آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-05:58ص

صفحات من تاريخ عدن


شخصيه الكابتن هينز البلطجية

السبت - 05 يناير 2013 - 05:50 م بتوقيت عدن

شخصيه الكابتن  هينز البلطجية

عبدالله احمد السياري

 

قرات بعض المراجع عن الكابتن هينز الذي احتل عدن بقو السلاح في 1839 واتضح لي ان الرجل كان بلطجي المنهج في تعامله حتى مع غيره من الانجليز

اهم تلك المراجع وكلها بالانجليزيه هي:

  1. عدن تحت الحكم البريطاني -1839-1967 (المؤلف  ر.ج.جافين)
  2. جلسات مجلس اللوردات البرطاني1839   مجلد رقم 8 ( المراسلات حول عدن)
  3. مجله بلاكوود من ادنبره مجلد رقم 53 (ابريل 1843 (صفحه رقم 80 الى 89)

حدثت المعركه التي انتهت باحتلال عدن في19/1/1839 وقيل ان المهاجمين كان عددهم 700-800 من الجنود الانجليز والهنود بقياده الكابتن هينز والمدافعين كان عددهم الف بقياده السلطان محسن بن فضل العبدلي سلطان لحج وعدن وابنه حامد. المعركه كانت غير متكافئه اذ لم يملك العرب غير اسلحه يدويه وقليلا من المدافع بينما امتلك الانجليز كل الاسلحه البحريه المتقدمه حينها.

يعرف الكثيرون ان الكابتن هينز هو الذي احتل عدن واخذها بقوه السلاح ولكن بعد مقاومه عنيده من السكان المحليين وقبائل من ابين ولحج وقد كانت اول مستعمره  تضاف الي التاج البريطاني في ابان حكم الملكه فكتوريا

قرار حكومه بريطانيا باحتلال عدن اخذ وقتا طويلا لاتخاذه وحتى بعد احتلال عدن كان هناك من بين المسئولين البريطانيين الكبار ممن حث على الانسحاب.

احتل البريطانيون جزيره سقطره لمده قصيره في عام 1835 الا انهم اضطروا لمغادرتها لانتشار المرض بين الجنود ورفض سلطانها بيعها لهم وكان احد المشاركين في المحادثات حول سقطره هو الكابتن هينز نفسه الذي اعتبره البعض السبب في فشل المحادثات مع سلطان سقطره نظرا لتهوره  وقله حكمته وكياسته.

وفي العام نفسه (1935) اقترح هينز على قائد البحريه عدن كاكثر ملائمه من سقطره واقترح  احتلالها في الحال  بالقوه ( وكان ذلك قبل حدث السفينه "دوريا دولت" التي اتخذ منها البريطانيون "قميص عثمان" لاحتلال عدن بستنين)

 كان الاسلوب المفضل لحكومه بريطانيا عبر الهند هو الاخذ بالطريق السلمي للوصول الى موافقه السلطان بينما كان هينزدائما ياخذ خطا اكثر تطرف من ما يوصون به.

كانت هناك امثله كثيره تبين ان هينز لم  يكن يتفاوض مع السلطان بنيه حسنه بل في كثير من الاحيان بشكل مريب وبنيه الايقاع به باسلوب يخلو من الشرف ومن ذلك ادعائه المتكرر لحكومته ان السلطان ينوي قتله او خطفه واستمراره في الفتنه بين السلطان وابنه.

الوثيقه التي ادعى هينز انها تمثل قبول السلطان لاعطاء للانجليز  لم يعترف بها السلطان كوثيقه صادره منه وانكر السلطان كتابتها وقال ان خادم هينز –الملا جعفر- سرق الختم ولفقها  وعلى اي حال كانت في حقيقه الامر واهيه غامضه وفي كل  بندوها كانت ترٌحل اتخاذ القرار النهائي  الى مراحل لاحقه من المحادثات  ومع هذا امعن هينز في ابراز هذه الوثيقه وحملها اكثر مما تحتمل واستعملها-ظلما وبهتانا – لاحلال عدن لاحقاً.

