬يذكر‭.‬

فالدكتور‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭ ‬يُصنف‭ ‬سياسياً‭ ‬بأنه‭ ‬رجل‭ ‬خدمي‭
‬وتنموي،‭ ‬يطغى‭ ‬عليه‭ ‬التوجه‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالمواطنين‭ ‬بعيدًا‭
‬عن‭ ‬مماحكات‭ ‬الأحزاب‭ ‬والمصالح‭ ‬المرتبطة‭ ‬بأجندات‭ ‬ومصالح‭
‬أخرى‭.‬

وربما‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬يبدو‭ ‬في‭ ‬موقفٍ‭ ‬أقل‭ ‬قوة‭ ‬وشراسة‭ ‬من‭
‬مواقف‭ ‬صقور‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬تناولاتهم‭ ‬لقضايا‭ ‬سيادية‭ ‬متعلقة‭
‬بعلاقة‭ ‬الدولة‭ ‬اليمنية‭ ‬مع‭ ‬الآخر‭ ‬المتدخل‭ ‬في‭ ‬شئون‭
‬البلاد،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬يعتبر‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬جناح‭
‬“حمائم‭ ‬الشرعية”،‭ ‬وهو‭ ‬الجناح‭ ‬المعتدل‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭.‬

فيما‭ ‬يرى‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين‭ ‬أن‭ ‬المشكلة‭ ‬لا‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭
‬أداء‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬أو‭ ‬فشله‭ ‬من‭ ‬عدمه،‭ ‬وإنما‭ ‬الأمر‭
‬يتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬حيث‭ ‬المصالح‭ ‬والأجندات‭ ‬العابرة‭ ‬النطاق‭
‬اليمني‭.‬

الصراع‭ ‬مع‭ ‬الرياض

يُحسب‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬اليمني‭ ‬الحالي‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬عبدالملك‭
‬بأنه‭ ‬أحد‭ ‬رجالات‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭
‬ولهذا‭ ‬فإن‭ ‬الصراع‭ ‬الجاري‭ ‬معه‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬صراع‭ ‬مع‭
‬من‭ ‬يقف‭ ‬خلفه‭ ‬ويدعمه‭.‬

وبحسب‭ ‬محللين‭ ‬فإن‭ ‬الخلافات‭ ‬حادة‭ ‬بين‭ ‬صقور‭ ‬الشرعية‭
‬ووزراءها‭ ‬المتشددين‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬ليست‭ ‬بالسهلة‭ ‬أو‭ ‬الهينة،‭
‬فنطاق‭ ‬الهجوم‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬الميسري‭ ‬وغيره‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭
‬مستوى‭ ‬الدكتور‭ ‬معين‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬السياسية،‭ ‬بل‭
‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭.‬

ويشير‭ ‬المحللون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاتهامات‭ ‬الموجهة‭ ‬لرئيس‭ ‬الحكومة‭
‬هي‭ ‬اتهامات‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬الرياض،‭ ‬التي‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬وزراء‭
‬كالميسري‭ ‬والجبواني‭ ‬وغيرهما‭ ‬بأنها‭ ‬سبب‭ ‬تردي‭ ‬الأوضاع‭
‬الخدمية‭ ‬وطبيعة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الانتقالي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭
‬التأخر‭ ‬في‭ ‬الحسم‭ ‬العسكري‭ ‬مع‭ ‬الحوثيين‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭
‬المشتعلة‭.‬

موقف‭ ‬الرئاسة

كل‭ ‬ذلك‭ ‬اللغط‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صمت‭ ‬وموقف‭ ‬غامض‭ ‬من‭ ‬قبل‭
‬الرئيس‭ ‬اليمني‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬عنه‭ ‬أي‭ ‬تعليق‭ ‬على‭
‬التراشقات‭ ‬والاتهامات‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬رغم‭
‬مسئوليته‭ ‬عن‭ ‬كلا‭ ‬الطرفين‭.‬

وبرأي‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الصمت‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭
‬الرئيس‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬تأجيج‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬أجنحة‭ ‬الشرعية،‭ ‬ولا‭
‬يوجد‭ ‬من‭ ‬سيستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التراشق‭ ‬سوى‭ ‬خصوم‭ ‬الشرعية،‭
‬وهي‭ ‬أطراف‭ ‬تكاثرت‭ ‬مؤخراً،‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬مليشيات‭ ‬الحوثي‭
‬الانقلابية‭ ‬هي‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬سيستفيد‭ ‬من‭ ‬تفكك‭ ‬جبهة‭ ‬الشرعية‭.‬

فهناك‭ ‬أيضاً‭ ‬المجلس‭ ‬الانتقالي‭ ‬الذي‭ ‬سيبني‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الضعف‭
‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المقومات‭ ‬التي‭ ‬ستساعده‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نفسه‭ ‬كبديل‭
‬للشرعية‭.‬

ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬القوة‭ ‬الصاعدة‭ ‬عسكرياً‭ ‬وسياسياً‭ ‬وهي‭
‬القوة‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬القديم،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬نجل‭
‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬علي‭ ‬صالح،‭ ‬وقوات‭ ‬“حراس‭ ‬الجمهورية”‭
‬الموالية‭ ‬له،‭ ‬وهي‭ ‬قوة‭ ‬تنتظر‭ ‬تهاوي‭ ‬الشرعية‭ ‬لتقدم‭ ‬نفسها‭
‬بديلا‭ ‬سياسياً‭ ‬وعسكرياً‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬أطرافاً‭ ‬خارجية‭ ‬تدعم‭ ‬أدواتٍ‭ ‬داخلية‭ ‬ومحلية‭
‬وتدفعها‭ ‬لتكون‭ ‬خياراً‭ ‬بديلاً‭ ‬للشرعية،‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬استمرت‭
‬في‭ ‬التهاوي‭ ‬والتدحرج‭ ‬نحو‭ ‬منحدرات‭ ‬السقوط‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬تدخلاً‭ ‬من‭ ‬الرئاسة‭ ‬اليمنية‭ ‬وشخص‭ ‬الرئيس‭
‬اليمني‭ ‬نفسه‭ ‬حتى‭ ‬يتدارك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تداركه‭ ‬من‭ ‬إرث‭
‬الحكومة،‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬الشرعية‭ ‬محلياً‭ ‬والمعترف‭ ‬بها‭
‬دولياً‭.‬