آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-01:50م

أخبار وتقارير


تركيا والسقوط في مستنقع الشمال السوري.

الثلاثاء - 03 مارس 2020 - 08:16 م بتوقيت عدن

تركيا والسقوط في مستنقع الشمال السوري.

( عدن الغد) خاص :

تقرير /  محمد مرشد عقابي

 

في أعقاب الإجراءات التركية لدعم مواقع المعارضة الموجودة في إدلب ضد هجمات جيش نظام بشار الأسد، قتل عدد كبير من القوات التركية في اليومين الماضيين من خلال هجمات شنها طيران الجيش الروسي بالقرب من قرية البارة في جبل الزاوية على ضواحي محافظة إدلب حيث كانت القوات المدعومة من أنقرة تخطط أيضاً لبدء هجمات على جبهة سراقب لإشغال قوات النظام السوري لمنعه من مواصلة العمليات في منطقة جبل الزاوية المهمة جنوب إدلب.

وزعم المرصد السوري لحقوق الإنسان بان مايقارب 34 من الجنود الأتراك لقوا حتفهم في المواجهات الدائرة بمحافظة إدلب السورية، كما أكد محافظ هاتاي الحدودية مع إدلب مقتل 33 جندياً خلال تلك الهجمات، وفي الوقت نفسه ادعى مراسل قناة CBS أن الخسائر التركية قد تصل إلى 50 جندياً في تلك المعارك، وقد مرت أربعة أشهر منذ بدء حملة تحرير إدلب والتي تقدم خلالها جيش النظام السوري كثيراً واستعاد جزءاً كبيراً من الأراضي المحتلة من تحت سيطرة قوات المعارضة، وكانت تركيا أحد أكبر الداعمين للمعارضة السورية في ادلب رافضة لهذا التقدم وطالبت بإنهاء عملية اجتياح قوات النظام السوري وحلفائه لإدلب من خلال تهديدات متكررة بشن هجوم مضاد على في حال تم ذلك، وفي هذا الصدد وخلال الأسبوع الماضي كانت القوات والمعدات التركية في طريقها إلى إدلب لكنها واجهت هجمات من المقاتلات المساندة للنظام السوري.

ومع تصاعد ردود الأفعال حول ما يحصل هناك قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان توضح فيه السبب الأساسي لما حدث مطلع هذا الإسبوع إن الجماعات المسلحة والإرهابية شنت هجمات عنيفة في اليومين الماضيين على مواقع الجيش السوري في إدلب سعياً الى كسر خطوط دفاع القوات التابعة للنظام السوري، وأكد البيان بان أنقرة لم تبلغ روسيا بوجود قواتها في ادلب للمرة الثانية، حيث كانت القوات التركية من بين العناصر المسلحة التي استهدفتها الغارات الجوية الروسية على إدلب ليلة أمس وأمس الأول.

وفي هذا البيان أنكرت وزارة الدفاع الروسية فعلياً اطلاعها على أي معلومات حول تواجد القوات التركية أو تخطيطها لتنفيذ عمليات ضد الجيش السوري ومن أجل التخفيف والحد من التوتر قال البيان بأن "روسيا فعلت كل ما في وسعها لوقف اطلاق النار في ادلب بعد علمها بمقتل القوات التركية"، وفي تتمة لردود الفعل الرسمية الروسية تجاه الهجمات الجوية التي نفذتها الطائرات الروسية ضد خطوط امداد الإرهابيين والتي أسفرت عن مقتل عدد من الجنود الاتراك دافع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في اجتماع مشترك مع نظيره اللوكسمبورغي عن جهود الجيش السوري لمواصلة العمليات ضد الإرهابيين مضيفاً أن الجيش السوري له الحق في محاربة الإرهابيين في إدلب وأن موسكو لا تستطيع منعه، كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية إنها على تواصل دائم مع القوات العسكرية التركية، وانتقد لافروف تركيا قائلاً : إنه يمكن تأكيد أن أنقرة لم تلتزم بالإتفاق السابق مع روسيا، مشيراً إلى أن تركيا لم تلتزم بقرارات مجلس الأمن بشأن عدم دعم وتزويد الإرهابيين على حد وصفه بالسلاح.

