آخر تحديث :السبت-25 مايو 2024-03:05ص

ملفات وتحقيقات


يُروى بماء البحر ولا يُزرع في اليمن.. الساليكورنيا محصول خضار وزيتي وعلفي ومصدر للوقود الحيوي

الأربعاء - 26 ديسمبر 2018 - 06:53 م بتوقيت عدن

يُروى بماء البحر ولا يُزرع في اليمن.. الساليكورنيا محصول خضار وزيتي وعلفي ومصدر للوقود الحيوي

تقرير(عدن الغد)علي احمد يحيى:

 

نجاح زراعة الساليكورنيا في دول مجاورة مؤشر على إمكانية نجاح استزراعه في البيئات الساحلية المحلية.

باستجرار مياه البحار إلى الاراضي الصحراوية المجاورة لها يمكن زراعة نباتات الساليكورنيا.

لا عجب إذا رأيت الساليكورنيا في يوم ما ضمن مكونات السلطات الخضراء التي تقدم إليك.

بذور الساليكورنيا غنية بالبروتين ويصل محتواها من الزيت إلى نسبة تفوق محتوى بذور غيره من المحاصيل الزيتية.

يوجد في العالم أكثر من 80 نوعًا من الساليكورنيا.

 

تشير تقارير منظمة الاغذية والزراعة العالمية ( الفاو ) إلى أن العالم سيحتاج إلى زيادة من الغذاء بمقدار 70 % بحلول عام 2050 م، وفي ذات الوقت حذر العلماء من أن الزراعة التقليدية بلغت الحد الاقصى لقدرتها على انتاج الغذاء، بالإضافة إلى انه من المتوقع ان تنخفض انتاجية المحاصيل الزراعية الرئيسة بنسبة 25 % وربما اكثر بحلول ذات العام بسبب التغيرات المناخية وتدهور الاراضي الزراعية في حالة ما بقيت الامور على ما هي عليه. والوضع في اليمن ليس بعيدا عن هذا التوصيف ولن يختلف عنه اذا ما نظرنا إلى كثير من المؤشرات الزراعية المحلية المتعلقة بذلك.

 

ومن هذا المنطلق تتجلى الحاجة الماسة للبحث عن حلول مناسبة وممكنة وغير تقليدية لمواجهة هذه المشكلة بقدر المستطاع خصوصًا في المناطق التي لا تستخدم فيها الزراعة التقليدية، ويُعد استزراع البيئات الساحلية والاراضي القريبة منها واستخدام مياه البحر لري انواع معينة من المحاصيل غير التقليدية كنبات الساليكورنيا احد الحلول الممكنة والمساعدة في هذا الاطار.

 

فما الذي نعرفه عن نبات الساليكورنيا ؟

هو نبات حولي عشبي لحمي (عصاري) يصل ارتفاع نباتاته في المتوسط إلى نحو 60 سم، افرعه الرئيسة تنمو بشكل افقي في حين تنمو الافرع الثانوية عموديًا نحو الاعلى، ويتغير لون النبات من اللون الأخضر إلى اللون الأحمر قبيل فترة الحصاد، ويتميز بقدرة هائلة على التكيف مع الظروف البيئة القاسية وهو احد أكثر النباتات تحملاً لملوحة التربة، لذلك فإنه ينمو بشكل طبيعي على شواطئ البحار والبحيرات المالحة والسبخات، وبالتالي يمكن زراعته في الترب التي تتميز بمعدلات ملوحة عالية جداً تفوق ملوحة مياه البحر وهناك امكانية لزراعة الاراضي الصحراوية المجاورة للبحار بالساليكورنيا باستجرار مياه البحار إلى تلك الأراضي، ويحتاج الساليكورنيا إلى سبعة أشهر حتى يصل إلى طور الإنتاج، لذلك لا يمكن زراعته أكثر من مرة في العام الواحد.

 

ويعتبر نبات الساليكورنيا، نبات صالح للأكل، لذلك لا عجب إذا رأيته في يوم ما ضمن مكونات السلطات الخضراء في قائمة الخضراوات التي تقدم إليك في موائد الطعام، فهو ذو مذاق خاص مائل إلى الملوحة، ويصدر عنه صوتًا مقرمشًا عند مضغه.. كما يصلح النبات لعمل مخللات منه، وعند طهيه يكون له مذاق شبيه لمذاق السبانخ.

 

أما اهم ما يمكن ان تزرع من اجله نباتات الساليكورنيا فهو الزيت الذي يستخرج من بذورها، فهو زيت صالح للاستخدامات الغذائية ولذيذ المذاق وخالي من الكوليسترول ويتميز ببنية مشابهة لبنية زيت الزيتون، غني بالبروتين ويتم استخراجه من البذور بطريقة مشابهة للطريقة التي يُستخرج بها الزيت من بذور الصويا، ونسبة البذور إلى الوزن الجاف للنبات تصل إلى أكثر من 10 % من وزن النباتات الجافة وتنتج البذور 26 - 33 % من وزنها زيتاً، وتشكل البروتينات أكثر من 10 % من وزن النباتات الجافة، وبذلك تعتبر من الأعلاف العالية الجودة حيث ينتج الهكتار الواحد أكثر من 1.5 طن من الساليكورنيا الجافة التي ممكن ان تحل مشكلة كبيرة في حال استخدامها في تدعيم أعلاف الحيوانات، وهي توفير نسبة من الأملاح، التي يحتاج إليها الحيوان، والتي لا توجد في مصادر الأعلاف الأخرى.

