آخر تحديث :السبت-04 مايو 2024-03:16م

ملفات وتحقيقات


الفساد في اليمن ليس في الداخل فحسب بل وصل الى الدخل القنصليات بالخارج التي نهبت لأجل شراء الفلل في باريس .

الإثنين - 27 يناير 2020 - 11:19 ص بتوقيت عدن

الفساد في اليمن ليس في الداخل فحسب بل وصل الى الدخل القنصليات بالخارج التي نهبت لأجل شراء الفلل في باريس .

(عدن الغد)خاص:

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( القطار .. رحلة إلى الغرب ) للرئيس علي ناصر محمد (الحلقة 10)

متابعة وترتيب / الخضر عبدالله :

باريس مدينة سحر


ويمتعنا في هذا العدد بالحديث لاهم محطات رحلته إلى باريس حيث يقول :" في وقت سابق انطلقت بالقطار من باريس في أول زيارة لي لبلجيكا وهولندا في رحلة استمرت ثلاث ساعات تقريبا... أما بالنسبة لباريس فقد زرتها اكثر من مرة... فهي بالنسبة لنا مدينة العلم والنور والجمال... وقد افتتن الشرقيون خاصة العرب بسحر باريس مثلما فتن الفرنسيون والأوروبيون عموماً بالمشرق والمغرب العربيين منذ بداية القرن التاسع عشر. وقد وثق الغربيون والاوربيون بصفة عامة رحلاتهم البديعة الى بلاد المشرق والمغرب بالريشة واللون عبر ما أبدعوه من لوحات الانسان والمدن، والقرى، والأسواق، والأماكن التاريخية، العمارة الإسلامية، الأروقة والمآذن والمنابر وقباب المساجد، أو عبر كتابات الرحالة الاوروبيين والمستشرقين على وجه الخصوص، حيث شهد القرنان الثامن عشر والتاسع عشر تدفقاً غربياً تجاه الشرق العربي، تجسد في رحلات لمئات المغامرين، والرحالة، والأدباء، والرسامين، والجواسيس والمستشرقين, والباحثين عن المال والمتعة الى ولايات الإمبراطورية العثمانية خصوصاً بلدان المغرب العربي ومصر وبلاد الشام واليمن والعراق، وقد أطلق على مخرجات هذه الرحلات فيما بعد (الاستشراق) الذي اقترن في الكثير من مظاهره بإشارات ومشاعر جمعت بين حب المعرفة والمغامرة الرومانسية والرغبة في السيطرة ... ومن هؤلاء من مهد للاستعمار والاحتلال الأجنبي وتقديم صورة سيئة عن البلدان التي زاروها، غير أن منهم من قدم خدمات معرفية جليلة لايمكن نكرانها.
في كتابه الشهير "الاستشراق" يفكك المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد هذه الظاهرة الثقافية، ويصل الى نتيجة مفادها ان المستشرقين على اختلاف مشاربهم بلوروا رؤية سياسية للواقع مهدت فيما بعد لاستعمار الشرق... نزعة كانت تعبر عن القوة والرغبة في الانتهاك والهيمنة.

