آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-03:30ص

ملفات وتحقيقات


ملف خاص يرصد تفاصيل أكبر عملية عسكرية للحوثيين على الحدود السعودية .. مسار جديد لحرب اليمن .. السعودية من الهجوم إلى الدفاع!!

الثلاثاء - 01 أكتوبر 2019 - 10:57 ص بتوقيت عدن

ملف خاص يرصد تفاصيل أكبر عملية عسكرية للحوثيين على الحدود السعودية .. مسار جديد لحرب اليمن .. السعودية من الهجوم إلى الدفاع!!

(عدن الغد)خاص:

تقرير / محمد حسين الدباء

نجران هي العاصمة الإدارية لمنطقة نجران، وتقع جنوب السعودية، وتعد نجران (مساحتها 360,000 كم مربع، وعدد سكانها يقارب المليون), منطقة سهول خصبة ممتدة من الأراضي الصحراوية (الربع الخالي)، وقد دخلت ضمن حُكم السعودية عام 1934م.

السعودية .. من الهجوم إلى الدفاع !!

قال جمال عبد الناصر "هل تستطيع أي قوة أن تضرب الشعب اليمني لم ولن تستطيع".. بعد خمسة أعوام مضت تحولت إستراتيجية الحرب الحوثية من الدفاع إلى الهجوم، وفي العمق السعودي باستهداف المنشآت الحيوية عبر مختلف الطرق والآليات التي يملكها الحوثيون، وآخرها عملية نجران.

واعتبر محللون أن عملية نجران جاءت ردا على الغارة على مديرية حرض بمحافظة حجة وعدم قبول السعودية بمبادرة المشاط الذي أكد أن موازين القوة قد انقلبت .. مشيرا إلى أنهم انتقلوا من مرحلة الدفاع عن أنفسهم إلى مرحلة الهجوم المسلح على السعودية.

كما يرى المحللون أن معادلة المعركة تغيّرت في اليمن، وأن الحوثيين استفادوا من إطالة أمد الحرب والحصار المفروض عليهم بتطوير قدراتهم العسكرية وبالتصنيع العسكري المحلي والذي وصل إلى حد استخدام الطائرات المسّيرة ضد المنشآت والمصالح الحيوية السعودية، في حين أن السعودية استخدمت كل وسائل القصف الجوي المتطور واستنفدت كافة طاقاتها وقدراتها ولم تحقق إلا النزر اليسير من أهداف تدخلها في اليمن.

وأشار المحللون إلى أنه نتيجة لذلك أصبحت الكفة في الميزان العسكري راجحة لصالح الحوثيين التي لم تخسر كثيراً في هذه الحرب بقدر ما حققت الكثير من المكاسب العسكرية والسياسية والدبلوماسية وحتى الإعلامية على الصعيدين المحلي والخارجي.

وهي ما أكدته عملية نجران حيث شن الحوثيون هجوما قرب الحدود مع منطقة نجران جنوب السعودية وأسرت كثيرا من العسكريين والمركبات لكن لم يرد تأكيد من السلطات السعودية.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين في بيان "سقوط ثلاثة ألوية عسكرية وفصيل للقوات السعودية وآلاف الأسرى واغتنام مئات الآليات..

خلال الهجوم الذي قال إنه بدأ قبل 72 ساعة في محور نجران بدعم من وحدات الطائرات المسيرة والصواريخ والدفاع الجوي التابعة لهم.

ونقلت قناة (المسيرة) التي يديرها الحوثيون عن المتحدث قوله إن من بين الأسرى "أعدادا كبيرة من قادة وضباط وجنود الجيش السعودي".

وقال محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين "عملية (نصر من الله) تمثل أكبر عملية عسكرية منذ بدء العدوان الغاشم، تعرض فيها العدو لخسارة فادحة... وتحرير مساحة جغرافية شاسعة وفي ظرف مدة زمنية قصيرة لا تتجاوز بضعة أيام".

تفاصيل العملية

عرض المتحدث باسم جماعة الحوثية ما قال إنه تفاصيل العملية العسكرية التي استهدفت قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في محور منطقة نجران الحدودية بين البلدين.

