السبت - 25 يناير 2020 - 04:24 م بتوقيت عدن
القسم السياسي بـ(عدن الغد):
- في الوقت الذي كان اليمنيون ينتظرون دخول صنعاء سقطت جبهة نهم!- خلال حروبه الست لم ينجح الحوثي في السيطرة على قرية صغيرة وظل محاصرافي كهوفه.. فلماذا يستعصي اليوم؟- كيف أثر الصراع بين التحالف والشرعية على الحرب ضد الحوثيين؟- كيف استفاد الحوثيون من الصراعات في المناطق المحررة؟- هل أثر غياب الرئيس والحكومة على تحقيق النصر؟- لماذا انحرفت الحرب ضد الحوثيين عن أهدافها؟- الرئيس والحكومة في المهجر وقادة الجيش خارج البلاد والقوات المسلحةغير موحدة.. فكيف سننتصر على الحوثيين؟- هناك من يستفيد من استمرار الحرب وهو متخم في فنادق الخارج؟- كيف يمكن أن ينتصر الجندي على قمم نهم والبيضاء وسواحل الحديدة وراتبهينهب من قادته العسكريين؟- حين تنعم المناطق المحررة بالاستقرار وتكون أفضل من صنعاء يمكننا أن ننتصر!متى ننتصر على الحوثيين؟ظلت مليشيات الحوثي الكهنوتية تقاتل الدولة اليمنية سنوات طويلة، دون أنتنجح في تحقيق أي نصرٍ أو حتى تخرج من كهوفها المظلمة في جبال صعدة.قيد أنملة.. لم تتقدم المليشيات المتمردة، وبقيت حبيسة جحورها وخنادقهاالتي أوجدتها منذ حروب الملكيين والجمهوريين خلال عقد الستينيات من القرنالماضي.بل أن الجيش اليمني حينها فرض سيطرته على معاقل المليشيات ومقاتلي ما كانيُعرف "بتنظيم الشباب المؤمن"، غير أن عشق الحوثيين للقتل والحروب أغراهملاستئناف قتال الجيش تارةً بعد أخرى.ورغم أنها جماعة تسعى للخراب والدمار إلا أنها لم تتجاوز حدود مناطقهاالتي فرضها الجيش اليمني، حتى أنها كانت تفقدها بسهولة بمجرد تدفق أرتالالقوات المسلحة صوب تلك المناطق.وبلغت خسائر المليشيات ذروتها حين فقدت زعيمها الروحي والعسكري، حسين بدرالدين الحوثي، في معارك الحرب الأولى خلال 2004 و2005، ما يؤكد أنها كانتعاجزةً عن حماية قادتها الكبار من الصف الأول.واستمر مسلسل الحروب المتتالية في صعدة، حتى بلغ عددها ست حروب في عام2009، رغم تكرر التهديدات والانتهاكات الحوثية، إلا أنهم في كل حربٍ منتلك الحروب عجزوا عن مغادرة مربعات كهوفهم ومغاراتهم في جبال مران وحوثورازح.فضيحة دماجعقب تنفيذ المبادرة الخليجية أواخر 2011، بعد موجة الثورة الشبابية، تجرأالحوثيون على الخروج من مناطقهم التاريخية، وحاضناتهم الشعبية التي كانتتشكل مهد الحركة الإمامية والزيدية منذ بدايتها قبل قرون عديدة.ورغم تلك الحاضنة الاجتماعية، والسيطرة على تلك المناطق منذ عقود، ورغمآلتهم الحربية الضخمة والدعم اللامحدود الذي كانوا ومازالوا يتلقونه منإيران وغيرها، عجز الحوثيون عن السيطرة على مركز ديني صغير وسط جبالصعدة.كان الحوثيون يواجهون فضيحةً عسكريةً بكل المقاييس حين فشلوا عن مواجهةبضع مئات من السلفيين وطلبة العلم الشرعي في مركز دماج، جاءوا لطلب العلموليس للحرب أو القتال، ولم يكونوا يمتلكون أية أسلحة سوى الشخصية منها.لم ينجح الحوثيون في التقدم نحو دماج إلا بعد تسويةٍ سياسية، رضخ حينهاأهالي دماج السلفيون للتهجير القسري، في مشهدٍ يُعبر عن الحالة التي وصلإليها الجيش اليمني.تساؤلاتكل تلك الحوادث والوقائع تؤكد أن الحوثيين لم يكونوا ذلك "البعبع"، أوبمستوى يؤهله للانتصار في أي معركةٍ قد يخوضها.