آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-02:25ص

أخبار وتقارير


ما الذي يدفع الانتقالي لدعوة التحالف الى تشكيل حكومة خاصة به؟

الثلاثاء - 17 ديسمبر 2019 - 07:48 م بتوقيت عدن

ما الذي يدفع الانتقالي لدعوة التحالف الى تشكيل حكومة خاصة به؟

عدن (عدن الغد ) القسم السياسي :

التفت مواطنو عدن ومحافظات الطوق نحو المجلس الانتقالي الجنوبي بعد أحداث أغسطس الماضي، والتي أفضت إلى رحيل الحكومة اليمنية عن عاصمتها المؤقتة.

كان كل شيءٍ مهيئًا حينها، بعد انتصار القوات الموالية للمجلس الانتقالي، على الإمساك بمقاليد الأمور، وانتظرت الجماهير العدنية والجنوبية أن يُعلن الانتقالي التزاماته بالتكفل بكل ما هو خدمي وتنموي، والجلوس محل الحكومة، والقيام بما كانت تقوم به.

خاصةً أن أحداث ومواجهات أغسطس أسفرت عن مزيد من التردي والتدهور للأوضاع الخدمية والمعيشية، حيث انقطعت المرتبات، وانعدم الوقود المخصص لمحطات الكهرباء والمياه، وتوقفت المرافق الحكومية والمؤسسات العامة عن العمل.

وهي جميعها أعمال كانت تؤديها- في الحدود الدنيا- مؤسسات الدولة والوزارات والمصالح العامة.

وبدلاً من قيام الانتقالي، بما يمتلكه من علاقاتٍ مع دولٍ إقليمية ذات شأن، بتغطية غياب الحكومة وتوقف مؤسساتها عن العمل، هرب إلى الأمام، وحمّل الحكومة مسئولية توقف الخدمات وتفاقم تدهور الوضع المعيشي.

مؤيدو الانتقالي كانوا ينظرون إلى ضرورة قيام الحكومة بواجباتها، بينما كان معارضوه يستغربون من طرحٍ كهذا في ظل غياب الحكومة وأدواتها المتمثلة بالمؤسسات العامة، وكيف للحكومة أن تفي بالتزاماتها دون أن تتواجد على الأرض وتعود إلى عاصمتها ومقراتها ومصالحها.

الانتقالي ينسف شرعية الحكومة

في خضم هذا السجال، ورمي المسئولية على كل طرف، خرج أحد قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي مؤخرًا بدعوة التحالف العربي لتكليف الانتقالي بتشكيل حكومة بمنأى عن الشرعية.

حيث اتهم نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي، منصور صالح، الشرعية بالتحايل والكذب والهروب من التزاماتها التي وقعت عليها في اتفاق الرياض.

وقال صالح: إن الأشقاء في دول التحالف مطالبون بالتنسيق مع المجلس الانتقالي الجنوبي لتشكيل حكومة جديدة لإدارة المحافظات الجنوبية المحررة بمعزل عن الطرف الآخر.

وكتب صالح منشورا في حسابه الرسمي على “الفيسبوك” رصدته “عدن الغد”، ما يبدو أنها مقدمات للنتيجة والخلاصة التي توصل إليها، بسبب التأخر في تنفيذ اتفاق الرياض.. قائلاً: “جاء قبول المجلس الانتقالي الجنوبي بعودة رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك إلى عدن انطلاقاً من التزامه ببنود اتفاق الرياض الموقع في الخامس من نوفمبر الماضي، على أن لاتتجاوز مدة بقائها الثلاثين يوماً لتحل محلها حكومة جديدة يتم التوافق عليها من طرفي الاتفاق وبرعاية التحالف”.

ويضيف: “في حين تعامل المجلس بمسؤولية ومصداقية مع الاتفاق واصلت سلطة المنفى فاقدة المشروعية الشعبية والأخلاقية اتباع ما اعتادت عليه من أساليب الكذب، والتحايل، والهروب، من التزاماتها التي وقعت عليها”.