كما استعمل قصه قتل او اسر هينز المفبركه في اتجاه تبرير احتلال عدن فقد كتب جرانت حاكم الهند حول ذلك:

" لا يسعني إلا أن أحيي  هذا الحادث السعيد  ( يعني قتل او اسر هينز) اذ تبين بشكل قاطع حاجتنا الى الامساك بموانئ عدن في ايادينا"

في نوفمبر 1838 احتل هينز احد الجزر المحاذيه لعدن الا انه اضطر لمغادرتها بعد معركه مع خمسين من رجال القبائل العبدليه وخلال الشهرين اللاحقين تم "محاصره" و"محاصره مضاده " بين الطرفين ومنعت القبائل وصول المياه والحطب  لسفينه هينز وفي المقابل منع هو وصول السفن التحاريه الى ميناء عدن.

وكما كتب جافين في كتابه :"وكما حصل لاحقا في تاريخ عدن تمكن مرؤسون توسعيون من القيام بما يحلو لها دون علم و حتى ضد اراده رؤسائهم "

وفي ثنايا المراسلات بين هينس وحكومه بومباي استنتج  مايلي:

  1. ان السبب الرئيسي لاحتلال عدن من قبل البريطانيين هي جعلها موقع لتعزيز السفن البريطانيه الماره بالفحم –أي ان تكون مستودعا للفحم. ولهذا الدافع كان لاداعي لغزو عدن على الاطلاق
  2. كان هينز يجنح الى التصعيد ويدفع تجاه احتلال عدن بقوه السلاح
  3. كان هينز باستمرار يحث الجكومه البريطانيه في الهند لارسال رسائل غاضبه لسلطان عدن ولحج السلطان محسن بن فضل وابنه حامد كما يحثهم على قطع وصول المؤن اليهم كما يحثهم على احتلالها بقوهالسلاح

ولعلي هنا اخمن ان دوافع الكابتن هينز على هذا التحريض كان ورائها مصالح شخصيه ولعله كان وُعد من قبل شركه الهند الشرقيه بان يكون مندوبها ا لسياسي في عدن –ان هي اضحت في يد الحكومه البريطانيه- وهذا ما حصل بالفعل.

 اذ ان ما لا يعرفه الكثيرون  هو ان هينس عين "وكيلا ( او  مندوباٌ)  سياسيا " لشركه الهند الشرقيه  بعد احتلال عدن وبقي في هذا المركز لمده 15 سنه (1839-1854) ويبدو انه كان مدمنا للعمل اذ قيل انه لم ياخذ اجازه واحده خلال تلك المده كلها.

الا ان هناك لمحات من حياته توحي بان له جوانب غير حميده تجنح الى البلطجيه  غير الاخلاقيه في تكوين شخصيته وقد اعتقل الكابتن هينز بعد اكتشاف المدققين  الماليين ان هناك مبلغ 28000 جنيه مفقوده في حسابات حكومه عدن  (وهذا المبلغ يساوي قوه شراء مبلغ 1.8 مليون جنيه بسعر اليوم) واستدعي الى بومباي في فبراير 1954  وحوكم بتهمه الاختلاس والاحتيال  ولم يثبت ذلك ضده في المحاكمه الا انه حُكم عليه بالسجن  في سجن المدينين حتى رأف عليه حاكم بومباي في 9/6/1860 بعد سجن دام ست سنوات  ومات بعد اطلاق سراحه باسبوع وهو في داخل سفينه في ميناء بومباي كانت متوجهه الى انجلترا.