الجيل العربي الذي درس في باريس


وسترسل في الكلام :" الجيل العربي الأول الذي زار باريس ودرس في جامعاتها من أمثال رفاعة الطهطاوي، والشيخ محمد عبده، وتوفيق الحكيم، وطه حسين، تأثر بفرنسا وبمناخ العلم والثقافة والتحضر فيها. واخذ على عاتقه الدعوة الى الأخذ بأسباب العلم والقوة والدعوة الى التنوير مدفوعاً بما وصل إليه المجتمع الفرنسي والاوروبي عموماً من تقدم حضاري تخلف فيه الشرق عن الغرب في القرون الأخيرة. فيما عاش العرب والمسلمون على مدى قرون عصراً إبداعيا مميزاً، قدم فيه العلماء العرب والمسلمون إبداعاتهم في علوم الفلك والرياضيات والفيزياء والكيمياء والصيدلة والطب والهندسة والاجتماع والفلسفة والموسيقى والأدب والفن والعديد من أوجه المعرفة، ومعلوم أن صناعة العطور الفرنسية الشهيرة التي تدر على فرنسا عشرات المليارات من الدولارات نقلها الفرنسيون من الاندلس إلى بلادهم.
قبل ذلك قدمت الحضارات القديمة في بلداننا أبجديتها وعمارتها وإبداعها للعالم من السومريين الى الأكاديين، والكلدانيين، والبابليين، والأشوريين، والكنعانيين، والفينيقيين، والمصريين القدماء، وقرطاجة مروراً الى الإغريق والعصر الهيلنستي الذي مهد للحضارة العربية... لكن عندما ننظر اليوم الى أحوالنا لا نجد للعرب والمسلمين بكل أسف مساهمة تذكر في مخترعات العصر الحديث.
مع هذا هناك من العرب المهاجرين الى فرنسا في العصر الحديث من حقق ذاته، ووصل الى مكانة مرموقة في المجتمع الفرنسي، وخاصة من المثقفين والأدباء الذين يكتبون باللغة الفرنسية ومن أبرز هؤلاء الكاتب اللبناني أمين معلوف أحد أهم أدباء اللغة الفرنسية وروائييها المعاصرين، وقد سعدت بقراءة عدد من مؤلفاته المترجمة الى العربية ومنها "الحروب الصليبية من وجهة نظر العرب"، "وليون الأفريقي"، "وسمرقند"، "وصخرة طانيوس" الذي نال عنه جائزة غونكر ارفع جائزة أدبية فرنسية، كما له روايات أخرى مثل "سلام المشرق"، "وجنائن النور" وغيرها كثير نال معظمها جوائز أدبية مرموقة وقد تم انتخابه في يونيو 2011 عضواً في "الأكاديمية الفرنسية" أهم مجمع علمي وأدبي ولغوي في فرنسا وتعد أقدم نادٍ مغلق في العالم، وتضم في عضويتها 40 كاتباً وعالماً وأديباً، يلقبون بـ "الخالدون" ويتم انتخابهم مدى الحياة ، ولا يتجدد قوامها سوى برحيل أحدهم، فيتم انتخاب خلفه من جانب (39 عضواً آخرين) وهو ثاني عربي يحظى بشرف عضوية "الأكاديمية الفرنسية" بعد الجزائرية آسيا جبَّار ، ومعلوف وجبَّار ليسا وحدهما اللذان يكتبان بالفرنسية، فهناك عدد كبير من الكتاب المغاربيين الذين يكتبون بها وأنتجوا روائع أدبية من أمثال كاتب ياسين، مالك حداد، رشيد بوجدره وسواهم، وقد نافسوا نظراءهم الفرنسيين في لغة موليير فكتبوا أعمالاً رائعة لكن روح كتاباتهم تظل عربية أو مغاربية.. ومن هؤلاء الذين حازوا مكانة مرموقة ياسمينة خضرا الذي ظفر بجائزة الأكاديمية للآداب الفرنسية في عام 2011م ومن اليمنيين الروائيين من عدن حبيب سروري الذي كتب بالفرنسية عدة روايات منها ابنة سوسلوف، طائر الخراب، أروى وغيرها العديد...
واثناء اقامتنا في باريس قمت يزيارة السفارة اليمنية هناك ، والتقينا بالسفير وطاقم السفارة وقد حدثنا السفير عن اخر التطورات في اليمن والمصاعب التي تواجه دولة الوحدة وكانت الخلافات في ذروتها بين المعارضة والنظام .. وارتفعت بعض الاصوات للمطالبة بانفصال الجنوب وقد علق أحد الحاضرين مبديا اهتمامه فقط بمصير السفارة اذا انفصل الجنوب ، فقلت له نحن لا نريد ان نناقش مصير السفارة بل نريد ان نناقش المصير الاهم مصير الوطن والاخطار التي تحدق به، ومعروف أن اليمن الجنوبي قد اشترى عدداً كبيراً من مباني السفارات وسكن السفراء في وقت مبكر وبعد الاستقلال مباشرة في باريس، ولندن، ونيويورك، وبروكسل، وبيروت، ودمشق، ويزوبى، واديس ابابا، ودار السلام، وغيرها من العواصم، رغم قسوة الظروف المحلية والقهارة، بينما النظام في الشمال كان يعتمد على استئجار السفارات والحصول على ماقد تصل نسبته 50% من الايجار (اريتيريا مثالا واحدا وعندما عين رئيس للبعثة نظيف اليد انتهزت وزارة الخارجية فرصة قيامه في اجازة لاشعار اريتيريا بأنه قد استدعي).

وزراء باليمن يشترون أفضل الفلل بلندن

ومتأسفاً عن الحال الذي وصل به وزراء باليمن حيث يقول :" ومع الاسف أن البعض اصبح لا يفكر الا بمصير المباني في هذه الدول بسبب ارتفاع اسعارها بعد أن استثمرت لاكثر من 30 عاماً وليس في مستقبل الوحدة والوطن .
ان الفساد ليس في الداخل فقط فبعد الوحدة عام 1990 بيعت كثير من المباني بأسعار بخسة أما عن الدخل القنصلي فينهب جزء كبير منه وخاصة دخل الدول الخليجية حيث توجد جاليات يمنية كبيرة ومما يمكن وهو صحيح أن وزيري الخارجية كانا يأمران موظف السفارة بلندن بشراء فيلل لهما أنيقة وغالية من الدخل القومي.


من باريس الى امستردام


ويتابع قائلاً :" بعد ثلاث ساعات من رحلتنا بالقطار عبر بلجيكا وصلنا الى العاصمة الاقتصادية الهولندية امستردام ، كان في استقبالنا السفير محمد الرباعي وطاقم السفارة اليمنية الذي رحب بنا ونقلنا الى محل اقامتنا في احد فنادق هذه المدينة الجميلة وحدثنا ونحن في الطريق عن هذه البلاد وعن علاقاتها التاريخية مع اليمن والدول العربية وعن حدودها وجيرانها ومعالمها التاريخية، فهي تقع في غرب أوروبا وتطل على بحر الشمال. يحدها من الشرق المانيا ومن الجنوب بلجيكا ومن باقي الجهات بحر الشمال. زرت اهم معالم هذين البلدين مبتدئاً بزيارة هولندا وتفقد معالمها التاريخية ومنها مكتبتها العريقة "ليدن".