آخر تحديث :الثلاثاء-21 مايو 2024-11:01م

أدب وثقافة


قصة قصيرة :قتيل الجهل

الجمعة - 15 مارس 2019 - 07:01 م بتوقيت عدن

قصة قصيرة :قتيل الجهل
تعبيرية

(عدن الغد)خاص:

 

 بقلم: منصور عبيد حسين

 

 قال له المحامي : كف عن الغضب ..واتخذ من الصبر سلما للوصول الى هدفك…  حفظ تلك العبارة عن ظهر قلب ، فكلما هجم عليه الغضب تذكر تلك العبارة فيعود اليه  هدوءه  .. منذ عشر سنوات وهو يبحث عن حقه الذي اضاعه في لحظة براءة ربما لن تتكرر في حياته الا مرة واحدة… ! قبل عشر سنوات جاء اليه صديقه وطلب منه ان يشركه ارضه التي ورثها عن امه فما تحت يده من ارض والده يكفيه ..

 

 كما انه لايستطيع ان يزرع كل هذه الارض لوحده .. اقنعه صديقه بذلك… وبعد ايام طلب منه سجل تلك الارض ليوثق عقد المشركة في المحكمة .. ولان الحاج أحمد برئ وطيب وافق واعطى صديقه سجل الارض ..غاب عدة ايام وعندما عاد احضر له هدية ودعاه الى الغداء وكان  هناك رجلين اخرين من اهل قريتهما ...وهم يمضغون القات ، اخرج صديقه ورقة وطلب من الحاج أحمد ان يوقع عليها ووقع الرجلين ..طلب الحاج أحمد السجل فقال له صديقه : ساعود الى المحكمة غدا وأختم هذه الورقة ، وبعدها سأعطيك السجل ..صدق الحاج أحمد  صديقه ..وبعد عدة ايام طلب منه السجل مرة اخرى ، فقال له : انت بعت لي الارض .. السجل الان لي أنا… ثار غاضبا تعارك مع صديقه ...أخذ حجرا وكاد يهشم رأسه لولا تدخل الناس…  راح يصرخ بكلمات ممزوجة بالغضب وهو غير مصدق ان صديقه قد خانه…

 

 !! في اليوم الثاني اتجه الى المدينة قاصدا المحكمة ..جلس على احد كراسي الممر في المحكمة وهو يتاوه ، فقال له من يجلس الى جواره وهو يلحظ الحسرة على وجهه : ماشانك ياحاج ? رد وهو يطفى سجارته تحت قدمه : ضحك علي صديقي… وراح يحكي له ماحدث ،، قال الرجل : عليك بهذا المحامي واعطاه ورقة تحمل عنوانه… قال له المحامي : لا امل لك الا ان يصحو ضمير صاحبك .... ولكنه اصر واقنع المحامي ان لديه شهودا ولديه مالا… ظل يتردد على المحامي وعلى قاضي المحكمة ، ويحضر الشاهد بعد الاخر وكذلك المال معتقدا أنه بذلك سيعيد ماباعه بدون ثمن… .غرس كل ألارض التي تحت يده قاتا ، وكلما قطف قطفة ..ذهب بقيمتها الى المحامي والقاضي ، قال له المحامي وهو يضرب طاولة مكتبه بيده : لاتريد ان تفهم…  انك وامثالك تفسدون القضاة فوق فسادهم… ! رد وكيف استرد حقي ? بما تحت يدك من اوراق علت الحسرة محياه وضرب يدا بيد ، خرج عائدا الى قريته وهو يفكر ..نظر من نافذة السيارة التي كانت تطوي الطريق طي السجل وفجاة بدت علمات الفرح عليه  وزينة الابتسامة وجهه الحزين وقال في سره : نعم هو… اتجه الى ابن عمه متناسيا مشاكل سابقة بين والديهما بسبب الخلاف حول الورث ، طلب منه ان يساعده ....كان ابن عمه ذكيا ومتعلما وعلاقته قوية بالشيخ وبأهل القرية ، فهو يتدخل بين الحين والاخر ليصلح بين المتخاصمين يملك ارض واسعة وعمارة في المدينة...  قال له ابن عمه : بشرط ان تعطيني نصف تلك ألارض… وافق دون تردد فذهبا الى الشيخ وكتب ابن عمه الورقة ومدها الى الشيخ تبادلا النظرات والحاج أحمد لايعلم فهو جاهل لايعرف القراءة… وقع على الورقة… في اليوم الثاني استدعى الشيخ غريمه والشاهدين وأودعهم سجنه وبعد يومين قال ألشيخ للغريم:  أتريد الخروج... نعم ..سلم السجل وورقة البيع ..ولكنه باع لي…  ضحك الشيخ وهو يقول : الشاهدان اعترفا بما قمت به مع الحاج أحمد، تدخل ابن العم وقال بحزم : أنا لن اظلمك وعليك ان تختار اما ان تسلم السجل والورقة لي وتظل الارض بيدك فأنت من ساشركه الارض فأنا المالك لها الان ...

 

اضاف وهو ينظر الى الشيخ أنت تعرف أهل قريتنا يبيعون ضمائرهم من اجل المال…  فكر بحال اولادك وزوجتك اذا طال مكوثك هنا... بعد يومين وافق… وعاد الى اسرته، اتجه ابن العم الى الحاج أحمد ليبشره بانه استعاد السجل والورقة فرح وقبل رأس ابن عمه…  فقال له بتفاخر : والان عليك ان تنفذ ماوعدت به فالارض قد اصبحت لي ...اتسعت عيناه وتلعثم في الكلام هز رأسه وبلع ريقه واستعاد لسانه ونطق:  لك ..لقد اتفقنا ان اعطيك نصفها…. ! ضحك ابن العم وهو يقول:  لقد وقعت على ورقة بيع وشراء امام ألشيخ… دارت ألارض به وسقط مغميا عليه… وبعد ان فاق ذهب الى الشيخ فحدد له موعدا مع ابن عمه لحل المشكلة ...في البيت نظر الى ذلك الشبح المعلق امامه انزله وهو يقول:  أنت من  تعيد الحق… .! حمله معه في اليوم المحدد…

 

 طلب الشيخ من كل واحد منهما ان يثبت ملكيته للارض فقال الحاج أحمد لا املك مايثبت حقي  فقد… اشار بيده الى ابن عمه ومات الكلام فوق لسانه... رد ابن العم : بل بعت ووقعت امام الشيخ… ثار غاضبا...  تطاير الكلام وتبادلا الاتهامات ، فاسكت الشيخ الطرفين وهو يقول : الان ساصدر حكمي فنظر الى الحاج أحمد ولسانه يقول : الارض لابن عمك… .ومع انطلاق حكم ألشيخ صوب ألحاج أحمد بيدين مرتعشتين بعض رصاصات سلاحه الى صدر ابن عمه ليسود جوا من الصمت قطعه الشيخ بقوله:  انت مجنون ! فاكمل الحاج أحمد ماتبقى من رصاصات سلاحه الى رأس الشيخ فسالت الدماء حارة كانسة ظلما طال امده....! 

اغسطس 1999 م