وتابع: “رغم تغاضي المجلس عن المخالفات المرتبطة بعودة رئيس الحكومة ليتحول إلى عودة عدد غير قليل من الوزراء عن طريق “التهريب” بالمخالفة للاتفاق، إلاّ ان هذه الشرعية فهمت هذا التغاضي نجاحاً لسلوكها الفهلوي، واعتقدت بأنها ستنجح في إطالة عمر هذه الحكومة، عبر المماطلة في تشكيل الحكومة الجديدة في مدتها المنصوص عليها بالاتفاق والتي لا تتجاوز ثلاثين يوماً”.

ونتيجة لكل ذلك توصل منصور صالح إلى أنه وطالما تم تجاوز كل ما اتفق عليه وأتاح فرصة عودة معين وبعض وزرائه وتجاوز هذه الحكومة مشروعيتها الممنوحة لها، وفشلها في تنفيذ الشروط التي التزمت بها للسماح بعودتها وفق هذا الاتفاق؛ فإنها ومنذ الخامس من ديسمبر، لم تعد تمتلك أي مشروعية، وأن رحيلها الفوري من أرض الجنوب بات أمراً ملحاً وغير قابل للمماطلة.

الدعوة لتشكيل حكومة الانتقالي

وبناءً على كل ما مضى من معطيات، وتبريرًا لتوقف عجلة اتفاق الرياض، وعدم تشكيل الحكومة الجديدة التي كان مقررًا أن تكون مناصفةً بين الشمال والجنوب، وبصيغة تكنوقراطية، وحتى لا تتواصل معاناة المواطن ويستمر الفراغ الدستوري في البلد، بحسب نائب رئيس الدائرة الإعلامية للانتقالية، والذي يرى أن سلطة المنفى تسببت به نتيجة حرصها على إفشال الاتفاق، حد قوله، فإن الأشقاء في التحالف العربي مطالبون بالتنسيق مع المجلس الانتقالي الجنوبي لتشكيل حكومة جديدة في المحافظات المحررة، بمعزل عن الطرف الآخر.

وأوكل منصور صالح لهذه الحكومة “الانتقالية” تواي مهمة توفير الخدمات الأساسية للمواطن الذي سحقه فساد ما تسمى بالشرعية، وفق وصفه.

وبرر صالح دعوته تلك بأن المجلس الانتقالي الجنوبي بات يكتسب مشروعيته السياسية بموجب هذا الاتفاق الذي باركه العالم أجمع ورفضته السلطة عديمة الشرعية، حد تعبيره.

دعوة مشروعة ومبررة

ويبدو أن دعوات المجلس الانتقالي لتشكيل حكومة بمعزل عن الشرعية، له ما يبرره، خاصةً في ظل استمرار توقف الخدمات، وحتى مرتبات العسكريين ومنتسبي الأمن، ممن ما زالوا لم يستلموا مرتباتهم منذ شهور تمتد إلى بداية الأحداث.

ويدرك المراقبون أن الحكومة التي نص على تشكيلها اتفاق الرياض، لم تجد طريقها إلى النور؛ رغم اقتراب المهلة المحددة لتشكيلها من موعدها النهائي، وبالتالي فإن البقاء في حالة “اللاحكومة” التي تعيشها البلاد غير مبررة، في ظل البطء بتنفيذ بنود اتفاق الرياض.

ولهذا ينظر المراقبون إلى دعوات المجلس الانتقالي بأنها مشروعة ولها ما يبررها، في الوقت الذي تعاني فيه الأوضاع المعيشية من تردٍ ظاهر وتدهور مستمر منذ أغسطسالماضي.

كما أن هذا الرأي يمتلك مقومات الوجاهة كون المجلس الانتقالي هو المطالب والمساءل أمام الشعب بتوفير الخدمات والمرتبات وتحسين الوضع الاقتصادي والتنموي، بالتوازي مع تقاعس الحكومة الشرعية عن مهامها.

