آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-04:14م

أدب وثقافة


نصف امرأة الثانية

الثلاثاء - 28 يناير 2020 - 06:22 م بتوقيت عدن

نصف امرأة الثانية

كتب / عصام مريسي:

ما زال جرس التلفون يرن ويملأ رنينه أركان المنزل الذي ساده الحزن والألم منذُ الحادث الأليم الذي الم بهم حتى أصبحت سيدة المنزل مجرد شبح على سرير المرض تنتظر الموت , ما زال الجرس يضرب برنينه المنزل المحزون والجميع يحذقون صوبه في جو من الذهول إلا الزوج كان بعيش حالة من عدم الاستغراب وع ذلك لم يسارع للرد حتى انطلقت الفتاة الصغيرة لترفع سماعة الهاتف:

ألوه .. من المتكلم

بسرعة يطلب المتكلم محاثة الأم، تنطلق الفتاة بالسماعة نحو أمها ، تمسك بسماعة الهاتف بيد مرتعشة وعينان ملاؤهما الخوف والدهشة فتجيب بصوت مرتعش متلعثم:

مَن المتكلم

يزف إليها المتكلم البشرى :

مبارك  ..لقد حصلتي على منحة لألمانيا لتلقي العلاج وكل تكاليف الرحلة على نفقة الوزارة 

تسقط سماعة الهاتف فتقع عل حجرها ، يسرع الزوج ليلتقف السماعة ويحادث المتكلم:

شكراً سيادة الوزير

وبعد انهاء المكالمة تعاتب زوجها:

كنت تعلم بمنحة الوزارة ولم تخبرني

يجيب الزوج وهو يشعر بالرضا من الحالة التي ارتسمت على الزوجة بعد مكالمة الوزير:

أردت المفاجأة

تمدُّ الأم ذراعيها ومن غير كلمات تدعو صغارها ليرتموا على حجرها وهي تقبل رؤوسهم ولا تستفيقان إلا على حرارة الدمع الذي أذرف من عيني الأم وبلل شهريهما، تستدعي خادمة المنزل لتجهز مائدة الغذاء ولأول مرة بعد الحادث تجلس مع زوجها وطفلتيها على مائدة الغذاء وعلامات الفرح تختط على كل ملامح وجهها الذي ظل عابساً قانطاً لفترة بعد الحادث .

الجميع يستعد للمغادرة فقد شدة أحزمة الحقائب وترجل الزوج وهو يدفع العربة التي تجلس عليها الزوجة ليغادرا المنزل وفلتيهما إلى جوارهما وما أن تبدأ الرحلة بعد صعود إلى الطائرة تتكأ الزوجة المريضة على جانب الطائرة وهي تنظر إلى خارج الطائرة علَّها ترمق بنظرة خاطفة طفلتيها فيمدّ الزوج يده ليضعها على كتف زوجته فيشعرها بشيء من الامان وهو محاول أن يطمانها:

لا تقلقي على البنات .. ستكونان في رعاية الجدة ومربية المنزل

تلتفت  إليه بنظرة يشوبها القلق الممتزج بالراحة لتضع رأسها على كتفه وتغص في سيل من ذكرياتها تجمعها بطفلتيها وأخرى بزوجها وعملها فترتسم ابتسامة دافئة على شفتيها.