 

ويحتوي زيت الساليكورنيا على 74.6 – 79.5 % من حامض اللينوليك (حامض زيت الكتان)، فهو من الدهون الصحية غير المشبعة، وتقترب هذه النسبة من معدل وجود الحامض في زيت القرطم (العصفر)، كما أنها تتفوق على ما هو موجود في زيت الصويا بمقدار الضعف.

 

وهناك استخدامات اخرى لنباتات الساليكورنيا حيث تدخل كمادة أولية لصناعة الورق والكرتون، كما ان رماد النباتات غني جداً بالبوتاس الذي يستخدم في صناعة الأسمدة، وغني بكربونات الصوديوم التي تُستخدم في صناعة الصابون، ويُستخرج من النباتات ملح نباتي منخفض الصوديوم لا يحتاج إلى مانعات تجبل، وفي صعيد آخر أظهرت الدراسات انه يمكن انتاج 225 – 250 جالون من الوقود الحيوي من هكتار واحد من الساليكورنيا مما يجعل بذوره مصدرًا رائعًا للوقود الحيوي.

 

لذلك، ومما سبق، نستطيع ان نقول ان نبات الساليكورنيا ممكن أن يكون محصول اقتصادي واعد على المستوى المحلي، ويمكن أن يكون فكرة جديدة لأبحاث ودراسات علمية واستثمارات زراعية وصناعية توفر الزيت النباتي والعلف الحيواني من خلال استزراع مساحات زراعية جديدة لا تصلح لزراعة المحاصيل التقليدية، خصوصُا وان البيئات التي يمكن ان ينمو فيها النبات في اليمن متوفرة, ولكن بعد ان تجرى البحوث والدراسات العلمية اللازمة لإدخال هذا النبات واقلمته في البيئات المحلية من قبل فروع الهيئة العامة للبحوث والارشاد الزراعي المعنية بتلك البيئات، وصولًا إلى استزراع هذا النبات محليًا على نطاق واسع والذي يمكن استخدامه كخضار وعلف ووقود حيوي مما يؤهله لتحسين معيشة المزارعين محدودي الدخل في البيئات الساحلية الهامشية، وسيفتح أبوابًا كثيرة لدعم الاقتصاد اليمني إذا ما اخذنا بعين الاعتبار الجودة العالية التي يتميز بها زيت بذور نباتات الساليكورنيا وحجم إنتاجها الوفير، إذ يصل محتواها من الزيت إلى 26 – 33 % تقريبا من إجمالي وزنها الكلي – كما اسلفنا-، وهي نسبة كبيرة إذا ما قورنت ببذور غيرها من النباتات، فبذور فول الصويا مثلًا تحتوي على الزيت بنسبة تتراوح بين 17 – 21 % وبذور القطن بنسبة 15 – 24 %، ناهيك عن مخلفات البذور( الكُسب ) التي ممكن ان تدخل فى تصنيع الأعلاف الجافة بنسب مختلفة لاحتوائها على البروتين بنسبة عالية تقدر بحوالي 28 %، والتي تقدم في علائق الدواجن والماشية، يضاف إلى ذلك ما تنتجه النباتات من كميات ضخمة من المادة الخضراء تقدر بـ ( 2 – 3.7 طن / هكتار) وصل في بعض الدول إلى 8 طن / هكتار، وإنتاج هذا الاعلاف محليًا سيساعد على تخفيض استيراد أغذية الدواجن والماشية وبيعها بأسعار اقل من اسعار الاعلاف المستوردة.

 

الجدير بالذكر هنا هو ان هذا النبات تمت أقلمته في عدة دول منها المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وأمريكا وأستراليا وهولندا وإنجلترا والبرتغال والمكسيك والصين والباكستان وارتيريا والهند، وتسعى جمهورية مصر إلى ذلك بعد أن ثبتت جدواه الاقتصادية والغذائية الكبيرة، وحققت تجارب الأقلمة والاستزراع في تلك الدول نتائج باهرة.

 

ختاما، بقي علينا الاشارة إلى أن للساليكورنيا استخدامات طبية عديدة فهو يستخدم لعلاج الروماتيزم وآلام المفاصل كما أنه يُستخدم كمسكن عام للآلام وكمدر للبول كما يُستخدم كعلاج للسمنة والترهل ويُستخرج منه دواءًا للسل.

 

معلومات اضافية :

- الاسم العلمي : Salicornia bigelovii

- العائلة النباتية التي ينتمي لها : Amaranthaceae

- من اسماءه في العربية : الساليكورنيا، ام المليح، الشُّمْرَة البحرية، الاشنان وهليون البحر

- من اسماءه في الانجليزية : Dwarf saltwort  و  Dwarf glasswort

- الموطن الاصلي للساليكورنيا الولايات المتحدة الامريكية والمكسيك، ويوجد في العالم أكثر من 80 نوعًا من الساليكورنيا.