ويعتقد متابعون أن المجلس الانتقالي الذي كثيرًا ما تلقى اتهاماتٍ بأنه يتهرب من المسئولية الخدمية ومسئولية توفير مرتبات موظفي الجيش والأمن، ها هو الآن يطالب بتحمل تلك المسئوليات، بعيدًا عن التورط مع حكومة الشرغية التي دائمًا ما يتهمها بأنها فاسدة وفاشلة.

تطور مهم.. يعطي مصداقية للانتقالي

وهو ما دعا إليه كثير من المراقبين الذين رأوا أن إيكال مهمة الحكومة للانتقالي “تطور مهم” في سير الأوضاع في المحافظات الجنوبية المحررة، خاصةً وأن المجلس الانتقالي مسيطر على كل المؤسسات المدنية والعسكرية على السواء.

كما أنه ينفي التهم التي كالها معارضو الانتقالي، والتي تمحورت حول قبول الانتقالي عودة الحكومة اليمنية إلى عدن من أجل صرف الرواتب ليس إلا.

ويعتقد مراقبون أن هذا “التطور المهم” كفيل بإعطاء مصداقية للمجلس الانتقالي الجنوبي أمام أنصاره قبل معارضيه، ويزيد من أسهم المجلس شعبيًا ودوليًا حتى.

فهل يستطيع المجلس الانتقالي القيام بهذه المهمة، وتشكيل حكومة تقوم بما عجزت عنه الحكومة الشرعية؟، وما هي مقومات القيام بذلك، وهل سيكتب لتجربة كهذه النجاح، وكيف ستتوفر لها عوامل النجاح؟

أم أن الأمر لا يعدو عن كونه استعراضا إعلاميا؟

قدرات النجاح.. وعوامل الفشل

بالنظر لإمكانيات المجلس الانتقالي الجنوبي السياسية والاقتصادية، وقدرته على تشكيل حكومة بمعزل عن غيره، فكثير من الآراء تتضارب في هذا الاتجاه.

حيث يرى البعض أن المجلس الانتقالي قادر على القيام بهذا العمل، بما يمتلكه من أسماء وكفاءات وشخصيات مؤهلة لإدارة الأعمال الخدمية والسياسية وحتى العسكرية.. مستندين على ما حققه المجلس من مكاسب سياسية جعلت منه المكون الرئيسي الجنوبي الأهم والأبرز على الساحة الجنوبية حاليًا، وأكسبته ثقةً دولية وإقليمية، لم يحققها أي مكون جنوبي آخر حامل للقضية الجنوبية.

في الضفة المقابلة توجد آراء تنظر إلى أن المجلس الانتقالي كيانٌ وُلد بمقومات ضيقة، لهذا لا يمكن أن يحقق نجاحًا عند تشكيله حكومةً خاصةً به.. مشيرين إلى إمكانية اصطدام المجلس الانتقالي بكل من يعارضه ويناهض توجهه، وبشكل قزي وعنيف، قد يقود إلى مزيدٍ من المواجهات، الساحة الجنوبية في غنى عنها.

وذلك عطفًا على ادعاءات الانتقالي بتمثيله القضية الجنوبية بشكل حصري، وهو ما يتضمن إقصاءً واضحًا لكثير من المكونات الحراكية الجنوبية التي بدأت وتحملت القضية في مهدها، ويمكن أن تتصادم مع الانتقالي، وتُشعل مزيدًا من الصراع.

داعمون إقليميون

كما يذهب مناصرو ومؤيدو المجلس الانتقالي إلى حظوته وحصوله على دعم إقليمي، وقبول لا يمكن إنكاره، تجلى واضحاً في الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظات الجنوبية.

وتلك الحظوة التي تمثلت في اعتبار الانتقالي كيانًا سياسيًا معترفًا به لدى دول التحالف العربي، بدءًا من دولة الإمارات العربية المتحدة التي دعمته وواكبت مسيرته منذ تأسيسه، مرورًا بالمملكة العربية السعودية التي استضافته في مشاورات جدة التي أفضت لاتفاق الرياض، والذي أسس لاعتراف إقليمي بالمجلس الانتقالي.