كما انه كان دوما يخلق المشاكل المتكرره مع القاده الربطانيين العسكرين في عدن  لاسباب  تعود  لصراعات سلطويه حول من هو المسيطر على عدن ومن ضمن هولاء العسكريين  النقيب بايلي ومن بعد ذلك المقدم كابون  مما اضطر حكومه بومبي ( ويجب التذكير هنا ان عدن كانت تُحكمها بريطانيا عن طريق الهند وتقل الى الحكم المباشر من لندن في عام 1939) للتدخل مرارا لفض النزاع بين الطرفين المتنازعين

والغريبه ان الوضع الذي اسست له حكومه بومباي في عدن شكل مدخلا وتشجيعا لهذه المماحكات والصراعات حول السلطه اذ ان هينز لم يُعط  مركزا يؤهله ويعطيه حريه التصرف اذ لم يكن حاكما لعدن ولم توضع الحاميه البريطانيه تحت امرته وتصرفه

وتككرت المنازعات بين هينس والقاده العسكريين  البريطانيين لسنوات متككره (في  1841 و1846 و 1847) وفي كل هذه الحالات كان هينز احد اطراف النزاع  بينما كان الطرف الاخر مختلفا في المنازعات المختلفه مما يلقي   بالشكوك حول شخصيه هينز وقدرته على التواصل والتعامل مع الاخرين. كان هينز شديد الحسا سيه وسريع الغضب ويبدو انه كن يعاني من افتقاد للثقه.

مر اللورد داهلوسي على عدن في طريقه الى الهند وسجل الملاحظه التاليه

 " سيلاحظ المرء ان اداره هينز لعدن تثير الدهشه والصدمه  لكل من يؤمن باهميه الاداره المنظمه والمنظبطه" واضاف " هناك كل اصناف الترتيبات  الخاصه  والصفقات الشخصيه التي لا تلتزم باي نظم تتحكم فيها " ثم اضاف " المقربون لهينز واصدقائه يحصلون على ما يريدون ويتصرفون كيف يشاوون  بينما اولئك الذين يصتدمون معه او مع اصدقائه  يلاقون الإملاءات المفتعلة والعداوات والاهمال" واضاف

" وقد اطلق العسكريون في عدن على طريقه هينز بالاداره  "بالحكم القمعي"  وكان العسكريون  لا يثقون بوكلاء ومساعدي هينز لذي يطلقون عليهم صفه " الطغاه الصغار"  ويشمئزون من تصرفاتاهم وقد اكدوا على شعورهم هذا عن هينز في رسائلهم الرسميه او في رسالهم السريه الى الصحافه البريطنيه في الهند"

وفي مجابهته لضباط المعكسر البريطاني كان هينز لا يتواني عن استعمال اي اسلوب مهما بلغ من السفاله بما في ذلك انتزاع اخبار عن علاقات جنسيه لاعدائه

كان محب وناجح في اسلوب المؤمرات والدسائس  وكان حوله مجموعه من المقربين من اهالي عدن الذي يشاركهم ويشركهم في الدسائس  وكان يتصرف بعدن كانها ملكيه خاصه له

ومن شلته المقربين كان هناك ثلاثه من الفرس وهم ملا جعفر وحاج عبدالرسول ومحسن شاه مونتي الى جانب علي ابوبكر و شيخ طيب برمجي و سورباجي كوسجي وقد وصفهم جافين في كتابه على انم تجار فاسدون تهمهم مصالحهم قبل كل شئ وهم قصيروا لنظر الا انهم كانوا مفيدين لهينز في طريقه تعامله الدسائسي والمؤامراتي.

وفي المقابل بينما كان العسكريون يحترمون الساده  اّل العيدروس في عدن كان هينز لا يحبهم او يعيرهم اهتماما

وكانت اكثرا لمعلومات السريه نفعا له ما كن يتلقاه من يهود عدن نظرا لعلاقتهم الماليه مع اطراف كثيره في لحج زتعز والمخا

السلطان محسن  سلطان لحج وعدن شكك في شرعيه هينس او حتى انه ممثلا لبريطنيا وخطر في باله ان هينس لا يمثل الانفسه ويدعي ارتباطه لحكومه بريطانيا وقال السلطان عن هينز انه لا يشبه في سلوكه وتعامله بقيه الانجليز

وقد اضاف لشكوك السلطان بان هينز يعمل لمصلحته الخاصه ما حدث منذ سنوات قليله (1834) عندما ادعى شخص باسم تركي ؟بالماس  بانه يمثل الحاكم المصري لاحتلال   عدن فعند اكتشاف السلطان انه مجرد  نصاب لا يمثل حاكم مصر قتله مع الاربعين جندي الذين كانوا في معيته

ولا شك ان هينس في محادثاته مع السلطان استعمل طرق شتى في المراوغه والخداع والترهيب بقوه بريطانيا العظمى..

