آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-04:30م

أخبار المحافظات


تفشي البطالة في عدن.. حجم المشكلة واسبابها ونتائجها وكيف يمكن الحد منها

الأربعاء - 22 يناير 2020 - 07:04 م بتوقيت عدن

تفشي البطالة في عدن.. حجم المشكلة واسبابها ونتائجها وكيف يمكن الحد منها

تحقيق: عبداللطيف سالمين.

تعد البطالة إحدى أخطر الظواهر الاقتصادية الاجتماعية التي تعاني منها مدينة عدن في العقد الاخير وتترك خلفها أثرًا سلبيا على معظم المتغيرات الاقتصادية من جهة، وتطال الحياة الاجتماعية والسياسية للمدينة التي ترتفع فيها معدلات البطالة إلى نسب عالية من جهة ثانية، وتتضرر القطاعات الاقتصادية والإنتاجية نتيجة الأزمة المستمرة في البلاد والتدمير الذي لحق بالمنشآت وبنيتها التحتية وبمنشآت الأعمال المختلفة الإنتاجية منها والخدمية في السنين الاخيرة.

 

وتعتبر البطالة مشكلة متجذرة في الواقع العدني والشباب جزئيًّا هم الضحية الأكثر إيلامًا رفقة اسرهم بسبب عدم توفر فرص العمل، وبالتالي فقدان مصدر الدخل لهم وتحولهم إلى نازحين يقتاتون خبزهم اليومي من سلال المساعدات التي توزعها المنظمات الإنسانية.

 

 أما حديثًا فقد أدت الأحداث التي طرأت على الاقتصاد في اليمن في السنوات الأخيرة إلى تفاقم هذه المشكلة بالطريقة التي انعكست سلبيًّا على سوق العمل، حيث استمر معدل البطالة في عدن بشكل عام على الصعود بنسبة 50 % خلال الفترة الواقعة بين عامي 2011 ، 2019 .

 

ويؤكد اقتصاديون أن نحو 35% من المنشآت العاملة في مجال الخدمات، كوكالات السياحة والفنادق والمستشفيات الخاصة والمدارس، و27% من المنشآت الإنتاجية و20% من المنشآت التجارية أٌغلقت أبوابها، وهذا أدّى بدوره إلى آثار سلبية مباشرة على أكثر من" 4.7"ملايين عامل بنسب متفاوتة.

 

مع العلم أن العديد من المنضمات الاغاثية والمؤسسات وفرت العديد من الفرص في السنين الاخيرة الا ان ذلك لم يكفي للحد من المشكلة واستمرت بالصعود نظرا للالاف من الخريجين الجامعيين في المدينة كل عام الذين ينتظرون فرص عملهم ولكن الواقع يفرض نفسه ويبعثر احلامهم ويدفع بالشباب ان يهدورا  طاقتهم ويحرقوا احلامهم في الجبهات او البحث عن مصدر دخل يؤمن لهم بالكاد معيشتهم اليومية.

 

وياتي الخيار الامر للعديد من هولاء الخريجين متمثلا بالالتحاق بالسلك العسكري، الذي يتساوى فيه الطالب الجامعي مع من ترك دراسته مبكرا .

 

 بينما الخيار الاخر الذي يلجأ اليه خريجي الجامعات في عدن يتمثل في العمل  في مجالات لا تتوافق مع تخصصاتهم.

 

 

أسباب البطالة  في العقد الاخير.

 

وكانت عدن تعاني قبل بداية ثورة 2011 من ظاهرة عدم قدرة اقتصادها المحلي على استيعاب أعداد الوافدين إلى سوق العمل وبالتالي ارتفاعًا في معدلات البطالة للأسباب منها سياسات الاستثمار غير السليمة التي كانت تتبعها الحكومة اليمنية وتعقيد إجراءات الاستثمار وندرة رؤوس الأموال المخصصة للاستثمار وتوجيهها إلى قطاعات غير إنتاجية أمام هروب الكثير منها خارج البلاد، ناهيك عن سوء التخطيط التعليمي وعدم ربط مخرجات عملية التعليم باحتياجات سوق العمل بالإضافة لضعف مستويات التأهيل والتدريب لدى قطاعات واسعة من القوة العاملة المتوافرة في البلاد، وعدم التنظيم في سوق العمل بسبب غياب المؤسسات الاجتماعية الحقيقية، وبالتالي فوضى في القيام بأعمال مختلفة قد لا تتناسب ومؤهلات الشخص وارتفاع أعداد الوافدين إلى سوق العمل سنويًّا وخاصة من خريجي المعاهد والجامعات أمام عدم توفير فرص العمل المناسبة لهم.