بالإضافة إلى الدعم العسكري والمالي للقوات الأمنية والمليشيات الموالية للمجلس الانتقالي.

كل ذلك يدخل في مقومات احتمالية نجاح حكومة الانتقالي التي دعا إلى تشكيلها.

ولا ننسى إمكانية وقوف الإمارات إلى جانب حكومة الانتقالي متى ما قامت، وإمكانية دعمه تنمويًا وخدميًا، خاصةً وأن الانتقالي دائمًا ما يحرص على التذكير بمواقف أبوظبي في نصرة الشعب الجنوبي وقضيته، والوقوف إلى جانبه.

دعم.. لا وجود له على الواقع

في المقابل، يعتقد البعض أن الدعم الإقليمي للقضية الجنوبية وللمجلس الانتقالي لم يكن يومًا تنمويًا أو خدميًا.

ويُصنفون كل ما حصل عليه الانتقالي منذ تأسيسه قبل أكثر من عامين ونصف بأنه دعمٌ سياسي ليس إلا، وعبارة عن استغلال لهذا الكيان الجنوبي في ابتزاز الحكومة اليمنية وتمرير مصالح معينة، يستفيد منها الخارج الإقليمي، دون أي فائدة تُذكر للجنوب ولقضيته.

ويستدل أصحاب هذا الرأي بأن الخدمات العامة كالكهرباء والمياه لم يتم تطويرها أو تحسينها أو حتى صيانتها منذ تحرير محافظات جنوب اليمن وحتى اليوم، وما تزال معاناة المواطنين في هذه القطاعات في تزايد وتعاظم، رغم الوعود المتكررة.

مناورة سياسية

يرى محللون أن دعوة المجلس الانتقالي الأخيرة للتحالف بتشكيل حكومة خاصة به، لا تعدو عن كونها “مناورة سياسية”؛ لعدة أسباب.

أولها أنها تهدف إلى تسريع تشكيل الحكومة التكنوقراطية التي نص عليها اتفاق الرياض، وهو بذلك يسعى إلى الحصول على موطئ قدم في الحكومة القادمة، والتي اتهمه البعض أنه يسعى إلى الفوز بمناصب ومكاسب دون النظر لأهداف وغايات الجنوب وقضيته العادلة.

خاصةً بعد مضي الموعد المحدد لتشكيل الحكومة التي نص عليها اتفاق الرياض المزقع بين الحكومة والانتقالي.

فيما تكمن أسباب أخرى وراء دعوة الانتقالي، كالضغط على الحكومة اليمنية في صرف مرتبات الموظفين العسكريين تحديدًا.

الافتقار للقرار السياسي

بينما يذهب قانونيون وخبراء بالسياسة إلى وصف دعوات المجلس الانتقالي بأنها مجرد وعود وهمية، لا يمكن أن تتحقق في ظل افتقار الانتقالي للقرار السياسي والقدرة السيادية والقانونية على تسيير شئون المحافظات الجنوبية المحررة والتي تقع تحت سيطرته.

ويعتقد الخبراء أن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يستطيع بمفرده الاضطلاع بمثل هذه المهمة الجسيمة، والتي تحتاج إلى الكثير من الحصافة السياسية، بل وحتى الموافقة الدولية التي تحتاجها الكثير من الكيانات السياسية؛ حتى تحظى بالقبول والتأييد.

الانتقالي تنقصه الخبرة الإدارية

رغبة المجلس الانتقالي بتشكيل حكومة مستقلة، نالت نصيبًا وافرًا من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وحظيت بالكثير من التضارب والتباين هي الأخرى.

وتنوعت ردود الأفعال ما بين التأييد القائم على الواقع الذي يحكي سيطرة كاملة للانتقالي وقواته على عدن والمحافظات المجاورة.

فالسيطرة على مقدرات عدن وما جاورها يساعد الانتقالي على توفير إمكانيات وموارد كبيرة من شأنها تأمين الاحتياجات والمتطلبات التي يحلم بها الشعب، وهذه النقطة يمكن إدراجها ضمن المقومات والقدرات الداعمة لموقف الانتقالي في تشكيل الحكومة.