وفي مؤتمر صحفي للعميد، يحيى سريع، عرضت مقاطع مصورة قال إنها تُظهر استهداف قوات التحالف بقيادة السعودية في محور نجران، كما تظهر هروب العديد من أفراد القوات واستسلام العديد منهم.

ولم يصدر بعد أي تعليق من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن دعما للحكومة المعترف بها دوليا في مواجهة الحوثيين.

وأضاف المتحدث أن قوات الحوثيين دمرت ثلاثة ألوية عسكرية، إلى جانب معداتها ومعظم قواتها وقادتها، بالإضافة إلى الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة.

وقال سريع إن قوات الحوثيين أسرت أيضا الآلاف، وقتلت وجرحت المئات. وأضاف أن من بين الأسرى عددا من الضباط وقادة الجيش السعودي.

وأضاف المتحدث "خلال 72 ساعة فقط من بدء العملية، فرضت قواتنا حصارا كاملا على العدو"، مضيفا أنه قد تم "تحرير مئات الكيلومترات"، على حد تعبيره.

خسائر فادحة

وفي المؤتمر الصحفي، وصف سريع العلمية بأنها "أكبر عملية لخداع قوات العدو"، منذ تصاعد النزاع في مارس 2015.

وقال إن العملية، المسماة "نصر من الله"، ألحقت حتى الآن "خسائر فادحة" بالأرواح والمعدات في صفوف قوات خصومهم.

وتابع المتحدث أن القيادة الحوثية أمرت القوات بمعاملة الأسرى "وفقا لمبادئ الدين، والعادات والتقاليد اليمنية الأصيلة والأخلاق الإنسانية".

وأضاف أن الحوثيين عملوا على حماية الأسرى من أي غارات جوية تشنها قوات التحالف للانتقام.

كما طمأن سريع عائلات الأسرى، الذين قال إنهم من جنسيات مختلفة، بأن الحوثيين سيتخذون المزيد من التدابير لضمان حمايتهم من التعرض للغارات الجوية للتحالف الذي تقوده السعودية، وأنهم "سيعاملونهم بطريقة إنسانية، وسيتوصلون إلى اتفاق شامل لتبادل الأسرى".

وأوضح أن بين الأسرى يمنيين وسودانيين، بالإضافة إلى فصيل من القوات السعودية، ولم يستبعد أن يعلن المتحدث العسكري في لاحق أعداد وربما أسماء الأسرى السعوديين.

فشل كبير للتحالف

كشف المحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع عن تفاصيل جديدة بخصوص عملية محور نجران وقال: "الصحيح أن العملية وقعت بتاريخ 25 أغسطس الماضي ولم تحدث خلال الأيام القليلة الماضية.

وأشار المودع أن القوة التي سيطر عليها الحوثيين هي مجاميع مسلحة تم استجلابها من اليمن لوضعها على الحدود اليمنية السعودية وغالبيتها من المدنيين الباحثين عن المال.

وأكد المودع أن ما حدث يعكس سوء التخطيط العسكري وفشل التحالف عقب 4 سنوات من الحرب على تشكيل جيش وطني يمني حقيقي.

وأكد أن الغالبية العظمى من الأسرى هم يمنيون وليسوا سعوديين .. مشيرا إلى أن هذه العملية تكشف فشلا ذريعا لتحالف في تحقيق أهدافه.

كرامة السعودية

من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة أن إعلان الحوثي عن عملية نجران العسكرية بهذا التوقيت وبعد تسريبات عن موافقة السعودية على وقف جزئي لإطلاق النار مع الحوثيين هو أمر متعمد يهدف لإحراج السعودية والمس بكرامتها، نظرا لحجم الخسائر الهائلة التي يقول الحوثيون إنهم ألحقوها بقواتها.

وقال عياصرة إنه لو صدق الحوثيون أنهم ألحقوا كل هذه الخسائر البشرية والجغرافية في السعودية فإن ذلك سيكون دليلا على أن السعودية هزمت جوا وبرا أمام الحوثيين.