كان السلطان يكن كراهيه   عظيمه لهينز  وقد عبر عن ذلك في رساله قال فيها انه مقتنع بان هينس قد عزم امره بان ياخذ عدن بالقوه واضاف  " ذلك الرجل في قلبه يريد ان يحكم عدن ولن يتمكن من ذلك حتى بلوغ السيوف الى رقابنا"

رساله من وفي نوفمبر 1838 كتب السلطان ما يلي  

"احس في قراره نفسي ان الكابتن هينز الذي ارسل سكن محياه تصميم على قتالنا .انا لم اعده بشئ وما قال غير ذلك لحكومته كذب.كل ما يقول سئ فلا تستمعوا اليه.انا عرف انه لن يتركني حتى يقاتلني ارى ذلك في وجهه.و.بعد ان تحادثنا تاكدت لي نيته تلك فحاولت الهروب منه لمده شهرين "

واضاف "هو يقول  ان لديه وثيقه وصك  مني وبختمي. ولكني اقول انه كاذب في ذلك. انا لم ارسل له ذلك او اتحدث معه حولها. هذا كله كذب  وشئ مخزئ. ان كان لديه هذا الصك دعه يظهره  وان كان فيه ختمي فسيكون ذلك شهاده ضدي. اذا كان  لديه هذا الصك  ساذعن لما فيها اذا اراني انها مختومه بختمي"

" هذا الكابتن ادٌعى ذلك علي. تلك هي افعاله  ولن نستمع له . لدينا معاهده مع حكومتكم  اود ان اقابلكم وستحكمون بعدها على صحه كلامي. ذلك الرجل يخطط لحكم عدن ولن يتمكن من ذلك حتى توضع السيوف على رقابنا".

وهناك من يدعي ان السلطان باع عدن للانجليز وهذا يتعارض مع رساله واضحه كتبها لحاكم بومبي  في فبراير 1838  قل فيها " هناك مثل عربي يقول " دع الجسد يحترق ولكن لا تدع الوطن يخترق"  وفي رساله اخرى كتب" "الارض يمتلكها العرب والمسلمون"

وانا في اعتقادي ان السلطان كان يماطل الانجليز كي لا يعتدوا وياخذوا عدن ولم يتعهد طلاقا ببيع عدن للانجليز وهذا باعتراف هينس نفسه

ملاحظه اخيره

لم تتوقف قبائل العبدلى من لحج والفضلي من ابين من مجابهه ومحاربه البريطانيين بعد احتلالهم لعدن فقد استمروا لسنوات عديده الهجوم على الحاميه البريطانيه في عدن   خاصه في اتجاه الحائط التركي احيانا باعداد تصل الى الاف مما اضطر هينز زياده الحاميه البريطانيه من 800 الى 4000 جندي

ومن المعارك التي كانت حاميه الوطيس هناك معركتان جرتا في مايو ويوليو 1840 شارك فيها قبائل العبدلي والحواشب والفضلي وقبائل اخرى من عدن وحولها  وحدثت  معارك مباشره باليد  بين اشخاص من الجانبين. وفي احد تلك المعارك قتل ابن اخ سلطان لحج وشيخ الحواشب الذي قيل انه قاتل بشراسه وشجاعه منقطعه النظير

وفي الصوره المرفقه نرى الخطه الحربيه التي رسما هينز للدفاع عن عدن من الهجمات االتي كانت تقوم بها قبائل من ابين ولحج كنما توضح الخريطه مكان تجمع القبائل من ابين وخطوط تقدم القبائل العبدليه

 

 المراجع

  1. The sessional papers –the House of Lords Session 1839 Volume Eight “Correspondence relating to Aden”
  2. Aden under the British Rule 1839-1967 by R J Gavin
  3. Blackwood's Edinburgh Magazine — Volume 53, No. 330, April 1843 pages 80-89