وما بين من لم يُحبذ الفكرة، كون الانتقالي تنقصه الكثير من الخبرة السياسية والإدارية، التي تجلت في كثير من المواقف والأزمات داخل مدينة عدن.

حيث يتذكر بعض ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي قيام عناصر من الانتقالي بركوب موجة المبادرات الشبابية التي نشطت في ظروف معينة تعرضت لها مدينة عدن، ككوارث الأمطار، وتدفق النازحين، ونسب تلك الأعمال للمجلس الانتقالي الذي لم يقدم شيئًا سوى ادعاءه بتنفيذ تلك الأعمال الخيرية.

وعليه يبني كثير من المراقبين قناعاتهم بعدم قدرة المجلس الانتقالي على القيام بجهود إدارة وخدمة مدينة كعدن.

موانع تشكيل حكومة الانتقالي

هناك العديد من المحاذير والموانع التي تقف أمام تشكيل الانتقالي حكومةً بمنأى عن الطرف الآخر في الجنوب، الحكومة الشرعية.

أول تلك الموانع هو أن الانتقالي مجرد طرف واحد ضمن أطراف المعادلة السياسية في المحافظات الجنوبية على الأقل، إن لم يكن على مستوى اليمن عمومًا.

كما أن اتفاق الرياض يمنع- ضمنيًا- انفراد أي طرفٍ بتشكيل حكومة بمعزل ومنأى عن بقية أطراف الاتفاق. بالإضافة إلى كون المجلس الانتقالي كمكون سياسي لا بد له من شركاء في تحمل مسئولية إدارة وتسيير شئون المناطق والمحافظات الجنوبية، في ظل وجود مناهضة في بعض محافظات الجنوب للمجلس الانتقالي كشبوة وحضرموت والمهرة.

ولهذا لا يمكن للانتقالي التواجد في تلك المحافظات دون أن يمالك غطاءً سياسيًا وشرعيًا يضمن له الاسهام الفعلي في التنمية وتقديم الخدمات؛ وبالتالي نشر مبادئه وأفكاره وكسب الأنصار والمؤيدين.

خيارات الفشل

تحتاج الحكومات إلى الكثير من المتطلبات والموارد حتى تحقق نجاحًا خدميًا وتنمويًا، وتلبي تطلعات وأحلام وغايات المواطنين، أو على الأقل احتياجاتهم ومتطالباتهم الأساسية.

وهذه المتطلبات ليست بالأمر الهين أو السهل، خاصةً وأن التاريخ اليمني يحكي قصصًا واقعية مثيرة، كشف فيها عورات كثير من الحكومات لم تستطع تلبية احتياجات مواطنيها، فكان مآلها إلى الفشل.

وكان الفشل الذي سيطر على مصير تلك الحكومات مقيّدًا بخيارات أحلاها مُر، وكانت دائمًا ما تنتهي بالانقلابات والاقتتال، أو الارتماء في أحضان الغير؛ من الدول العظمى والارتهان لأيديولوجياتها وفكرها السياسي والاقتصادي، أو الهروب نحو مشاريع سياسية خوفًا من التورط أمام الجماهير.

وهو بالفعل ما حدث في أكثر من حكومة يمنية جنوبية، ما بعد الاستقلال، فكان اللجوء إلى الانقلابات وإزاحة رؤوس الحكومات عن المشهد وتصفيتهم، أو استخدام خيار الحرب والاقتتال مع الجيران، أو حتى الارتماء في أحضان دولة عظمى كالاتحاد السوفييتي، أو الهروب نحو مشروع الوحدة اليمنية غير المدروس والذي جر الكثير من المشكلات ما زالت تداعياتها ظاهرة.

ويبدو أن خيارات فشل أي حكومة جديدة في الجنوب، لا تستدعي قيم الشراكة، هو الارتماء في أحضان الارتهان للخارج، والذي تعيشه اليمن حاليًا بمعظم شخصياتها السياسية والعسكرية، ومكوناتها وكياناتها.