وأعلن وزير الخارجية الروسي عن اجراء محادثة هاتفية بين الرئيسين بعد حصول تلك الغارات، ووفقاً لوسائل إعلام فقد اتفق بوتين وأردوغان على عقد قمة مشتركة بين كبار المسؤولين في البلدين في المستقبل القريب، ولم يكتف الروس بالموقف السياسي وحده حيث أعلنت قيادة البحرية الروسية أنها أرسلت سفينتين حربيتين مسلحتين بصواريخ كروز من مضيق البوسفور إلى الساحل السوري وسوف تتوجه السفينتان المدعوتان "الأدميرال ماكاروف" و"الأدميرال غريغوريفيتش" إلى الساحل السوري حالياً.

ووفقاً لقناة العربية هدد فلاديمير جاباروف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الدوما الروسي أنقرة بالفشل جراء اتخاذها تدابير غير معقولة قائلاً : ان أي عملية عسكرية تركية في إدلب ستنتهي بشكل سيء بالنسبة لتركيا، ويشير رد فعل الروس ككل إلى تأكيد سلطات موسكو على الحاجة إلى وقف التدخل العسكري التركي لدعم العناصرالمسلحة في إدلب مما قد يحمل تهديداً ضمنياً ضد تركيا والتي حملت تصريحاتها نغمة تهديد بضرب مواقع جيش النظام السوري بعد عملية هذا الأسبوع.

الى ذلك ردت حكومة أردوغان التي شددت على مدار الشهر الماضي على أن قواتها لن تنسحب من المناطق المحيطة في أدلب وخاصة من مناطق مواقع المراقبة المحاصرة من قبل نظام بشار الأسد بشكل مختلف تجاه الموضوع في أعقاب هجوم الليلة الماضية مما يعكس التأثير المفاجئ والصادم لأنقرة، ووفقاً لوكالة الأناضول التركية انه في أعقاب هذا الهجوم عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن القومي التركي لمناقشة القضايا المتعلقة بسوريا وإدلب، بينما صرحت موسكو في بيان لها الليلة الماضية إنها قامت بتنفيذ غارات جوية ادعى حاكم هاتاي أن الجنود الأتراك قتلوا في الهجوم الذي شنته الطائرات المقاتلة السورية، وبعد مضي ساعات أعلنت الحكومة التركية أنها قصفت مواقع الجيش السوري.

من جانبها نقلت وكالة الاناضول للأنباء عن فخر الدين آلتون مدير الاتصالات في المكتب الرئاسي التركي قوله " ان الوحدات البرية والجوية التركية اقرت استهداف جميع المواقع المعروفة للحكومة السورية" حيث قررت تركيا الإنتقام من هذه الغارة، وفي الوقت ذاته ذكرت التقارير إن الدفاعات الجوية للنظام السوري اعترضت صاروخين أطلقا من الأراضي التركية على قاعدة حميميم الجوية حيث تتمركز القوات الروسية في هذه القاعدة.

هذا وادعى وزير الدفاع التركي خلوصي آكار يوم أمس الأول إن البلاد ردت بشدة على الضربة الجوية التي شنها الجيش السوري على القوات التركية في إدلب، ووفقاً لموقع TRT الإلكتروني قال آكار أن المقاتلات والمدفعية التركية استهدفت 200 موقع تابع للجيش السوري مما أدى إلى تدمير خمس طائرات هليكوبتر و 23 دبابة ومنظومة دفاع جوي وقتل وجرح 309 من أفراد الجيش التابع لبشار الأسد.

من جانب آخر رفض وزير الدفاع التركي المزاعم الروسية التي تتحدث عن عدم علمها بوجود القوات التركية بين صفوف قوات المعارضة في ادلب، وفي تصريحات متناقضة مع مسؤولين آخرين في أنقرة الذين أعلنوا أن النظام السوري مسؤول عن ذلك الهجوم أكد على أن تواجد القوات التركية كان بالتنسيق مع الجهة الروسية وأن المسؤولين الروس كانوا على دراية بمكان وجود القوات التركية ولم يكن أي من "العناصر المسلحة" موجوداً إلى جانب القوات التركية، منوهاً الى انه قد جرى التحذير بعد الهجوم الأول الذي تعرضت له القوات التركية لكن الغارات الجوية استمرت واستهدفت سيارات الإغاثة ايضاً.

