آخر تحديث :الخميس-16 مايو 2024-11:56م

ملفات وتحقيقات


جولة في رحاب "طَيبة"عاصمة الثقافة الإسلامية 2013م (1)

الأحد - 31 مارس 2013 - 09:32 ص بتوقيت عدن

جولة في رحاب "طَيبة"عاصمة الثقافة الإسلامية 2013م (1)
جانب من مسجد قباء- عدن الغد

المدينة المنوره(عدن الغد)خاص

أن تجلس على البلاط الرخامي الناصع البياض في ساحات الحرم النبوي الشريف لتتأمل جنبات وأبواب ومنارات هذا المسجد العظيم الذي حوى أجمل كنوز التاريخ بمتانته وسعته, وتلامس الأرض بيدك وأنت تتخيل  مرور أطهر البشر "المصطفى الهادي" صلى الله عليه وسلم فوقها, ولا يفصلك عن مقصورة قبره الشريف سوى بضع أمتار فقط,  شعور لا يمكن أن يعادل أو يوازي ما في القلب من طمأنينة و سكينة أمام هذه التحفة الفنية المبهرة والممزوجة بين عراقة التاريخ وأصالة الحاضر بكل معانيها السامية.

 

يزداد شغفك ويعتريك مزيج من الراحة عندما تدلف لزيارة الروضة الطاهرة والعتبة المنوّرة طمعاً في نيل الأجر والمثوبة من الله سبحانه وعملاً بما ورد في حديثه الصحيح صلى الله عليه وسلم: "ما بَعْدَ مكّة بُقْعَةٌ أفَضْلَ مِنْ مَدينَة الرِّسولِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَالأْعَمْالُ فيها أَيْضاً تُضاعَفُ". وهي المكان الواقع بين بيت المصطفى "بيت عائشة" رضي الله عنها وبين المنبر الشريف، والذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة". وما أن تودع الحرم النبوي لا تفارق مخيلتك صورة القبة الخضراء التي تعلو سقف الحجرة الشريفة, حيث مثوى الجسد الطاهر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما. ثم تتوقف لبضع دقائق لتمر على البقيع أو ما يُسمى بـ ( الغرقد) , وهي مقبرة المدينة المنورة التي دفن بها نحو عشرة آلاف من الصحابة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته وعدد كبير من التابعين وأتباعهم رضي الله عنهم, حيث سن الرسول صلى الله عليه وسلم زيارتهم والدعاء لهم.

 

وفي الذهاب لمسجد قباء الذي يبعد عن الحرم النبوي ما يقارب الـ 3 كيلو مترات والتنقل داخل أروقته وتحت قبابه متعة لا تضاهيها أي متعة, عندما ترفع رأسك لتشاهد البناء الداخلي والخارجي الضخم المكون من ست قباب كبيرة تحفّ بها قباب صغيرة عددها (56) قبة, ويعتلي أركانه الأربع منارات أربع متطابقة طول الواحدة منها (47) مترا. مسجد قباء هو أول مسجد بني في الإسلام ونزل في شأنه قوله تعالى: ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ ). وقد ورد عن رسول الله فضل الصلاة في مسجد قباء بما يعدل عُمره, كما أنه حاز على شرفَ وضع النبي عليه الصلاة والسلام ُ لأساساته والمشاركة الفعلية في بنائه.

 

أما مسجد الجمعة فهو لا يقل روعة وجمال عن مسجد قباء في تصميمه وبناءه الخارجي, وهو أول مسجد صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة الجمعة بعد مكوثه أياماً في قباء عندما قدم مهاجراً من مكة, المسجد يقع في الجهة الشمالية من مسجد قباء, وتقول كتب التاريخ أنه كان قبل التوسعة الأخيرة مبني فوق رابية صغيرة بطول 8 أمتار، وعرض 5 ,4 أمتار، وارتفاع 5,5 أمتار، وله قبة واحدة مبنية بالطوب الأحمر وفي شماله رواق طوله 8 أمتار. وقد قامت وزارة الأوقاف السعودية بإعادة بنائه وتوسعته وفق تصميم هندسي متميز، وضاعفت مساحته عدة أضعاف.

 

على بعد أمتار قليلة فقط يبهرك منظر قلعة صغيرة مربعة الشكل, يعدها سكان المدينة المنورة من المعالم السياحية الأثرية في ضواحيها, حيث تم بناء هذه القلعة في الفترة بين عامي 1334-1337هـ 1915-1918م على يد القائد العسكري للمدينة آنذاك فخري باشا, خصصت القلعة للحراسة والمراقبة عندما كانت هناك مواجهات مع الأشراف ومن حالفهم من القبائل, أما بناءها فيتكون من ثلاثة أدوار مبنية من الحجر, ليّست باستخدام مونة الجص والنورة, وللمدخل باب واحد فقط يقع في الجهة الشمالية. القلعة قديمة جداً, حتى أنه يُخيل إليك عندما ترى طرازها المعتق الجميل بأنها ستتهاوى في أي لحظة لما تبرزه التصدعات على جدرانها الخارجية والداخلية.

 

تم اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013م, لما لها من مكانة سامية في نفوس المسلمين في أنحاء العالم, ولما تزخر به من معالم إسلامية وتاريخية, ففي كل شبرٍ منها علم مشهود وأثر معهود .. مدينة طاهرة بُشّر بشفاعة رسول الله لمن مات بها, فهي مهوى الأفئدة ومحط الأنظار .. إنها "طيــبة" الطيبة .

 

* تقرير وتصوير - فريدة أحمد

خاص لـ(عدن الغد)

مسجد قباء

مسجد الجمعة

الحرم النبوي

قلعة قباء