أما لماذا اختار الحوثيون هذا التوقيت للإعلان عن عملية نجران فيرى عياصرة أن توقيت الإعلان يؤكد أن الحوثيين لم يعودوا يريدون وقف إطلاق النار مع السعودية، وأنهم يرغبون بمواصلة معركتهم معها.

بدوره، دعا المحلل السياسي أسعد بشارة للانتظار والتدقيق في كل ما تحدث عنه الحوثيون بشأن هذه العملية، وقال إن الحوثيين فقدوا مصداقيتهم عند الرأي العام العالمي حينما زعموا مسؤوليتهم عن مهاجمة أرامكو، ووصف الرواية الحوثية بشأن عملية نجران بأنها ذات طابع هوليودي.

الصمت السعودي

في ظل صمت سعودي وعدم التأكد من جهات مستقلة، أعلن الحوثيون عن تنفيذ هجوم نوعي أسفر عن سقوط ثلاثة ألوية عسكرية للتحالف العربي وفصيل للقوات السعودية. ليس هذا فحسب بل يقولون إن لديهم مئات الأسرى من الضباط والجنود السعوديين.

ولم يتسن التأكد من مصداقية المعلومات التي صدرت عن الحوثيين من مصادر مستقلة. كما لم يدل التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن حتى الآن بأية بيانات في هذا الشأن. كذلك لم يصدر أي تعليق رسمي من السعودية حول إعلان الحوثيين عن أسر المئات من جنودها وضباطها.

وكانت وكالة ورويترز قد ذكرت في وقت سابق أن جماعة "أنصار الله" الحوثية اليمنية المتحالفة مع إيران قالت إنها شنت "عملية كبرى" قرب الحدود مع منطقة نجران جنوب السعودية وأسرت كثيرا من العسكريين والمركبات لكن لم يرد حتى الآن تأكيد من السلطات السعودية.

ومن شأن هذه العملية، لو تأكدت، أن تعرقل جهود الأمم المتحدة لخفض التوتر وتمهيد الطريق لمحادثات تستهدف إنهاء الحرب التي أودت بحياة عشرات الألوف من الأشخاص وجعلت الملايين في هذا البلد الفقير على شفا مجاعة.

وصعد الحوثيون في الآونة الأخيرة هجماتهم باستخدام طائرات مسيرة وصواريخ عبر الحدود مستهدفين مدنا سعودية، وأعلنوا مسؤوليتهم عن هجوم على منشأتي نفط سعوديتين في 14 سبتمبر. لكن الرياض نفت صحة ذلك قائلة إن الهجوم لم يأت من اليمن واتهمت إيران بدلا من ذلك بالمسؤولية عنه وهو ما تنفيه طهران.

ويشار إلى أن الحوثيين أعلنوا في 20 سبتمبر إنهم قد يوقفون الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية إذا أوقف التحالف عملياته، لكن الأخير لم يدر على العرض الحوثي.

نفي حوثي

من ناحية أخرى، نفى مسئولون حوثيون صحة أنباء عن وقف إطلاق نار جزئي من طرف السعودية، وشددوا على ضرورة وقف شامل "للعدوان"، متهمين السعودية بعدم الجدية.

وقال محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى في جماعة الحوثي إنه لا صحة لأي تسريبات بشأن وقف إطلاق نار جزئي من طرف السعودية.

وأكد محمد علي أن التسريبات التي تناولتها بعض الصحف الأميركية عن اتفاق مع السعودية لوقف القصف على أربع مناطق، لا تقف خلفها جهة رسمية.

وأشار إلى أن مبادرة مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، تنص على الوقف الكامل لما وصفه بالعدوان، مع رفع الحصار عن اليمن.

من جهته، قال عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي حزام الأسد -في مقابلة مع الجزيرة- إن السعودية لا تتحلى بأي جدية، ولا سيما خلال الفترة الراهنة.

وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد ذكرت أن السعودية وافقت على وقف جزئي لإطلاق النار في اليمن. ونقلت عن مصادر قولها إن هذا الإجراء يأتي ردا على إعلان الحوثيين قبل أيام وقفَ هجماتهم على السعودية.

وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أن الحوثيين أطلقوا صاروخين على السعودية خلال الأسبوع الجاري، فإن القادة السعوديين رأوا أن الهجوم ليس بالخطورة التي تقوض الجهود الجديدة لوقف إطلاق النار.

وأشارت إلى أن الرياض وافقت على وقفٍ محدود لإطلاق النار في أربع مناطق، منها العاصمة صنعاء؛ ورجحت أن يسعى السعوديون إلى توسيع الهدنة إذا نجح هذا الأمر، لتشمل أجزاء أخرى من اليمن.

ثقة حوثية !

قال الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي محمد عبد السلام: "إن المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس السياسي التابع للجماعة "مهدي المشاط" بشأن إيقاف العمليات العسكرية مازالت مستمرة.

وأضاف عبد السلام "ما زلنا نأمل أن يدرك النظام السعودي أن استمرار العدوان والحصار على اليمن لن تمثل أي حالة استقرار بين البلدين الجارين ولا في المنطقة وإنما تمثل حالة عكسية".

وأردف "نؤكد أن مبادرة فخامة الرئيس مهدي المشاط ما زالت سارية والتعاطي معها بمصداقية هو السبيل الصحيح للدخول في عملية سياسية شاملة".

بيان الحوثيين عن عملية نجران فيلم هوليوودي !

وصف مصدر مقرب من الجيش اليمني بيان الحوثيين أمس أول بشأن أسر وقتل ثلاثة ألوية تابعة للشرعية وفصيل سعودي بـ(الخيال الهوليوودي)، وسخر من المعلومات الواردة، قائلا: "إنه لا وجود لعمليات عسكرية اسمها (محور نجران)، بل هي في عمق صعدة ومحور كتاف، حيث سقط لميليشيا الحوثي 1500 قتيل، وخسرت ما يتجاوز الـ250 عربة.

وأضاف المصدر في حديث لـ"اندبندنت عربية" أنّ مبالغات ميليشيا الحوثي مستمرة بعد إحراج إيران لها، حين جعلتها تتبنى عملية الهجوم على مصفاة بقيق التابعة لـ"أرامكو" السعودية والأخرى الواقعة في هجرة خريص، لتأتي التأكيدات الاستخبارية بعدها أن الهجوم وقع من الشمال، وأنّ إيران هي من أطلقت الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز.

وتابع "قبل عشرة أيام، قال الحوثي إنه مستعد لوقف الهجمات على الأراضي السعودية والآن يعلن هذا البيان الهوليوودي، وهي محاولة استعراض قوة، بعد إحراج طهران له، لكن الحقيقة أن المعارك مستمرة وخسائر الحوثي تجاوزت 1500 قتيل ومئات العربات والمعدات. ومن قتلى قادة الحوثيين، اللواء أمين حميد الحميري، قائد محور صعدة، الذي لقي حتفه في معارك جبهة كتاف، والعميد عادل قائد أبو أصبع، قائد لواء 135، الذي سقط في جبهة كتاف أيضاً، والعميد محمد عبده دغيش، قائد محور البيضاء، قُتل في كتاف، إلى جانب شخصيات قيادية كبيرة لا تحضرني أسماؤها الآن، مثل قائد وحدة التدخل السريع في القوات الموالية للحوثيين".

وردّاً على سؤال حول الأسرى، قال إن الحكومة الشرعية تقدمت إلى الأمم المتحدة بأسماء 7 آلاف أسير في سجون الحوثي من مدنيين وعسكريين وبعضهم تم إخفاؤهم قسراً. وأضاف "بيان الحوثي هوليوودي ويحاول تضخيم قدراته، وهو يعلم أنه لا وجود لمحور نجران وأن المعارك في كتاف - صعدة".

وكانت ميليشيا الحوثي أعلنت اليوم عن عملية أسمتها "نصر من الله"، قائلةً إنها أدّت إلى أسر ثلاثة ألوية من الجيش اليمني وفصيل سعودي على الحدود السعودية. وأوضحت الميليشيا في بيانها أنها استطاعت السيطرة على جميع المعدات العسكرية.