وفي أعقاب الهجوم على تركيا التي تعد عضواً في حلف شمال الأطلسي دعا النظام التركي بناءً على البند الرابع من قانون تأسيس الناتو إلى عقد اجتماع طارئ للمنظمة حول موضوع التطورات في إدلب، وقد ابدى بعض الأعضاء الغربيين عدم استعدادهم للانخراط مباشرة في التطورات السورية وفي التعامل مع الجيش الروسي خلاقاً للتوقعات التركية، لذلك أكد قادة الناتو من خلال مواقفهم على ضرورة وقف العمليات العسكرية السورية والروسية ضد ما اسموهم بالإرهابيين، مشددين على ضرورة ضبط النفس من كلا الجانبين، وفي هذا الصدد ووفقاً لوكالة رويترز للأنباء أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن "قلقها الشديد" ازاء الغارات الجوية على القوات التركية في إدلب، مشيرة الى ان واشنطن تقف إلى جانب حليفتها، وقال بيان وزارة الخارجية الامريكية نحن نقف الى جانب حليفتنا تركيا في حلف شمال الاطلسي وما زلنا ندعو الى وقف العدوان الوحشي لنظام الأسد وروسيا والقوات المدعومة من ايران، كما دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إلى وقف عمليات مكافحة الإرهاب السورية الروسية في محافظة إدلب، وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي عقب الإجتماع الطارئ الذي عقده الناتو أمس بشأن سوريا : "الناتو يدعم تركيا في الوقت الحالي ويبحث أعضاؤه أيضاً عن سبل لفعل المزيد".

ودعا الأمين العام لحلف الناتو سوريا وروسيا إلى وقف العمليات ضد الجماعات الإرهابية في إدلب وقال : "يجب تخفيف الموقف الخطير الحالي في إدلب ويجب أن نعود إلى شروط وقف إطلاق النار عام 2018م لتجنب حدوث فاجعة إنسانية".

كما دعت الدول الغربية في اجتماع مجلس الأمن حول التطورات السورية إلى وقف للإشتباكات والهجمات في إدلب من منطلق "انساني" ورأوا ان ارسال مساعدات إنسانية لجميع المناطق أمر ضروري، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإستونيا دعت إلى وضع حد فوري للنزاع القائم في ادلب، ولم يأخذ الغربيون الحاجة إلى تشكيل منطقة حظر طيران في إدلب على محمل الجد وفي هذا الخصوص فإن القادة الغربيون يسعون إلى الإستفادة من الأوضاع المتوترة في العلاقات التركية الروسية بشأن القضية السورية سيما العملية العسكرية في ادلب باعتبارها فرصة عظيمة لتقليل الخلافات مع أنقرة وإبعاد تركيا عن روسيا، وفي هذا الصدد سعى سفير الولايات المتحدة لدى الناتو كاي بيلي هتشيسون إلى عزو مقتل الجنود الأتراك إلى شراء نظام الدفاع الجوي (S-400) وقال : "آمل أن يرى أردوغان أننا حلفاء تركيا في الماضي وفي المستقبل، وهم يرون الآن ما هي روسيا وما تفعله، وآمل أن تثني تركيا عن شراء 00S-4 من روسيا"، ويبدو ان اليأس التركي من الدعم العسكري لحلف الناتو فضلاً عن خطر مواجهة الجيش الروسي إذا كانت ترغب في مواجهة قوات بشار الأسد دفع أنقرة إلى اللجوء إلى ورقة الضغط المستمرة على الحكومات الأوروبية والتهديد بإعادة فتح أبواب اللجوء امام اللاجئين السوريين وغيرهم الى اوروبا، وفي هذا المنحى قال مراسل وكالة الشرق الأوسط ان تركيا هددت أوروبا وحلف شمال الأطلسي بفتح حدودها أمام اللاجئين السوريين وازالة جميع العوائق التي تحول دون تدفق المهاجرين إلى أوروبا، ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول تركي رفيع المستوى في أنقرة أن الاخيرة أمرت الشرطة وخفر السواحل وحرس الحدود بعدم منع المهاجرين السوريين من الدخول، وقال المسؤول التركي إن أنقرة قررت عدم منع المهاجرين السوريين من الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر أو الجو، من ناحيته أكد المتحدث باسم الحزب الحاكم في تركيا بشكل غير مباشر على تنفيذ تهديد فتح أبواب اللجوء، ورداً على تقارير في بعض وسائل الإعلام حول اعتزام البلاد فتح الحدود أمام المهاجرين السوريين قال : إن سياسة أنقرة الخاصة بالمهاجرين لم تتغير لكن تركيا لن تكون قادرة بعد الآن على منعهم من الدخول.