آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-12:36م

ملفات وتحقيقات


اخضرار بحر عدن.. ظاهرة طبيعية أم كارثة بيئية؟

الثلاثاء - 10 مارس 2020 - 08:08 م بتوقيت عدن

اخضرار بحر عدن.. ظاهرة طبيعية أم كارثة بيئية؟

عدن (عدن الغد) خاص:

 كشف إعلامي وباحث متخصص بشؤون الصيادين والحياة البحرية في خليج عدن عن أسباب تغير لون البحر بعدن.

 

كما كشف الباحث رشيدي محمود رشيدي وهو أخصائي أبحاث ودراسات إرشاد سمكي بوزارة الثروة السمكية أن ما شهده ساحل أبين وغيره من السواحل في عدن يعد ضمن "ظاهرة طحالب البحر الطبيعية".

 

وسرد الباحث رشيدي خلاصة ما خرج به عقب زيارته إلى ساحل أبودست في منطقة صيرة بعدن أمس الأول الاثنين الموافق ٩مارس ٢٠٢٠م، قائلا: ذهبت إلى صيرة وتحديداً جهة متنزة ابودست، وكان الغرض من الذهاب إلى ذلك الموقع هو لتتبع ظاهرة الطحالب الخضراء المجهرية والتي نتج عن تواجدها وظهورها الكثيف تغير لون البحر إلى اللون الأخضر، حالياً الظاهرة الطبيعية تلك بدأت تتحرك من ساحل أبين قبال مديرية خورمكسر ووصلت بكثافة إلى منطقة صيرة بين عدن مول وجبال قلعة صيرة وباتجاة سلسلة جبال رأس القارب أو كما بعرف بموقع قصر معاشيق.

 

ومن خلال هذا التقرير وما فيه من صور سوف تلاحظوا فعلاً بأن كمية الطحالب هذه فاقت كل التوقعات هذا العام، الأمر الذي نتج عنه تغير لون البحر، وهذا ما لاحظه العامة من الناس، وبعيداً عن المزايدات والكلام الذي لا ينفع، وبعيداً حتى عن اولئك الذين اكتفوا فقط من ذكر هذه الظاهرة، وتطرقوا إلى ذكرها علمياً وبشكل صحيح مع مصطلحات علمية أرعبت البعض ممن لم يتعايشوا مع مثل هكذا ظواهر طبيعية بحرية من قبل، حيث اكتفى البعض بذكرها فقط عندما ظهرت في ساحل أبين قبال مديرية خورمكسر، ولم يجتهدوا قليلاً في متابعتها لأنهم مطمئنين بأنها ظاهرة طبيعية، لكن تظل هذه الظاهرة وبكل ما تحمله الكلمة من معنى، تظل حدث يحتاج فعلاً الاستمرار في تتبع حركتها، وكذا تدوين وحفظ معلومات حولها من ناحية الفترة أو المدة التي تواجدت فيها بالإضافة إلى أخذ عينات من مياه البحر لمعرفة الكثير من الأمور حولها من خلال إجراء الأبحاث العلمية، وكذلك معرفة آثارها السلبية على الصيادين والحياة البحرية في خليج عدن.

 

وبما أن تلك الظاهرة الطبيعية هي طحالب البحر، ولكن نتيجة لبعض العوامل الطبيعية في قاع البحر أدت إلى تفتت تلك الطحالب وتحولها إلى جزيئات كثيرة، اي أنه حصلت لها حالة من التفتت والذوبان، خاصة وأن المعروف عن الطحالب البحرية بأنها تأتي مثل الشعيرات أو الخيوط الطويلة، ولكن بشكل كثيف ومتماسك، ولكن هناك أمور تتعلق بالمناخ والمتغيرات البيئة البحرية تحدث في قاع البحر، فتعمل على تحولها إلى جزيئات كثير ودقيقة جداً، وفي حال كانت تلك الجزيئات من الطحالب كثيفة جداً جداً، فأنها تحول لون البحر إلى اللون الأخضر، والسبب هو أن جزيئات مياه البحر تشبعت منها ولم يعد هناك ما يكفي في البحر من فراغ كي يخفي ظهورها وبما أنها الآن تظهر بشكل كثيف فمن الطبيعي جداً أن تسيطر على البحر وتفرض لونها عليه.