وهذا ما يثير التساؤلات حول استمرار الحرب مع الحوثيين حتى اليوم منذ خمسسنوات، رغم كل عوامل النصر وحسم الحرب التي يمتلكها خصومه على الساحتيناليمنية والإقليمية.ولعل ما أثار جدلاً واسعاً وغريبًا لدرجةٍ كبيرة، هي الأخبار القادمة منجبهات القتال مع الحوثيين في جبال نهم، شرق صنعاء، والتي تداولتها وسائلالإعلام عن سقوط عددٍ من مواقع الحيش اليمني بيد الانقلابيين الحوثيين.ففي الوقت الذي كان اليمنيون ينتظرون فيه اقتحام العاصمة صنعاء، وإنهاءالانقلاب، تفاجأوا بانهيار عددٍ من المحاور العسكرية في نهم لصالحالحوثيين، في واقعةٍ غريبة، تُعيد التساؤلات حول حقيقة قوة الحوثيوإمكانياته العسكرية، مقارنةً بمن يواجهه.وهو ما استفز عددًا من المراقبين الذين حاولوا الإجابة عن تلك التساؤلاتمرجعين ذلك إلى العديد من الأسباب التي أدت إلى واقعٍ نعيشه اليوم،أبرزها الصراعات التي تشهدها الجبهة المضادة للحوثيين، والنزاعات التيتتصاعد بين وقتٍ وآخر بين عددٍ من الأطراف في المناطق المحررة.في مقابل وحدة الجبهة الحوثية داخل المناطق التي تخضع لسيطرة الجماعة الانقلابية!.وفيما يلي سنستعرض أبرز العوامل التي منعت تحقيق الانتصار على مليشياتغير نظامية، سواء فيما يتعلق بقوات الحكومة الشرعية، والقوات المتواجدةفي المناطق المحررة، أو فيما يتعلق بالحالة العسكرية للحوثي نفسه.الصراعات الداخليةلا يمكن لأي حصيفٍ ومتابع جيد لتطورات الأوضاع في اليمن، أن يغفل التأثيرالمباشر لتفكك جبهة الشرعية على جبهات القتال الميدانية.ونقصد بجبهة الشرعية هنا بما فيها قوات الانتقالي باعتبارها في الصفالمقابل ضد الحوثيين، وهذا التصدع الحاصل بقوات الشرعية اليمنية، وما حصلفي عدن خلال أغسطس 2019، كانت له تداعياته العسكرية والأمنية وحتىالسياسية.ويبدو أن الحوثيين استفادوا من مثل تلك الانقسامات العسكرية في جبهةالشرعية، وبنى عليها معاركه الحالية وتقدمه، واستغل مثل هذه الثغرةتماماً كما استغل الانقسام السياسي من قبل.كما أن عدم توحيد القوات المسلحة في المناطق المحررة، وولاءاتهاالمتعددة، ساهم إلى حدٍ بعيد في إضعاف جبهة الشرعية.الصراع مع التحالفشهدت اليمن تفاوتًا في مواقف الحكومة اليمنية مع أطرافٍ محددة في التحالفالعربي، كان الصراع إعلاميًا في البداية، من قبل عدد من المراقبينالمنتقدين لبعض تصرفات هذا الطرف أو ذاك في التحالف.غير أن محللين رجحوا بأن يكون للانسحاب الإماراتي من عددٍ من المدناليمنية، وتحديدًا مأرب، أثر عسكري كبير على مجريات العمليات القتالية فينهم والجوف.وبعيدًا عن آراء الحكومة الشرعية ومواقفها من الحليف الإماراتي إلا أنخبراء عسكريين لم يخفوا تأثير انسحاب قوات أبوظبي على الوضع العسكريالعام في اليمن، سواء على جبهات شرق صنعاء أو على الساحل الغربي والتعزي.غياب الرئيس والحكومةكثيرًا ما ربط مراقبون بين عدم حسم القتال والحرب مع الحوثيين وبين تواجدقيادات يمنية وحكومية خارج البلاد.وهي حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها؛ نظرًا لما يمثله عدم تواجد القادةالسياسيين والعسكريين على معنويات الجنود والمقاتلين في جبهات ومحاورالقتال.