آخر تحديث :الإثنين-29 أبريل 2024-12:01م

ملفات وتحقيقات


الشرعية في مسقط للحل أم لخلق تحالفات جديدة ؟!

الثلاثاء - 24 سبتمبر 2019 - 06:19 م بتوقيت عدن

الشرعية في مسقط للحل أم لخلق تحالفات جديدة ؟!

تقرير / محمد حسين الدباء

هل نحن أمام حالفات جديدة في اليمن ؟!

بعد تجمد حوار جدة الذي فشل في مباحثاته غير المباشرة تحركت الشرعية بسرعة إلى القاهر ثم إلى عمان حيث وصل معالي نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية المهندس أحمد بن أحمد الميسري السبت الماضي إلى العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة عمل رسمية ستستغرق بضعة أيام، وذلك للتباحث مع الأشقاء في سلطنة عمان حول آخر المستجدات في اليمن.

وجاءت الزيارة بناء على دعوة رسمية تلقتها الحكومة الشرعية لزيارة مسقط وللتباحث ومناقشة الأوضاع، وبحث السبل الممكنة لتحقيق السلام في اليمن غير الآمن.

بحياديتها .. عمان هل تصنع السلام ؟!

رسخت مسقط نفسها كلاعب فريد حيث إنها دائما ما تكون على الحياد فهي صديقة للجميع ودون أن تكون عدوة لأحد، تعاملت مع الحرب في اليمن برزانة وضبط النفس، فهي  لم تشارك في العملية العسكرية (عاصفة الحزم) التي تضم تحالفا دوليا يتكون من 10 دول، 6 دول منها خليجية.

بعد أسبوع من بداية حرب اليمن، تسلم ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز، رسالة خاصة من سلطان سلطنة عمان قابوس بن سعيد، الذي جنب بلاده المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية، نصحه فيها بوقف الحرب، بحسب ما أفادت مصادر يمنية حينها.

وسبق أن أكد السلطان قابوس العام الماضي لوزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، استعداده للتدخل لفض النزاع في اليمن بطريقة سلمية حقنا للدماء -بحسب ما نقلته صحيفة (ذا ناشيونال) الإماراتية الناطقة بالانجليزية في مارس 2018.

وأشارت الصحيفة الإماراتية نقلا عن مصدر في وزارة الخارجية العمانية أن السلطنة وافقت على أن تكون وسيطا مع عدد من أعضاء الدول الخليجية لحل الخلاف وإعادة الوحدة المفقودة بين دول الخليج، وفي مطلع يوليو الماضي، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، جولة تخللها زيارة لمسقط، بحث خلالها مع وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، جهود لحل الأزمة اليمنية.

وحسب بعض المصادر، استضافت مسقط في الأسابيع القليلة الماضية لقاء جمع ممثلين عن الحوثيين ومندوبين عن الولايات المتحدة، وأوضح يوسف علوي أن تحركات بلاده تنطلق من (رغبة عمان في أن يعم السلام في المنطقة).

واستضافت السلطنة في 30 يوليو مباحثات بين مسؤول بالأمم المتحدة مع قيادي في جماعة الحوثيين بشأن النزاع اليمني والتوتر الإقليمي.

وقال موقع (المونيتور) الأمريكي: "إن سلطنة عمان منذُ بدء الحرب في اليمن، حاولت أن تضع نفسها كوسيط حاسم في النزاع الدائر في البلاد للعام الخامس على التوالي.

وأفاد (المونيتور) في تقرير نشره في أبريل الماضي، للصحفي الروسي صموئيل راماني، أن عمان حافظت على عكس نظرائها من مجلس التعاون الخليجي، باستمرار على موقف الحياد في اليمن، وتساءلت عن جدوى جهود التحالف العربي لإخضاع الحوثيين بالقوة وحدها.

وأكد (المونيتور) أن هذه السياسة أثمرت، حيث نجحت سلطنة عمان في التفاوض على إطلاق سراح العديد من المعتقلين المحتجزين في سجون الحوثيين، ودعمت جهود الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في الحديدة من خلال استضافة جلسات حوار موازية داخل اليمن.

ورأت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أن السلطنة هي الأقدر على حل الأزمة اليمنية، مشيرة إلى أن الأمر لا يقتصر على الحياد بمعنى عدم قطع السلطنة علاقاتها مع أطراف أي صراع، بل لعبت عمان دورا كوسيط مؤتمن في جهود حل الصراعات.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها منذ يوليو 2017 إلى أن السلطنة كان لها مكان مفضل للتفاوض يتسم بالفاعلية والكتمان وظهر ذلك واضحا في المفاوضات النووية التي أجرتها الدول الكبرى مع إيران حتى تندّر البعض قائلا إنها ليست مفاوضات (5 1) فهل يمكن بإضافة عُمان إليها أن تصبح (6 1).

هل السعودية تخسر الشرعية لصالح عمان؟!

من الكتمان إلى العلن يبدو أن الشرعية لم تعد تعتمد على السعودية في حربها خاصة بعد موقفها المتذبذب بعد أحداث عدن الأخيرة - أي بعد  سيطرة الانتقالي على محافظة عدن لحج والضالع وجزء من أبين – فالموقف السلبي من أحداث عدن عمق الخلاف وأظهر نتوآت في العلاقة بين الشرعية والسعودية، ويبدو أيضا أن عمان التي تلتزم الحياد ضالة الشرعية في الوقت الحالي، فهل السعودية تخسر الشرعية لصالح عمان؟!.