 

وبسبب الحروب في العقد الاخير في اليمن نزح الى عدن مئات آلاف السكان من المناطق التي طالها القصف أو الحصار أو أصبحت مسرحًا للمعارك الدائرة.

ونتيجة حرب 2015 على عدن وما تبعها من السياسات المالية السلبية والتدهور الاقتصادي والانهيار الامني الذي رافقه تراجع المشروعات وبالتالي انخفاض فرص العمل كما انخفض حجم الطلب على اليد العاملة الوافدة إلى السوق بسبب إغلاق الكثير من المنشآت الإنتاجية والخدمية أو توقفها عن العمل جزئيًّا أو تعطيلها كليًّا، وصرف الكثير من العاملين في القطاع

 عن العمل نتيجةً لانعدام إمكانية الاستمرار في العمل بسبب ظروف المدينة.

 

 

-الاثار السلبية للبطالة.

 

اهم الاثار للبطالة تكمن في الظروف الاقتصادية التي تسببها وتدني المستوى المعيشي للسكان، اما نتيجة فقدانهم لمصدر الرزق وهو ما يدفع بهم نحو عتبات الفقر او انعدام فرص العمل.

 

ويتسبب  ارتفاع معدلات الفقر نتيجة انخفاض حجم الدخل وتراجع القدرة الشرائية لدى قطاعات واسعة من السكان بسبب ارتفاع معدل الإعالة، وهو ما يساهم في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وتراجع مستويات الأداء فيه وسوء توزع الثروة بين طبقات المجتمع وخسارة الاقتصاد المحلي للكفاءات والمؤهلات العلمية وهجرة الأدمغة والعقول العدنية إلى الخارج، نتيجة عدم توافر فرص العمل المناسبة وبالتالي غياب ظروف العيش الكريم.

 

ولا تنحصر آثار البطالة في الناحية الاقتصادية فقط، وإنما تمتد لتشمل الوضع الاجتماعي من غياب وانهيار للقيم والأخلاق لدى العاطلين عن العمل الأمر الذي قد يدفع بهم نحو العمل في قطاعات مشبوهة ومؤذية اقتصاديًّا واجتماعيًّا وانقيادهم إلى الانحراف والتشتت النفسي، وإلى حالات إنسانية متردية وأحيانًا سلوك إجرامي وعدواني تجاه المجتمع وإضافة لانتشار ظاهرة عمل الأطفال بهدف مساعدة الأهل في توفير دخل للعيش أمام صعوبات عدم إمكانية توافر عمل لمعيلي الأسر، وهو ما قد يحرمهم من طفولتهم ومن التعليم، وما يحمله ذلك من آثار على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم فيما بعد، إضافة لتأخر سن الزواج وارتفاع نسبة العنوسة وتنامي ظاهرة الأمية داخل المجتمع مع ما تتركه هذه الظواهر من آثار سلبية على المجتمع وأفراده معًا.

 

 

-ماهي الحلول الممكنة للحد من البطالة؟

 

وبحسب الخبراء فانه للاجل ان تتاح فرص العمل لآلاف المدنيين في مُحافظة عدن، يتوجب ان تنتهي الازمة السياسية التي تمر بها المدينة وتستقر وهوما سيشجع المنظمات الخدمية والتجّار وأصحاب رؤوس الأموال البدء بطرح مشاريع تساهم في توفير فرص العمل .

 

ويمكن طرح عدة أمور للحد من البطالة قدر المستطاع كوضع الأسس والمعايير العلمية السليمة للشروع بسياسات مالية ناجعة وتقديم التسهيلات اللازمة لتأسيس المشروعات الصغيرة التي قد توفر دخلًا للبعض، فتساهم في تنشيط الأسواق وتحريك عجلة الإنتاج مما سيدفع نحو رفع حجم الطلب على العمل، وبالتعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية نحو تفعيل عملها في المناطق الآمنةوتوجيهها نحو تأسيس مشروعات إنتاجية لتشغيل العاملين مما يساهم في توفير مصدر للدخل فيساعدهم ذلك على تأمين احتياجاتهم اليومية والمعيشية من جهة، ويقلل من نسب البطالة من جهة ثانية، وذلك بدلًا من سياسات تقديم المساعدات العينية المباشرة التي تشجع على الكسل والتواني في البحث عن العمل وتفعيل دور المؤسسات المدنية لتأسيس مشروعات صغيرة، تتناسب وواقع المناطق المعاش فيها، حيث توفر فرص عمل ولو بسيطة بهدف تشغيل أعداد من العاطلين عن العمل وتوفير مصدر رزق لهم وتعود الحياة والبسمة لمدينة عدن .