ولعله ملفٌ شائك ذلك الملف المتمثل في غياب رئيس الجمهورية وأفراد حكومتهالرئيسيين عن البلاد، وتواجدهم في فنادق الرياض والقاهرة واسطنبول.ومثل هذا الموقف يثير استياء كثير من المواطنين، وهو أكثر وطئاً علىالجنود والمقاتلين على خطوط النار، ويسهم في إضعاف الروح المعنويةوالقتالية.كما أن هذا الغياب يؤدي إلى اللا مبالاة، ويلغي روح المسئولية في نفوسالقادة العسكريين الكبار قبل الجنود الصغار الواقفين على محاور القتالأمام قوات الحوثيين.إن غياب الرئيس عن التواجد بين مواطنيه وتلمس أوضاعهم، له الكثير منالتأثير العسكري والسياسي وحتى المعيشي، فوجود هرم الدولة قريبًا من هموممواطنيه وجنود وجيشه، ينعكس إيجابيًا على معنويات الجميع، تمامًا كمايؤثر غيابه سلبياً على مجريات الأمور العسكرية والاقتصادية.ولهذا تبدو مطالب عودة رئيس الجمهورية إلى الداخل اليمني مُلحة وضرورية،ووفق الظروف الحالية التي تمر بها عدن والمحافظات الجنوبية، فإنه لا يمكنأن تتحقق تلك المطالب- حاليًا- إلا عبر تنفيذ اتفاق الرياض.وباعتباره قائدًا أعلى للقوات المسلحة فإن وجود وعودة رئيس الجمهورية إلىالداخل سيعمل على تغيير المشهد العسكري في اليمن، في ظل تقاعس القادةالعسكريين المتواجدين، سواء في المحافظات الجنوبية أم الشمالية.الحرب تنحرف عن أهدافهاكان للحرب عند الجبهة المقاومة للمشروع الحوثي أهداف معينة، بعضها كانمختلفًا بعض الشيء في البداية، لكنها كانت تلتقي على قواسم مشتركة فيالنهاية.فالجنوبيون حين قاوموا الحوثي وقواته كان هدفهم منعه من دخول المحافظاتالجنوبية، باعتباره قوة شمالية تحاول إعادة الهيمنة على الجنوب وتكرارمأساة خرب 1994، فيما البعض كان هدفه عقائديا.فيما كانت أهداف الشماليين منع عودة حكم الأئمة من جديد، وتجذير مشروعالجمهورية وتثبيت الشرعية.وكلها أهداف يمكن أن تتقابل عند مستوى معين وتلتقي على قواسم مشتركةوواحدة، غير أن المشاهد اليوم أن كل تلك الأهداف انحرفت عن مسارهاالطبيعي.فلم يعد الهدف اليوم حماية الجنوب، أو إعادة الشرعية إلى صنعاء، بل إنهذه الشرعية تحولت عند البعض عدوًا وليست حليفاً، وخسرت كثيرا من داعميهاوحلفائها، حتى أن الهدف العقائدي ومنع نشر المذهب الحوثي الغريب عن ثقافةوهوية اليمنيين لم يعد في صدارة المشهد اليوم.وانحراف كل تلك الأهداف مردها في الحقيقة إلى وجود تجاوزات من قبل بعضالقادة العسكريين والسياسيين، أثرت على صغار الجنود والمقاتلين، وانقلبتسلبًا على سير المعارك والقتال، وتلك التجاوزات لها مظاهر عديدة.فساد القادةاستمرار العديد من القادة السياسيين والوزراء، بل وحتى العسكريين،بالتواجد في الخارج، ينعمون برفاهية العيش في فنادق الرياض وأبوظبيوالقاهرة واسطنبول، فيما عامة الشعب يعيشون ضنك العيش ويواجهون صعوباتالحياة المعيشية التي تتصاعد يوما بعد يوم، من الطبيعي أن تكون لهاانعكاساتها السلبية على مجمل القطاعات في الداخل اليمني.كما أن انعدام الخدمات الأساسية لدى المواطنين، في الوقت الذي يتسلم فيهالمسئولون في الخارج آلاف الدولارات شهريا كمرتبات يشكل "غبن" عام يزيدمن الفوارق، وربما يثير "النقمة" والتململ بين المواطنين.ويمكن أن يدخل في هذا الجانب وفي صلب حديثنا، الفساد الذي يمارسه قادةعسكريون وهم في فنادق مترفة، من خلال انتهاك حقوق الجنود والمقاتلين،والخصم من مرتباتهم والسطو عليها دون وجه حق؛ مما يؤدي إلى استياء الجنودفي الجبهات وعدم الالتزام بتوجيهات قادتهم.