وجاء في البيان أن العملية كانت بمثابة فخ للجيش اليمني، إلاّ أنّ المصدر المقرب من الشرعية نفى ذلك، مؤكداً أنّ "الحوثي لا يستطيع إثبات أي عملية عسكرية على حدود السعودية، وما يتحدثون عنه محاولة التفاف فاشلة حصلت قبل شهر ونصف وتم التعامل معها، بينما قادة الحوثيين الذين ذكرت أسماءهم، قُتلوا تحديداً في جبهة كتاف، حيث المعارك لا تزال مستمرة".

منشار الحوثي .. الأمام والخلف سيّان !

بعد كشف المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع تفاصيل عملية عسكرية كبرى في منطقة نجران سكون السعودية مهددة من الأمام والخلف.

وأكد مصدر أنه وبمنأى عن مساحة وحجم العمليات التي أسهبت وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين بشأنها عبر نقل الأخبار وبث التقارير لتحليل وتفسير هذه العملية إلا أن الملفت هو صمت المسئولين السعوديين ووسائل إعلامها فيما يخص هذه العملية.

وأضاف المصدر المقرب من الحوثيين "رغم أن وسائل الإعلام السعودية كانت تقوم بالتعتيم والرقابة على العمليات التي تقوم بها الطائرات المسيرة والوحدات الصاروخية اليمنية في عمق الأراضي السعودية، وبالطبع التقليل من شأنها إلا أن صمت السعوديين حيال هذه العملية يكشف عن مدى عظمتها وتأثيرها وأنها أصابت في الصميم من جهة، وذهول المسئولين السياسيين والعسكريين ووسائل الإعلام السعودية من جهة أخرى، وفي الوقت نفسه يبدو أن السعودية وخلافا للمرات السابقة يسوده التخبط حيال هذا الهجوم المدمر، فالسعودي لا يمكنه هذه المرة أن ينكر حجم وعظمة المصاب، وذلك لأنه كما قال المتحدث باسم القوات الحوثية العميد يحيى سريع فإن من بين مئات القوات السعودية التي تم أسرها، هنالك العديد من القيادات العسكرية، وأي إنكار أن جرى تفنيده ببث اعترافات هؤلاء الأسرى فإنه سيشكل فضيحة مدوية للسعودية".

هل آن الأوان لإنهاء حرب اليمن

قال عبد الله المعلمي، سفير المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، وقبل عملية نجران: "إن الأوان قد آن للأزمة اليمنية أن تنتهي".

وأوضح المعلمي أن المملكة لا تريد حربا مع إيران، سواء في اليمن أو غيرها، وذلك وفقا لـ"CNN".

جاء ذلك في مؤتمر صحفي للمعلمي، نشرته البعثة السعودية على صفحتها الرسمية على "تويتر": ""لا نريد حربا مع إيران في أي مكان لا في اليمن ولا في غيرها، نعم آن الأوان للأزمة اليمنية أن تنتهي، وآن الأوان للحوثيين أن يقبلوا ويسلموا بالقرار 2216، وينهوا احتلالهم غير المشروع للسلطة ومراكز الحكم في اليمن.."

وتابع المعلمي قائلا: "نقدر الإدانات (استهداف السعودية من قبل الحوثي) ونحترمها، ونشكر الدول التي عبّرت عنها، ولكن ما نريده هو تطبيق قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرارات التي تدعو إلى فرض الحظر على توريد السلاح للحوثيين.."

وأكد سفير السعودية بالأمم المتحدة على أن اعتداءات الحوثي ما كانت لتتم إلا بأسلحة وصلت لجماعة الحوثي من إيران، وصنعت في إيران.

وتتناقض تصريحات المعلمي مع الموقف السعودي التقليدي بشأن ما يجري في اليمن، إذ كانت السعودية تتمسك عادةً بضرورة استمرار الصراع حتى القضاء على جماعة الحوثي المدعومة من إيران برغم الانتقادات الحقوقية والدولية لاستمرار الصراع وإطالة أمده.

ومنذ العام 2015، تقود السعودية، وحليفتها الإمارات، تحالفاً عسكرياً يدعمه الغرب سعياً لإعادة حكومة أطاحها الحوثيون.