 

وعشان تتوضح لكم الصورة أكثر انا بضرب لكم مثل بسيط... يعني على سبيل المثال لو أحضرت كوب ماء فارغ ووضعت بداخله شويه من عصير فيمتو مركز، وعندما قمت بإضافة الماء كان شكل الفيمتو خفيف، فمعنى هذا أن هناك جزيئات من الماء لم يدخل فيها عصير الفيمتو، لكن لو أضفنا كمية كبيرة من عصير الفيمتو وصار الماء باللون الاحمر وبشكل كثيف، هنا لم يعد للماء اي جزيئات فارغة يمتزج بها عصير الفيمتو المركز، وبالتالي فإننا سوف نجد لون الفيمتو وطعمها قد طغى على كمية الماء، وهذا ما حصل تمام في البحر فكمية الطحالب طغت على كمية البحر في هذه المنطقة بالذات، وهنا غيرت من لون البحر، وبما أنها طحالب ميته كذلك نتج عنها هذه الرائحة الكريهة.

 

وبصراحة أنا اليوم حاولت قدر الإمكان أظهر جزيئات الطحالب من خلال وضع كمية من مياه البحر في كوب خاص بلايسكريم وجدته مرمي في متنزة ابودست في صيرة، فحاولت قدر المستطاع أن أظهر الطحالب وهي في حال تفتت ومتناثرة بهذا الشكل.. يعني لو كانت عندي الإمكانيات لكنت أظهرت لكم صور مجهرية وتشاهدوا الأشكال المختلفة من الهوائم والعوالق المصاحبة لهذه الظاهرة، والتي لا تُرى بالعين المجردة.

 

الجدير بالذكر هو أن هذه الظاهرة، ونتيجة لتغير حالة المد والجزر التي تحصل عند انتصاف القمر، فقد نتج عنها بأن تحركت تدريجياً من ساحل أبين قبال مديرية خورمكسر، وسارت مع حالة الجزر نحو مديرية صيرة، لتأتي حالة المد وتقذف بها نحو جبال صيرة والمناطق الساحلية والجبلية المجاورة لها، وفي الوقت الحالي صارت هذه الظاهرة بالقرب من منطقة جبل معاشيق، وفي هذه المنطقة تتواجد الكثير من الشعاب المرجانية التي تستوطن فيها أنواع مختلفة من الأسماك القاعية، وبما أن هذه الظاهرة عندما تتواجد بشكل كثيف فإنها تعمل على امتصاص الأوكسجين الدائب في مياه البحر، الأمر الذي ينتج عنه حالة اختناق للأسماك وتتعرض بسببها للموت والنفوق، وهذا ما حدث قبال مديرية خورمكسر خلال الأسبوع الماضي، إذ أن هذه الظاهرة الطبيعية الآن متجهة نحو الشعاب المرجانية القريبة من منطقة جبل قصر معاشيق، وهنا لا يوجد أي حل ولا اي وسيله او سبيل بإيدينا غير أننا ننتظر وننظر إلى الأسماك المتواجدة بين تلك الشعاب المرجانية، وما سوف تأول إليه الأمور في اليومين القادمين، وذلك من بقائها او عدم بقائها على قيد الحياة واختناقها وموتها ثم نفوقها إلى الساحل بسبب امتصاص تلك الطحالب الأوكسجين في البحر، تماماً كما حصل مؤخراّ في ساحل أبين قبال مديرية خورمكسر، لافتا إلى أن هذه الظاهرة طبيعية وما هي إلا أيام معدودات وتختفي.

 

وختاماً أكد الباحث رشيدي محمود عدم تضرر الأسماك من ظهور الطحالب في السواحل نافيا الأخبار المتداولة عن حالات تسمم غذائي أصيب بها مواطنون في عدن جراء تناولهم السمك.

 

وقال رشيدي: شيء مؤسف حين يتم تداول أخبار بأن هناك حالات تسمم غذائي حصلت لبعض الأشخاص نتيجة تناولهم الصيد "السمك"، مشيرا إلى أن الاسماك الصغيرة التي نفقت إلى الساحل تأتي بسبب تغذيتها على الطحالب المتفتتة.