ظاهرة الزهيقه تظهر و تموت في ساحل أبين هذا العام
الذي ظهر في ساحل أبين حتى هذه اللحظة ونتيجة لخبرة كثير من الصيادين القدامى، فأنه أمر طبيعي وليس فيه اي قلق، فهذه ظاهرة طبيعية يطلق عليها الصيادين اسم الزهيقه وهي مثل المادة الفسفورية أو الوميض الذي يجعل أمواج البحر بالليل تتحول إلى اللون الأزرق عندما تتكسر بالقرب من الساحل، بينما في النهار يظهر بهذا الشكل ونتيجة لموتها تقوم التيارات البحرية وحركة الأمواج بقذفها نحو الساحل.
فالذي ظهر على ساحل أبين يعمل بالليل ضوء او وميض في امواج البحر ....ففي فترة الليل يظهر هذه على الأمواج باللون الأزرق، والسبب هو لشنات سوطية فيها خاصية الوميض فعندما تكون في قمة الموجه يظهر هذه الومضات...ويعرف الصيادين هذه الأمر كذلك بمفهوم أنه هناك عروق في أعماق البحر تقتلعها التيارات المائية فتظهر على السطح بكثرة مسببه هذه الظاهرة التي تقدف بها التيارات البحرية والأمواج نحو الساحل.
ونتيجة لتغيير الحاصل في هبوب الرياح الموسمية الشمال شرقي، والتي تهب لفترة وجيزة وتتوقف، إذ جعلت من هذه الظاهرة الطبيعية في هذا العام تظهر على ساحل أبين، بينما في السنوات الماضية كانت الرياح الموسمية الشمال شرقي تهب فترات طويلة، ونتيجة لذلك كانت تقوم بسحب تلك الظاهرة نحو أعماق متوسطة لمياه خليج عدن، والسبب هو أن اتجاه الأمواج يكون من الجهة الشمالية الشرقية، لهذا فأن هذه الظاهرة تسير مع الأمواج نحو الاعماق، ولا تظهر على الشاطئ إلا من خلال ظهور خفيف جداً لا يتم ملاحظته.
لهذا فإن هدوء الرياح الذي حصل بشكل مفاجئ بعد هبوبها لفترة قصيرة من الأسبوع الماضي، جعل من التيارات البحرية الهادئة المصاحبة لاتجاة أمواج البحر القادمة من جهة جنوب مياه خليج عدن بأن تقذف بها في ساحل أبين، كما أن ظهورها هذا جاء مصاحباً كذلك لكمية من الطحالب الخضراء، والتي عملت تلك الرائحة الكريهة، والسبب هو أن هناك الكثير من العوالق والهوائم البحرية التي تتخذ من طحالب البحر موطناً لها فتتغذاء من افرازات الطحالب، وعندما تصل إلى الساحل تبدأ الطحالب بالموت ومعها تموت كل الكائنات البحرية العالقة فيها وكذا أنواع معينة من الأسماك الصغيرة، التي تجد سهوله في التغذي من العوالق والهوائم التي تسير مع الطحالب، وهنا تجد الأسماك الصغيرة وقد صارت بالقرب من الساحل بصحبة تلك الطحالب وعندها تقدف بها الأمواج برفقه تلك الطحالب نحو الساحل، وعندما تموت تلك الطحالب وما فيها من عوالق وهوائم إضافة إلى الأسماك الصغيرة فإنها تصدر منها رائحة كريهة..
وأمر كهذا متعارف به عند الصيادين منذُ القدم، ويطلقوا عليه أكثر من مصطلح منها الشالي والزهيقه والنقع، بل إن البعض منهم يقول بأن أسماك الباغا تتغذاء من تلك الظاهرة، وذلك لما فيها من عوالق وهوائم تطفوا على سطح البحر فتعمل على جذب أسماك مثل الباغا من الأعماق إلى القرب من الساحل، وفي حال شهدت مناطقنا الساحلية في الأيام المقبلة ظهور واصطياد أسماك الباغا، فإن ظهورها هذا يأتي بعد أختفاء دام لأكثر من خمسة أشهر عن القرب من سواحل مياه خليج عدن الواقعة بين محافظتي أبين وعدن....هناك أيضاً تفسير علمي لهذه الظاهرة لكن بما اننا لم نشهد لها أي تأثير خطير، وبأنها ظاهرة طبيعية متعارف عليها منذُ القدم، فمن الواجب لتوضيح فيما يلي....
(في حال لاحظتم أن حجم الأسماك التي ماتت ونفقت مع هذه الظاهرة يصل حجم السمكة الواحدة منها نحو متر او متر ونصف أو مترين وتكون الأسماك كثيرة ومتنوعة هنا يمكننا أن نقول بأن هذه الظاهرة تسببت في تغير وانخفاض اوكسجين البحر، لهذا فإن هناك أسماك كثيرة وباحجام كبيرة ومختلفة قد ظهرت ميته على الساحل، أما في حال أن الأسماك كانت صغيرة الحجم وكأنها أسماك حديثة الولادة، فهذا أمر لا يدعوا للقلق).
وفي الختام يمكننا القول حتى هذه اللحظة، بأن هناك ظاهرتين طبيعيين ظهرت في وقت واحد وهما الطحالب البحريه الخضراء، بالإضافة إلى ظاهرة الزهيقه أو الوميض، والذي يظهر بالليل بشكل مختلف تماما عن ظهوره في النهار...والله اعلى واعلم.
((اذهبوا إلى ساحل أبين في فترات الليل واستمتعوا بمشاهدته الأمواج وهي تتلألأ باللون الأزرق))
رشيدي محمود
إعلامي وباحث متخصص بشؤون الصيادين والحياة البحرية في خليج عدن-أخصائي أبحاث ودراسات إرشاد سمكي بوزارة الثروة السمكية