وأودى الصراع المستمر نحو أربعة أعوام بحياة عشرات الآلاف وترك الملايين على حافة المجاعة في "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، بحسب توصيف الأمم المتحدة.

ويأتي الإعلان عن رغبة سعودية في إنهاء الصراع في اليمن بعدما تحدثت تقارير إعلامية، منذ نهاية يونيو الماضي، عن تقليص الإمارات وجودها العسكري هناك، لرغبتها في "أن تكون قواتها ومعداتها قيد تصرفها في حالة تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بعد الهجمات على ناقلات نفط في الخليج وإسقاط طهران طائرة أمريكية مسيرة".

خسائر السعودية بحرب اليمن حتى عامها الرابع !

وتختلف التقديرات بشأن الخسائر السعودية جراء الحرب حتى عامها الرابع دون أفق واضح للحسم العسكري، لكن معظم الأرقام والتقديرات تؤكد انعكاساتها السلبية الكبيرة على الاقتصاد السعودي، وبالتالي على الوضع الاجتماعي والسياسي.

وزاد الحوثيون الضغوط مع نقل المعارك إلى الداخل السعودي عبر اختراقهم الحدود الجنوبية في المملكة في جازان وعسير ونجران وهجماتهم المتكررة التي تحولت إلى نزيف مستمر للقوات السعودية على الصعيد البشري والمادي، أو تركيزهم على استهداف مواقع إستراتيجية سعودية بالصواريخ البالستية.

فوفقا لبعض التقارير، تبلغ تكلفة صاروخ الباتريوت ثلاثة ملايين دولار، ويستلزم إسقاط صاروخ بالستي ثلاثة صواريخ باتريوت على الأقل، أي أن اعتراض سبعة صواريخ يكلف 21 مليون دولار أو أكثر (نحو 79 مليون ريال).

واستهدف الحوثيون منذ مارس 2015 المواقع السعودية بمئات الصواريخ قصيرة المدى، ونحو 100 صاروخ بالستي، إضافة إلى الطائرات المسيرة التي يبلغ سعرها بضع عشرات أو مئات من الدولارات، لكن إسقاطها يكلف الخزينة السعودية ملايين الدولارات.

وتضطر المملكة لتجديد ترسانتها من الصواريخ الاعتراضية أو تغييرها بمبالغ طائلة، وقد اتفقت مؤخرا على شراء صواريخ "أس 400" من روسيا ومنظومة "ثاد" من الولايات المتحدة. كما أن صواريخ الباتريوت المنشورة على نطاق واسع بمواقع عديدة من المملكة تكلف عمليات صيانتها مئات الملايين من الدولارات.

وتشير تقارير سعودية إلى أن تكلفة الطائرات المشاركة بالحرب تصل إلى نحو 230 مليون دولار شهريا، تشمل التشغيل والذخائر والصيانة أي أكثر من ثمانية مليارات دولار في ثلاث سنوات.

وفي مارس الماضي، أعلنت قوات التحالف بقيادة السعودية أن عدد الطلعات الجوية التي نفذها طيرانه في اليمن بلغت أكثر من 90 ألفا، وبالتالي تكون  تكاليف الضربات الجوية قد بلغت خلال عامين ما بين سبعة مليارات وتسعة مليارات، إذ تترواح تكلفة الطلعة بين 84 ألفا و104 آلاف، وهي تكلفة الطلعة بمقاييس القوات الجوية الأميركية.

وتشير فورين بوليسي إلى أن نفقات قمرين اصطناعيين للأغراض العسكرية بلغت 1.8 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى للحرب، بينما تبلغ تكلفة طائرة الإنذار المبكر (أواكس) 250 ألف دولار في الساعة، أي 1.08 مليار دولار سنويا.

وفي حين ذهبت مجلة التايمز البريطانية إلى تقدير تكلفة الحرب بنحو 200 مليون دولار يومياـ  أي 72 مليار دولار سنويا و216 مليار دولار في ثلاث سنوات، تشير مصادر أخرى إلى أن المبلغ أكبر بكثير، وتقدره فورين بوليسي بنحو 725 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى فقط منها الصفقات العسكرية للمملكة.