وقد ربما يكون التدخل العماني استمرارا لصراعه مع السعودية وحليفتها الإمارات حول نفوذهما في اليمن خاصة بعد أن أظهرت السعودية والإمارات اهتماما بمحافظة المهرة، وهو ما كشفه الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان، يوسف بن علوي، في مقابلة تلفزيونية مع قناة روسيا اليوم بقوله: "إن خلافات مسقط نشأت على خلفية الحرب التي شنّها التحالف "السعودي الإماراتي" على اليمن، وتدهور الوضع الإنساني هناك". 

هل عمان تمثل بداية الحل في اليمن ؟!

تشير المواقف المعلنة للسلطان قابوس إلى أن عمان لها الحظ الوافر للقيام بدور الوساطة لإنهاء الأزمة اليمنية، إذ سبق أن استقبل وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، في مسقط، والتقى الأخير مع المتحدث باسم المتمردين الحوثيين محمد عبد السلام، وحثه على ضرورة "انسحاب قوات الحوثي قريبا، للحفاظ على الثقة في اتفاق ستوكهولم، والسماح بفتح قنوات إنسانية حيوية".

وجاءت زيارة هانت لمسقط "للتباحث حول عملية السلام في اليمن"، وجدد الدعوة إلى ضرورة "إبعاد القوات العسكرية عن الموانئ لمنع عودة القتال، والتمهيد لجولة تالية من محادثات السلام، وضمان إمكانية وصول المساعدات الإنسانية".

تعد بريطانيا العضو الفاعل في إدارة الملف اليمني في المحافل الدولية لكنها متهمة بالتساهل مع الميليشيات الحوثية وممارسة ضغط سياسي متصاعد لإنهاء العمليات العسكرية واستئناف المشاورات السياسية للتوصل إلى تسوية شاملة يكون الحوثي طرفا فيها.

ونسبت الصحف اليمنية إلى مراقبين قولهم إن السلطان قابوس يمكنه التنبؤ بنهاية الحرب من خلال علاقته المتميزة مع جميع أطراف الحرب في اليمن داخلياً وخارجيا، إضافة إلى نهجه المحايد في غالبية القضايا الإقليمية، ما جعله يحظى باحترام كل دول الجوار، فهل يكون الجنوب جزءا من الحل؟!.

 

الدور العُماني المأمول في اليمن

يتفاخر الساسة العمانيون بقدرة قيادة بلادهم على خلق حالة من التوازن في تعاملهم مع مختلف الدول، وأكثر الملفات الشائكة في المنطقة، منها الملف اليمني.

حظيت عُمان نتيجة لتجنبها تلويث يدها بدماء اليمنيين بمكانة كبيرة لدى الشرعية والحوثيين، والأهم من ذلك عند قطاعات الشعب اليمني الذي خذله الجميع، وباتت هي الطرف المخول للقيام بدور يُنهي الأزمة الحالية.

تتجه البوصلة نحو عُمان، ما إن يتم البحث عن السلام في اليمن وإيقاف الحرب، ويمكن أن تتدارك السلطنة الوضع في البلاد بالخروج بحلول تُوقف نزيف الدم اليمني، وتضع حدا للمشاريع التي تعمل عليها بعض الدول وتهدف إلى التقسيم، فاستمرار الصراع يجعل البيئة خصبة لتنفيذ ذلك وتحويل اليمن من دولة دخلها التحالف وربما يخرج منها وهي مجموعة دويلات متحاربة وغير مؤهلة لحكم البلاد.

تمتلك عُمان مقومات إيقاف الحرب في اليمن، لأنها دولة لا تمتلك أي أطماع في البلاد، وبعلاقاتها وانفتاحها على مختلف الدول تستطيع أن تعمل على رأب الصدع، وكسب تأييد المجتمع الدولي لتوفير أرضية يمكن البناء عليها من أجل السلام.

كذلك فإن من شأن استقرار اليمن أن يحافظ على أمن عُمان، فأي متغير يطرأ في البلاد كالتقسيم أو استمرار الحرب، أو تغذية التطرف سيؤثر كذلك على السلطنة.

ويقول المحلل السياسي فيصل علي إن إنقاذ اليمن من الحرب العدمية التي تعيشها البلاد صارت مهمة مقدسة.

ويأمل في حديثه لـ(الموقع بوست) أن تتحرك عُمان سريعا لإنقاذ اليمن، من حرب باتت تُعرف بتصفية خصومات طائفية على حساب الشعب اليمني، حسب قوله.

وعلى عُمان -كما يذكر علي- أن تعمل على تدعيم موقفها السلمي لأجل اليمن، بتعاطف الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وفرنسا بالتحديد.

وأكد أن دخول الخليج في مرحلة صراع جديد أنهى التحالف، بالإضافة إلى ذلك فقد أضَّر بالشعب اليمني تدخل دولة في الجنوب بطريقة لا تخدم الشرعية (في إشارة إلى الإمارات).