آخر تحديث :الخميس-23 مايو 2024-01:40ص

صفحات من تاريخ عدن


صفحات من تاريخ عدن .. تاريخ الأمبراطوريات التجارية (2-4)

السبت - 22 أكتوبر 2011 - 08:01 م بتوقيت عدن

صفحات من تاريخ عدن .. تاريخ الأمبراطوريات التجارية (2-4)
صورة نادرة لمبنى قهوجي دنشهاو وأخوانه في التواهي قديماً

عدن ((عدن الغد)) خاص:

بحث وترجمة بلال غلام حسين:

[email protected]

في هذا العدد سوف نتكلم عن تاريخ شخصيتين كانت لهما بصمات غير عادية في عدن, شخصيتان كانت تدار تحت إدارتهما العديد من الشركات والوكالات والمصانع في عدن والعالم. 

 هذه الشخصيتان التاريخيتان و أصحاب الأمبراطورية التجارية في عدن هما, قهوجي دنشهاو وولده هورمسجي قهوجي دنشهاو.  ولندخل الأن في تفاصيل حياة تلك الشخصيتين.

 

قهوجي شفهاكشاه دنشهاو (إيدن والا):

أسمه قهوجي شفهاكشاه دنشهاو, حيث أضيف إليه لقب (أيدن والأ) أي قهوجي صاحب عدن, نسبة إلى وجوده وتجارته في مدينة عدن.  ولد السيد قهوجي في الهند في العام 1827م, هو تاجر فارسي هاجر من سورات عبر بومبي إلى عدن في العام 1855م, تقريباً.  كان قهوجي شخصاً مؤثر و ذو كاريزما, وقد  ساهم بشكل كبير بتطوير مدينة عدن وجعلها ميناء مزدهر ذات سيادة في العام 1800م, ويمكن القول بأنه كان صاحب الريادة في مجال التجارة في عدن آنذاك قبل وصول رجل الأعمال الفرنسي أنتوني بس.

 

وفي العام 1856م, دخل قهوجي في شراكة مع رجل الأعمال الكابتن لوك توماس وكيل شركة (بي أند أوو ) الملاحية, في العمل المصرفي والتي أصبحت فيما بعد في العام 1857م, شركة ذات مسئولية محدودة وسميت فيما شركة لوك توماس وشركاه. 

 سافر قهوجي إلى عدد من المستعمرات البريطانية, وإقام عدداً من المراكز التجارية على نطاق واسع وبلأخص, على الساحل الأفريقي الشرقي, في زنجبار وممباسا. 

 كان معروفاً عنه بأنه صاحب فطنة تجارية و ذو بعد نظر, حيث كان يؤمن دائماً بأن عدن سوف تصبح ميناء هام بعد فتح قناة السويس. 

 وفي العام 1877م شيد قهوجي فندقا قريبا من عمارته سمي فندق بـ (فندق مارينا) تحولت ملكية هذا الفندق فيما بعد إلى تاجر فرنسي قام بتغيير اسم الفندق إلى (فندق أوربا), ثم امتلكه لاحقا في 1915 السيد يهودا الذي أرجع اسمه الأصلي (مارينا). 

في العام 1863م, دخل قهوجي في شراكة مع أثنين من التجار الرئيسين وهم, أدلجي مانك جي وحسن علي, وقدموا عرضاً للحكومة لتجديد خزان الصهاريج الرئيسي وستة خزانات أخرى, في مقابل بيع مياه الصهاريج والأستفادة من ريعها لتعويض خسائر الصيانة. 

 وفي تاريخ 29 يونيو 1863م, تم التوقيع على عقد مدته عشر سنوات, وتم تجديده في العام 1873م, لفترة 30 سنة أخرى.  وخلال تلك الفترة تم بيع مياه الصهاريج على أساس تجاري من قبل الشُركاء حيث كان يباع المئة جالون من الماء بروبية واحدة. 

وفي العام 1890م, بداء قهوجي بتشغيل العديد من البواخر المحلية البخارية, لتقديم خدمات منتظمة, للركاب, البضائع, والبريد من و إلى السواحل الصومالية. 

 ومما لاشك فيه كان قهوجي يملك عددا من المراكب الشراعية, ومخازن للفحم, حيث كانت مبيعاته السنوية من الفحم حوالي 60,000 ألف طن, و كان أجمالي المبيعات في ذلك الوقت عبارة عن 50-60%. 

 وفي العام 1895م, افتتحت شركة قهوجي دنشهاو وإخوانه ثاني مطبعة في تاريخ عدن إلا أنها كانت مقتصرة على طبع محتاجات الشركة و غدت أكبر المطابع العدنية في تلك المرحلة من تاريخ عدن.  