وفي متغيرات الحرب غير المحسوبة، تشير التقارير أيضا إلى تعاظم خسائر المملكة في الحد الجنوبي، حيث يشن الحوثيون هجمات مستمرة على مواقع في محافظات عسير وجازان ونجران، ويطلق الحوثيون بين 20 و500 قذيفة يوميا (حتى ديسمبر/كانون الأول الماضي) على مواقع سعودية بهذه المناطق، كما احتلوا أجزاء منها.

 وبناء على هذا الواقع الميداني توقف عمل معظم الشركات الصناعية والتجارية في المنطقة الجنوبية. كما دفعت المواجهات إلى إخلاء نحو 10 قرى ونقل أكثر من 7000 شخص من مناطق حدودية وإغلاق أكثر من 500 مدرسة، بما يعنيه ذلك من خسائر كبيرة.

وكانت صحيفة واشنطن بوست قد قدرت الخسائر البشرية للمملكة في المناطق الجنوبية بنحو 2500 جندي، و60 ضابط صف ومن الرتب العليا. وأشارت إلى أنه تم تدمير نحو 650 دبابة سعودية بمناطق نجران وجازان وعسير، ومئات العربات الأخرى.

وتمثل المعارك في هذه المحافظات الحدودية نزيفا حقيقيا للجيش السعودي، وترفع تكلفة الحرب على اليمن بمئات ملايين الدولارات، إضافة إلى أن الخسائر البشرية الكبيرة فيها تحرج بشكل كبير ولي العهد محمد بن سلمان، باعتبار اليمن "حربه الخاصة" التي بدأها عندما تسلم منصبه وزيرا للدفاع.

وهذا الاستنزاف المستمر في الحد الجنوبي للسعودية أو في اليمن نفسه رفع بشكل كبير من موازنة التسلح السعودية وجعلها الزبون الأول عالميا، حيث أبرمت العام الماضي صفقة شراء أسلحة مع واشنطن بقيمة 100 مليار دولار وقد تصل إلى 350 مليار دولار خلال عشر سنوات، وصفقات أخرى مع فرنسا وألمانيا والصين وروسيا.

وتستنزف الخسائر العسكرية في اليمن احتياطي الدولة من النقد الأجنبي بشكل غير مسبوق، إذ انخفض إلى 487 مليارا في يوليو 2017 بعد أن كان 737 مليار دولار في  الفترة نفسها من عام 2014، وزاد الإنفاق العسكري بنحو 22.6 مليار دولار في العام الأول من حرب اليمن، مقارنة بعام 2013.

واعتمدت المملكة على الاقتراض في خطوة نادرة وعلى رفع الضرائب والأداءات والأسعار والرسوم على العمالة الوافدة، مما أدى إلى متغيرات غير مسبوقة في الحالة الاجتماعية التي ارتبطت أيضا بتحولات دينية وسياسية قادها ولي العهد.

وتشير التقديرات إلى أن النفقات العسكرية تبلغ 83 مليار دولارمن الموازنة العامة المقدرة بنحو 261 مليار دولار عام 2018، أي ثلثها، بينما يقدر العجز المتوقع بنحو 52 مليار دولار.

وفي تداعيات كل ذلك، يرى الكاتب روجر بويز في مقال بصحيفة التايمز البريطانية أن إيران عن طريق الحوثيين نصبت فخا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأن جعلت اليمن فيتنام السعودية؛ لتستنزف مواردها وتحيلها إلى حطام، على حد قوله.

ويرى أن  اليمن أضحت "مسألة وجود" لآل سعود وولي العهد نفسه الغارق في مستنقع حرب اليمن، وكان له تأثير مدمر لصورته ولمستقبل السعودية نفسها، وفق تقديره.

مقاربة الكاتب البريطاني هذه تشير إلى أن هذه الحرب -التي طالت بتكاليفها الهائلة وأبعادها الإقليمية وصعوبة حسمها- تنهك السعودية وتستنزف من هيبتها كدولة، ومن رصيدها على الصعيد الاقتصادي والسياسي، وهو ما قد يجعلها أحرص من الحوثيين على ألا يستمر نزفها حتى أواخر عام رابع.