فكيف يمكن للقوات المرابطة على جبال نهم والضالع والبيضاء، وعلى الساحلالتعزي والحديدي، أن تنتصر ورواتب الجنود تُخصم من ساكني الفنادق، أوتجار العقارات في القاهرة واسطنبول؟!.مستفيدون من استمرار الحربكل تلك المعطيات والعوامل، من انقسامٍ للقوات المسلحة في المحافظاتالمحررة، وتشظي وتصدع الجبهة السياسية للشرعية، وعدم عودة الرئيسوالحكومة، وانعدام الخدمات الأساسية، وسرقة مخصصات الجنود المقاتلين علىالجبهات، وترف وفساد المسئولين، جميعها مسببات لتأخر النصر على الحوثيين.كما أن جميع تلك المظاهر تشير إلى أن ثمة من يستفيد من استمرار الحرب،وأن هناك من يتاجر بدماء الشباب اليمني، ولا يسعى أبدًا أو يتمنى توقفالحرب، بل ربما يعمل على تأجيجها وتأخير الحسم.ولا ننسى هنا أن نشير إلى التدخلات الخارجية في الشأن اليمني، والتي لاتسعى إلى وضع حدٍ نهائي للحرب الجارية في اليمن، حتى تبقى الوصايةالدولية لها، وتبقى ممرات الملاحة الدولية تحت رقابة وتحكم الدول ذاتالمصلحة، وتأجيل قيام دولة يمنية قوية، وهذا العامل أحد عوامل استمرارالحرب، فهناك من يرغب في استمرارها، على المستوى العالمي أيضًا، وليس فقطالمحلي.وهذا ما يؤكد ما ذهبنا إليه سلفًا أن الحوثي ليس بذلك الخصم العنيد أوالقوي، ولكنه وجد من يعمل على إضرام نيران الحرب وبقائها مشتعلة.فشل في الإدارةيتحدث محللون وصحفيون عن أن أهم مكامن الحوثي ونقاط قوته هي في فرضجبروته وسلطته الواقعية على كل ما يقع تحت سيطرته.فكثير من المراقبين يشيرون إلى استقرار الأوضاع الأمنية والمعيشية، وحتىصرف الريال اليمني، في مناطق سيطرة الحوثي.وهو ما لا نراه في المناطق المحررة، الجنوبية تحديدًا، حيث الاستقرارالأمني والمعيشي غائب، بل أن الانفلات والفوضى الأمنية هي المسيطرة،والانقسام العسكري في أوج مستوياته لدرجة المواجهات المتكررة بين الخصوم،بالإضافة إلى تردي الخدمات.وكل تلك الملامح تشير إلى العجز في إدارة مثل هذه الأمور السهلة، فمنالطبيعي إذن الفشل في إدارة المعارك القتالية والعسكرية، وفق ما ذهب إليهمراقبون.ما نحتاجهلا يحتاج القضاء على الحوثيين سوى إلى جيش قوي وحكومة ملتزمة بخطط القضاءعليه، بعيدًا عن ممارسات الترف والبذخ والفساد الغارق فيه أعضاؤها.قد يقول قائل إن الجيش القوي السابق الذي وقف ضد الحوثيين قبل أن يخرجوامن أوكارهم في صعدة كان يعيش في ظل حكومة فاسدة خلال عهد الرئيس السابقعلي صالح؛ لكن صاحب ذلك القول غفل أن الجيش الذي حارب الحوثيين لم يكنمنقسمًا أو مفككًا، ولم تكن وحداته تتقاتل في معارك جانبية.ما نحتاجه هو أن نكف عن إشعال معارك جانبية، ونتحارب من أجلها، ما نحتاجهتوحيد أهدافنا، ما نحتاجه عودة الرئيس هادي وحكومته إلى عدن أو حتى مأربلإدارة المعركة، ما نحتاجه الكف عن الفساد والسطو على مرتبات الجنودالمساكين، ما نحتاجه هو شراكة حقيقية وندية مع الأشقاء في التحالف، مانحتاجه هو توحيد جبهاتنا الداخلية، ونبذ الانقسام في القوات المسلحة.ما نحتاجه هو أن ننهي القتال والحرب التي اكتوى بنيرانها كل فرد بهذاالوطن، ننهيها ونحن أقوياء، بطريقةٍ تمنع عودتها من جديد.