وكانت تطبع باللغتين الإنجليزية والجُراتية كما كانت تطبع بالعربية إلى حد ما.  وأهم ما أخرجته تلك المطبعة "مجلد الذكرى المئوية لقهوجي دنشهاو" وهو سجل لأهم الحوادث في حياة الجالية الفارسية في عدن. 

وكان المنافس الوحيد لمطبعة قهوجي, هي مطبعة تابعة لسجن عدن وكانت تعمل من داخل سجن كريتر, وكان عُمالها من السجناء. 

كان الرجل الفارسي صاحب العقيدة الزرادشتية, ومؤسس معبد النار في عدن قهوجي, قام بتمويل وبناء مسجد للمسلمين, وعٌرف فيما بعد (بمسجد قهوجي) في منطقة التواهي. 

 لم يكن هناك العديد من الفرس في عدن في تلك الفترة, ووفقاً للإحصائيات الرسمية في العام 1872م, كان عدد الفرس 121 شخصاً من مجموع السكان وعددهم, 19289شخصاً.

  وفي فترة مابين الحربين الأولى والثانية أصبح بيت التاجر الفرنسي أنتوني بس أكثر شهرة, وحل محل  قهوجي دنشهاو , وأصبحت مشاريعه التجارية الأكثر أهمية في عدن. 

 توفي قهوجي دنشهاو في العام 1900م, بعد حياة حافلة في مجال التجارة, تاركاً ورائه إمبراطورية تجارية ليديرها أولاده من بعده.

هورمسجي قهوجي دنشهاو:

أسمه السير هورمسجي قهوجي دنشهاو هو أبن رجل الأعمال قهوجي دنشهاو, ولد في بومباي في 4 أبريل 1857م, تلقى تعليمه الأبتدائي في مدرسة اليفنستون, في بومباي. 

 ولتلقي المزيد من العلم ذهب الى بريطانيا ودرس في كلية كينجز كوليدج.  وفي العام 1879م, وعندما ناهز 22 عاماً من العمر, ألتحق للعمل في شركة والده, حيث أرتقى سريعاً في عمله وأصبح شريكاً رئيسياً, بعدها عمل على توسيع الشركة وعمل على إنشاء فروع لشركته في لندن, أمستردام, باريس, مرسيليا, هامبورغ, وجنيف. 

 سار هورمسجي على خطى والده وعمل الكثير لتطوير مدينة عدن.  أصبح هورمسجي قهوجي أميناً في أمانة ميناء عدن, وعضو لجنة ميناء عدن.  في العام 1891م, أصبح نائب القنصل الأسباني والقنصل العام للبرتغال والنمسا في عدن.

 

أسس هورمسجي قهوجي, المدرسة الأنجلو جزراتية في عدن والتي سميت بمدرسة الخليج الأمامي وبعدها سُميت بمدرسة مدرم, وحالياً (مدرسة عقبة بن نافع) في كريتر, وفي فترة ما كان الفنان أبوبكر سالم بالفقيه مدرساً فيها. 

 ولصيانة المدرسة سنوياً أنشئ صندوق للهبات وكان هورمسجي أول المتبرعين, حيث تبرع بمبلغ وقدره خمسون ألف روبية. 

 وفي العام 1911م, مثل غرفة تجارة عدن في المؤتمر الدولي الخامس في ولاية بوسطن في الولايات المتحدة الأمريكية, حيث حصل على تقديراً عالياً من قبل الحكومة البريطانية, عندما تم تنصيبه عضواً في الجماعة الفيكتورية, وفي العام 1918م, حصل هورمسجي على وسام الإمبراطورية البريطانية. 

 

 كان هورمسجي نقيب الصناعة في عدن ومدير مصانع عديدة, كان رجلاً محسناً ويحب الخير, وصاحب عقيدةً قوية في مذهبه.  على الرغم من مكانته الإجتماعية البارزة, كان يلبس لباساً متواضعاً ويعيش حياة بسيطة. 

 وبعد حياةً مهنية نابضة وحافلة توفي هورمسجي قهوجي دنشهاو, في تاريخ 1 أغسطس 1939م, عن عمراً ناهز 82 عاماً.  وبهذا طويت صفحة من صفحات رجالاً مميزين في تاريخ الأمبراطورية التجارية في عدن.  

 

 

برج الصمت في كريتر والذي يضع فيه موتى الفرس, بُني في العام 1935م

صورة أخرى لمبنى قهوجي وأخوانه بالقرب من ساحة الهلال في التواهي

صورة لخزان وادي الطويلة في العام 1880م.

صورة نادرة للسيد قهوجي دنشهاو مع الأسد الذي أحضره من الهند وكان مشهوراً بأسد قهوجي.

معبد النار الذي بناه قهوجي في منطقة الطويلة في كريتر - عدن

 

فندق مارينا الذي بناه قهوجي

مبنى شركة بي أند أوو التابع لقهوجي و لوك توماس, حالياً مبنى تلفزيون عدن