آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-06:03م

دولية وعالمية


ثورة اللبنانيين وتداعياتها الأمنية على منطقة الشرق الأوسط

الخميس - 24 أكتوبر 2019 - 02:15 م بتوقيت عدن

ثورة اللبنانيين وتداعياتها الأمنية على منطقة الشرق الأوسط

كتب/محمد مرشد عقابي:

على خلفية قرارات الإستقالة التي تقدم به عدد من وزراء الحكومة اللبنانية وما صاحبها ذلك من تحذير شديد اللهجة أستخدمها أمين عام حزب الله حسن نصر الله وتحديد رئيس الحكومة سعد الحريري مهلة 72 ساعة كي ينجح أو يستقيل، صار حراك الشارع اللبناني الهائل أمام لحظات مفصلية قد تصل الى مرحلة الخطر الأمني الحقيقي.

خرج اللبنانيون عن كل الضوابط السابقة فوحدتهم الثورة ضد الفقر والفساد واليأس للمرة الأولى في تاريخ لبنان جنوباً وشمالاً ومن البحر الى الجبل بعيداً عن الطائفية والمذهبية والعنصرية والمناطقية والجهوية هذا سابقة منذ العام 1943م، فقد فوجئت الطبقة السياسية اللبنانية كلها بأن حراك الشارع قد تخطّاها وأن البيئات جميعاً رمالٌ متحركة تحت أقدام السياسيين والزعماء والقادة الذين كانوا حتى الأمس القريب مطمئنين الى أن الشعب قابلٌ بكل ما يفعلون حتى لو سلخوا جلده، نحن حالياً امام رأي عام جديد لا ينتمي الى أحد ولن يتأثر بأحد وهو كافرٌ بالدولة ومن فيها وبمعظم الأحزاب والقوى السياسية التقليدية إلا ما ندر، وتبين من خلال تكسير المحال التجارية وإشعال الدواليب وقطع الطرقات ورمي حاويات النفايات بأن العنف الكامن في النفوس والغضب المُستتر أكبر بكثير مما يتوقع البعض وأنه قد ينهار المعبد فوق رؤوس الجميع اذا لم يتم المسارعة في احتواء تداعياته وتهدئة هذه الأوضاع وإعادة الأمور الى نصابها، لم تنفع الخطابات السياسية في ثني الشارع عن عزمه وعزيمته فهو يريدها ثورة كاملة حتى ولو أن شروطها لم تكتمل لتصبح بذلك الزخم، فلا يوجد حتى الآن مشروع واضح ولا قيادة ولا هدف محدد، وانما نقمة وغضب ويأس حيال ما هو قائم وأمل بأن يتغير شيء ما.

يرى بعض المحللين السياسين انه اذا أرادت القوى السياسية وفي مقدمتها القوات اللبنانية والحزب التقدمي الإشتراكي وحزب الكتائب التموضع مع الناس وتوجيه بوصلة النقمة صوب رئاسة الجمهورية والحكومة وغير ذلك من القوى، لكن يبدو أن رئيس اللقاء الديمقراطي والزعيم الدرزي وليد جنبلاط يبدوا أكثر إدراكاً من رئيس القوات سمير جعجع لحجم خطر الإنزلاق وأكثر حرصاً على عدم خروج الأمور من نصابها وضوابطها، فانضم الى مشاورات التهدئة ودعم رئيس الحكومة سعد الحريري، وهو ما يجعل الجميع يتوقع استمرار القوات في رفع سقف التحدي وتشجيع الناس على النزول الى الشوارع وهي في ذلك تتلقى دعماً خارجياً من دول تناهض بشدة حزب الله الموالي لإيران، كما ان من مصلحة القوات اهتزاز العهد وضعفه لاعتقادها بأن ذلك يضعف تماماً حظوظ منافسها الأول وزير الخارجية جبران باسيل الى الرئاسة، حيث بدأ واضحاً من كلام نصر الله وتهديده باحتمال الإنتشار في كل المناطق اللبنانية وقلب المعادلة أن الحزب لن يترك الشارع يصل الى نقطة الخطر الفعلي على العهد والحزب أو ان يحدث فراغاً بإستقالة الحكومة، لذلك نشطت اتصالات الحزب مباشرة بعد خطاب الحريري وجرى بحث سلسلة من النقاط الهامة مع ممثلي الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري والتيار الوطني والحزب الاشتراكي على أمل الخروج بقرارات تهدئ الشارع، ويقول محللين سياسيين على إطلاع بالشأن اللبناني ان من المنتظر أن يعلن رئيس الحكومة سلسلة من الإجراءات المهمة شرط أن يكون عنوانها الأول عدم المساس بجيوب الناس ووقف فرض أي ضرائب وصولاً الى تحقيق الوعود التي تلبي الكثير من مطالب الناس على أن يتم التواصل مع ممثلي المتظاهرين والنقابات وغيرهم لتنفيذ الوعد والبحث في مخرجات حقيقية يقبلها الناس.

محللون سياسيون آخرون على علاقة بالمشهد اللبناني يرون بإنه اذا فقد الحراك مبرراته بعد سلسلة الإجراءات التي ستعلنها الحكومة فذلك قد يعني بنظر العهد وحزب الله أن ثمة انقلاباً يطبخ داخلياً وبدعم خارجي على الطرفين وأن الشارع يُستخدم فقط لتحقيق هذه الغاية، وهنا سنكون أمام شارعين متناقضين تماماً ما يجعل احتمال التصادم على الأرض قائماً كما يجعل إحتمال تدهور الوضع الأمني ممكناً ما قد يؤدي الى تدخل الجيش والقوى الأمنية بعد إتفاق الأطراف السياسية الفاعلة والوازنة والتي لا تزال تملك شعبية واسعة جداً لفض التظاهرات بالعنف والقمع والقوة بذريعة عدم السماح بالإخلال بالأمن والسكينة والاستقرار.

 

وارجع ذات المحللون أن ما قاله حسن نصر الله يعد بداية لرسم خطوطاً حمراء من منطلق شعور حزب الله وحلفائه بأن ثمة شيئاً يتم طبخه منذ فترة ضدهم ليلاقي العقوبات الأميركية ويمنع أي انتعاش لهذا الفريق بعد مشارفة الحرب السورية على نهايتها، وبعد قرار الفريق نفسه بالإنفتاح الواسع على سوريا وهو ما عبر عنه صراحة وزير الخارجية جبران باسيل بقوله انه ذاهب الى دمشق وذلك في أعقاب اجتماع دام 7 ساعات مع نصرالله، لذلك يرى هؤلاء المحللون ان الحل المأمول يكمن في تفعيل آلية الإصلاحات الحكومية الجديدة والجذرية بحيث تُلبي مطالب المتظاهرين وتخفف من تفاقم حاجة الإحتقان التي يعيشها الشارع اللبناني وأن يتجاوب معها الناس أو يعطونها فرصة قبل النزول مجددا الى ساحات الإعتصام والتظاهر ، فهذا يعني باختصار ان لبنان سيكون أمام أيام حاسمة فإما أمل الإصلاحات أو انفجار الإوضاع عسكرياً بين التيارات المنتاحرة سيكون وقودها المواطن.